يواصل مركز الأزهر لتعليم اللغة الفرنسية، لليوم الثاني على التوالي، فعاليات مؤتمره حول«التفاعل بين القيم وأثره على الهوية»، والذي يعقده بالتعاون مع جامعة «لومير ليون٢»الفرنسية، برئاسة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، وبمشاركة وحضور البروفسير ستيفان فالتر - جامعة لومير ليون٢ الفرنسية، وديفيد سادوليه، المستشار الثقافي الفرنسي في مصر، رئيس المعهد الفرنسي، ونخبة من أساتذة جامعة الأزهر والجامعات المصرية والدولية.

انطلاق مؤتمر التفاعل بين القيم وأثره على الهوية انطلاق اختبارات المتقدمين للمشاركة في إقامة شعائر رمضان بالجامع الأزهر والبعوث الإسلامية

ويستضيف المعهد الفرنسي بالقاهرة، أعمال مؤتمر «التفاعل بين القيم وأثره على الهوية»، والتي تستمر حتى غدا الخميس  الموافق ١١ من يناير ٢٠٢٤م، يناقش خلالها المشاركون عددا من المحاور، أبرزها «القيم المقدسة والقيم الدنيوية»، «النظام الاجتماعي والرؤى»، «المعايير والاختلافات»، «الأدب بين القيم الجمالية والإبداع»، «التطورات القانونية في عالم متواصل».

المؤتمر فرصة متميزة للتواصل وتبادل الآراء بين العلماء والباحثين

ويعد المؤتمر فرصة متميزة للتواصل وتبادل الآراء بين العلماء والباحثين الغربيين ونظرائهم من المصريين والعرب، حول العديد من القضايا والمسائل القانونية واللغوية والأدبية والاجتماعية، بهدف التفكير في «العولمة» وتأثيرها على الأفراد (انتماءاتهم وخصوصياتهم )، والمجتمعات (آدائها ومعتقداتها)، والدول(فيما يخص عمليات إضفاء الشرعية التي تقوم بها)، وذلك سعيا لرسم صورة دقيقة وعامة التبادلات والتأثيرات بين العالمين العربي الإسلامي والغربي.

وكيل الأزهر: الحوار السبيل الأوحد لإذابة جليد المنافرة بين بعض المجتمعات

وكان قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، في افتتاح المؤتمر إننا أمام فرصة للمثاقفة حول كثير من المفاهيم التي تتفاوت فهما وممارسة، والتي تحتاج إلى توضيح وجهات النظر حولها، فما زال كثير منها مجالا للأخذ والرد، والقبول والرفض، حتى إن الأفراد بل المجتمعات أصبحت عرضة للتصنيف والتمييز بسبب هذه المفاهيم وجودا وعدما، مبينا أن الممارسة المغلوطة لا تهدر القيمة الصحيحة، وأن القيمة الصحيحة لا تصوب الممارسة المغلوطة، والواقع يعلن عن وجود بعد بين النظرية والتطبيق، أو بين القيم والسلوك.

وأوضح وكيل الأزهر خلال كلمته في مؤتمر مركز الأزهر لتعليم اللغة الفرنسية بالتعاون مع جامعة لومير، تحت عنوان" التفاعل بين القيم وأثره على الهوية: الانفتاح على الحداثة أم الانسحاب إلى الذات"، أنه ليس عندنا في الإسلام الفهم الميكافيلي الذي يقضي بأن صاحب الغاية له أن يستعمل ما يشاء في سبيل تحقيق غايته، فيما اشتهر بقاعدة «الغاية تبرر الوسيلة»، وطبقا لهذه القاعدة المغلوطة فإنه لا جريمة في قتل شعب وتبديد مقدراته ونهب أراضيه من أجل غاية مدعاة، ولا جرم في إهدار أطنان الموارد مع حاجة الجوعى والمحرومين لها من أجل المحافظة على استقرار الأسعار، إلى آخر الأمثلة الواقعية التي يمكن أن نسوقها دليلا على فساد هذه القاعدة.

وشدد الدكتور الضويني أن الدعوة إلى التفريق بين القيمة والممارسة الناشئة عنها، بحيث يمكن أن تكون القيمة صحيحة والممارسة مغلوطة خديعة كبرى، ومحاولة لتهوين الجريمة، ولصرف الأذهان عن أفعال شنيعة، وتمريرها باعتبارها ثمرة قيمة لا خلاف في صحتها وقبولها، وأظن أن بعض ما يدور حوله مؤتمرنا اليوم مفاهيم الحرية وحقوق الإنسان، وهي مفاهيم لا يختلف فيها العقلاء، ولكن بدعوى هذه العناوين أقرت المثلية، وأقر الإلحاد، واعتبر حقا من حقوق الإنسان وحرية شخصية بالرغم من خروج ذلك على الفطرة، ومعارضته للعقائد والأديان!، وباسم هذه الحرية دمرت مجتمعات ونهبت ثرواتها، وبزعم تعليمها الديمقراطية ما زالت بعض المجتمعات تعيش في فوضى.

وتابع أنه هاهنا تساؤل أحب أن نطرحه فيما بيننا بحسباننا مفكرين وعلماء: إذا كانت الحرية المطلوب الأعلى للناس في كل المجتمعات، وخاصة المجتمعات التي تحب أن تصف نفسها بمجتمعات الحرية، وإذا كانت هذه المجتمعات باسم الحرية تقر المثلية الجنسية وتقر الإلحاد بل تدعو إليهما بصورة رسمية، فلماذا لا تباح هذه الحرية، أو شيء منها لمجتمعات الشرق ليقرروا بإرادتهم واختيارهم عقيدتهم، ولماذا لا تترك لها الحرية في أن تحافظ على هويتها، لتحل ما أحل الله، وتحرم ما حرم الله؟، ولماذا ينظر إلى المجتمعات الشرقية على أنها يجب أن تنصاع لما يراه غيرها؟ ولماذا لا ينصاع غيرها لما تحمله هوية هذه المجتمعات؟ وأظن أن من الموضوعية الكاملة في هذا المؤتمر الفكري أن نسأل، وأن نتشارك التفكير في إجابات هذه الأسئلة.

العالم الآن أن تظن جماعة أو مجتمع أو شعب أنه يملك الحق والصواب وحده

وأردف وكيل الأزهر أن آفة العالم الآن أن تظن جماعة أو مجتمع أو شعب أنه يملك الحق والصواب وحده، وأن الباطل والخطأ من نصيب غيره؛ ولذا تأتي هذه اللقاءات الحوارية التي تتيح لكل طرف أن يقرأ عقل غيره، ويفهم مبرراته، وإن الحوار هو السبيل الأوحد لإذابة جليد المنافرة الواقعة بين بعض المجتمعات، ومما يؤكد ضرورة الحوار وأهميته أن الله –عز وجل- جعل تنوعنا آية من آياته الباهرة، واختلاف الألسنة ينصرف إلى اختلاف الثقافات والحضارات، واختلاف الألوان ينصرف إلى اختلاف القوميات، ولكن هذا التنوع له غاية أعلنها الله، وهي التعارف، والتعارف يقتضي حوارا يجمع ولا يفرق، ويبني ولا يهدم.

وبيّن وكيل الأزهر أنه في الوقت الذي يقر فيه الإسلام الحوار مبدأ إنسانيا نسمع طرحا مغايرا لوحي السماء مترجما في نظرية «صراع الحضارات» التي ما فتئ الأزهر الشريف يرفضها، ويدعو إلى إقامة سلام حقيقي بين بني الإنسان، ويتصدى دائما لتسليع الدين واستغلاله في إشعال الفتن في الأوطان المستقرة؛ ولذا فإن الأزهر الشريف يتواصل ويتعاون مع المؤسسات كافة؛ لتبادل الرؤى والأفكار حول ترسيخ قيم التعايش المشترك، وقبول الآخر، ونبذ العنف، ومواجهة التطرف، وإرساء دعائم المواطنة، وتبني حوار حقيقي يستثمر التعددية الفكرية والتنوع الثقافي، ويعترف بالهويات والخصوصيات، ويحترم الرموز والمقدسات.

واستعرض فضيلته جهود الأزهر في دعم سبل الحوار البناء، مبينا أن الأزهر الشريف حقق نجاحات كبيرة داخل مصر وخارجها فأقام حوارات دينية حضارية حقيقية، كان لها نتائج ملموسة، ومن هذه الحوارات الإيجابية «الملتقى الدولي الأول للشباب المسلم والمسيحي» الذي عقد في قلب مشيخة الأزهر الشريف بمشاركة وفد من شبابه ووفد من مجلس الكنائس العالمي يمثلون طوائف وجنسيات مختلفة، وقد تحاوروا لمدة يومين حول دور الأديان في بناء السلام ومواجهة التطرف، وغير ذلك من لقاءات تعمل على إيجاد وشائج وصلات بين بني الإنسان.

وأوضح وكيل الأزهر أن هذا المؤتمر بمحاوره المنتقاة على عناية، يفتح أبوابا مغلقة، ويضع يده على مواطن حساسة، وليس بالضرورة أن تظل مغلقة، ومن أهمها: الخلط بين المقدس والدنيوي، وتحويل الدنيوي إلى مقدس، والمقدس إلى دنيوي، وهذا الخلط غير مقبول، فلا المقدس يصح أن يكون دنيويا، ولا الدنيوي يصح أن يكون مقدسا، ووضع أحدهما مكان صاحبه إما أن يؤدي إلى تبادل الاتهامات بين المجتمعات، أو أن يؤدي إلى انغلاق بعض المجتمعات وعزلتها.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأزهر مركز الأزهر لتعليم اللغة الفرنسية القيم الهوية الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر أساتذة جامعة الازهر الجامعات المصرية المعهد الفرنسي التفاعل بین القیم وأثره على الهویة بعض المجتمعات الأزهر الشریف وکیل الأزهر

إقرأ أيضاً:

مجلس شباب «تمكين المجتمع» يضيء على القيم الاجتماعية

دبي: «الخليج»
ينظم مجلس شباب وزارة تمكين المجتمع ثلاث جلسات رمضانية، ضمن مبادرة «حوار المجتمع» في أبوظبي ودبي والشارقة، تزامناً مع إعلان القيادة الرشيدة عام (2025) عام المجتمع وبالتعاون مع مجالس أبوظبي بديوان الرئاسة ومجلس أبوظبي للشباب وشركة موانئ دبي العالمية ومؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في دبي ومجموعة أرادا للتطوير العقاري بالشارقة.
وتتناول الجلسات عدداً من المحاور النقاشية، التي تعزز القيم الاجتماعية والتلاحم المجتمعي والعادات الإماراتية الأصيلة.
ونظم المجلس جلسته الأولى بعنوان «منظومة تمكين المُجتمع وصِناعة الأثر المُستدام»، التي استضافها مجلس الدانة بأبوظبي، بحضور الشيخ طحنون بن سعيد آل نهيان عضو مجلس شباب الإمارات للعمل الإنساني وعائشة يوسف وكيل وزارة تمكين المجتمع والدكتور حمد المسافري وكيل الوزارة المساعد لقطاع تنظيم المؤسسات الاجتماعية ونور أبو الهول وكيل الوزارة المساعد لقطاع الدعم والتمكين الاجتماعي، محمد الشامسي رئيس مجلس شباب الإمارات للعمل الإنساني، وعدد من المسؤولين ومختلف فئات المجتمع.
واستعرضت الجلسة أهمية مبادرة عام المجتمع ودورها في تعزيز الروابط الأسرية والتلاحم المجتمعي وترسيخ ثقافة المسؤولية المشتركة وجهود الوزارة في إدارة منظومة الدعم والتمكين الاجتماعي.
وسينظم المجلس بالتعاون مع مجموعة أرادا للتطوير العقاري، الجلسة الثانية تحت عنوان «تمكين المجتمع وتكامل الأدوار الإيجابي مع القطاع الخاص تعزيزاً لجودة الحياة» يوم 13 مارس الجاري في منطقة الجادة بالشارقة، حيث تتناول الجلسة التعرف إلى الجهود التي يبذلها القطاع الخاص بالتعاون مع الجهات الحكومية، بهدف تعزيز دورهم وشراكتهم ومسؤوليتهم المجتمعية، لبناء مجتمع مزدهر ومستدام، يتميز بالتلاحم والتكافل بين مختلف فئاته.
وسيختتم المجلس جلساته الرمضانية يوم 19 مارس، تزامناً مع الاحتفاء بيوم زايد للعمل الإنساني وتحت عنوان «استدامة نهج التمكين المجتمعي والعمل الخيري واستمرارية العطاء»، بالتعاون مع موانئ دبي العالمية والتي ستتطرق ضمن محاورها إلى مآثر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، والتي جعلت دولة الإمارات منصة عالمية للعمل الإنساني، تُسهم بدور مهم في تنمية المجتمعات البشرية وبما يعكس قِيَمنا الأصيلة في التسامح والعطاء والخير ومد يد العون للمحتاجين.

مقالات مشابهة

  • المملكة المتحدة تدين حظر طالبان لتعليم الفتيات في أفغانستان
  • مجلس شباب «تمكين المجتمع» يضيء على القيم الاجتماعية
  • "لا أرض أخرى".. عن سؤال الحرية بين ضلوع الاحتلال
  • لبنان في مركز مُتقدّم.. إليكم ترتيب الدول العربية التي لديها نساء متعلمات أكثر من رجالها
  • أحمد العوضي: فهد البطل مختلف عن أعمالي السابقة.. وأحب التفاعل مع جمهوري بالمسابقات
  • تلاعبوا بعواطف جماهير الأندية وأغراهم التفاعل الكبير.. مفسرو أحلام” بميول رياضية” يبحثون عن” الشو الإعلامي” فقط
  • يوم المرأة العالمي: إعادة التفكير في الحرية التي لم تكتمل
  • شيخ الأزهر: التاريخ سيقف طويلًا وهو يحني الرأس للمرأة الفلسطينية التي تشبثت بوطنها
  • قضية “اولاد المرفحين”.. الفرنسية التي قدمت شكاية الإغتصاب تسحب شكايتها
  • اليمين الأوروبي المتطرف بين ترامب وزيلينسكي... كيف كان التفاعل؟