غزة تنزف.. وبلينكن يُغري إسرائيل بتطبيع ويُمنِّي العرب بسلام
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
بينما تجاهل تماما ضرورة وقف الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، يسعى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى تحقيق رغبات أمريكية عبر إغراء تل أبيب بتطبيع العلاقات مع مزيد من الدول العربي، فيما منّى قادة عربا بإمكانية إحلال السلام، بحسب ستيف هندريكس وجون هدسون في تقرير بصحيفة "ذا واشنطن بوست" الأمريكية (The Washington Post).
وقال هندريكس وهدسون، في التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد": "خلال زيارة بيلنكن إلى إسرائيل أمس الثلاثاء، ظهرت خلافات بشأن طريقة معاملة إسرائيل للفلسطينيين، إذ توجد وجهات نظر متعارضة حول متى يمكن للنازحين الفلسطينيين العودة إلى شمال غزة والحصول على عائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل (نيابة عنهم)".
وخلال مؤتمر صحفي في تل أبيب، قال بلينكن: "هذه هي إيراداتهم (الفلسطينيين) ويجب أن تكون لديهم". لكن وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش تعهد بعدم تحويل أي أموال ضرائب إلى غزة، التي تشن عليها إسرائيل حربا منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وبحسب هندريكس وهدسون، سافر بلينكن إلى إسرائيل الاثنين، لـ"تقديم خطة لمستقبل غزة، بناء على مناقشاته مع القادة العرب والأتراك، خلال جولته في المنطقة (شملت إسرائيل والسعودية والإمارات وتركيا والأردن وقطر)، لكنه لم يتلق سوى القليل من الاستجابة من المسؤولين الإسرائيليين".
وتابعا أنه في اجتماعات الثلاثاء مع المسؤولين الإسرائيليين، "ضغط بلينكن على إسرائيل (حليفة بلاده) لتقليل الخسائر بين المدنيين في غزة، وهي بالفعل أحد أكثر الصراعات تدميرا في القرن، إذ بلغت نحو 23 ألف قتيل".
"لكن الفجوات الإسرائيليين والعرب لا تزال واسعة، إذ دعا أعضاء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو إلى تهجير جماعي للمدنيين من غزة، وفض المسؤولون الإسرائيليون الدعوات الأمريكية إلى تشكيل سلطة فلسطينية "متجددة ومُنشطة" لتلعب دورا في غزة بعد حماس"، كما استدرك هندريكس وهدسون.
اقرأ أيضاً
التطبيع السعودي.. بلينكن يتحدث عن فرصة لإدماج إسرائيل إقليميا عقب حرب غزة
دولة وتطبيع
هندريكس وهدسون قالا إن "بلينكن يدفع الزعماء الإقليميين إلى اغتنام الأزمة كفرصة في الصراع العربي الإسرائيلي المستمر منذ عقود، فيما قال لمسؤولين إسرائيليين الاثنين إن إنهاء الحرب سيسمح لإسرائيل بتحسين علاقاتها مع جيرانها العرب".
ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم خمس دول هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، التي تواصل منذ عقود احتلال أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان.
وقال بلينكن إن "إعادة الإعمار بعد الحرب مع وجود الفلسطينيين من غير "حماس" في السلطة، يمكن أن تكون طريقا إلى إقامة الدولة (الفلسطينية)".
"ولكنه لم يقدم تفاصيل حول كيفية التغلب على العقبات التي أربكت كل إدارة أمريكية سابقة حاولت تمهيد الطريق لقيام دولة فلسطينية"، كما زاد هندريكس وهدسون.
اقرأ أيضاً
بين طموح بن سلمان وعناد نتنياهو.. بايدن يبحث عن تسوية لغزة
تخفيف القتال
ولفت هندريكس وهدسون إلى أن "حملة بلينكن الدبلوماسية التي استمرت يومين في إسرائبل، والتي توجت جولته الرابعة بالشرق الأوسط منذ هجوم حماس، تأتي وسط إشارات متضاربة من القادة الإسرائيليين حول خطط لتخفيف القتال بغزة".
وأردفا: "وقد اتفق بلينكن ونظراؤه الإسرائيليون على نقطة واحدة على الأقل: يجب على الأمم المتحدة تقييم الظروف في شمال غزة، حيث أدى القصف الإسرائيلي إلى تسوية المنازل والبنية التحتية المدنية بالأرض، لتحديد متى قد يعود السكان. ولكن متى يمكن أن يحدث ذلك تظل نقطة شائكة".
لكن مسؤولين إسرائيليين قالوا لوسائل إعلام إسرائيلية إنهم لن يسمحوا بعودة الفلسطينيين إلى شمال غزة حتى تطلق "حماس" سراح الأسرى الإسرائيليين. و"تعارض إدارة بايدن هذا الشرط باعتباره عقابا جماعيا"، كما أضاف هندريكس وهدسون.
وأعلن مسؤولون عسكريون إسرائيليون سحب قواتهم من شمال قطاع غزة، وأنهم سيتحولون الآن إلى غارات أكثر دقة، مع تشديد على استمرار الحرب في عام 2024.
غير أنه "لا إسرائيل ولا إدارة بايدن تدعمان وقفا عاما لإطلاق النار، إذ يقولان إنه سيمنح حماس الوقت لإعادة تنظيم صفوفها وشن هجمات إضافية على إسرائيل"،بحسب هندريكس وهدسون.
اقرأ أيضاً
بلينكن: محور عربي تركي لـ "إدارة وإعمار" غزة بعد الحرب
المصدر | ستيف هندريكس وجون هدسون/ ذا واشنطن بوست- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة حرب بلينكن جولة إسرائيل تطبيع العرب سلام
إقرأ أيضاً:
حملة إسرائيل على غزة لن تنتهي في 2025
تناول سيث فرانتزمان، زميل مساعد في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية، الصراع الدائر في غزة وتداعياته على استراتيجية إسرائيل.
هذا الصراع يتطلب نهجاً استراتيجياً يوازن بين الاحتياجات الأمنية الفورية والاستقرار على المدى الطويل
وقال فرانتزمان، وهو مؤلف كتاب "حرب 7 أكتوبر: معركة إسرائيل من أجل الأمن في غزة"، في مقال بموقع "ناشيونال إنترست" الأمريكية إنه مع دخول الحرب شهرها الخامس عشر، تواجه إسرائيل قرارات حاسمة في نهجها تجاه حماس والرهائن ومستقب حكم غزة.تعقيدات حرب غزة
بدأت الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل، وتطورت لتصبح واحدةمن أكثر الصراعات شدة وتعدد جبهات في إسرائيل. وعلى عكس الحروب السابقة، مثل الانتفاضة الثانية أو حرب لبنان عام 1982، تضمنت هذه الحملة هجمات مدعومة من إيران من جبهات متعددة واحتجاز 250 رهينة، ويُعتقد أن 96 منهم ما يزالون محتجزين لدى حماس.
تواصل حماس السيطرة على أجزاء كبيرة من غزة والحفاظ عليها، مع تقارير تشير إلى مقاومة مستمرة حتى بعد عمليات جيش الدفاع الإسرائيلي الموسعة. وعلى الرغم من أشهر من القتال في المناطق الحضرية مثل جباليا وخان يونس، تحتفظ حماس بنفوذها، مما يدل على مرونة الجماعة. وتزيد الخسائر المدنية والنزوح الجماعي من تعقيد الوضع، مع اقتلاع معظم سكان غزة، وعددهم 2 مليون نسمة من منازلهم.
معضلة الرهائن
ولا يزال الرهائن يشكلون قضية مركزية في الصراع. إن رفض حماس تزويد إسرائيل بقائمة شاملة للرهائن أو توضيح شروطها أدى إلى توقف المفاوضات. وتعثرت الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق منذ الاتفاق الأولي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وتعهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن، محذراً من عواقب وخيمة إذا لم يتم إحراز تقدم.
Israeli Finance Minister Bezalel Smotrich declares 2025 the 'year of sovereignty' with full annexation plans for the West Bank already underway. Meanwhile, the U.S. stands by, ignoring both the land grab and the ongoing genocide in Gaza. As bulldozers crush Palestinian homes in… pic.twitter.com/splFORkSyg
— Mondoweiss (@Mondoweiss) November 16, 2024وأضاف أن ترك الرهائن في غزة إلى أجل غير مسمى يهدد بتشجيع حماس، في حين أن تبادل الأسرى على نطاق واسع على غرار إطلاق سراح جلعاد شاليط في عام 2011 قد يعزز حماس من خلال إطلاق سراح الإرهابيين المدانين. وتواجه إسرائيل معضلة الموازنة بين المخاوف الإنسانية والضرورات الاستراتيجية.
التحديات في الاستراتيجية العسكرية
وركزت الحملة العسكرية الإسرائيلية على التوغلات المستهدفة، بهدف تفكيك القدرات العملياتية لحماس. ومع ذلك، ورغم الجهود الكبيرة، تظل مناطق رئيسة مثل وسط غزة تحت سيطرة حماس. وقوبل نهج الجيش الإسرائيلي، الذي يتضمن دخول المناطق الحضرية وتحييد التهديدات والانسحاب، بنتائج مختلطة.
ولفت الكاتب إلى أنق الضغوط العسكرية المتجددة د تضطر حماس إلى تقديم تنازلات، لكن الحرب المطولة تخاطر بوقوع المزيد من الضحايا والانتقادات الدولية. علاوة على ذلك، لم تحدد إسرائيل بعد رؤية واضحة لحكم غزة بعد حماس، مما يعقد جهود الاستقرار في الأمد البعيد.
نفوذ حماس
وأوضح الكاتب أن أحد التحديات الرئيسة التي تواجه إسرائيل يتمثل في استبدال حماس كسلطة حاكمة في غزة. وفي حين شبه القادة الإسرائيليون حماس في البداية بتنظيم داعش وتعهدوا بالقضاء عليها، لم يظهر أي بديل قابل للتطبيق للحكم المدني. وعلى النقيض من هزيمة داعش، حيث انتقل المدنيون إلى مخيمات تديرها السلطات العراقية أو الكردية، يظل سكان غزة تحت نفوذ حماس.
In 2025, Israel’s Gaza Campaign Is Not Over
Despite multiple IDF campaigns, Hamas continues to recruit fighters.@sfrantzman in @TheNatlInterest: https://t.co/M5HJYc9VTN
وتسمح سيطرة حماس على خطوط إمداد المساعدات الإنسانية بأن تحافظ الجماعة على مقاليد السلطة وتجنيد أعضاء جدد. وتؤكد هذه الديناميكية على صعوبة القضاء على حماس دون جهد دولي منسق لإنشاء إطار حكم جديد في غزة، حسب الكاتب.
الديناميكيات الإقليمية
وقال فرانتزمان إن الصراع في غزة ينطوي على آثار إقليمية أوسع نطاقاً. عندما بدأت الحرب، شن وكلاء إيران الإقليميون، بما في ذلك حزب الله والحوثيون والميليشيات في العراق، هجمات منسقة على إسرائيل. ومع ذلك، حققت إسرائيل مكاسب كبيرة على مدى العام الماضي.
ويشكل حزب الله تهديداً متضائلاً بسبب الهجمات المضادة الإسرائيلية المستمرة. وتوقفت الميليشيات المدعومة من إيران في العراق عن شن غارات بطائرات دون طيار على إسرائيل، وتسبب انهيار نظام الأسد في ديسمبر (كانون الأول) 2024 في تعطيل طريق إمداد حيوي للأسلحة الإيرانية إلى حزب الله. ومع ذلك، تظل حماس والحوثيون تهديدات نشطة، وتعمل الهجمات في الضفة الغربية من قبل الجماعات المرتبطة بحماس على إجهاد الموارد الإسرائيلية.
التخطيط الاستراتيجي
أكد الكاتب أنه مع بداية عام 2025، يجب على إسرائيل وضع استراتيجية شاملة لغزة. ويهدد النهج الحالي المتمثل في التوغلات العسكرية المحدودة ومفاوضات الرهائن المتوقفة بإطالة أمد الصراع دون تحقيق نتائج حاسمة.
وتؤكد قدرة حماس على إعادة بناء قدراتها على ضرورة التوصل إلى حل طويل الأجل. ولا يتطلب هذا العمل العسكري من جانب إسرائيل فحسب، بل يحتاج أيضاً إلى التعاون مع الشركاء الدوليين لإنشاء بنية حكم سلمية ومستقرة في غزة. وبدون هذا التنسيق، قد تعيد حماس تشكيل تهديدها، مما يؤدي إلى إدامة دائرة العنف.
وأشار فرانتزمان إلى التحديات المتعددة الأوجه التي تواجه إسرائيل في حملتها على غزة، منوهاً إلى أن هذا الصراع، الذي يتميز بالرهائن والجمود العسكري والتعقيدات الإقليمية، يتطلب نهجاً استراتيجياً يوازن بين الاحتياجات الأمنية الفورية والاستقرار على المدى الطويل.
ومع استمرار الحرب، يرى الكاتب أنه يتعين على إسرائيل أن تتغلب على هذه التحديات لضمان حل يمنع التهديدات المستقبلية ويعزز السلام الإقليمي.