جيل جديد من الروائيين المغاربة.. بحث عن هوية وسعي إلى العالمية
تاريخ النشر: 16th, July 2023 GMT
مراكش – "لا فرق عندي بين الكاتب ولاعب الشطرنج، كلاهما يخوض معركة عقلية عنيفة ضد غريمه، وعلى رقعة تتسع مساحتها الصغيرة المخادعة لتشمل العالم بأسره.
ولأن حسابات الربح والخسارة في لعبتَي الشطرنج والكتابة نسبية ولا تخضع لأي منطق، فقد وجدتني مجبرا على رفع الراية البيضاء عوض مواصلة القتال في معركة اجتمعت كل الظروف لتقودني إلى خسارتها، وإن احتميت لبعض الوقت بعبارة مضحكة يلجأ إليها كل المهزومين: الانسحاب التكتيكي.
لكنني لست رجل سياسة يكذب على جماهيره لإخفاء الحقيقة، أنا كاتب يكذب ليكشف لقرائه الحقيقة!".
هكذا يبدأ الروائي المغربي الشاب عبد المجيد سباطة روايته "الملف 42"، التي تظهر نوعا جديدا من الكتابة في الرواية المغربية مقارنة مع جيل الرواد.
غلافا روايتي "الملف 42″ و" ساعة الصفر" لعبد المجيد سباطة (الجزيرة)إنها كتابة بدون عقدة نقص، تخلصت من سطوة السير الذاتي أو الكتابة وفق دفتر مواقف نقدية خنقت الإبداع الروائي، مع بعض الاستثناءات، وأفلحت كما يبرز الناقد المغربي شكير نصر الدين للجزيرة نت، في ضخ هواء جديد في المتون الروائية المغربية من خلال الكتابة ضمن تنويعات عدة من المحكي البوليسي، إلى تخييل التاريخ، والفانتازيا والعجائبي، والرواية العرفانية، على يد ثلة من الكتاب الذين أصبحت أسماؤهم متداولة محليا وعربيا.
تجاوز أم استمرار؟ويشير الروائي المغربي الشاب طارق بكاري في حديث للجزيرة نت إلى أن كل كتابة جديدة، لا تتخذُ من تجاوز الإرث الأدبي والتفوق عليه رهانا لها، لا يعول عليها، مبرزا أن شرط استمرار الإبداع والمبدع، لا يقفُ عند إعادة إنتاج ما قدّمه سلفه، وإلا فتلك دائرة مفرغة، ولن يتحقق للأدب التقدم الذي ننشده.
لكن الناقد المغربي نور الدين صدوق يقول للجزيرة نت إن مصطلح الرواية الجديدة هو مصطلح وافد قد يكون الذين ادعوه في مرحلة قد تنكروا له، ما دام لم يؤسس لامتداد مُتَوقَّع.
ويضيف أن ما يُكتب حاليا هو استمرار لما تحقق سابقا، مبرزا أن الامتداد يفضي في أحيان إلى التنويع، أو إلى تجريب غايته الرئيسة والأساس، ألا وهي التفرد، وأن جيل التأسيس للرواية المغربية أو الأدب المغربي الحديث، ما زال يواصل إغناء التراكم.
في حين يعود الناقد نصر الدين ليقول إن الأدب الروائي المغربي برمته أدب فتي لا يتعدى في أكبر تقدير 9 عقود وهي مدة لا تساوي شيئا في التاريخ الأدبي المتصل بالإبداع الروائي كونيا، ناهيك أن التاريخ الأدبي لا يقبل في حقيقة الأمر التمييز بمفهوم الجيل، بين رواد وشباب، فهذه حسبة زمنية لا تعني شيئا في ميزان القيمة الفنية والجمالية.
الروائي المغربي شكير نصر الدين (الجزيرة) بحث عن هويةوتبحث الرواية المغربية عن "هوية أدبية" باستعمالها فضاء متعدد الروافد الثقافية والدينية والعرقية، وعن هذا يقول الروائي عبد الحميد شوقي للجزيرة نت، إنه انفتاح على روائح وطقوس وأهازيج وأساطير كان يُنظر إليها كـ"هوامش وحشية"، مبرزا أن هذه الهوية تنطلق مما هو محلي إلى ما هو وطني وقومي ثم عالمي.
في حين يؤكد الروائي سباطة للجزيرة نت أن الرواية المغربية التي تنهل من معين تاريخ وثقافة وواقع مغربي ثري ومتنوع، استطاعت خلق أسلوب خاص ومتفرد، يتمسك بالواقعية، لكنه لا يجد حرجا في الاستعانة بعوالم عجائبية، يكتب بلغة عربية، يغنيها بخصوصية مغربية أصيلة وأصلية، ما يجعل الفضاء المتداول قادرا على السير في درب خلق الهوية السردية المنشودة.
ويضيف، لن تكون الكتابة عن فاس بتاريخها العلمي والحضاري، مماثلة للكتابة عن جبال الريف الوعرة، التي حطمت غرور المستعمر الإسباني، لكن البصمة المغربية الجامعة قادرة على توحيد الفضاءات المتنوعة، وتقديم أعمال أدبية خالدة، للقارئ محليا وعربيا وعالميا.
ويرى الناقد المغربي نور الدين صدوق أن التجربة الروائية العالمية لم تترك صيغة إلا وطرقتها، إذ بقدر التعدد، يتحقق الإنجاز، موضحا أن كل مبدع يسهم في التجريب وفي الإضافة حسب المادة التي يريد التعبير عنها، علما أن المضامين والقضايا المتطرق إليها وعلى مستوى العالم العربي تتسم بالتشابه اجتماعيا وسياسيا وثقافيا.
سعي إلى العالميةكل كاتب يريد أن تتسع رقعة قرائه في سعي إلى العالمية، لكن هذا الأمر قد لا يكون مسألة تهم الروائي المغربي الذي -ويجب الاعتراف بذلك- ما زال في طور البحث عن ذاته الإبداعية، والمطالبة بـ"الاعتراف العربي" أولا، ذلك أن العالمية لا تعني سوى شعورك بأنك جزء من العالم من خلال نبضك الخاص. كما يبرز الروائي عبد الحميد شوقي.
في حين يعتقد الروائي طارق بكاري أن الاحتفاء بالإنسان والإنساني بعيدا عن الحسابات الهوياتية والثقافية الضيقة، إلى جانب رد الاعتبار للمنسي والمهمش، والانخراط الجاد والمسؤول في مقاومة كافة أشكال الهيمنة بالكتابة، كلها أمور قد تهيئ لأي مشروع روائي أسباب العالمية.
الروائي المغربي طارق بكاري (الجزيرة)وكل خطوة تساهم في إيصال أعماله الروائية إلى شريحة أكبر من القراء، تسعد الروائي سباطة الذي يكشف عن صدور الترجمة الإنجليزية لـ"الملف 42″، كما أن هناك محادثات مبدئية بشأن إمكانية نقلها إلى الشاشة.
ويدرك الكاتب بشكل عميق أن الزمن هو الفيصل والقاضي النزيه الحقيقي بشأن جودة كتاباته، ويقول "لذلك أبذل كل ما في وسعي لتطوير قدراتي وتجويد أسلوبي ومواصلة العمل الدؤوب والاحتفاظ بجذوة حماس الكتابة، مع كل مشروع جديد أخوض مغامرة خلق عوالمه وشخوصه وأحداثه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
درة: أصبح هناك توجهات لطمس هوية الفلسطينيين
تحدثت درة على هامش محاضرة " السينما الفلسطينية واللبنانية" التي أقيمت اليوم ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي عن فيلمها الوثائقي " وين صرنا" بجانب عدد من مخرجات الدول العربية قائلة: "مبسوطة إني موجودة النهاردة وسط هؤلاء المخرجات لأنني أتعلم منهم كوني ممثلة بالاصل وكل مخرجة منهما لديها عدة أفلام أعجبتني للغاية ووجودي معهم يعطيني خبرة أكبر".
سبب إخراج درة لفيلم “وين صرنا ”
أضافت درة قائلة: "ما دفعني لإخراج هذا الفيلم ليس فقط حبي للسينما، ورغبتي في الإخراج ولكن إصراري على تقديم نموذج هذة الأسرة الفلسطينية، أنا تربيت على أن القضية الفلسطينية هي قضية كل العرب وكل إنسان وأذكر أنني سمعت شخصا مع ما يحدث في فلسطين يقول " ليس هناك دولة فلسطين أو شعب فلسطيني" أصبح هناك توجهات لطمس هوية الفلسطينين بشكل كبير".
تستكشف هذه الندوة قوة السرد في تحفيز قدرات الأفراد على المقاومة والتحمل في أصعب اللحظات والمواقف، ويحكي الحضور عبر خبراتهم ووعيهم الثقافي الفريد عن تجاربهم في تشكيل السرد السينمائي وروايات الهوية الشخصية والجماعية، ومحاولات البقاء والخلافات والنبرات الانهزامية.
يناقش الضيوف تحديات صنع الأفلام في مناطق الصراع والنزوح وتلك المحاصرة بالقيود السياسية، وعن خبرة كل منهم في استخدام الإبداع للدفاع عن رؤيتهم والنجاة من الأسى والمآسي.
تسلط الحلقة النقاشية الضوء على التقنيات السردية التي يمكنها تحوّل قصص الصراع الشخصي إلى سرديات مهمة إعجازية تلهم الجماهير وتحفّز المجتمعات على الاستمرار والمقاومة.