تمازج الجبهة الثالثة فازعة مع الدعم السريع (1-2)
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
(جاء في حديث أخير للدكتور بكري الجاك بعد لقاء له مع حميدتي في أديس أبابا ولأول مرة الحديث عن الدعم السريع في مصطلح "الفزع" أي انتهاز قيادات وجماعات محلية سانحة غطاء الدعم السريع لتخرج مستقلة عنه، وبموارده، لتصفية ثأر ما، أو غبن ما، أو لمجرد الكسب غير الحلال. فقال حميدتي لهم إنه لم يصدر قرار غزو مدني.
كان ما أذاعه الجاك المقاربة الأولى لتركيبة الدعم السريع وسلسلة القيادة فيه التي يتفاداها محسنو الظن فيه ككيان عسكري موحد مهما يكن سيبلغ بهم ما يشتهون). وفي هذه المناسبة أنشر كلمة قديمة عن حركة تمازج التي كانت أعلنت انضمامها للدعم السريع ليرى القارئ جانباً من تركيب الفزع فيه)
ما كاد خاطر السودانيين المروع بنذر المواجهة بين القوات المسلحة و”الدعم السريع” يهدأ بلقاء الفريق أول عبدالفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة والفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد “قوات الدعم السريع”، أخيراً، حتى هرج السلاح في الخرطوم بين قوات الشرطة وحركة “الجبهة الثالثة” (تمازج من حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا في أكتوبر 2020).
ففي 12 مارس 2023 الجاري بلغ ضابط شرطة من قوة مكافحة سرقة السيارات أن اللواء حسين جقود أحد قادة “تمازج”، اعترضه أثناء قيامه بواجبه في التحقق من قانونية ترخيص السيارة التي كان يقودها وهدده بالقتل. فتم القبض عليه وحرر له بلاغاً بالاعتراض والتهديد. وبلغ شرطي آخر بعد ذلك عن القبض على فرد من “تمازج” يحمل سلاحاً غير مرخص، ثم بلغ شرطي ثالث باعتراض خمسة من الحركة له أثناء أداء واجبه الرسمي.
وبعد القبض على أولئك الأفراد من “تمازج” قامت جماعة مؤلفة من 50 من عناصرها بالارتكاز على نحو 10 سيارات “صالون” و”بكاسي” في موضع شرق قسم الشرطة، وشرعوا في تهديد القوة الموجودة هناك مطالبين بالإفراج عن المقبوض عليهم. ودخل اللواء أحمد قجة، وهو أحد قادة “تمازج” ببزته العسكرية، وتوعد بإطلاق القائد جقود عنوة، فأخرجوه ليحرض القوة المرتكزة للإحاطة بمبنى القسم.
واتخذت الشرطة إجراءات تسليح أفرادها وتأمين الحراسات وتمركزت جماعة منهم بأعلى مبنى القسم. ولدى تبليغ القسم رئاسة الشرطة عن أوضاعه، جاء مدير المباحث ووقف على إجراءات الإفراج على المضبوطين لتهدئة الوضع. وأخذت “قوة تمازج” أفرادها المفرج عنهم بين الصيحات وإطلاق الأعيرة النارية في دلالة على الانتصار. ونوه بيان الشرطة بحكمة قيادة القسم والشرطة لكبحهم جماح الاستفزازات.
ووقعت هذه المواجهة في سياق أرق قديم للشرطة صرحت به مصادر فيها لـ”صوت الهامش” في يونيو 2021 بأن سيارات تمازج تتحرك بلوحات مخالفة لقوانين المرور، ويعتدي عناصرها على أفراد الشرطة عند توقيفهم بسبب تلك المخالفات. كما أن واقعة القسم هي الثانية بين الشرطة و”تمازج”. ففي سبتمبر 2021 تعرضت القوات المشتركة من الشرطة والقوات المسلحة والدعم السريع لإطلاق نار من متفلتين من “تمازج” بمجمع اللجنة الأولمبية بناحية سوبا جنوب الخرطوم خلال إزالتها لظواهر سالبة وأوكار جريمة.
وظهرت “تمازج” في المشهد السياسي والعسكري بعد توقيع سلام جوبا في أكتوبر 2020. وتراها حركات مسلحة مشهودة في الساحة مع ذلك صنيعة الاستخبارات العسكرية السودانية لإرباك مساعي السلام بإغراقها بكل من هب ودب، والتربح من انفلاته وتعدياته في المدن لإلصاق سوء السمعة بالحركات المسلحة.
فلا تعلم هذه الحركات، بحسب قولها، عن “تمازج” وماهيتها قبل الآن. فالعميد حامد حجر عضو فريق الترتيبات الأمنية عن “حركة العدل والمساواة” صرح بأنها “صنيعة للاستخبارات العسكرية من أفراد كانوا في ميليشيات الدفاع الشعبي لنظام الإنقاذ المحلولة”، وقال إن صناعتها تمت أمام ناظريهم في مسرحية مشهودة في فندق بمدينة جوبا خلال مفاوضات السلام.
وتبرأت الاستخبارات العسكرية من تهمة صنع تمازج، وقالت إن ما يذاع عنها صادر ممن يريد إحداث شروخ في الجسد العسكري. وأضافت أنها تقدم الدعم للحركات المسلحة من غير تفضيل بينها.
ونفى رضوان جدو القيادي بـ”تمازج” اتهامهم بأنهم صنيعة الاستخبارات وتجارتهم في سوق السيارات غير المقنن وبيع الرتب العسكرية. وقال إنها ليست سوى “مكايد واتهامات باطلة توجه للحركة من قبل أعداء السلام”، واعترف مع ذلك بانفلات بعض عناصرهم على رغم الأمر العام لهم بالانضباط.
وقال الأمين العام لـ”تمازج” ياسر محمد حسن إن حركتهم معروفة لحركات الكفاح المسلح إلا من مكر عن غرض. فهي إحدى فصائل “الحركة الشعبية لتحرير السودان” (جون قرنق) عند خط التماس مع جنوب السودان عند ولايات سنار والنيل الأبيض وكردفان ودارفور، وأنها خرجت لرفع التهميش عن أهل الحدود، ومن هنا كان اسمها “تمازج” لوجودها على الشريط الحدودي بين السودانين، أو ما تسميه هي “شريط الموارد، مثل النفط والصمغ العربي والسمسم. وكثيراً ما لوحت حيال استبعادها في تنفيذ اتفاق جوبا، كما سيرد، أنها ستضطر إلى “تتريس” هذا الشريط وحجب موارده عن بقية السودان. وقال أمين الحركة العام إن “الحركة الشعبية بعد الانفصال فكت الارتباط بقوات الجبهة الثالثة التي كان مقرها آنذاك بمنطقة راجا القريبة من حدود السودان”، وهذا مفاد قولها إنها “تناسلت” عن الحركة الشعبية.
ولم يتعرف عمر أبو روف القيادي بالحركة الشعبية – شمال على “تمازج” كفصيل في حركتهم. وقال “لا علم لي بانتماء قيادات تمازج للحركة الشعبية الأم. إذا كانوا ينتمون إلى الحركة الشعبية عليهم أن يثبتوا تبعيتهم إلى أي منطقة أو أي قائد”.
ولكن هناك من الحركة الشعبية من وجد سبباً للانتساب لـ”تمازج”، إذ لمح قيادي من “الحركة الشعبية” إلى أن “(تمازج) مأوى لسواقط الحركة الشعبية انتهزوا سانحة التفاوض في جوبا لحجز مقعد في الاتفاق ومنافعه”. وقال قيادي في العدل والمساواة “إن تمازج كانت في طرف رياك مشار نائب رئيس جمهورية جنوب السودان في صراعه الدموي ضد سلفا كير رئيس دولة الجنوب في عام 2013”.
ونواصل
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الشعبیة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تعرب عن مخاوفها من مقتل أكثر من 100 شخص في هجمات للدعم السريع في دارفور
الخرطوم - أعربت الأمم المتحدة السبت 13ابريل2025، عن مخاوفها من مقتل أكثر من 100 شخص، بينهم 20 طفلا، في السودان بعد هجمات لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر المحاصرة في دارفور ومخيمين قريبين للنازحين يعانيان من المجاعة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن قوات الدعم السريع التي تخوض حربا ضد الجيش منذ نيسان/أبريل 2023، شنّت "هجمات برية وجوية منسّقة" الجمعة على مدينة الفاشر ومخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين.
في الأسابيع الأخيرة، صعّدت الدعم السريع هجماتها على الفاشر، عاصمة الولاية الوحيدة في دارفور التي لا تزال خارج سيطرتها، بعد بسط الجيش كامل سيطرته على العاصمة الخرطوم الشهر الماضي.
وذكرت تقارير أولية من "تنسيقية لجان المقاومة" المحلية أن عدد القتلى الجمعة بلغ 57 شخصا، منهم 32 مدنيا قتلوا في الفاشر و25 في زمزم.
وقال الجيش السبت إن 74 مدنيا قتلوا وأصيب 17 آخرون في الهجوم على الفاشر.
من جهتها، قالت "المنظمة السودانية لحماية المدنيين" إن القتلى بينهم تسعة من العاملين في المجال الإنساني يعملون في مستشفى بمخيم زمزم تديره منظمة "ريليف" غير الحكومية الدولية.
ودانت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كليمنتين نكويتا سلامي مقتلهم.
وأعلنت في بيان "مقتل زملاء من منظمة غير حكومية دولية أثناء قيامهم بتشغيل أحد المراكز الصحية القليلة المتبقية التي لا تزال تعمل في المخيم".
وأضافت المسؤولة الأممية "يمثل هذا تصعيدا مميتا وغير مقبول في سلسلة من الهجمات الوحشية على النازحين وعمال الإغاثة في السودان منذ اندلاع هذا النزاع قبل نحو عامين".
وتابعت "أحث بشدة أولئك الذين يرتكبون مثل هذه الأعمال على التوقف فورا".
أما قوات الدعم السريع، فنفت في بيان أصدرته السبت صحة مقطع فيديو تداوله نشطاء قالوا إنه يظهر مقتل مدنيين في زمزم.
وقالت إن الفيديو "يظهر مشاهد تمثيلية لانتهاكات مزعومة" و"محاولة يائسة لتجريم قوات الدعم السريع".
وقالت المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين في دارفور إن الهجوم على مخيم زمزم تجدد صباح السبت، حيث سمعت أصوات اشتباكات وإطلاق نار كثيف لساعات.
وكان مخيم زمزم أول منطقة في السودان أعلنت فيها الأمم المتحدة حالة المجاعة العام الماضي.
وبحلول كانون الأول/ديسمبر، امتدت المجاعة إلى مخيمي أبو شوك والسلام القريبين، ومن المتوقع أن تصل إلى مدينة الفاشر نفسها بحلول أيار/مايو.
أسفرت الحرب عن مقتل عشرات آلاف السودانيين ونزوح أكثر من 12 مليونا منذ اندلاعها في نيسان/أبريل 2023. واتُهم طرفا النزاع بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي.