إبراهيم نصر الله يروي فلسطين كما عاشها وكتبها
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
" في الكتابة اتسع العالم وفي القراءة تعدد، لكن القيم الكبرى التي قاتل البشر من أجلها كانت موجودة لنقاتل من أجلها من جديد. وشيئا فشيئا اكتشف ذلك الشاب الذي كان أنا أنه لن يقدم شيئا لوطنه. إلا إذا قدم شيئا جميلا للعالم. رواية جميلة قصيدة جميلة، موسيقى جميله. وأدرك أنه سيكون إلى جانب وطنه بصورة أعمق. إذا ما وقف مع كل فضية عادلة حيثما كانت في هذا العالم.
بعد اقتباسه قول الكاتب والأديب الفلسطيني إبراهيم نصر الله، افتتح الكاتب محمد اليحيائي الجلسة التي حملت عنوان "فلسطين.. كما عاشها وكتبها الأديب إبراهيم نصر الله. بالنادي الثقافي مساء الثلاثاء.
الوعي الأول بفلسطين
في سؤال عن الوعي الأول بفلسطين، تساءل اليحيائي عن كيفية تشكل وعي نصر الله الأول عن كونه فلسطيني ولد في الأردن، قال نصر الله: " أن تولد بعد ست سنوات من النكبة في المخيم فمعنى ذلك أن النكبة حاضرة في كل تفصيل يمكن أن تعيشه. حيث ما التفت هناك نكبة، حيثما نظرت إلى شخص هناك نكبة. كل هذه المآسي المتمثلة والماثلة في أولئك البشر الذين فقدوا وطنهم وعادوا إلى نقطة الصفر" وأضاف: " أعتقد أن هذا أسوأ وأقسى ما يمكن أن يلحق بأي شعب: أن يعود بعد تلك المدينية الرائعة والمدن الجميلة والثقافة القوية والواسعة إلى الصفر".
وأشار إلى أن أفراد العائلة حينما يتحدثون عن فلسطين لا يتحدثون نصا مكتوبا بل كانوا يتحدثون نصا مرئيا ترد فيه كل التفاصيل فيجعلونك ترى فعلا كل ما يتحدثون عنه ترى الأماكن شارعا شارعا وحصانا حصانا تفصيلا تفصيلا حسب وصفه وقال: "ويبدو أن هذا كان جزءا من الاستعادة بطريقة ما عبر الكتابة".
الزيارات الأولى
زار نصر الله فلسطين للمرة الثانية عام 87. باحثا عن بيت والديه غربي القدس، وحول ما رآه في هذه الزيارة قال: "الزيارات الأولى لفلسطين قبل عام 1967 قبل النكسة وقبل ضياع بقية فلسطين وسيناء والجولان أيضًا. كنت أذهب ح هناك مع أبي لزيارة جدي في بيت لحم في مخيم اسمه مخيم عايده فكنا نذهب في الأعياد لأنه ليس من السهل
ايامها حتى على مستوى الاقتصادي أن تشتري تذكره باص فكنا نذهب إلى القدس ونصلي ثم نتوجه إلى بيت لحم ونبقى يوم أو يومين واحيانا كنت ابقى عند اعمامي في هذا المخيم فأعيش أجواء أخرى ثم يوصلني أحدهم إلى عمان إلى مخيم الوحدات هذه كانت تجارب الأولى لزيارة فلسطين التجارب الثانية جاءت بعد الاحتلال عام 1984".
وأضاف: "لم تترك هذه الزيارة انطباعا قويا لدي، كانت سريعة جدا ولم يأخذني أحد لأرى أي شيء فعلا، حتى قريتنا التي كنت أتمنى أن أذهب لأراها لم أستطع اكتشفنا أنها مدمرة تماما ومن الصعب الوصول إليها لأنها تحولت الى منطقه عسكرية بل مصنع أسلحة.
الملهاة الفلسطينية
أشار نصر الله إلى أنه كان بحاجة خاصة إلى هذا المشروع، وقال: "نشعر أن هناك شيء مفقود ونريد بكامل ارواحنا أن نعرف ما يعبر عن فلسطين قبل عام 1948 لكن للأسف لم أكن أجد الرواية التي تقول لي كيف كان كانت أمي طفلة صغيرة في فلسطين كيف كان أبي كيف كان جدي شابا لم أعرف هذه المسائل ولا كيف كانوا يعيشون. وأنا محروم من هذه المسألة. دائما أحسست أن هذه الكتابة هي أشبه برحلة عبر الزمن فأنت تذهب إلى هناك فعلا لتعيش وهي ليست مجازا إطلاقا".
وأضاف:"كانت الفكرة الأولى أن أكتب رواية عن الفترة من 1917 اي فترة سنه دخول الانجليز الى فلسطين، كنت أريد كتابة روايه غير موجودة وكان يمكن أن يكتبها بالتأكيد غسان كنفاني وروايته العاشق كانت هي المشروع لكتابة الرواية التي كنت أشتهيها، فبدأت العمل بكتابة رواية واحدة عمليا هي رواية الخيول البيضاء ولكن العمل الطويل فعلا أسس لهذه الروايه مكتبة خاصه بها. والخوف كان أن الذين عاشوا في فلسطين من الكتاب لم يكتبوها فكيف سأكتبها أنا الذي لم أعش في فلسطين؟! فكنت دائما ما اؤجل كتابتها اؤجل كتابتها، ففلسطين أكبر من أن تحيط بها رواية واحدة من يقول انه يمكن اختصارها برواية واحدة لن تكون قضية و اي قضيه في الدنيا تختصر برواية واحدة ليست قضيه غنيه في اعتقادي. فبدأ يتشكل المشروع في ذهني فكتبت "طيور الحذر".
هل الكتابة وطن بديل؟
يطرح محمد اليحيائي سؤالا حول الكتابة وما إذا ما كانت وطنا بديلا، لكن نصر الله لا يظن ذلك، وقال: " أظن أن الوطن وطن والقصيدة قصيدة، لكن أجمل ما يمكن أن يحدث أن يكون ذلك الوطن كما هو وبجماله وبتراثه وبحضارته موجودا في هذه القصيدة وقادرا على أن ينتقل من الورق ليكون في ذاكرة أي شخص يقرأ هذه الرواية سواء كان فلسطينيا او عربيا او في أي مكان في العالم لكن الكتابة أظنها استعادة وطن.
وفي جوابه عن سؤال أيهما أقدر على توثيق المأساة السرد أم الشعر بعد كل هـذه التجربة في تلقي فلسطين أشار إلى أنه عندما نتحدث عن الشعر والسرد كان الشعر الفلسطيني شعرا عظيما وحاضرا لكن السرد لم يكن متمكنا في العالم العربي لم تكن هناك اعمال متوهجة والأب السردي في العالم العربي كان هو الشعر.
والجدير بالذكر أن ابراهيم نصر الله ولد في عمّان لأبوين هجرهم الاحتلال من فلسطين عام 1948. قضى طفولته وصباه في مخيم الوحدات في الأردن.
صدر له أكثر من 40 كتابا من الخيول على مشارف المدينة 1980 وبراري الحمى 1985 مرورا بأحوال الجنرال عام 2011. صعودا إلى أرواح كلمنجارو عام 2015 بين هذه الأعمال العديده يأتي مشروعه الروائي الملهاة الفلسطينية من 14 رواية.
نال إبراهيم نصر الله العديد من الجوائز الأدبية المرموقة جائزة سلطان العويس للشعر العربي عام 1988 وجائزة القدس للثقافة والإبداع في دورتها الأولى عام 2012 عن مجمل أعماله، و جائزة كتارا للرواية العربية حصل عليها مرتين الأولى عام 2016 عن رواية أرواح كلمنجارو والثانية عام 2020 عن ثلاثية الأجراس. الجائزة العالمية للرواية العربية حصل عليها عام 2018 عن روايته حرب الكلب الثانية كما ترجمت أعماله إلى أكثر من 30 لغة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: إبراهیم نصر الله یمکن أن کیف کان إلى أن
إقرأ أيضاً:
أي ظروف عاشها سكان القرداحة مع جيرانهم من آل الأسد؟
حينما كانت عائلة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد تنعم بحياة القصور، ظلت مئات العائلات في مدينة القرداحة بالساحل السوري تعاني منذ عقودٍ الفقر والإهمالَ الممنهج، وهي تأمل اليوم أن تتحسن أوضاعها المعيشية.
ويحقد أهالي القرداحة على نظام الأسد، بسبب الظلم والرعب الذي تركه في نفوسهم، حيث حظر عليهم هو وعائلته دخول أحياء واسعة من مدينتهم أو حتى الاقتراب منها، ولم يدخلوها إلا بعد سقوط هذه العائلة، فدمروها واستولوا على محتوياتها، وقد هالهم حجم الثراء الذي تمتعت به هذه الأسرة، في حين عانى أهالي القرداحة صنوف الفقر والحرمان.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2شاهد.. لحظات مروعة لاشتعال النيران في مواطن فلسطيني أمام "كمال عدوان"list 2 of 2مشاهد لإطلاق نار إسرائيلي تجاه مستشفى كمال عدوان شمالي غزةend of listويقول أحد السكان لمراسل قناة الجزيرة إن أهالي المدينة عاشوا حالة من الفقر ومن الجهل، وإن هذا الأمر كان ممنهجا بالنسبة للقرداحة، وقال إنه جاء إلى هذه المنطقة من المدينة -حيث قصور آل الأسد- لأول مرة بعد سقوط نظام الأسد.
وكان منذر جميل الأسد، ابن عم الرئيس المخلوع صاحب السطوة الأكبر في المدينة، حيث كانت نوافذ قصره تطل على عشرات العائلات الفقيرة التي كان يستغلُّها بأجور زهيدة لخدمة عائلته، حسب ما كشف الأهالي.
وتحدث أبو رامي، جار منذر الأسد عن سنوات من المعاناة والعوز، وقال إنه عجز عن ترميم أبسط الأشياء في منزله. وهو الذي يعيش مع عائلته على 10 دولارات شهريا، هي عبارة عن راتبه التقاعدي.
إعلانومع انعدام فرص العمل كان كثير من الفقراء في المدنية يضطرون للعمل في قصور عائلة الأسد مقابل فُتات على حد وصف أبو رامي.
ونفس الوضع عبّر عنه جار آخر لمنذر الأسد، بقوله للجزيرة إن الناس يعتقدون أن أهالي المنطقة الساحلية السورية يعيشون في قصور، لكن الحقيقة أنهم "يعيشون على الجمر بمعنى الكلام".
جبروت تلاشى
غير أن ملك وجبروت منذر الأسد تلاشى اليوم مع سقوط وهروب بشار، وبقيت قصور عائلة الأسد المتناثرة وسط أحياء شعبية في مدينة القرداحة، شاهدا على ثراء العائلة وسطوتها وظلمها لأبناء جلدتها.
ورغم عودة الحياة تدريجيا إلى القرداحة وإلى أسواقها، يتحدث الأهالي عن صعوبات عديدة يواجهونها في تلبية احتياجاتهم الأساسية، كالمحروقات والخبز وأخرى تتعلق بضبط أمن المدينة.
وقد عبّر بعض الأهالي- كما جاء في تقرير أدهم أبو الحسام على قناة الجزيرة- عن معاناتهم وعن الفقر المدقع الموجود في القرداحة، وقال أحد المواطنين إنه لا يستطيع تعبئة سيارته بالبنزين بسهولة ويضطر لجلب الحطب من أجل الطبخ، مشيرا إلى أن الناس لديها تصور خاطئ عن الوضع في القرداحة وأنهم أكثر الناس مظلومية.
وحسب مواطن آخر من القرداحة، "لا توجد عائلات متوسطة الحال، فإما غني ملياردير وإما مسحوق راتبه 10 دولارات بشتري خبز وبيتدين لآخر الشهر"، وقال هذا المواطن إن الطبقة التي كانت فوق الناس سرقت أموال البلد وهربت.
وفي تعبير عن مدى رعب الأهالي من النظام السابق، يقول مواطن آخر لمراسل الجزيرة إن المواطنين يخافون من التحدث عن ظلم آل الأسد لأنهم غير مصدقين أن "هذه العائلة قد سقطت وخائفين أن يأتوا لتصفيتهم في بيوتهم".
ويقول الأهالي إن عائلة الأسد انتهجت حظر كل ما يتعلق بالعمل والتجارة في القرداحة، كي تُجبرَهم على التطوع بالجيش والأجهزة الأمنية، لما يخدم نفوذ العائلة وتثبيت حكمها لعقود.
إعلانويؤكدون أن الرئيس المخلوع أطلق العنان لأبناء عمه لحكم القرداحة بعيدا عن قانون الدولة، فاستباحوا الدماء وصادروا الممتلكات وغيبوا كلَ معارض لحكمهم.
ويذكر أنه في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.