مادة خارقة من الكربون.. عندما يضرب الصينيون عصفورين بحجر
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
يكفي أن تكتب على محرك البحث الخاص بالأبحاث العلمية "غوغل سكولار" مصطلح "تدوير ثاني أكسيد الكربون"، لتأتيك العشرات من قصص النجاح التي كان أبطالها باحثون نجحوا في ابتكار مجموعة من التقنيات والأساليب التي تهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون، وإنشاء مسارات مستدامة لاستخدامه كمورد قيم، وبالتالي التخفيف من تأثيره على تغير المناخ.
وبينما بدت التقنيات التي توصل لها الباحثون واعدة، يواصل العلماء استكشاف حلول أكثر كفاءة وفعالية من حيث الكلفة والفائدة الاقتصادية والقابلية للتطوير بشكل صناعي، ويزعم باحثون صينيون أنهم وضعوا قدما على طريق الوصول إلى طريقة تتوفر فيها هذه الشروط.
وفي الدراسة التي نشرتها دورية "تشاينيز جورنال أوف كاتاليست"، وصف الباحثون من جامعة تشغيانغ الصينية طريقتهم لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى "ثنائي ميثيل إيثر"، وهي مادة هامة صناعيا يمكن وصفها بـ"المادة الخارقة".
ووصل حجم سوق ثنائي ميثيل إيثر العالمي إلى 6.6 مليارات دولار أميركي في عام 2023، ويتوقع المؤتمر الدولي للتعدين والموارد وصول السوق إلى 14.2 مليار دولار أميركي بحلول عام 2032، مما يُظهر معدل نمو بنسبة 8.5٪ خلال الفترة من 2024 إلى 2032. ويرجع ذلك بشكل أساسي لتنوع استخداماتها، حيث تدخل في العديد من الصناعات ومنها:
أولا: يدخل في تصنيع منتجات "الأيروسول" مثل مثبتات الشعر ومزيلات العرق ودهانات الرش. ثانيا: يستخدم كمبرد في أنظمة المضخات الحرارية ووحدات تكييف الهواء، لا سيما في البلدان التي تقيد فيها اللوائح البيئية استخدام المبردات التقليدية، بسبب قدرتها العالية على الاحتباس الحراري. ثالثا: يستخدم كمذيب في الصناعات المختلفة، خاصة في عمليات الاستخلاص أو كمنظف بسبب خصائصه المذيبة. رابعا: يمكن توظيفه كمادة خام في إنتاج المواد الكيميائية المختلفة، بما في ذلك الأوليفينات وكبريتات ثنائي الميثيل، والتي تستخدم في تصنيع البلاستيك والراتنغات والمنتجات الكيميائية الأخرى. خامسا: يمكن مزجه مع غاز البترول المسال ( البوتاجاز) لتحسين خصائص الاحتراق وتقليل الانبعاثات. سادسا: يمكن استخدامه كحامل هيدروجين في تطبيقات خلايا الوقود، وبالتالي يمكن أن يكون مفيدا للمركبات التي تعمل بالهيدروجين. طريقتان شهيرتان للتصنيعوبعيدا عن تدوير ثاني أكسيد الكربون، تُصنع هذه المادة الخارقة تقليديا عبر عمليتين رئيسيتين، هما:
أولا- تحويل الميثانول إلى "ثنائي ميثيل إيثر":وتبدأ هذه الطريقة بإنتاج الغاز الاصطناعي (وهو خليط من أول أكسيد الكربون والهيدروجين) من الغاز الطبيعي أو الفحم أو الكتلة الحيوية أو المواد الخام الهيدروكربونية الأخرى، وبمجرد الحصول على الغاز الاصطناعي يُحول إلى ميثانول باستخدام محفزات (مواد تساعد في عملية التفاعل) مثل المحفزات القائمة على النحاس، ويخضع بعد ذلك الميثانول لمزيد من الجفاف التحفيزي (عملية كيميائية تتضمن إزالة جزيء الماء من مركب باستخدام مادة محفزة)، وذلك لإنتاج "ثنائي ميثيل إيثر". ثانيا- التجفيف المباشر للميثانول:
تعتمد هذه الطريقة على إنتاج "ثنائي ميثيل إيثر" مباشرة من خلال التجفيف، وتتضمن هذه الطريقة استخدام محفزات حمضية مثل الزيوليت لإزالة جزيء الماء من الميثانول، مما يؤدي إلى تكوين المركب المطلوب.
وغالبا ما يعتمد الاختيار بين هذه الطرق على عوامل مثل المواد الأولية المتاحة والكلفة وكفاءة العملية والاعتبارات البيئية، وتعد الطريقة غير المباشرة عبر الغاز الاصطناعي أكثر شيوعا في الإنتاج الصناعي واسع النطاق، نظرا لاستخدامها مواد أولية مختلفة، في حين أن عملية تجفيف الميثانول المباشر أقل شيوعا.
طريقة ثالثة.. ميزة إضافيةوفي إطار السعي العالمي نحو تخفيف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لتأثيراته السلبية على المناخ، وصفت دراسات سابقة عده تجارب لتحويله إلى مادة "ثنائي ميثيل إيثر" الخارقة، وبذلك يمكن "ضرب عصفورين بحجر واحد"، حيث يتم التخلص من انبعاثات الكربون الضارة بمناخ الأرض، ومن ناحية أخرى إنتاج مادة مفيدة للغاية في الصناعات المختلفة. ومن هذه التجارب:
الهدرجة المباشرة: فقد قام علماء بتجربة عمليات الهدرجة المباشرة التي تتضمن التفاعل التحفيزي لثاني أكسيد الكربون مع الهيدروجين لإنتاج "ثنائي ميثيل إيثر"، واستُخدمت العديد من المحفزات بما في ذلك المحفزات القائمة على النحاس وجسيمات النحاس النانوية. التحفيز المتتالي: ويتضمن التحفيز المتتالي سلسلة من التفاعلات، حيث يُحوّل ثاني أكسيد الكربون أولا إلى ميثانول، ثم يخضع الميثانول للتكثيف لتكوين" ثنائي ميثيل إيثر"، واستُخدمت محفزات النحاس لتخليق الميثانول الأولي، تليها المحفزات الحمضية مثل "الزيوليت" لتجفيف الميثانول وتحويله إلى "ثنائي ميثيل إيثر". المحفزات ثنائية الوظيفة: تعتمد هذه الطريقة على المحفزات التي تجمع بين الوظائف الحمضية والمعدنية، واستكشاف جسيمات النحاس النانوية المدعومة بأكاسيد حمضية لتحقيق تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى ثنائي ميثيل إيثر.وواجهت هذه التجارب عده تحديات منها:
تحديات في تحقيق انتقائية عالية للمادة المطلوبة عند زيادة معدلات تحويل ثاني أكسيد الكربون، مما أدى إلى انخفاض الإنتاجية وتكوين منتجات ثانوية غير مرغوب فيها مثل الهيدروكربونات. حدوث تلبيد أو تكتل لجزيئات المحفز النانوية أثناء التفاعل، مما أدى إلى تقليل متانة المحفز وكفاءته.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ثانی أکسید الکربون هذه الطریقة
إقرأ أيضاً:
المشاط تبحث تعزيز الشراكات مع إسبانيا لتمكين القطاع الخاص وتطبيق آلية حدود الكربون CBAM
التقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بالسفير ألفارو إيرانزو، سفير مملكة إسبانيا لدى مصر، وبحضور إيفا سواريز رئيسة مكتب التعاون الاسباني، وأدواردو سوريانو، المستشار الاقتصادي والتجاري بسفارة إسبانيا بالقاهرة، وذلك لمناقشة تعزيز سبل التعاون بين الجانبين وفتح آفاق جديدة للتعاون، في ضوء الجهود التي تقوم بها الوزارة لدفع النمو الاقتصادي المُستدام، وتحقيق التكامل بين التمويل المحلي والأجنبي لدفع رؤية الدولة التنموية.
في مستهل اللقاء، رحبت الدكتورة رانيا المشاط، بالسفير الإسباني بالقاهرة، مؤكدة عمق العلاقات المُشتركة بين البلدين، التي تتنوع في العديد من المجالات ذات الاهتمام المُشترك بما يُدعم التعاون الاقتصادي؛ كما عبرت «المشاط» عن تضامنها مع الفيضانات التي اجتاحت جنوب شرق إسبانيا مؤخرًا.
وناقش الجانبان خلال اللقاء العديد من محاور التعاون المُشترك من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وفُرص تعزيز الشراكة مع الجانب الإسباني لتحفيز الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص وإتاحة الحلول التمويلية المبتكرة، وفي هذا الصدد أشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى منصة «حافز» التي تُمثل منصة لعرض كافة الخدمات المالية وغير المالية المُتاحة من شركاء التنمية، من أجل تعريف القطاع الخاص بها وتعزيز الاستفادة منها.
كما بحثا الشراكات المُستقبلية في إطار المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّي» خاصة بمحور الغذاء، وكذلك جهود الدولة للتوافق مع الآلية الأوروبية لتعديل حدود الكربون CBAM في إطار العمل على تعزيز تنافسية الصادرات المصرية، ومناقشة الخطط المستقبلية للوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية في مصر، وخاصة المنح الجديدة، من بينها مساهمة الوكالة، في المبادرة المصرية للتنمية المُتكاملة «ENID»، والتي تُعد إحدى المبادرات الوطنية التي تستهدف تعزيز الأثر التنموي للتدخلات الأممية في مصر، وذلك في ضوء الشراكة بين الوزارة و برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى نتائج مُشاركتها في الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة (UNGA 79) وقمة المستقبل في نيويورك، ولقائها وزيرة الدولة للتعاون الدولي في إسبانيا، فضلًا عن لقاء وزير الخارجية الإسباني في أكتوبر الماضي خلال زيارته لمصر، حيث تستمر المُناقشات حول تطوير التعاون الإنمائي والاقتصادي بين البلدين.
واستعرضت «المشاط»، التعاون بين مصر وإسبانيا في إطار استعدادات "المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية (FfD4)" الذي سيُعقد من 30 يونيو إلى 3 يوليو 2025 في إشبيلية، إسبانيا، مؤكدة على أهميته في دفع الجهود الدولية الهادفة لتسريع وتيرة التنمية، وتطوير البنية المالية الدولية.
كما استعرض اللقاء عددًا من المشروعات قيد التنفيذ والتعاون المقترح في قطاعات التنمية، مثل البنية التحتية، والأمن الغذائي، وحماية المواقع الأثرية.
ومن جانبه، أكد السفير الإسباني، حرص بلاده على تقوية سبل التعاون مع مصر وفتح آفاق جديدة للتعاون بين البلدين، فضلًا عن تعزيز التعاون المشترك والاستفادة من الخبرات الإسبانية في عدد من المجالات الحيوية، مؤكدًا حرص إسبانيا على تعزيز قنوات التواصل مع مصر لبلورة المشروعات الجارية وكذلك التي سيتم الاتفاق عليها من خلال الوزارات المعنية وكذلك الوكالة الإسبانية للتعاون الدولى من أجل التنمية التابعة لوزارة الخارجية الإسبانية وذلك في القطاعات ذات الأولوية من بينها إدارة المياه والتحلية ومعالجة المياه والنقل المستدام والسكك الحديد والطاقة المتجددة وتمكين المرأة.
وفي ختام اللقاء، وقّعت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والسفير/ ألفارو إيرانزو، سفير مملكة إسبانيا لدى مصر؛ منحتين بقيمة 800 ألف يورو، تتيحهما الوكالة الاسبانية للتعاون الدولي، لمشروعي «معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها في مصانع السكر المصرية»، و«خلق فرص عمل للشباب من أجل التوظيف وإنشاء الشركات - المرحلة الثانية».
وتبلغ قيمة المنحة الأولي 500 ألف يورو لمشروع "معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها في مصانع السكر المصرية"، حيث يهدف إلى تحسين نوعية المياه عن طريق الحد من التلوث من خلال القضاء على التصريف وضمان استدامة الموارد المائية من خلال إعادة استخدام المياه المعالجة، والحد من الأثر البيئي لمصانع السكر في مصر على نهر النيل من خلال الحد من آثارها السلبية على صحة الإنسان وعلى المزارع ومصايد الأسماك.
بينما تبلغ قيمة المنحة الثانية 300 ألف يورو، لمشروع «خلق فرص عمل للشباب من أجل التوظيف وإنشاء الشركات - المرحلة الثانية»، وتستفيد منها وزارة الشباب والرياضة، وذلك بهدف المُساهمة في النمو الاقتصادي الشامل والعادل والمستدام من خلال زيادة الدخل، وفرص العمل، وفرص العمل الذاتي للشباب المصريين، إلى جانب تعزيز ريادة الأعمال المبتكرة بين الشباب كبديل تكاملي لخلق فرص العمل والعمل الذاتي.
الجدير بالذكر أن علاقات التعاون الدولى والتمويل الإنمائي بين مصر وإسبانيا، تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، حيث تم توقيع بروتوكولي تعاون أولهما فى 10 فبراير 1998 بموجبه قدمت أسبانيا لمصر تمويلات تنموية بقيمة 255 مليون يورو، ثم مُذكرة تفاهم في 2008 بقيمة 250 مليون يورو، بينما تتنوع محفظة التعاون بين مصر وإسبانيا في تنفيذ مشروعات في العديد من القطاعات من بينها النقل والاسكان والصرف الصحى والكهرباء والطاقة المتجددة وخط ائتمان للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والآثار، ومنح مقدمة من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولى والتنمية فى مجال الصحة والمرأة والسياحة والحوكمة والتنمية المستدامة.