بلينكن يزور الضفة اليوم للقاء عباس
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
سرايا - يزور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء الضفة الغربية المحتلة، للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، غداة تنبيهه المسؤولين الإسرائيليين إلى الكلفة "الباهظة" التي يتكبدها المدنيون في قطاع غزة جراء الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد الفلسطينيين في القطاع.
وتأتي زيارة بلينكن لإسرائيل وللأراضي الفلسطينية ضمن جولة جديدة هي الرابعة له في المنطقة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
والتقى بلينكن في تل أبيب الثلاثاء عددا من المسؤولين الإسرائيليين، يتقدمهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
وقال وزير الخارجية الأميركي في مؤتمر صحفي " الثمن الذي يدفعه المدنيون يوميا (في قطاع غزة)، لا سيما الأطفال، باهظ جدا".
وتوعدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس بعد عملية "طوفان الأقصى" التي شنّتها المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وأدى الهجوم لمقتل نحو 1140 إسرائيليا، وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
كما تمّ أخذ نحو 250 رهينة خلال الهجوم، لا يزال 132 منهم محتجزين في القطاع، بحسب جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتردّ إسرائيل بقصف جوي ومدفعي عنيف، وعمليات برية اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر، مما أدى إلى استشهاد 23210 أشخاص غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة في غزة.
ورغم الدعوات الدولية المتزايدة، تواصل إسرائيل عمليات القصف.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن الغارات الإسرائيلية أدت إلى سقوط "أكثر من 70 شهيدا" ليل الثلاثاء الأربعاء.
من جهته، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي الأربعاء مواصلة عملياته في مخيم المغازي وسط القطاع ومدينة خان يونس بجنوبه، متحدثا عن ضرب "أكثر من 150 هدفا".
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن هذا الأسبوع الانتقال إلى مرحلة جديدة تشمل تنفيذ عمليات أكثر استهدافا في وسط قطاع غزة وجنوبه حيث يحتشد مئات الآلاف من النازحين، بعدما تركّز العمليات مطلع الحرب على شمالي القطاع خصوصا مدينة غزة والمناطق المحيطة بها.
وقال بلينكن الثلاثاء إن إسرائيل وافقت على مبدأ إرسال "بعثة تقييم" أممية لدراسة الوضع في شمالي القطاع تمهيدا لعودة الفلسطينيين النازحين.
- توصيل "الأساسيات" -
ودخلت الحرب في قطاع غزة هذا الأسبوع شهرها الرابع وسط تحذيرات متزايدة من الأمم المتحدة ومنظمات وأطراف دولية من الكلفة الإنسانية الباهظة مع تواصل الحصار والقصف الإسرائيليين والمعارك البرية.
وتؤكد منظمات دولية أن المساعدات المحدودة التي تدخل القطاع بموافقة إسرائيلية، لا تكفي لسدّ حاجات سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وأكد بلينكن الحاجة إلى توصيل مزيد من المواد الغذائية والمياه والدواء.
وقال "يتعيّن توصيل مزيد من الأغذية ومزيد من المياه ومزيد من الأدوية وغيرها من الأساسيات إلى غزة. وفور دخولها إلى غزة، ينبغي أن تصل في شكل أكثر فعالية لمن يحتاجون إليها".
كما اعتبر أن على إسرائيل أن "تكون شريكا للقادة الفلسطينيين الذين يريدون قيادة شعبهم"، و"أن تكف عن اتخاذ خطوات تقوض قدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم في شكل فعال".
إضافة إلى الحرب في الميدان، تشهد الكواليس الدبلوماسية والسياسية نقاشات بشأن "اليوم التالي" لانتهاء الحرب في القطاع الذي تديره حركة حماس منذ العام 2007 بعد فوزها في الانتخابات التشريعية ونزاع داخلي انتهى بإخراج السلطة الفلسطينية بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وسبق زيارة بلينكن عرض وزير الحرب الإسرائيلي غالانت خطته "لما بعد الحرب"، والتي تقوم على ألا يكون في القطاع "لا حماس" ولا "إدارة مدنية إسرائيلية"، وأن تديره "كيانات فلسطينية" بشرط "ألا يكون هناك أيّ عمل عدائي أو تهديد ضدّ دولة إسرائيل".
ومن السيناريوهات المحتملة المطروحة من قبل محللين، أن تتولى السلطة الفلسطينية حُكم القطاع رغم شعبيتها المتدنية فيه.
واعتبر بلينكن أن على "السلطة الفلسطينية مسؤولية إصلاح نفسها وتحسين حوكمتها. هذه هي التحديات التي سأطرحها مع الرئيس عباس خلال لقائنا" الأربعاء في الضفة الغربية.
على صعيد آخر، يشارك عباس الأربعاء في لقاء مع جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في العقبة لبحث الحرب في غزة والتطورات في الضفة الغربية المحتلة حيث تصاعدت بشكل ملحوظ أعمال العنف والاقتحامات العسكرية الإسرائيلية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
- إسقاط مسيّرات في البحر الأحمر -
وإضافة إلى العنف في الضفة الغربية، أثارت الحرب في غزة مخاوف من اتساع النزاع إلى جبهات إقليمية، في ظل تبادل القصف بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، واستهداف الحوثيين في اليمن لسفن في البحر الأحمر، وهجمات فصائل مسلحة ضد قواعد تضمّ قوات أميركية في العراق وسوريا.
وأعلن البنتاغون الأربعاء أنّ القوات الأميركية والبريطانية أسقطت 18 طائرة مسيّرة مفخّخة وصاروخين مجنّحين وصاروخاً بالستياً أطلقها الحوثيون مساء الثلاثاء باتّجاه مسارات شحن دولية في جنوب البحر الأحمر.
وقالت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) إنّ "الحوثيين المدعومين من إيران شنّوا هجوماً معقّداً بطائرات مسيّرة هجومية أحادية الاتّجاه إيرانية التصميم، وصواريخ كروز مضادّة للسفن، وصاروخ بالستي مضادّ للسفن"، مؤكدة إسقاط ما مجموعه 18 مسيّرة وصاروخا كروز وصاروخ بالستي من القوات الأميركية والبريطانية المنتشرة في المنطقة.
ولم يؤدّ الهجوم إلى إصابات أو أضرار.
وعلى الجبهة بين لبنان وإسرائيل، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي الثلاثاء إنه قام "بتصفية" علي برجي، موضحا أنه "قائد منطقة جنوب لبنان الجوية لحزب الله" ومسؤول عن عمليات استهدفت مواقع للجيش.
إلا أن الحزب الذي نعى أربعة من عناصره الثلاثاء، نفى في بيان "نفياً قاطعاً هذا الادّعاء الكاذب الذي لا صحة له على الإطلاق"، مؤكدا "أنّ الأخ المجاهد مسؤول وحدة المسيّرات في حزب الله لم يتعرّض بتاتًا إلى أي محاولة اغتيال كما ادّعى العدو".
- "كل أحلامنا راحت" -
في غضون ذلك، تحذّر المنظمات الدولية من كارثة صحية في غزة مع عدم تلقي القطاع سوى مساعدات نادرة رغم صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي في هذا الصدد.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء من أن قدرتها على تقديم المساعدات ودعم المستشفيات في قطاع "تتقلص".
ووصف عاملون في المنظمة مشاهد يائسة لمصابين بجروح خطرة بينهم أطفال، وهم يتوسلون للحصول على طعام في المستشفيات التي غادرها معظم الطواقم الصحية حفاظا على سلامتهم.
وصرح شون كيسي منسق فرق الطوارئ الطبية في منظمة الصحة للصحفيين في جنيف عبر رابط فيديو من قطاع غزة "نرى هذه الكارثة الإنسانية تتكشف أمام أعيننا"، محذّرا "نشهد انهيار النظام الصحي بوتيرة متسارعة".
ويعكس سكان القطاع صعوبة الأوضاع في ظل حرب طويلة انعكست عليهم نزوحا وتشردا ونقصا في أبسط مقومات العيش.
وقالت هديل شحاتة التي باتت تقيم في خيمة موقتة بمدينة رفح في جنوبي القطاع لفرانس برس "كل أحلامنا راحت... سنين راحت من عمرنا".
من جهته، قال إبراهيم سعدات "فقدنا الأمل... لا أمل في الوضع الذي نراه، خصوصا أن لا ماء ولا كهرباء".
وأضاف "من قلّة المياه بتنا نستحم مرة واحدة في الشهر وحالتنا النفسية تعبت وانتشرت الأمراض في كل مكان".
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: جیش الاحتلال الإسرائیلی تشرین الأول أکتوبر الضفة الغربیة فی القطاع قطاع غزة الحرب فی فی قطاع فی غزة
إقرأ أيضاً:
كيف سيؤثر سقوط الأسد وهدنة لبنان على حرب غزة؟
بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان بين حزب الله وإسرائيل في سياق تطورات كبيرة ومتسارعة تشهدها المنطقة تُطرح تساؤلات عن مصير الحرب الإسرائيلية على غزة والتأثيرات المحتملة على "محور المقاومة"، بما في ذلك المقاومة في فلسطين ولبنان وغيرهما.
ووفقا لآراء خبراء ومحللين سياسيين تحدثت إليهم الجزيرة نت، قد تسهم هذه التغيرات في تشكيل تحالفات إستراتيجية جديدة في المنطقة، مع تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على القضية الفلسطينية، سواء في غزة أو الضفة الغربية.
حرب غزةوبشأن تأثيرات هذه التغيرات في المنطقة على مسار الحرب بغزة، يستبعد الكاتب المصري والباحث في العلوم السياسية الدكتور خليل العناني أن تنتهي هذه الحرب، لأن الاحتلال يصر على البقاء هناك بشكل أو بآخر.
وأضاف العناني للجزيرة نت "قد نشهد توقفا مؤقتا نتيجة لضغوط داخلية وخارجية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن ما دام هناك احتلال هناك مقاومة"، وفق رأيه.
ويتابع "صحيح أن الظرف الإقليمي لا يبدو في صالح المقاومة، ولكن هذه أوضاع مؤقتة ومتغيرة ولن تحسم المعركة في المدى المنظور".
ويتفق الكاتب والخبير في الشأن الإسرائيلي سليمان بشارات مع العناني في توقعه باستمرار الحرب على غزة، مؤكدا للجزيرة نت أن ظلال هذه الحرب ستبقى موجودة إلى فترة تقدر بعام أو أكثر.
إعلانويوضح بشارات أن استمرار الحرب لا يعني بالضرورة شراسة القتال وضراوته بقدر أن تبقى تفاعلاتها، قائلا "حتى وإن وصلنا في مرحلة معينة لوقف تام للحرب على القطاع لكن ارتداداتها ستبقى حاضرة، والوجود الإسرائيلي في قطاع غزة سيبقى إلى حد ما حتى وإن كان ضمن تموضع في محاور معينة".
ويشير الخبير في الشأن الإسرائيلي إلى أن الوضع الإنساني الحالي في غزة وجرائم الإبادة والانتهاكات التي تمارسها إسرائيل ربما تفتح المجال أمام ضغوط كبيرة قد تمارس على مستوى قانوني وحقوقي، سواء على الولايات المتحدة أو حتى على بعض من الدول الإقليمية أو حتى على إسرائيل، وربما تفضي إلى تسوية سياسية على حساب الخيار العسكري.
بشارات: استمرار الحرب لا يعني بالضرورة شراسة القتال وضراوته بقدر أن تبقى تفاعلاتها (الجزيرة) إضعاف المقاومةومن ناحية أخرى، يقول أستاذ العلوم السياسية وحل النزاعات في الجامعة العربية الأميركية بجنين أيمن يوسف إن ما حدث في سوريا ولبنان مؤخرا ربما أضعف جبهة "المقاومة والممانعة" التي تقودها إيران.
ويتوقع يوسف في تصريحات للجزيرة نت أن تغيّر إيران سياساتها في المنطقة، ليس فقط تجاه لبنان وسوريا، بل وحتى تجاه غزة وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خاصة أن فصائل المقاومة تتلقى مساعدات من إيران، وبالتالي فإن عدم وجود مسار عسكري قوي تدعمه إيران يعني وجود مسار تفاوضي سياسي.
العناني: المقاومة الفلسطينية تعول على الحق المشروع في مقاومة المحتل الغاصب (الجزيرة)وفي السياق نفسه، يؤكد العناني أن سقوط نظام الأسد في سوريا شكّل خسارة كبيرة لإيران وحزب الله، وهو ما قد يفرض ضغوطا على المقاومة الفلسطينية بسبب علاقة الحزب بإيران.
ويتوقع أن تسعى إسرائيل وأميركا إلى الاستفادة من الوضع الجديد للضغط على حماس لتقديم تنازلات فيما يخص وقف إطلاق النار وصفقة الرهائن، مؤكدا أن هذا كله مؤقت ومرتبط بتوجهات الإدارة الجديدة في سوريا، وهل ستكون مع أو ضد المقاومة، وهذا أمر متروك للزمن، وفق تعبيره.
إعلانوبحسب الباحث المصري، فإن المقاومة الفلسطينية تعول على أمرين هما "الحق المشروع في مقاومة المحتل العنصري الغاصب، وهذه مسألة مهمة للغاية وتمثل ركيزة في نضالات الشعب الفلسطيني بمختلف أطيافه".
أما الأمر الآخر فهو التعويل على شعبية المقاومة، خاصة بين الشباب الذين يرفضون الاستسلام للاحتلال "وهو ما نرى تجسيده في الضفة الغربية وفي قدرة حماس على تجنيد أعضاء جدد رغم الحرب الدموية على القطاع".
بدوره، يشير أيمن يوسف يشير إلى أن هناك تراجعا واضحا في قوة المقاومة الفلسطينية، خاصة بعد استهداف القيادات العليا في حركة حماس، وفي الضفة الغربية تسعى السلطة الفلسطينية إلى إظهار قدرتها على ضبط الأوضاع الأمنية، مما يعزز دورها في ترتيبات إعادة إعمار غزة، لكن الانقسام الفلسطيني الداخلي يعقّد المشهد، خاصة مع اختلاف ترتيبات غزة عن الضفة.
مستقبل الضفةوثمة مخاوف أيضا من خطط إسرائيلية بشأن الضفة الغربية استغلالا للأوضاع الحالية، وهو ما يشير إليه بشارات بقوله "الاحتلال يسعى لتحويل وجوده في الضفة الغربية إلى صوره مماثلة لوضعه غزة، مما يمكنه من التمركز وبناء المستوطنات وتنفيذ عملياته الأمنية والعسكرية من دون قيود، مما يعيد مفهوم الاحتلال العسكري المباشر".
وأضاف بشارات أن الاحتلال يربط بين غزة والضفة في إطار صفقات سياسية محتملة من الممكن أن تشمل التنازل عن السيطرة الكاملة على غزة مقابل ضوء أخضر لضم الضفة الغربية واعتبارها امتدادا للدولة اليهودية، وهذا سيؤدي إلى القضاء على مشروع الدولة الفلسطينية بشكل كامل.
أما خليل العناني فلا يستبعد سقوط السلطة الفلسطينية "نتيجة فقدانها الشرعية وبسبب قمعها كتائب وحركات المقاومة في الضفة الغربية، وهو ما سينقلب عليها وقد يؤدي إلى انهيارها"، وفق تحليله.