تقود دولة الإمارات مشروع استئناف الحضارة العربية، واستنهاض همم أبنائها، وتحفيزهم على البحث العلمي والتطوير والإبداع في المجالات كافة.

وتمضي الإمارات قدما في هذا المشروع، استنادا إلى خبراتها الطويلة وتجربتها الناجحة في الجمع بين الحداثة والأصالة، وبين الارتقاء المادي والحفاظ على القيم والموروث والهوية الوطنية، وبين علمية مسيرة التنمية وإنسانيتها، التي أسهمت في بلوغها موقعا متقدما بين الأمم.


وأطلقت الإمارات خلال السنوات الماضية مجموعة من المبادرات والبرامج، التي تهدف إلى استنهاض الحضارة العربية، واستكشاف وتشجيع العقول والمواهب من أبناء الوطن العربي في المجالات كافة.
– مبادرة نوابغ العرب.
أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، مبادرة “نوابغ العرب”، بهدف تحديد أهم النوابغ العرب ورعايتهم وتمكينهم وتطوير أفكارهم، بالتعاون مع أفضل الشركاء العالميين، لتعظيم أثرهم الإيجابي في المنطقة.
وتترجم “نوابغ العرب” مساندة الابتكار والإبداع والتقدم العلمي والمعرفي والثقافي والفكري في الوطن العربي، إلى دعم ملموس يحتفي بهذه الفئة الفذة المؤثرة إيجاباً في محيطها والعالم.

وتهدف المبادرة إلى تكريم المتميزين في العالم العربي، وتسليط الضوء على أدوارهم الداعمة لاستئناف إسهام المنطقة العربية في الحضارة الإنسانية، وتقديم مختلف أشكال الدعم للمبدعين العرب، وتوسيع أثر إنجازاتهم محلياً وعربياً وعالمياً.
وشهدت دبي، يوم الإثنين الماضي، حفل تكريم الفائزين الستة بالدورة الأولى من جوائز مبادرة “نوابغ العرب”، وهم: الدكتور هاني نجم عن فئة الطب، والبروفيسور فاضل أديب عن فئة الهندسة والتكنولوجيا، والدكتور محمد العريان عن فئة الاقتصاد، والبروفيسورة نيفين خشاب عن فئة العلوم الطبيعية، والمعمارية لينا الغطمة عن فئة العمارة والتصميم، والبروفيسور واسيني الأعرج عن فئة الأدب والفنون.
– تحدي القراءة العربي.
يعد “تحدي القراءة العربي”، التظاهرة القرائية الأكبر من نوعها باللغة العربية على مستوى العالم، وأطلقت دورته الأولى في العام الدراسي 2015 – 2016، بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”.
ويهدف هذا المشروع التنويري المتميز، إلى تعزيز أهمية القراءة لدى الطلبة المشاركين على مستوى الوطن العربي والعالم، وترسيخ التحصيل العلمي والمعرفي ثقافة يومية في حياة الطلبة، وتطوير آليات الاستيعاب والتعبير عن الذات بلغة عربية سليمة، وصولاً إلى إثراء المحتوى المعرفي المتوفر باللغة العربية وتعزيز مكانتها لغة للفكر والعلم والبحث والإبداع.
كما يهدف إلى فتح الباب أمام الميدان التعليمي والآباء والأمهات في العالم العربي لتأدية دور محوري في تغيير واقع القراءة وغرس حبها في الأجيال الجديدة.
ويسعى التحدي إلى تعزيز أهمية القراءة المعرفية في بناء مهارات التعلم الذاتي، وبناء المنظومة القيمية للنشء عبر اطلاعهم على قيم وعادات ومعتقدات الثقافات الأخرى، وهو ما يرسخ مبادئ التسامح والتعايش وقبول الآخر.
وسجّل تحدي القراءة العربي في موسمه الأخير أرقاماً قياسية عبر مشاركة 24,8 مليون طالب وطالبة من 46 دولة عربية وأجنبية من 188 ألف مدرسة، بينهم 22,500 مشارك من أصحاب الهمم.
– مركز الشباب العربي.
كرس “مركز الشباب العربي”، الذي تأسس في فبراير2017 وتستضيفه العاصمة أبوظبي، موقع دولة الإمارات حاضنة رئيسة لتطلعات وطموح الشباب العربي ورعاية طاقاتهم وتشجيعهم على الابتكار والتسلح بالمعرفة والعلم.
وأطلق المركز خلال السنوات الماضية مجموعة من المبادرات والمشاريع، التي تعزز دور الشباب العربي الإيجابي في التنمية المستدامة بمجتمعاتهم، ومن بينها مبادرة “هاكاثون الشباب العربي” من أجل تحفيز الشباب على مشاركة أفكارهم وتقديم الحلول والمقترحات التي تخدم واقعنا اليوم، ومبادرة “سوق مشاريع الشباب العربي” وهو سوق إبداعي يعرض أفضل المشروعات الشبابية الرائدة في العالم العربي والأفكار المبتكرة والجديدة، بغرض ربطها مع المستثمرين لإيجاد التمويل لها، بالإضافة إلى مبادرة “حلول شبابية” وهي مسابقة مبتكرة، تمنح الفرص للشباب العربي لعرض ابتكاراتهم وحلولهم المختلفة لأبرز التحديات.
ومن البرامج المتميزة التي أطلقها المركز، “برنامج القيادات الدبلوماسية العربية الشابة”، الذي يهدف لتطوير قدرات دبلوماسية تخصصية لدى الشباب المشاركين، وإتاحة الفرصة أمامهم لعقد شراكات، وعلاقات تعاون وتبادل المعارف والخبرات.
وأنجز المركز مئات البحوث التي تضمنت دراسات وتقارير ترصد واقع الشباب العربي، وتستعرض أهم التوجهات المستقبلية حول سلوكيات الشباب وتطلعاتهم والبيانات حولهم، من بينها “بحث 100 سؤال عن الشباب العربي”، وهو كتيب يجمع حقائق عن الشباب العربي، عن طريق طرح “100 سؤال” يخص الشباب، و”تقرير الشباب العربي والاستدامة”، الذي يستهدف التركيز على إبراز دور الشباب العربي في دعم أهداف التنمية المستدامة، عبر تسليط الضوء على عدد من المبادرات.
– “مليون مبرمج عربي”.
أتاحت مبادرة “مليون مبرمج عربي”، إحدى مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية التي أشرفت عليها مؤسسة دبي للمستقبل منذ إطلاقها عام 2017، الفرصة لأكثر من مليون مبرمج عربي للتسجيل والمشاركة في المبادرة الأكبر من نوعها في المنطقة من أي مكان في العالم.

وجاء ذلك عبر منصة “يوداستي” التعليمية الرقمية المتخصصة في توفير المحتوى التعليمي الرقمي في مجالات التكنولوجيا المتقدمة المطلوبة في سوق العمل، مثل علوم البيانات والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والأمن الإلكتروني وتعلم الآلة، وغيرها.
ووفرت المنصة الفرصة لأكثر من مليون عربي من 80 دولة حول العالم تعلم البرمجة عبر خمسة ملايين ساعة دراسة وعمل، و76 ألف ورشة تدريبية، لتشمل المبادرة 100 ألف مشروع تخرُّج ناجح، و1500 منحة للمتفوقين، محدثةً نقلة نوعية في عالم التعلم الرقمي والبرمجة، وسد فجوات الأمية الرقمية لدى الشباب العربي، ممن سيؤثرون بشكل هائل في تقدم مجتمعاتهم، واستعادة المكانة الإنسانية والحضارية الرائدة للعالم العربي.
وفي حفل اختتام المبادرة في مايو 2022، تم الاحتفاء بدخول مليون مبرمج عربي إلى عالم الاقتصاد الرقمي، كما تم تكريم الفائز بالمركز الأول بتحدي مليون مبرمج عربي بجائزة قدرها مليون دولار، فيما حصل أصحاب المشروعات الخمسة الأفضل على جوائز بقيمة 50 ألف دولار لكل منهم، وتم تكريم أربعة من أفضل المدرّبين بجائزة قدرها 25 ألف دولار لكل مدرب.
– “نوابغ الفضاء العرب”.
أعلنت الإمارات في يوليو 2020 عن برنامج “نوابغ الفضاء العرب”، الذي تشرف عليه وكالة الإمارات للفضاء، بهدف احتضان ورعاية نخبة من أصحاب المواهب والكفاءات العلمية من شباب وشابات الوطن العربي لإعدادهم وتدريبهم في مجال علوم الفضاء وتقنياته، للمساهمة بخبراتهم وابتكاراتهم في رفد القطاع الفضائي في المنطقة والاستفادة من الآفاق المهنية والعلمية غير المحدودة لهذا القطاع في المستقبل، وتعزيز توجه مجتمعاتهم وأوطانهم لبناء اقتصاد معرفي قائم على الابتكار.

ويعد البرنامج الأول من نوعه في المنطقة لإعداد مواهب عربية متمكّنة، علمياً وعملياً، في مختلف تخصصات علوم الفضاء والأبحاث والتقنيات والمهام المرتبطة بها إلى جانب تأهيلهم للانضمام إلى سوق وظائف المستقبل، وإعدادهم لتسلم مواقع متقدمة في قطاع الصناعات الفضائية العربية، وكي يشكلوا من خلال إنجازاتهم وابتكاراتهم العلمية إضافة نوعية للمجتمع العلمي العالمي، بما يسهم في خدمة البشرية.
– الترجمة.
أطلقت دولة الإمارات أكبر حركة ترجمة علمية على المستوى العربي، للنهوض بالعمل الثقافي العربي وانفتاحه على ثقافات العالم ومعارفه المختلفة.
وتأخذ الإمارات على عاتقها مهمة إثراء المكتبة العربية بأفضل ما قدّمه الفكر العالمي من أعمال، عبر ترجمتها إلى “العربية”، إضافة إلى إبراز الوجه الحضاري للأمة عبر ترجمة أبرز الإبداعات العربية إلى لغات العالم.
ويعد “تحدي الترجمة” الذي أطلقته الإمارات في سبتمبر 2017، أحد أبرز مبادرات الترجمة التي تهدف إلى توفير محتوى تعليمي شامل ومتكامل في مجالي العلوم والرياضيات، باعتبارهما من أهم روافد التطور الحضاري.
ونجح التحدي في تعريب 5000 فيديو تعليمي، وذلك بواقع 11 مليوناً و207 آلاف كلمة، وبمعدّل 500 فيديو شهرياً، وبإجمالي عدد دقائق يُقدَّر بنحو 50 ألف دقيقة من مونتاج الفيديوهات التي توفر حصصاً تعليمية تتناول مساقات مختلفة ضمن مواد العلوم، وفق خطة تعريب مدروسة تراعي الاحتياجات التعليمية للطلبة العرب في شتّى المراحل الدراسية.
بدورها، تتولى مبادرة “كلمة” منذ عام 2007، مهمة إحياء حركة الترجمة في العالم العربي، ودعم الحراك الثقافي الفاعل الذي تشهده أبوظبي، للمساهمة بدورها في خارطةِ المشهدِ الثقافي الإقليمي والدولي، من أجل تأسيس نهضة علمية ثقافية عربية تشمل مختلف فروع المعرفة البشرية، وقد ترجمت “كلمة” آلاف الكتب من أهم المؤلفات العالمية الكلاسيكية والحديثة والمعاصرة من مختلف دول العالم إلى اللغة العربية.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: فی العالم العربی الشباب العربی الوطن العربی نوابغ العرب فی المنطقة عن فئة

إقرأ أيضاً:

الحضور العربي في سوريا يؤسس للتوازن الإقليمي

كتب سميح صعب في" النهار": برز الإثنين تقاطر وفود سعودية وأردنية وقطرية واول اتصال إماراتي مع دمشق في مرحلة ما بعد بشار الأسد. التوجه العربي إلى سوريا، أتى بعد زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ومن قبل رئيس الاستخبارات ابراهیم کالین.

لا جدال في أن تركيا هي المنتصر الأول في سوريا، وفي المقابل، هناك إسرائيل التي وسعت رقعة احتلالها للأراضي السورية.

وبين وقوف نتنياهو على قمة جبل الشيخ ووقوف فيدان على قمة جبل قاسيون المطل على دمشق، يتأكد احتدام الصراع التركي - الإسرائيلي على سوريا الجديدة. هنا يبرز السؤال عن دور العرب مجدداً. في الأعوام السابقة ملأت إيران وروسيا  الفراغ العربي، فهل تترك سوريا مجدداً للنفوذين التركي والإسرائيلي ومن خلفه النفوذ الأميركي ؟ حصل في السابق أن تخلى العرب عن العراق، الذي بات ساحة لصراع النفوذين الأميركي والإيراني. وعندما بدأ العرب بالعودة إلى بغداد في الأعوام الأخيرة تغير المشهد، وتمكن العراق من أن يكون لاعباً في التقريب بين إيران ودول الخليج.

سوريا تتقاسمها الآن تركيا وإسرائيل والولايات المتحدة، وهي دول تطمح إلى وراثة إيران وروسيا، حتى ولو أدى ذلك إلى تغيير في معالم الخريطة السورية.
 
الحضور العربي في دمشق يمكن أن يحد من اندفاعة القوى الثلاث لجعل سوريا ساحة للنفوذ والصراعات، ويعيد التذكير بأن سوريا هي دولة عربية محورية، وبأن ابتعادها عن الدول العربية تسبب لها في الماضي بالكثير من الأضرار وصولاً إلى الحرب الأهلية في 2011.

ربما تكون سوريا دفعت ثمن علاقاتها الاستراتيجية التي أقامتها مع إيران على مدى 40 عاماً. ولذلك يجب ألا تدفع الآن ثمن اندفاع استراتيجي نحو تركيا، على رغم أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إن بلاده لا تعتزم أن تشكل "إيران" سنية" في سوريا. ويقع على عاتق الدول العربية أن تكون حاضرة اليوم في قلب المشهد السوري الانتقالي، وأن لا تترك تركيا تقوم بدور الوصي على دمشق، وأن تلعب دورا في الضغط على الولايات المتحدة لمنع إسرائيل من اللعب بالجغرافيا السورية باطلاق ذرائع وحجج تتعلق بالأمن. وهناك فرصة نادرة لاستعادة سوريا إلى الحضن العربي والحد من طموحات الآخرين، لا سيما أن العرب يملكون امكانات هائلة لتوظيفها في سوريا الجديدة وفي إعادة الإعمار.تدل تجربة العراق على أن الانسحاب العربي كان سبباً في معاناة العراقيين لسنوات، بينما ساهم انفتاح بغداد على الجوار في ترسيخ الاستقرار والعودة بفوائد سياسية واقتصادية على بغداد، التي باتت محور الاتصالات في الإقليم بالاستناد إلى سياسة متوازنة. وسوريا الجديدة يمكن أن تقوم بالدور ذاته.  
 

مقالات مشابهة

  • جولة وزارية تفقدية لتقييم الأداء وتطوير البرامج الرياضية بسيناء
  • ضمن خطوات الثقافة لنشر التراث.. ليلة في حب أم كلثوم لمواهب الأوبرا بمعهد الموسيقى العربية
  • وزير الشباب الإماراتي السلطان النيادي يشيد بالتزام مصر برعاية المواهب
  • الإمارات تستشرف المستقبل بمبادرات استراتيجية تعزز نهضتها التنموية
  • حصاد 2024... الإمارات تستشرف المستقبل بمبادرات استراتيجية تعزز نهضتها التنموية
  • حصاد 2024.. الإمارات تستشرف المستقبل بمبادرات تعزز النهضة التنموية
  • الحضور العربي في سوريا يؤسس للتوازن الإقليمي
  • تامنصورت المدينة النموذجية التي أبعدوها عن الحضارة بسبب التهميش المتعمد من شركة العمران بجهة مراكش
  • مجلس الشباب العربي للتغير المناخي يطلق تقرير “تمكين أصوات الشباب في سياسة المناخ العربية”
  • الغرف العربية: البحث العلمي مفتاح التنمية المستدامة في العالم العربي