الدكتور بنطلحة يكتب: إلى من يهمهم الأمر في البرلمان الأوروبي
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء
راكم المغرب مكتسبات كبيرة في مجال حقوق الإنسان الذي يعد خيارا إستراتيجية وطنيا يعكس الإرادة الصادقة من أجل ترسيخ البناء الديمقراطي وإرساء دولة الحق والقانون، سواء على مستوى تأهيل المنظومة القانونية وملاءمتها مع الالتزامات الدولية للمملكة، أو على مستوى تعزيز البناء المؤسساتي وتطوير السياسات العمومية.
إن المغرب ومنذ حصوله على الاستقلال، انخرط كطرف فاعل في مسار بلورة القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، من خلال المساهمة في إعداد بعض الاتفاقيات والبروتوكولات، أو من خلال التوقيع والمصادقة أو الانضمام إلى جل الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والبروتوكولات الملحقة بها، فضلا عن الوفاء بالالتزامات الدولية المترتبة عن ذلك سواء من خلال ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية أو من خلال تقديم التقارير إلى هيئات المعاهدات أو التفاعل مع التوصيات الصادرة عنها، إضافة إلى تأكيد الدستور المغربي منذ سنة 1992 على التشبث بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا.
هذا التوجه الذي سيتم تعزيزه في دستور 2011، الذي يعد وثيقة أساسية لضمان حماية شاملة ومتكاملة لحقوق الإنسان واحترام القانون الدولي الإنساني وفق المعايير الدولية، وهو ما يؤكد على أن المغرب يعمل دائما على ملاءمة نظامه الدستوري والقانوني مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
لقد ورد في ديباجة دستور 2011، تشبث المملكة المغربية بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، والتزامها بما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات، كما نص الدستور على سمو الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المملكة المغربية على التشريعات الوطنية، كما تضمنت فصول أخرى مزيدا من حقوق وحريات الأفراد والجماعات مثل حرية الفكر والتعبير والتجمهر والتظاهر السلمي والإبداع والنشر والصحافة.. وتماشيا مع الإرادة الملكية السامية تم اعتماد التخطيط الاستراتيجي لتأطير مجال حقوق الإنسان، وذلك لتمكين المغرب من استراتيجية وطنية تسعى لجعل حماية حقوق الإنسان في صلب السياسات العمومية.
ويمكن للضحايا الذين تنتهك حقوقهم الطعن لدى المحاكم، وهي طعون ممكنة في حالة خرق حقوق منصوص عليها في الدستور أو في الاتفاقيات التي يعد المغرب طرفا فيها، أو تلك المعترف بها في القانون على حد سواء، وتقدم هذه الطعون أمام القضاء حسب طبيعة الحق المنتهك.
واعتمادا على مبادئ باريس الناظمة لعمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وطبقا لأحكام الدستور المغربي، وبناء على القانون المحدث بموجبه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يختص هذا الأخير بصلاحيات في مجال تلقي الشكايات المتعلقة بحالات خرق حقوق الإنسان والنظر فيها بطلب من المعنيين أو بمبادرة خاصة منه وذلك من خلال دراسة الشكايات ومعالجتها والتحري بشأنها إلى الجهات المختصة، كما أن المجلس الوطني أصبح بمقتضى نظامه الأساسي مختصا بزيارة أماكن الاعتقال والمؤسسات السجنية، ويعد صاحب الولاية العامة في مجال تلقي الشكايات المتعلقة بخرق حقوق الإنسان وبالنسبة لجميع الانتهاكات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية ،ماعدا الحالات المعروضة على القضاء والانتهاكات التي تختص بها مؤسسة الوسيط.
إن المغرب قد اتخذ خيار حماية حقوق الإنسان توطيدا لمكتسباته الديمقراطية، عبر إرادة مسؤولة وصادقة، وهو بذلك لا يجعل من هذا الترسيخ الفعلي لمبادئ حقوق الإنسان عبارة عن طلاء خارجي وأكسسوارات مزيفة كما تفعل بعض الأنظمة الباتريمونيالية… إلا أن المغرب لن يقبل الإملاءات التي لا تستند إلى الحقائق، ويرفض أي تصرف يهدف إلى تحوير الأهداف السامية لدولة الحق والقانون، ويرفض ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين والضرب تحت الحزام والمزايدة السياسوية، والمغرب حريص كل الحرص على ضمانات المحاكمة العادلة في احترام تام للقانون والسيادة الوطنية والمصالح العليا للوطن…
المصدر: مراكش الان
كلمات دلالية: لحقوق الإنسان حقوق الإنسان من خلال
إقرأ أيضاً:
غداً.. المنظمة العربية لحقوق الإنسان تعقد حلقة نقاشية حول تقليص عقوبة الإعدام في العالم العربي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تنظم المنظمة العربية لحقوق الإنسان
بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة لدعم تنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان، غداً أعمال الحلقة النقاشية الإقليمية تحت عنوان "تقليص عقوبة الإعدام في العالم العربي".
يشارك في الورشة الوطنية من قادة منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية في الدول العربية والمشتغلين بالقانون والإعلاميين وممثلين عن السلطات التنفيذية و التشريعية والقضائية.
تهدف الحلقة التي تستمر يومين إلى تعزيز الحوار حول الآليات القانونية والإنسانية للحد من تطبيق عقوبة الإعدام في الدول العربية، مع التركيز على معايير الجرائم الأشد خطورة التي يُسمح بها وفق القانون الدولي، وضمانات المحاكمة العادلة للمحكوم عليهم.
تأتي هذه الفاعلية للعمل علي تفعيل الجهود الإقليمية للحد من عقوبة الإعدام التي تمثل انتهاكًا لحق الحياة، و أهمية مواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، مع مراعاة السياقات الثقافية والقانونية الخاصة بالدول العربية.
وتناقش الجلسات أبرز التحديات التي تواجه الحد من العقوبة، ومنها التفسيرات الدينية والاجتماعية، وتطرح نماذج من تجارب الدول التي علّقت تنفيذ الإعدام أو ألغته تمامًا، بهدف استلهام الدروس والممارسات الفضلى.
من المتوقع أن تخرج الحلقة بمجموعة من التوصيات العملية لدعم جهود الإصلاح التشريعي وتوفير الضمانات القانونية، بما يسهم في تعزيز احترام حقوق الإنسان في المنطقة العربية.