هكذا تدخل آلاف المواد البلاستيكية النانوية بالمياه المعبأة إلى خلايا الجسم
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- اكتشف الباحثون في دراسة جديدة أنّ المياه المعبأة التي تُباع في المتاجر قد تحتوي على قطع من البلاستيك بمعدل 10 إلى 100 مرة أكثر ممّا كان مقدرّا سابقًا، وهي جسيمات نانوية متناهية الصغر لا يمكن رؤيتها تحت المجهر.
وأوضح الخبراء أنّ المواد البلاستيكية النانوية، التي يبلغ طولها 1000 جزء من متوسط عرض شعرة الإنسان، صغيرة جدًا بحيث يمكنها الانتقال عبر أنسجة الجهاز الهضمي أو الرئتين إلى مجرى الدم، لتوزيع مواد كيميائية اصطناعية قد تكون ضارة في خلايا الجسم.
وكشفت الدراسة الجديدة عن أن لتر واحد من الماء، أي ما يعادل عبوتَين من المياه المعبّأة في قناني بلاستيكية ذات حجم قياسي، يحتوي، كمعدل وسطي، على 240 ألف جزيء بلاستيكي من سبعة أنواع من البلاستيك.
وذكرت الدراسة أنه تم تحديد 90٪ منها على أنها مواد بلاستيكية نانوية، فيما الباقي عبارة عن مواد بلاستيكية دقيقة.
والمواد البلاستيكية الدقيقة عبارة عن شظايا بوليمر قد يتراوح حجمها بين أقل من 0.2 بوصة (5 ملمترات) و1/25000 من البوصة (1 ميكرومتر). وأي شيء أصغر هو عبارة عن بلاستيك نانوي يجب قياسه بجزء من مليار من المتر.
وعلّقت شيري "سام" ماسون، مديرة الاستدامة في جامعة بين ستايت بيرند في إيري بولاية بنسلفانيا، غير المشاركة في الدراسة أنّ هذا البحث مثير جدًا للإعجاب، والعمل الذي أنجزوه كان عميقًا جدًا، وغير مسبوق.
ولفتت ماسون إلى أنّ الاكتشاف الجديد يعزّز نصيحة الخبراء القديمة بشرب مياه الصنبور من الزجاج أو الأوعية المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ لتقليل التعرّض. وأضافت أن هذه النصيحة تشمل الأطعمة والمشروبات الأخرى المعبأة بالبلاستيك أيضًا.
وأضافت: "لا يعتقد الناس أن البلاستيك ينفصل، لكن الأمر كذلك". وأوضحت: "يتخلّص البلاستيك باستمرار من الأجزاء الصغيرة التي تتكسّر، كما هي الحال عندما تفتح علبة السلطة المصنوعة من البلاستيك التي اشتريتها من المتجر أو الجبن الملفوف بالبلاستيك".
كم عدد المواد البلاستيكية النانوية الموجودة؟وشاركت ماسون في تأليف دراسة وضعت عام 2018، وكشفت لأول مرة عن وجود المواد البلاستيكية الدقيقة والنانوية في 93% من عينات المياه المعبأة التي تبيعها 11 علامة تجارية مختلفة في تسعة بلدان.
وفي تلك الدراسة السابقة، وجدت ماسون أن كل لتر من الماء الملوث يحتوي في المتوسط على 10 جزيئات بلاستيكية تفوق عرض شعرة الإنسان، إلى جانب 300 جزيء أصغر. لكن قبل خمس سنوات، لم يكن ثمة طريقة لتحليل تلك البقع الصغيرة أو اكتشاف ما إذا كان هناك المزيد.
وأشارت إلى أن "الأمر لا علاقة له بأننا لم نكن نعلم بوجود المواد البلاستيكية، لكننا لم نتمكن من تحليلها".
وفي الدراسة الجديدة، التي نُشرت في مجلة "Proceedings of the National Academy of Sciences"، الإثنين، قدم باحثون من جامعة كولومبيا تقنية جديدة يمكنها رؤية، وحساب، وتحليل التركيب الكيميائي للجسيمات النانوية في المياه المعبأة بعبوات بلاستيكية.
وبدلاً من 300 قطعة لكل لتر، وجد الفريق الذي يقف وراء الدراسة الأخيرة أن العدد الفعلي للقطع البلاستيكية في ثلاث علامات تجارية مشهورة للمياه تُباع في الولايات المتحدة، يتراوح بين 110 و370 ألف، إن لم يكن أعلى.
وقال بيزان يان، المؤلف المشارك والكيميائي البيئي، والأستاذ الباحث المساعد في مرصد "لامونت دوهرتي للأرض" بجامعة كولومبيا، إن التكنولوجيا الجديدة كانت في الواقع قادرة على رؤية ملايين الجسيمات النانوية في الماء، التي يمكن أن تكون "جسيمات نانوية غير عضوية، وجزيئات عضوية، وبعض الجزيئات البلاستيكية الأخرى ليست بين أنواع البلاستيك السبعة الرئيسية التي درسناها",
وأوضحت جين هوليهان، مديرة الأبحاث لدى منظمة "Healthy Babies Bright Furures"، وهي تحالف من المنظمات غير الربحية، والعلماء، والمانحين الملتزمين بالحدّ من تعرّض الأطفال للمواد الكيميائية السامة للأعصاب أن التقنيات الجديدة المبتكرة المقدمة في الدراسة تفتح الباب أمام مزيد من البحث لفهم المخاطر المحتملة على صحة الإنسان بشكل أفضل.
وأشارت هوليهان في حديثها مع CNN إلى أن "الإنسان يتعرّض على نطاق واسع لجزيئات بلاستيكية صغيرة تشكل مخاطر غير مدروسة. قد يواجه الرضع والأطفال الصغار أكبر المخاطر، لأن أدمغتهم وأجسامهم النامية غالبًا ما تكون أكثر عرضة للتأثيرات الناجمة عن التعرض للسموم".
مخاطر على صحة الإنسانوقال الخبراء إنّ المواد البلاستيكية النانوية تعتبر أكثر أنواع التلوث البلاستيكي إثارة للقلق على صحة الإنسان، وذلك لأنّ الجزيئات الصغيرة يمكن أن تغزو الخلايا والأنسجة الفردية في الأعضاء الرئيسية، ما قد يؤدي إلى عرقلة العمليات الخلوية، وترسب مواد كيميائية يخل بعمل الغدد الصماء مثل البيسفينول، والفثالات، ومثبطات اللهب، والمواد المتعددة الفلور أو PFAS، والمعادن الثقيلة.
وأضافت ماسون أنه "يتم استخدام كل هذه المواد الكيميائية في تصنيع البلاستيك، لذلك إذا شق البلاستيك طريقه إلينا، فإنه يحمل معه تلك المواد الكيميائية"، لافتة إلى أن درجة حرارة الجسم أعلى من الخارج، ما يتسبب بخروج هذه المواد الكيميائية من البلاستيك ودخولها في أجسامنا.
وأشارت ماسون إلى أنه "يمكن أن تنتقل المواد الكيميائية إلى الكبد، والكلية، والدماغ، بل وتشق طريقها عبر حدود المشيمة، وتنتهي لدى الجنين".
وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة فيبي ستابلتون، وهي أستاذة مساعدة في علم الصيدلة، وعلم الأحياء، وعلم السموم بكلية إرنست ماريو للصيدلة في جامعة روتجرز في بيسكاتواي، بولاية نيو جيرسي الأمريكية، إنّ الباحثين وجدوا في الدراسات التي أجريت على الفئران الحوامل، مواد كيميائية بلاستيكية في الدماغ، والقلب، والكبد، والكلى، والرئتين، للجنين النامي بعد 24 ساعة من تناول الأم الحامل أو تنفسها لجزيئات بلاستيكية.
وأشارت ستابلتون إلى أنه "تم العثور على مواد بلاستيكية دقيقة ونانوية في المشيمة البشرية في هذه المرحلة، مضيفة أنه "تم العثور عليها في أنسجة الرئة البشرية. وتمّ العثور عليها في البراز البشري. لقد تم العثور عليها في دم الإنسان".
وبالإضافة إلى المواد الكيميائية والمعادن السامة التي قد يحملها البلاستيك، هناك مجال آخر غير مدروس نسبيًا حول ما إذا كان البوليمر البلاستيكي نفسه يضر بالجسم أيضًا.
وأوضحت ماسون أنّ "الحدود الجديدة في مجال البلاستيك هي فهم البوليمرات، أي الجزء البلاستيكي من البلاستيك. لقد كانت قدرتنا محدودة للغاية على فهم الأثر المحتمل للبوليمرات على صحة الإنسان لأننا لم نتمكن من اكتشافه في هذا المستوى. والآن، ومع هذه المقاربة الجديدة، ستكون لدينا القدرة على البدء في القيام بذلك".
ترتبط الطريقة الجديدة للدراسة بتحديد الجسيمات النانوية في المياه المعبأة بنسخة معدلة من تحليل رامان الطيفي، وهي تقنية تعتمد على الليزر يمكنها تحليل التركيب الكيميائي للخلايا عن طريق قياس كيفية اهتزاز الجزيئات استجابة للضوء.
وقال المؤلف الرئيسي وي مين، وهو أستاذ الكيمياء في جامعة كولومبيا، إن النسخة المعدلة، التي تُسمى مجهر رامان المحفز، أو SRS، "تضيف ليزرًا ثانيًا لتضخيم الإشارة السابقة من حيث الحجم، مما يسمح باكتشاف الجسيمات النانوية غير المعروفة سابقًا".
نشر الأربعاء، 10 يناير / كانون الثاني 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: المواد الکیمیائیة على صحة الإنسان المیاه المعبأة من البلاستیک النانویة فی فی الدراسة إلى أن
إقرأ أيضاً:
«الكرفانات» تدخل غزة.. مصر تُحبط مخطط التهجير عمليا
أدخلت السلطات المصرية بشمال سيناء الدفعة الأولى من الشاحنات المحملة بالمنازل المجهزة المتنقلة «الكرفانات»، من معبر رفح متجهة إلى معبر كرم أبو سالم جنوب مدينة رفح، لنقلها إلى قطاع غزة، وذلك ضمن الجهود المصرية المستمرة لدعم الأشقاء الفلسطينيين وتوفير حلول عاجلة للأزمة الإنسانية التي يواجهها سكان القطاع.
يأتي إدخال هذه البيوت المتنقلة في إطار الاستجابة المصرية السريعة لاحتياجات النازحين والمتضررين، حيث تسهم في توفير مساكن بديلة للعائلات التي فقدت منازلها نتيجة الأوضاع الراهنة. لحين البدء في إعمار غزة وفقا للخطة المصرية.
وأكد اللواء دكتور خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، دخول الدفعة الأولى من المنازل الجاهزة إلى قطاع غزة، لافتًا إلى أن بنود الاتفاق الموقع بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يشمل إدخال 60 ألف منزل جاهز و200 ألف خيمة ومعدات ثقيلة، وذلك طبقًا للمرحلتين الأولى والثانية من الاتفاق.
وأكد مصدر مسؤول في معبر رفح أن مصر تعمل على تسهيل دخول المساعدات المتنوعة، بما في ذلك شاحنات المواد الغذائية والإغاثية، بالإضافة إلى البيوت المتنقلة، ولوادر لرفع الأنقاض وفتح الطرق لضمان توفير الاحتياجات الأساسية لسكان غزة.
وأشار إلى أن دخول هذه المساعدات يتم وفق إجراءات تنظيمية دقيقة تشمل تسجيلها وتصنيفها قبل نقلها إلى الداخل الفلسطيني بالتنسيق مع الجهات المعنية.
وفي سياق متصل، تواصل مصر إرسال القوافل الإغاثية عبر معبر رفح، حيث بلغ إجمالي عدد شاحنات المساعدات التي دخلت غزة منذ بداية الهدنة أكثر من 7 آلاف شاحنة، محملة بأكثر من 130 ألف طن من المساعدات المتنوعة، إلى جانب أكثر من 20 ألف خيمة تم إرسالها عبر المعابر المصرية لتوفير مأوى للنازحين.
كما تستمر مصر في استقبال المصابين الفلسطينيين للعلاج في مستشفياتها، ضمن منظومة طبية متكاملة تشمل مستشفيات العريش والشيخ زويد والإسماعيلية والقاهرة، لضمان تقديم الرعاية الطبية اللازمة للحالات الحرجة.
وتعكس هذه الجهود الدور الإنساني المحوري الذي تقوم به مصر في دعم القضية الفلسطينية، سواء من خلال توفير المساعدات المباشرة أو عبر التنسيق المستمر مع المنظمات الإغاثية والدولية لضمان استمرارية تدفق الدعم لسكان غزة.
اقرأ أيضاً« خبير استراتيجي»: تكلفة إعادة إعمار غزة تصل إلى 35 مليار دولار.. فيديو
غدا انطلاق الجولة الثالثة لحملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة
«السيسي» جدد موقفه برفض التهجير.. مصطفى بكري يكشف خطة مصر لإعادة إعمار غزة «فيديو»