بريطانيا تكرر: تصدينا لأكبر هجوم حوثي منذ حرب غزة
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
بعد التأكيدات الأميركية حول إحباط هجوم حوثي كبير في البحر الأحمر، أكدت بريطانيا الأمر عينه. وشدد وزير الدفاع البريطاني، جرانت شابس، على أن استمرار هجمات الحوثيين أمر غير مقبول إطلاقا. الأكبر حتى الآن
كما قال، اليوم الأربعاء، إن القوات البحرية البريطانية والأميركية «صدت أكبر هجوم للحوثيين المدعومين من إيران في البحر الأحمر حتى الآن»، منذ الحرب التي اندلعت في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر.
ومنذ تفجر الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر 2023، بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، شن الحوثيون عشرات الهجمات ضد سفن تجارية متجهة نحو إسرائيل أو تعود ملكيتها لإسرائيل، بحسب زعمهم، معلنين أن خطواتهم هذه تأتي مؤازرة للقطاع الفلسطيني المحاصر واحتجاجاً على الحرب. فقد سجل منذ 19 نوفمبر الماضي (2023) عشرات الهجمات الحوثية في هذا الممر المائي المهم عالمياً. كما تعهد الحوثيون بمواصلة الهجمات إلى أن توقف إسرائيل غاراتها العنيفة على غزة، وحذروا من أنهم سيهاجمون السفن الحربية الأميركية إذا تعرضوا للاستهداف. ما دفع الولايات المتحدة إلى الإعلان يوم 18 ديسمبر، عن تأسيس تحالف عسكري بحري متعدد الجنسيات، تحت اسم «حارس الازدهار» بهدف التصدي لتلك الهجمات التي تستهدف سلامة الملاحة البحرية الدولية. أتت تلك الخطوة الأميركية وسط توتر إقليمي عام جراء حرب غزة واستنفار العديد من المجموعات المسلحة في عدة بلدان، لاسيما في العراق وسوريا، حيث سجلت عدة هجمات على قواعد أميركية من قبل فصائل مسلحة موالية لإيران، فضلا عن استنفار حزب الله في لبنان بمواجهة القوات الإسرائيلية.
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
إقرأ أيضاً:
الإسلاميون والجيش واستراتيجية المليشيات: أدوات السيطرة التي تهدد مستقبل السودان
في الأسابيع الأخيرة، ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي أخبار عن تأسيس مليشيات جديدة للقتال بجانب الجيش مثل الأورطة الشرقية، حركة تحرير الجزيرة، تيار شباب البجا، وغيرها. قبل الحرب أيضاً وبذرائع مختلفة كالمطالبة بالحقوق والتمثيل في السلطة، وعدم حصول مناطق على إمتيازات أو تجاهلها في إتفاق جوبا وغيرها، تم تأسيس مليشيات مثل قوات درع البطانة، درع الوطن، وقوات كيان الوطن، تحت بصر وسمع الأجهزة العسكرية والأمنية، وفي الغالب هذه الأجهزة هي من أسست هذه المليشيات، مما يدل على أن استراتيجية الجيش والإسلاميين الرئيسية هي تأسيس واستخدام المليشيات، سواء التي أسسها الجيش أو التي تحالفت معه، بما في ذلك تلك المرتبطة بالإسلاميين كالبراء بن مالك. هذه المليشيات استخدمت قبل الحرب لإشاعة الفوضى ولتهديد قوى الثورة المدنية بالحرب، ولإشاعة حالة من الضعف الأمني. بعد إندلاع الحرب تستخدم هذه التشكيلات للقتال ضد مليشيا الدعم السريع. وللمفارقة العجيبة، فإن قوات درع الوطن بقيادة كيكل كانت قد إنضمت للدعم السريع وتسببت في إجتياح مدني وسنجة وغيرها وسقوطها في قبضة مليشيا الدعم السريع، ثم قبل أسابيع عاد كيكل بعدد قليل من هذه القوات وإنضم للجيش كمليشيا شبه مستقلة تحت اسم درع البطانة وليست تحت سيطرة الجيش بالكامل وإن تم الإدعاء بغير ذلك.
في بعض الأحيان، تُستخدم هذه المليشيات كأداة ضغط سياسي، وربما لاحقاً عسكري، كما يحدث حالياً في مطالبة ما يسمى تيار شباب البجا بإخراج مليشيات العدل والمساواة وتحرير السودان من ولايات الشرق. تُستخدم هذه المليشيات الآن لإنهاء الحرب والإنتصار على مليشيا الدعم السريع، على حساب استقرار الدولة ومستقبلها.
يناقش هذا المقال لماذا يرفض الجيش والإسلاميون دمج أو ضم، ولو مؤقتاً، كل التشكيلات والأفراد الراغبين في القتال ضد مليشيا الدعم السريع في الجيش، وماهي أسباب استخدامهم لاستراتيجية المليشيات وتأثيرها على مستقبل السودان.
أسباب استخدام المليشيات
إحدى الأسباب الرئيسية وراء الاعتماد على هذه المليشيات، وربما السبب الرئيسي، هو الخشية من صعود تيار داخل الجيش بعد إنضمام فئات مختلفة من الشعب للقتال معه، قد ينحاز إلى مطالب الشعب السوداني التي عبرت عنها ثورة ديسمبر. هذه الخشية تُفسر رفض الجيش والإسلاميين لانضمام الكثير من العسكريين المفصولين أو المعاشيين إلى صفوف الجيش في الحرب الحالية، حيث يرون أن هؤلاء قد يشكلون تياراً مناهضاً لهم وقد يصبح لهم صوت ووزن داخل الجيش، وربما أصبحوا أداة للتغيير السياسي خارج سيطرتهم. كذلك قتال هذه التشكيلات هذه بجانب الجيش بشكل شبه مستقل بعيداً عن سيطرة الجيش الكاملة عليها، يطرح تساؤلاً بشأن دور هذه المليشيات بعد الحرب وقابلية استخدامها للتمكن من السلطة، أو للحصول على إمتيازات سياسية، أو لقمع الشعب والقوى السياسية.
وفي الوضع الإقتصادي الحالي، فإن تشكيل المليشيات يُعتبر أقل تعقيداً وأقل تكلفة من تدريب الجنود وفق المعايير النظامية. هذه التشكيلات المسلحة تعتمد غالباً على دعم مالي ولوجستي من قنوات غير رسمية كالدعم الشعبي، ولكن مثلاً يتحدث العديد من المواطنين عن كثرة الإرتكازات الأمنية والمطالبة بالرسوم من المركبات العابرة وغيرها من الظواهر. هذا الشكل من التمويل يقلل من الأعباء المباشرة والإلتزامات المالية على القيادة العسكرية والسياسية. كما أن الإرث التاريخي للمليشيات، الذي يعود إلى نزاعات السودان الطويلة، جعلها أداة مفضلة لتحقيق السيطرة وتقسيم القوى داخل الدولة.
التحديات الناجمة عن المليشيات
هذا النهج يمثل خطراً كبيراً على مستقبل السودان. وجود المليشيات يضعف المؤسسات الوطنية ويؤدي إلى ازدواجية السلطة، ويعيق الإلتزام بالقوانين وتطبيقها. كما أن الغالب في تكوين هذه المليشيات أنه على أسس قبلية وإثنية أو مناطقية مما يزيد من التوترات الاجتماعية ويخلق صراعات محلية طويلة الأمد، تهدد الوحدة الوطنية. تزايد هذه التوترات يؤدي إلى إضعاف التماسك المجتمعي ويعيق إنتصار الجيش نفسه، ويزيد من تعقيد أي جهود للوصول إلى تسوية سياسية.
الاعتماد على المليشيات يؤدي إلى إضعاف الجيش النظامي، حيث تصبح هذه التشكيلات بديلاً غير منضبط للقوة الرسمية، مما يقوض فعالية الجيش ويهدد تماسكه. بالإضافة إلى ذلك، التمويل المالي لهذه المليشيات لاحقاً سيعتمد غالباً على السيطرة على الموارد وربما النهب، مما يؤدي إلى استنزاف الاقتصاد وتعطيل التنمية كما حدث في حالة مليشيا الدعم السريع. كما أن انعدام الأمن الناتج عن نشاطها يفتح الباب لممارسات كالتهريب والأنشطة غير المشروعة، ويعوق الاقتصاد ويزيد من الأزمات المعيشية.
الدور الخارجي والتدخلات الإقليمية
تدخل القوى الخارجية لدعم هذه المليشيات يضيف حلقة أخرى من التعقيد، ويحول السودان إلى ساحة صراعات إقليمية ودولية. وفي تناقض غريب، ورد أن الأورطة الشرقية ومليشيات أخرى قد تم تدريبها في إريتريا، حيث بدأت مليشيا الدعم السريع كقوة محلية ثم طورت علاقات خارجية لتصبح مستقلة عن الدولة، ما يعكس إمكانية تحول هذه المليشيات إلى كيانات ذات علاقات خارجية معقدة وربما تصبح تحت سيطرة خارجية. هذه العلاقات تُعقد أي محاولة لفرض السيادة الوطنية وقد تؤدي إلى فقدان القدرة على التحكم في الأراضي والموارد الوطنية.
على المدى الطويل، تُعرف المليشيات باستخدامها للعنف المفرط وغير المنضبط، مما يؤدي إلى تصاعد الانتهاكات وزيادة الفوضى. هذا الوضع يجعل الإنتصار الشامل أو تحقيق السلام أمراً صعباً، حيث تصبح هذه التشكيلات المسلحة عقبة رئيسية أمام أي حل. حتى في حال الإنتصار الكامل للجيش، فقد تتغير أهداف المليشيات مع مرور الزمن وقد تستخدمها أطراف خارحية كما حدث مع الدعم السريع، مما يهدد استقرار الوضع حتى بعد انتهاء الصراع العسكري.
التحديات في المستقبل: تفكيك المليشيات ودمجها في الجيش
حتى إذا تحقق إنتصار كامل للجيش على مليشيا الدعم السريع وهو أمر مستبعد في الظرف الحالي، أو تم التوصل إلى اتفاق سلام، فإن تفكيك المليشيات أو دمجها في الجيش يمثل تحدياً كبيراً، كما أظهرت تجارب دول أخرى في المنطقة مثل الصومال وليبيا. منذ بداية التسعينات، واجهت الصومال صراعاً طويل الأمد بسبب وجود المليشيات المسلحة التي دعمتها قوى خارجية مختلفة، مما أدى إلى انهيار الدولة وتفككها إلى مناطق سيطرة متعددة. وبعد أكثر من ٣٥ عام على إندلاع الحرب في الصومال لا تزال المليشيات تستخدَم في صراعات محلية ودولية، مما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار المستمر والتدخلات العسكرية الإقليمية والدولية. في ليبيا، تسببت المليشيات المدعومة خارجياً في تمزيق الدولة إلى كيانات متناحرة على السلطة. فإن كان قرار الجيش والإسلاميين أنهم لن يذهبوا لإتفاق مطلقاً، فالأفضل لمستقبل السودان أن يكون كل المقاتلين تحت القوات المسلحة فعلياً والإبتعاد عن استراتيجية المليشيات هذه.
في النهاية، الاعتماد على استراتيجية المليشيات يعكس ضعف الفكر وعدم قدرة قادة النظام السياسي والعسكري الحالي في السودان على التعلم من التجارب الذاتية والخارجية، وعدم الاكتراث لأرواح السودانيين. إن تحقيق السيطرة الآنية باستخدام المليشيات، وإن حدثت وهي مستبعدة في الظرف الحالي، على حساب الاستقرار الوطني لن يحقق الأمن المستدام، بل يقود السودان نحو التفتت والانقسام، مع تداعيات كارثية على الشعب السوداني لعقود قادمة. الحلول الحقيقية تكمن في بناء مؤسسات قوية، والبدء بإصلاح الجيش إلى مؤسسة مهنية ذات عقيدة وطنية تمثل كل السودانيين الآن وأثناء هذه الحرب.
mkaawadalla@yahoo.com
محمد خالد