"القمة الدولية للأمن الصحي" تفعيل سبل التضامن الدولي للوقاية من الفيروسات ومواجهتها
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
تحظى قضية التعاون الدولي لمكافحة الفيروسات بشتى أنواعها، وتقوية هيكل الأمن الصحي العالمي للوقاية الفعالة من الأمراض المعدية، بحيز واسع من اهتمامات الهيئات الدولية الصحية والأنظمة الوطنية، وذلك بهدف كشفها المبكر ومكافحتها والاستجابة السريعة لها من خلال الأنظمة والسياسات المعززة.
ويتوقع أن يناقش خبراء الصحة الدوليون في القمة الدولية للأمن الصحي التي تستضيفها باكستان بدءا من اليوم وحتى غد الخميس كيفية حماية العالم من الأمراض والفيروسات وآلياتها المناسبة.
وأشار الدكتور نديم جان وزير الصحة الباكستاني المؤقت إلى ترتيب الاستراتيجية الشاملة لمواجهة الأمراض الخطيرة في العالم، إذ إن المشاكل المتعلقة بصحة الناس هي المشاكل الحقيقية، مشيرا إلى أن هذا المؤتمر لا علاقة له بالسياسة أو الذكاء الاصطناعي، بل يتعلق بالصحة الإنسانية.
وكانت منظمة الصحة العالمية والمفوضية الأوروبية قد أطلقتا مبادرة صحية رقمية لتعزيز الأمن الصحي العالمي في الخامس من يونيو 2023، بهدف تسهيل التنقل العالمي وحماية الناس في جميع أنحاء العالم من التهديدات الصحية الحالية والمستقبلية بما في ذلك الأوبئة، من خلال تطوير مجموعة واسعة من المنتجات الرقمية لتبادل البيانات بين دول العالم من أجل صحة أفضل للجميع.
وأمام الاجتماع السابع لهيئة التفاوض الحكومية الدولية الذي انعقد في 8 نوفمبر 2023 في جنيف بسويسرا، أوضح مدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم أن هذه المنتجات الصحية الرقمية الجديدة قيد التطوير، وتهدف إلى مساعدة الناس لتلقي خدمات صحية عالية الجودة وبسرعة وفعالية أكبر، مؤكدا أن أي اتفاق بشأن الجوائح يفشل في ضمان الأمن الجماعي والمساواة بجميع أشكاله، يكون مصيره الفشل.
ومن هنا جاءت فكرة الأمن الصحي العالمي لتفعيل أساليب التضامن الدولي العابر للحدود، لتلافي الأخطاء الكارثية والتي ظهرت بشكل كبير في مرحلة جائحة كورونا، والذي اتسمت الاستجابة لتداعياتها الوخيمة بضيق أفق التفكير القومي بحسب ما وصفته منظمة اليونيسيف.
وقد أودى الوباء بحياة أكثر من ستة ملايين شخص، بالإضافة إلى إصابة ما لا يقل عن 100 مليون بكوفيد طويل الأمد، وبدلا من التنسيق الدولي لمواجهة آثار الفيروس عالميا، توجهت معظم الدول الكبرى للتخفيف من تأثيره داخل حدودها.
وخلفت /كورونا/ تداعيات كارثية على الصعد الاقتصادية والاجتماعية، ما دفع العديد من الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة إلى دق ناقوس الخطر، حيث أعلنت عن أرقام مخيفة لارتفاع نسب الفقر والبطالة والتضخم وتدني مستوى النمو الاقتصادي العالمي نتيجة تدابير الإغلاق والحجر الصحي، فقد أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد العالمي شهد انكماشا حادا بواقع (-3 بالمائة) في عام 2020. كما جاء في تقرير منظمة العمل الدولية أن نحو 3.3 مليار عامل تأثروا من تدابير الإغلاق الكلي أو الجزئي لأماكن العمل، ومثل هؤلاء حوالي 81 بالمائة من القوة العاملة العالمية.
وليست كورونا وحدها من أشغل العالم، فثمة أمراض وفيروسات مثل H1N1 وH5N1 ومتلازمة الاتهاب الرئوي الحاد /سارس/ والأمراض الإقليمية مثل الحمى الصفراء والكولير أو حمى الضنك والحصبة، شكلت تحديات بارزة للمنظمات الصحية العالمية على مدى العقود الثلاثة الماضية، ويكفي أن نعلم أن أكثر من 175 ألف شخص أصيبوا بفيروس (زيكا) في قارة أمريكا اللاتينية بين عامي 2015 و2016 بسبب انتشار البعوض، كما وصف فيروس جدري القرود منتصف عام 2022 بأنه حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا، فضلا عن ذلك وثقت حالات لفيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح في أكثر من 30 دولة.
وترتكز محاور الأمن الصحي على كيفية الاستجابة للكوارث ومخاطر الأمراض المعدية والأوبئة، والتهديدات النووية والحيوية والكيميائية، والتأهب للكوارث ومجابهتها، وإدارة المخاطر التي تهدد صحة وأمن البشرية، وآثار الحروب على الأمن الصحي، والآليات التشريعية والتنظيمية الخاصة بالأمن الصحي.
وفي هذا الإطار يدعو الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر إلى العمل المجتمعي لتعزيز الصمود وتقليل المخاطر وتحسين التأهب للكوارث والأزمات، مثل الأخطار الطبيعية أو الأوبئة أو الحوادث التكنولوجية أو ترحال السكان، فهناك أهمية محورية لنهج التصدي للأخطار المتعددة في إدارة المخاطر التي أصبحت أكثر تكرارا وشدة بسبب تغير المناخ والتوسع الحضري والأمراض المعدية المستجدة والتي تعاود الظهور.
وقد أظهرت نتائج مؤشر الأمن الصحي العالمي لعام 2021، الذي يقيم الأمن الصحي لـ195 دولة وقدراتها، وفق 6 فئات و37 مؤشرا، أن معظم الدول ما زالت غير مهيأة للأوبئة، ووصل متوسط الدرجة العالمية في جميع الدول إلى 38.9 من أصل 100، ولم تسجل دولة واحدة ضمن الطبقة العليا (أي الحد الأقصى للاستعداد والتأهب لمواجهة الأوبئة).
وأضاف التقرير أن نقاط الضعف طويلة الأمد في هندسة الأمن الصحي الإقليمي حول العالم، باتت واضحة من خلال جائحة كورونا.
وضمن القائمة، تصدرت دولة قطر التصنيف على المستوى العربي من حيث الاستعداد، بمجموع نقاط بلغ 48.7، تليها السعودية (بمجموع 44.9)، ثم الأردن (44.6 نقطة). وفي المقابل وقعت الصومال في ذيل القائمة بمجموع نقاط بلغ 16 نقطة من أصل 100، لتحتل المرتبة الـ195 في المؤشر.
وقد أولت دولة قطر اهتماما بالغا بأمنها الصحي من خلال نظم وتشريعات قانونية وعملية تعزز قدرتها على مواجهة المتغيرات والمخاطر الصحية، مؤكدة وقوفها بثبات في التزامها بالوقاية من الأوبئة والتأهب لها والاستجابة لها، بما يتماشى بشكل وثيق مع ركيزة التنمية البشرية في رؤية قطر الوطنية 2030. حيث تدور رؤية الدولة حول رعاية سكان أصحاء، بدنيا ونفسيا، من خلال رؤية متعددة القطاعات.
وقد نظمت دولة قطر اجتماعا وزاريا لمجموعة "أصدقاء التضامن من أجل الأمن الصحي العالمي"، وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في 22 سبتمبر 2023، تحت عنوان "النهوض بالهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة: الصحة الجيدة والرفاهية في جدول أعمال الصحة العالمية وتحديد مكانة أفضل للأمن الصحي لقمة المستقبل والاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مقاومة مضادات الميكروبات في عام 2024".
وقالت سعادة الدكتورة حنان محمد الكواري وزير الصحة العامة في كلمتها خلال الاجتماع الوزاري إن هذا التجمع يمثل بالنسبة لنا لحظة محورية للتعمق في الاستراتيجيات الرامية إلى زيادة رفع مستوى الأمن الصحي العالمي والرفاه، لا سيما في سياق مؤتمر القمة المعني بالمستقبل، واجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى حول مقاومة مضادات الميكروبات، إلى جانب المبادرات الأخرى الهامة رفيعة المستوى، مؤكدة أن هذا التوقيت هو المناسب لاستعراض نتائج الاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الوقاية من الأوبئة والتأهب والاستجابة لها وحشد الزخم السياسي الناتج عنه".
وأشارت سعادتها إلى أنه في ظل القيادة الرشيدة، شهد قطاع الرعاية الصحية في دولة قطر نموا ملحوظا وحداثة غير مسبوقة على مدار العقد الماضي، ويمتد هذا التغيير إلى الخدمات الطبية الطارئة، كما تمثل في افتتاح أكبر مركز لعلاج الإصابات والطوارئ في المنطقة في عام 2019، كما تم التركيز بشكل كبير على تنمية القوى العاملة ذات المهارات العالية في مجال الرعاية الصحية، وضمان تقديم رعاية عالية الجودة لسكان قطر. فدولة قطر تعتبر رائدة في رؤية "الصحة للجميع"، والتي تؤكد على سهولة الوصول إلى الخدمات الطبية عالية الجودة، إضافة إلى خلق بيئة مواتية للصحة الجيدة، بما في ذلك نهج الاستدامة.
وأضافت سعادتها أن دولة قطر تفخر بكونها أول دولة تحصل على اعتراف منظمة الصحة العالمية لجميع بلدياتها بأنها "مدن صحية"، وحصلت على مرتبة عالية في مؤشر التغطية الصحية الشاملة، مما يؤكد التزام قطر الثابت بتوفير الوصول إلى الخدمات الصحية الجيدة، وتعزيز رفاه المجتمع، والحماية من أزمات الصحة العامة، كما حظيت إنجازات الرعاية الصحية في قطر بإشادة عالمية في عام 2022، حيث تم إدراج خمسة مستشفيات ضمن أفضل 250 مركزا طبيا أكاديميا في جميع أنحاء العالم ومستشفيين من بين أفضل 100 مستشفى بالإضافة إلى ذلك، فإن انتخاب قطر لعضوية المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية لمدة ثلاث سنوات واستلام جائزة منظمة الصحة العالمية لليوم العالمي للامتناع عن التدخين في عام 2022 يؤكد من جديد الالتزام بالصحة العالمية.
وأوضحت أن الاستثمارات الكبيرة في الرعاية الصحية والتأهب والنهج العلمي، جنبا إلى جنب مع التدابير الشاملة، قادت دولة قطر إلى الحفاظ على أحد أدنى معدلات الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 في العالم، ومعدلات التطعيم المرتفعة، والمساهمات القيمة في الفهم العالمي لكوفيد-19، مشيرة إلى أنه وبينما تستعد للأمراض المرتبطة بتغير المناخ، تتخذ دولة قطر خطوات استباقية من خلال القيادة، وخطط التأهب الوطنية، والوصول على نطاق واسع إلى الفحوصات واللقاحات والعلاج.
وأكدت سعادتها أن دعم دولة قطر كان ثابتا في التخفيف من تأثير الوباء، لا سيما على المجتمعات المهمشة والمحرومة، ومن خلال صندوق قطر للتنمية، قدمت قطر المساعدات الإنسانية والموارد إلى بلدان في جميع أنحاء العالم، والتي تجاوزت 140 مليون دولار، كما تفخر دولة قطر بتعاونها الوثيق وشراكتها مع منظمة الصحة العالمية، داعية إلى أن تكون منظمة الصحة العالمية قوية، بما في ذلك زيادة المساهمات المقررة.
وتم خلال الاجتماع الوزاري التركيز على آثار جائحة (كوفيد-19) على مسار تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، كما تم استعراض ضعف الأمن الصحي العالمي وأهمية النظم الصحية المرنة والتغطية الصحية الشاملة، والحاجة الملحة إلى آليات عالمية فعالة للتأهب والوقاية. ومثل هذا الحدث الوزاري إسهاما لـ"قمة الأمم المتحدة للمستقبل" التي ستعقد في شهر سبتمبر عام 2024 من خلال الحوار والتعاون وتبادل المعرفة.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: الأمراض المعدية منظمة الصحة العالمیة الرعایة الصحیة للأمم المتحدة دولة قطر من خلال فی جمیع إلى أن فی عام
إقرأ أيضاً:
وزيرة التضامن تلتقي رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
التقت الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، كيت فوربس رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر، والوفد المرافق لها، بحضور الدكتورة آمال إمام المديرة التنفيذية للهلال الأحمر المصري، وهشام محمد مدير مكتب وزيرة التضامن الاجتماعي، وأميرة تاج مدير عام الإدارة العامة للعلاقات الدولية والاتفاقيات، وذلك بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وشهد اللقاء استعراض جهود الهلال الأحمر المصري إزاء الأوضاع في قطاع غزة منذ اندلاع الأزمة في أكتوبر 2023، حيث وجهت رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر الشكر لوزيرة التضامن الاجتماعي على الجهود المبذولة من جانب الهلال الأحمر المصري في تلك الأزمة، خاصة أن الوضع في القطاع يزداد سوء.
وأوضحت، أن تضافر جهود الهلال الأحمر المصري مع الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر قد ساهم في حشد الجهود لدعم قطاع غزة وتقديم المساعدات الإنسانية، مؤكدة أهمية استمرار دعم الهلال الأحمر المصري في أداء دوره الإنساني كجهاز مساند للسلطات المصرية محليا تجاه المجتمع المصري وإقليميا نحو دول الجوار ، فضلا عن أهمية دعم جهود المتطوعين والتطوع، مشددة على أنها عملت في مجال التطوع منذ 44 عاما في الولايات المتحدة، ومشيرة إلى أن الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر يتعاون مع 191 جمعية هلال أحمر وصليب أحمر على مستوى العالم تضم 16 مليون متطوع.
وثمنت وزيرة التضامن الاجتماعي رأي رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر فيما يقدمه الهلال الأحمر المصري، مشيرة إلى أن الهلال الأحمر المصري يعد بمثابة الآلية الوطنية لتنسيق المساعدات الإنسانية لدعم قطاع غزة، والمساعدات الإنسانية الدولية وفق المهام المفوضة إليه ،كما أن الهلال الأحمر المصري لديه 35 ألف متطوع معظمهم من الشباب.
وأكدت الدكتورة مايا مرسي أن قطاع غزة والسودان بل والمنطقة العربية باتت تشهد تحديات إنسانية قوية، مشيرة إلى أن النسبة الأكبر من المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة هي مساعدات مصرية وطنية، حيث حشد المجتمع المدني المصري كما هائلا من المساعدات من كافة المحافظات المصرية.
وأضافت وزيرة التضامن الاجتماعي، أن الحكومة المصرية تعمل على تعبئة المساعدات لقطاع غزة، وينبغي أيضا على المانحين أن يرسلوا حصتهم من المساعدات، خاصة مع المعاناة المتزايدة للأطفال والسيدات في قطاع غزة.
كما تطرق الحديث إلى المصابين الفلسطينيين والمرافقين لهم الذين استقبلتهم مصر منذ اندلاع الأزمة ومعظمهم من الأطفال ويحتاجون الدعم الطبي والنفسي والإنساني.
واختتم اللقاء بتأكيد استمرار التعاون والتنسيق بين الهلال الأحمر المصري والاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر، فيما يتعلق بالاستجابة للأزمات الإنسانية والإغاثية التي تشهدها المنطقة.