علماء يقترحون مسارًا تصالحيًّا لمواجهة تغير المناخ
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
أريجون "العُمانية": اقترح فريق دولي من العلماء، بقيادة باحثين من جامعة ولاية أوريجون الأمريكية، خطة رائدة باستخدام مجموعة بيانات فريدة مدتها 500 عام لتحديد "مسار تصالحي" مع كوكب الأرض بهدف التخفيف من العواقب البيئية والاجتماعية الأكثر خطورة لتغير المناخ.
ويركز الفريق من خلال المسار المقترح على العدالة الاجتماعية والاقتصادية إلى جانب الاستدامة البيئية، ليشكّل بذلك نقلة نوعية في معالجة التحديات المناخية.
واتسم مسار البشرية منذ منتصف القرن الـ19 بارتفاع سريع في استهلاك الموارد، ما أثار المخاوف بشأن مستقبل عالمي غير مستدام.
وقال المؤلف الرئيسي لدراسة ويليم ربيل "يمكن إن تؤدي تداعيات أنماط الاستهلاك هذه إذا استمرت، إلى تغير مناخي كارثي وأزمات واسعة النطاق"، مُشيرًا إلى أنّه لمعالجة هذا التهديد الذي يلوح في الأفق تم اقتراح مسار رائد، وهو المسار الذي يُعطي الأولوية للرفاهية المجتمعية على أنماط الاستهلاك المفرط للأثرياء.
وأوضح ربيل أنّ المسار الجديد يعتمد في الأساس على وجود عالم أكثر إنصافًا ومرونة مع التركيز في الحفاظ على الطبيعة كحل طبيعي للمناخ، والرفاه المجتمعي، ونوعية الحياة، والمساواة، وارتفاع مستويات التعليم للفتيات والنساء، والذي يؤدي إلى انخفاض معدلات الخصوبة وارتفاع مستويات المعيشة، والانتقال السريع نحو الطاقة المتجددة.
ويرى الباحثون أن دمج هذا المسار التصالحي في نموذج واحد مع المسارات الخمسة التي وضعتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يُمكن أن يحدث فارقًا كبيرًا يحدّ من عواقب تغير المناخ، وأنّ دمج مفاهيم المساواة والتعليم وتكافؤ الدخل يعد جزءًا لا يتجزأ من هذا المسار "ومع إدراك العلاقة بين تغير المناخ والأزمات الاجتماعية الأوسع نطاقاً، ويؤكد المسار على عدم كفاية الحلول التكنولوجية وحدها" بحسب الدراسة المنشورة في دورية Environmental Research Letters.
وكانت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ مجموعة قد وضعت المسارات الاجتماعية والاقتصادية المشتركة، مع تحديد الظروف والمسارات الاجتماعية والاقتصادية المستقبلية المحتملة المختلفة للعالم في ظل التغير المناخي.
وتستخدم هذه المسارات في أبحاث تغير المناخ لاستكشاف كيف يمكن أنْ تُؤثر الخيارات والتطورات المجتمعية المختلفة على انبعاثات غازات الدفيئة، وتأثيرات تغير المناخ، وجهود التكيف، واستراتيجيات التخفيف.
وتوجد 5 مسارات اجتماعية واقتصادية مشتركة رئيسة وهي الاستدامة، ومنتصف الطريق، والتنافس الإقليمي، وعدم المساواة، والتنمية المعتمدة على الوقود الأحفوري.
ويركز مسار الاستدامة على التنمية المستدامة، وزيادة المساواة الاجتماعية، وانخفاض النمو السكاني، وإدارة الموارد بكفاءة مفترضًا التقدم التكنولوجي السريع، والإدارة الفعالة، والتركيز في الحفاظ على البيئة.
ويتخيل مسار "منتصف الطريق" مستقبلًا تستمر فيه الاتجاهات الحالية، دون التركيز على الاستدامة القوية أو التدهور الكبير، ويعكس نموًا سكانيًّا معتدلًا، وتنمية اقتصادية معتدلة، وتقدمًا اجتماعيًّا، مع استمرار التحديات وعدم المساواة.
ويتسم مسار "التنافس الإقليمي" بالتفاوتات الإقليمية العالية، والحكم المجزأ، والنمو الاقتصادي البطيء مع معدلات نمو سكاني مرتفعة، فيما يصف مسار "عدم المساواة" مستقبلًا يتسم بارتفاع مستوى عدم المساواة، إذ يُفيد النمو الاقتصادي والتكنولوجي شرائح محددة من المجتمع، ويفترض النمو السكاني المرتفع، والاستخدام غير المستدام للموارد، والاهتمام البيئي المحدود.
ويعتمد مسار "التنمية المعتمدة على الوقود الأحفوري" على النمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي بشكل كبير على الوقود الأحفوري، مع فرضية ارتفاع الطلب على الطاقة، والنمو السكاني السريع، ومحدودية جهود التخفيف من آثار تغير المناخ.
وأشار المؤلف الرئيسي للدراسة ويليم ربيل إلى أنّ البشرية استخدمت منذ عام 1850 تقريباً موارد الأرض بمعدل متصاعد بسرعة، لذلك فأنماط الاستهلاك العالمية الحالية ليست مستدامة، ويمكن أن تؤدي إلى وفاة الملايين بسبب تغير المناخ الكارثي والأزمات الأخرى.
ورأى أنّ التعامل مع هذا الوضع جاء يؤكّد المسار الذي يدعو إلى الرفاهية المجتمعية بدلًا من الاستهلاك المُفرط من قبل الأثرياء.
ويواجه تنفيذ المسار التصالحي تحديات هائلة، وفقًا لريبل الذي رأى أنّ المصالح الراسخة للدول والأفراد الأثرياء تقف عقبة كبيرة أمام التغيير التحويلي، معتبرًا أنّ التغلب على هذه العقبة يحتاج دعوة إلى التدرج الجذري، وهو نهج يدعو إلى تغييرات صغيرة قابلة للقياس، كمقدمة لتقييم وتعزيز فعاليتها، و هذا ما يمهّد الطريق تدريجيًّا لتحولات نظامية كبيرة".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: تغیر المناخ مسار ا
إقرأ أيضاً:
الرئاسة المصرية لعملية الخرطوم تعقد ورشة عمل حول النزوح القسري بسبب تغير المناخ
عقدت الرئاسة المصرية لعملية الخرطوم بالتعاون مع حكومة سلوفينيا ومركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام ورشة عمل حول النزوح القسري الناتج عن تغير المناخ في السياقات المتأثرة بالنزاعات بمدينة الأقصر يومي ٥ و٦ نوفمبر ٢٠٢٤.
شارك في ورشة العمل ٣٩ دولة أوروبية وإفريقية، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي فضلاً عن العديد من المنظمات الإقليمية والدولية الأخرى على غرار الإيجاد، والمنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية لشئون اللاجئين، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. كما شارك ممثلو عدد من المراكز البحثية.
افتتح السفير الدكتور وائل بدوي، نائب مُساعد وزير الخارجية لشئون الهجرة واللاجئين ومكافحة الاتجار بالبشر ورشة العمل، مشيراً إلى مساهمتها في تناول أبعاد مختلفة لموضوعات الهجرة واللجوء والنزوح في إطار الرئاسة المصرية لعملية الخرطوم والحوار بين الدول أعضاء العملية هذا العام .
وعرض السفير بدوي النهج الذي تتبعه الدولة المصرية للتعامل مع التحديات التي تفرضها الهجرة المختلطة، بما فيها النزوح القسري والتهديدات المرتبطة به، والذي يتمحور حول بلورة استجابات شاملة تأخذ في الاعتبار الأبعاد الإنسانية والتنموية والأمنية.
وأوضح أن هذا النهج يهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للنزوح القسري مما يحول دون تفاقم هذه الأزمة وتداعياتها بما يشمل الهجرة غير الشرعية.
وشدد السفير وائل بدوي علي أهمية تعزيز الشراكات والتعاون الدولي من أجل دعم جهود الدول المستضيفة للاجئين والنازحين إعمالاً لمبدأ تقاسم المسئوليات وتخفيف الأعباء التي تتحملها هذه الدول، مع الأخذ في الاعتبار الأولويات الوطنية.
عقدت خلال الورشة جلسة رفيعة المستوى تحدث خلالها السفير أحمد نهاد عبد اللطيف، مدير مركز القاهرة الدولي، والذي نوه إلى اتساق موضوع الورشة مع الموضوعات التي يتناولها منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، مبرزا حرص المنتدى منذ تدشينه عام 2019 على التطرق إلى الأسباب الجذرية للنزوح القسري وضرورة التعامل معها من خلال مقاربة شاملة تهدف إلى تعزيز جهود الانتقال من إدارة الأزمة إلى تطوير حلول مستدامة لها.
وأضاف أن استخلاصات منتدى أسوان تناولت أهمية تضمين اعتبارات النزوح في جهود بناء السلام وإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، أخذاً في الاعتبار ريادة السيد الرئيس لهذا الملف في الاتحاد الإفريقي، مع التأكيد على أهمية تعزيز قدرة المؤسسات الوطنية على الصمود في مواجهة التحديات.
كما أكد على دور مصر الريادي في مواجهة تداعيات تغير المناخ على تفاقم أزمة النزوح وخاصةً في السياقات المتأثرة بالنزاعات، مسلطاً الضوء على مبادرة رئاسة مؤتمر COP27 حول تغير المناخ واستدامة السلام CRSP، مشيراً إلى دور المبادرة في الدفع باستجابات شاملة تُسهم في تعزيز السلام المستدام، وتركيز أحد محاورها الأربعة على العلاقة المتشابكة بين تغير المناخ والنزوح وآثار ذلك على جهود تحقيق السلم والاستقرار في إفريقيا.
تطرقت جلسات ورشة العمل إلى أفضل الممارسات الإقليمية والدولية لمواجهة أزمة النزوح القسري وسُبل بلورة حلول مستدامة، فضلاً عن تحديات التمويل المناخي، ومحورية التنسيق بين الجهات الوطنية والمنظمات الإقليمية والدولية وشركاء التنمية لتفعيل الاستجابات الشاملة لهذه الأزمات.
كما تناولت النقاشات أيضاً أهمية تنفيذ التعهُدات والالتزامات المتعلقة بمواجهة آثار تغير المناخ لاسيما تلك المتعلقة بدعم الدول الإفريقية والعربية الأكثر تضررًا من التغيرات المناخية وضرورة تفعيل مبدأ تقاسم المسؤولية بشكل عادل ومستدام مع مراعاة خصوصية السياقات الوطنية والأولويات الإقليمية، فضلاً عن أهمية إدماج المجتمعات المتضررة من النزوح (المجتمعات النازحة والمضيفة) في خطط العمل الوطنية والاستجابات الشاملة.
تجدر الإشارة إلى أن عملية الخرطوم – "مبادرة الهجرة بين الاتحاد الأوروبي والقرن الإفريقي" - هي منصة بين الدول الواقعة على طريق الهجرة بين منطقة القرن الإفريقي وأوروبا تم تدشينها عام 2014 وذلك لتعزيز الحوار والتعاون حول موضوعات الهجرة والنزوح القسري والتحديات المرتبطة به، حيث تضم في عضويتها مصر، وجيبوتي، وإريتريا، وأثيوبيا، وأوغندا، وكينيا، والسودان، وجنوب السودان، الصومال، وتونس، وليبيا، ودول الاتحاد الأوروبي ومفوضية الاتحاد الإفريقي ومفوضية الاتحاد الأوروبي.