رغم أن المتمردين يرتكبون كل أنواع الجرائم والمخالفات، ورغم أن موقفهم الأخلاقي في غاية السوء إلا أنهم أفضل نسبياً من جماعة قحت، فالقحاطي في هذه الحرب هو أداة تجميل وتبرير وشرعنة وتطبيع وتعايش مع الإجرام والمخالفات والعيوب، هو دعامي أقل خجلاً وأكثر تبجحاً، وقائمة الإثباتات لهذا طويلة، من ببنها :
▪️ يتجنب المتمردون الحديث عن ارتباطاتهم بالخارج، ولا يلمحون مجرد تلميح إلى استقوائهم بها، وذلك لعلمهم بأن ذلك سيشكل فضيحةً لأنه بمثابة اعتراف بالتبعية .
▪️ يعلم المتمردون أن الاستعانة بالمرتزقة الأجانب إن أفادتهم ميدانياً، فستضر بهم سياسياً، ولهذا ينفون هذه الاستعانة، لكن جماعة المركزي – ممثلين برشا عوض وغيرها – يتجنبون كلمة المرتزقة بمحمولها السلبي ويقولون ( ولهم ارتباطات عابرة للحدود تأتي لهم بمدد من المقاتلين ) أيضاً في معرض احصائهم لعناصر قوة الميليشيا التي تفرض الاعتراف بها والتفاوض معها وتلبية مطالبها !!
▪️ يتبرأ المتمردون من احتلال البيوت ويحاولون إلصاقها بخصومهم، ولا يبحثون عن تبريرات لها، ولا يخوضون في شروط خروجهم منها، ولا يعترفون بأنهم يريدون استخدامها ككرت تفاوضي ، وذلك لعلمهم بأنها جريمة غير قابلة للتبرير، وأن الشروط فضيحة إضافية، وأن الاستخدام ككرت تفاوضي هو أم الفضائح .. لكن جماعة المركزي يجتهدون في اصطناع التبريرات، وفي وضع الشروط، وفي رهن الإخلاء بالتفاوض الجديد الذي يحقق للمتمردين مكاسب غير ذلك التفاوض الإنساني البحت الذي قضى بخروجهم منها بلا مقابل !!
▪️ جماعة المركزي، لا الدعم السريع، هم الذين استخدموا العدد الأكبر من الحيل الهادفة للتغطية على الجرائم الممنهجة واسعة النطاق : استخدام قاموس خاص يجهِّل الفاعل ( “زعمت” وأخواتها )، تجاهل بعض الجرائم، التهوين من بعضها، تبرير بعضها، توزيع بعضها بين الطرفين، تحويل بعضها للطرف الآخر، تخصيص الطرف الآخر بجرائم كثيرة وتضخيمها، والطرق الكثير عليها، ومع كل هذه الحيل يبقى هناك فائض إجرام لا يستطيعون تجنب إدانته، فيجترحون الإدانة المتأخرة الباردة الباهتة منزوعة الدسم التي لا ينبني عليها موقف ولا ترضي الضحايا ولا تزعج الجلادين ولا تهدد متانة التحالف !!
▪️ يتجنب المتمردون المطالبة، بشكل صريح ومباشر، بدور سياسي، وذلك حتى لا تتناقض هذه المطالبة مع محاولاتهم لإثبات أنهم يؤمنون بالمدنية الكاملة وخروج كل العسكريين من العمل السياسي .. لكن جماعة المركزي – ممثلين بطه عثمان اسحاق والحاج وراق وغيره – يتحدثون عن استثناء خاص للدعم السريع يعطيه الحق في ممارسة السياسة !!
▪️ عملياً يستخدم المتمردون قبائلهم للتحشيد، ومن أجل جذب آخرين يقولون إنهم من كل السودان و”يدافعون” عن كل السودانيين لا عن قبيلة أو عدة قبائل، وذلك لعلمهم بأن الحديث عن قبليتهم مضر بهم .. لكن جماعة المركزي – ممثلين بالحاج وراق ورشا عوض وطه اسحاق وغيرهم – يتجنبون كلمة القبلية ويستخدمونها كعنصر قوة لهم، ويقولون ( لهم حاضنة اجتماعية )، ويصورون مشاركة الحركات المسلحة في التصدي لعدوانهم “كقبلنة” للصراع، ويفعلون ذات الشيء بخصوص المقاومة الشعبية !!
إبراهيم عثمان
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
هل الانصرافي مجرد فقاعة ؟
متلازمة الغرور بعد النجاح: بين التألق والسقوط
هل الانصرافي مجرد فقاعة ؟
مدخل:
في كل مجتمع، يظهر أشخاص يحققون نجاحًا سريعًا أو يجدون قبولًا واسعًا، سواء في مجال الأدب، الفن، السياسة، أو حتى التدوين. لكن هناك ظاهرة متكررة تصاحب هذا النجاح، وهي ما يمكن تسميته بـ “متلازمة الغرور بعد النجاح”.
متن :
حينما يجد الفرد نفسه محاطًا بالثناء والإعجاب، قد يبدأ في فقدان التواضع، فيتعالى على الناس، يحتقر منتقديه، وينسى أن النجاح الحقيقي لا يُقاس فقط بالوصول إلى القمة، بل بالبقاء عليها بأخلاق رفيعة وتواضع عميق.
“ما طار طير وارتفع، إلا كما طار وقع”
كم مرة رأينا شخصًا سطع نجمه، لكنه سرعان ما سقط بسبب الغرور؟ هذا ما يحذرنا منه المثل الشعبي : “ما طار طير وارتفع، إلا كما طار وقع”. فالصعود السريع لا يضمن البقاء، والغرور قد يكون أسرع طريق للهاوية.
هذه الظاهرة ليست جديدة، فقد رأيناها تتكرر عبر العصور، وفي كل المجالات. هناك من يُسحر بالنجاح ويعتقد أنه محصّن من النقد أو السقوط، لكنه لا يدرك أن الجماهير التي صعدت به قادرة على إسقاطه عندما يتجاوز حدوده.
الانصرافي والتجربة السودانية
من بين الأسماء التي برزت في السودان على منصات التواصل الاجتماعي، المدون الشهير الانصرافي، الذي صنع لنفسه حضورًا قويًا بأسلوبه الساخر والجريء. لكنه، مثل غيره ممن واجهوا نجاحًا سريعًا، أصبح محط جدل بسبب تغير نبرته واساءاته وتعاليه على منتقديه، مما أثار تساؤلات حول تأثير الشهرة على الشخصية، وهل يمكن أن تحافظ على أصالتها أم تنجرف وراء الأنا المنتفخة؟
والأدهى من ذلك، أن الانصرافي يكتب متخفيًا خلف اسم مستعار، وهي منقصة في الكتابة حول الشأن العام، إذ أن النقد الحقيقي يتطلب شجاعة تحمل المسؤولية، لا الاختباء وراء الأسماء الوهمية. فالآراء التي تُطرح للنقاش العام ينبغي أن تكون صادرة من أشخاص واضحين، لأن المصداقية ترتبط مباشرة بوضوح الهوية والموقف.
درس من التاريخ: لا تغتر بالتصفيق
الدرس الأهم هنا هو أن النجاح لحظة مؤقتة، والتواضع هو ما يحافظ عليه. فالتاريخ مليء بأمثلة لأشخاص صعدوا بسرعة، لكنهم لم يحترموا جمهورهم، فكان سقوطهم مدويًا.
مخرج:
ليس عيبًا أن تنجح، لكن العيب أن تنسى كيف بدأت، ومن دعمك، وكيف تتعامل مع النجاح. فالأضواء قد تعمي، لكن الوعي يحفظ صاحبه من السقوط المدوي.
#الغرور_مقبرة_النجاح
#التواضع_طريق_البقاء
#ما_طار_طير
#الكتابة_مسؤولية
وليد محمدالمبارك احمد
وليد محمد المبارك
إنضم لقناة النيلين على واتساب