WSJ: سياسات ماكرون في أفريقيا قوضت جهود أمريكا لمكافحة الإرهاب
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، تقريرا حول التخبط في السياسة الفرنسية في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون وكيف أدت العلاقة المضطربة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في القارة الأفريقية إلى أزمة جيوسياسية قوضت جهود الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب.
وأشار التقرير الذي أعدته غابريل سيتنهاوسر ونيومي بسيربي، وترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد الانقلاب في مالي بغرب أفريقيا، سافر وفد من المسؤولين الأمريكيين البارزين إلى العاصمة الفرنسية باريس والتقوا مع نظرائهم الذين قدموا لهم قائمة أسماء.
وكان الجيش قد أطاح بأبو بكر إبراهيم كيتا في آب /أغسطس 2020 بعد سلسلة من التظاهرات ضده ولعلاقاته مع فرنسا التي استعمرت مالي سابقا. واقترح الفرنسيون أنهم يستطيعون هندسة حكومة مدنية جديدة، وطلبوا دعما أمريكيا للخطة أثناء المحادثات مع الانقلابيين. وبحسب الشخص، فقد رفض الأمريكيون تقديم الدعم ولم ينته أي من الأربعة الذين رشحتهم فرنسا في الحكومة المالية، حيث ستصبح مالي التي تعتبر مركز تمرد إسلامي أكبر صداع للرئيس ماكرون في حكمه الذي مضى عليه ستة أعوام، حسب التقرير الذي أشار إلى أن مجلس الأمن القومي الأمريكي وقصر الإليزيه رفضا التعليق على لقاء لم يكشف عنه عقد في 2020.
ولفت التقرير إلى أن اللقاء مع عدد من المسؤولين والخبراء، لفت إلى أن الحادث هو علامة عن العلاقة المضطربة والمتفككة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة. ويواجه ماكرون اليوم غضبا في القارة التي اعتبرتها أجيال من القادة الفرنسيين الفناء الخلفي وآخر بقايا الإمبراطورية التي غطت أنحاء في العالم.
وأصبحت كراهية فرنسا والسخط عليها صرخة الحشد للانقلابيين وزعماء المعارضة ومنظمات العمل المدني في القارة، ويتهمون جميعا المستعمر السابق بالمسؤولية عن التخلف وسوء الحكم، وفقا للتقرير.
وقوضت ردة الفعل الجهود الأمريكية لمكافحة التمرد الإسلامي الذي قتل منذ عام 2017 أكثر من 41,000 شخصا. وأنفقت الولايات المتحدة ملايين الدولارات في العقد الماضي لتدريب وتسليح الجيوش المحلية، وهي نفسها اليوم تقوم بتوثيق علاقاتها مع روسيا، وفي حالة مالي استأجرت مرتزقة "فاغنر" الروسية، حسب التقرير.
ولفت التقرير إلى أن التداعيات الأكثر حدة ظهرت في جمهورية أفريقيا الوسطى ودول الساحل التي أطاحت الجيوش هناك بالحكومات المنتخبة كمالي والنيجر وبوركينا فاسو، وعززت النخب العسكرية شعبيتها من خلال المطالبة برحيل القوات الفرنسية التي كانت تقاتل جماعات القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية. وبسبب القيود على تقديم الدعم للأنظمة العسكرية الانقلابية فقد خفضت الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة من حضورها في النيجر، الدولة الحليفة الأولى لأمريكا في المنطقة، من 1,100 إلى 650 جنديا. كما وخفضت نشاطاتها العسكرية في قاعدة أغاديز للمسيرات.
وتجري إدارة بايدن نقاشات لنقل المسيرات إلى قواعد عسكرية في غانا وبنين وساحل العاج. وتحتفظ فرنسا بقوات في السنغال وساحل العاج وتشاد. وحتى في المستعمرات السابقة والأكثر استقرارا مثل السنغال تعرضت توتال إنيرجيز وشبكة المتاجر الفرنسية "أوشان" لهجمات أثناء الاحتجاجات المعارضة للحكومة.
وقال التقرير إنه بالنظر إلى ردة الفعل السلبية ضد فرنسا حول أفريقيا، فهي أكبر تمرد مناهض للغرب منذ نهاية الحرب الباردة. وفي خطاب ألقاه في تشرين الأول/أكتوبر قال وزير الخارجية المعين من الانقلابيين في النيجر بالعاصمة نيامي، ياو سنغاري بكاري "لقد زهقنا من فرنسا وتعبنا من الاحتقار الذي يظهروه لنا"، وأضاف "اخرجوا واتركونا لحالنا وسنكون في حال جيدة".
ويعتبر ماكرون، وفقا لما أورده التقرير، أول رئيس يولد بعد حقبة الاستعمار الفرنسي حيث حاول بعد وصوله إلى السلطة عام 2017 إعادة ضبط العلاقة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة. وأغضب المحافظين عندما أعلن أن الاستعمار هو "جريمة ضد الإنسانية"، كما ووعد بإعادة الآثار المنهوبة وإعادة تأهيل النظام المالي في هذه الدول والتي تضع نصفها احتياطاتها في باريس.
وبعد عقود من الممارسات التي دعمت فيها فرنسا الطغاة الفاسدين ولكن الموالين لها، أو ما عرف بممارسة "فرانكوفيك"، وعد ماكرون بتوثيق العلاقات مع المجتمع المدني الأفريقي وتوسيع علاقات فرنسا أبعد من مجالها الفرانكوفوني. وقال ماكرون أمام طلاب في جامعة واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو "أنا من جيل لن يخبر الأفارقة ما يجب عليهم عمله"، و"المقترح الذي جئت لعرضه أمامكم هو اختراع صداقة معا"، جاء خطابه بعد أشهر من دخوله قصر الإليزيه، وفقا للتقرير.
وأشار التقرير إلى أن خطاب ماكرون عكس تحولا في واقع اقتصاد فرنسا وعلاقته بالقارة. ففي أثناء الحرب الباردة اعتمدت الشركات الفرنسية في مصادرها مثل الحديد والنفط والبوكسيت من مستعمراتها السابقة في أفريقيا، أما اليوم فهي تعتمد على هذه المصادر من نيجيريا وأنغولا وجنوب وأفريقيا، وهي دول لم تخضع ابدا للاستعمار الفرنسي. وقال مسؤولون مقربون من ماكرون إنه فكر بداية بسحب القوات الفرنسية لخشيته من زيادة شكوك الدول أن باريس قد تستخدمها للتدخل في الشؤون المحلية. لكن المسؤولين الفرنسيين والأمريكيين خافوا من تحول منطقة الساحل إلى ملجأ للجماعات الإسلامية، كما في سوريا وبالتالي شن هجمات ضد الغرب.
وذكر التقرير أن القوات الفرنسية في 2013 حملة ناجحة حيث هزمت الجهاديين وأخرجتهم من تبمكتو المصنفة ضمن التراث العالمي، في قوائم اليونسكو. وعندما انتشرت الهجمات إلى بوركينا فاسو والنيجر وتشاد، أعلن سلف ماكرون، فرانسوا هولاند في 2014 عن عملية "برخان" لمساعدة دول الساحل صد المد الجهادي.
وأشارت إلى أن ماكرون واصل بمد عملية "برخان" بالجنود حيث وصل عددهم إلى 5,000 جنديا فرنسيا. وقتلت العمليات الفرنسية القادة والمقاتلين لكنها فشلت في احتواء المشكلة، ولامت باريس الحكومات المحلية التي لم تقدم الخدمات للمناطق المهمشة. وقال مارك ميمير، المستشار السابق للمبعوث الفرنسي الخاص لمنطقة الساحل، ويعمل حاليا، مسؤول طاقم رئيس لجنة الدفاع في الغرفة الدنيا للبرلماني "كنا مثل من يدور في دوائر" و "لم تكن هناك إرادة سياسية من الدول التي تعمل فيها برخان للتحرك إلى المناطق التي تم تنظيفها من الإرهابيين".
وأردف التقرير أن الجماعات الجهادية حلت محل الحكومات المحلية ووفرت الأمن والحماية للسكان الذي رأوا فيهم سياجا ضد الجيوش الوطنية التي اتهمتها الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بارتكاب مجازر. ويقول ميمير إن خطأ فرنسا الفادح هو استمرارها خوض حرب لم تحظ بشعبية، حتى حينما اكتشفت أن الجيوش المحلية تعاني من مشاكل في الإدارة والفساد، وأضاف أنه "بدون دعم من دول الساحل، فقد كانت معركة خاسرة".
وحسب التقرير، فإن ديلانا غوكسو، الباحثة في معهد سكولا نورمالي سوبريور في فلورنس والتي ظلت في نيامي حتى الانقلاب، قالت إن الجيوش الوطنية شعرت أن العبء ألقي عليها بدون أي مساعدة فرنسية في مجال الاستخبارات. وفي عقد من الحرب قتل 58 جنديا فرنسيا في الساحل مقارنة مع الآلاف الجنود من دول الساحل. واتهم رئيس وزراء مالي شوغيل كوكالا ميجا الفرنسيين بتدريب الإرهابيين وبدون أدلة. إلا أن نظريات المؤامرة وتدخل فرنسا في الشؤون الداخلية انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وضخمتها الدعاية الروسية.
ولفت التقرير إلى أن محاولات ماكرون مواجهة الدعاية كانت غير موفقة، وبحسب مسؤول في الحروب الإلكترونية فإن الفرنسيين ارتكبوا أخطاء المبتدئين و "قللنا من قدرة عدونا". وحتى عندما أسقطت الطائرات الفرنسية ملصقات لتقوية الدعم للفرنسيين في القرى وبين السكان المحليين، كانت تحمل عبارات "برخان تراقبكم" بدلا من "برخان معكم"، وذلك حسب تقرير للجمعية الوطنية في 2022.
وختم بالقول إن الفرنسيين دافعوا عن أنفسهم بأنهم تحملوا أخطاء 60 عاما من مرحلة ما بعد الاستقلال، ويقول ميمير إن فرنسا كانت "كبش الفداء". وساهمت طريق حديث وخطاب ماكرون في زيادة الغضب، وبخاصة عندما انتقد معدلات الولادة في دول الساحل قائلا "عندما يكون لديكم، سبعة وثمانية وتسعة أطفال لكل امرأة، هل أنتم متأكدون إن هذا هو خيار المرأة في كل حالة وكل عائلة وكل امرأة".
واعتبر ماكرون معدلات الولادة مشكلة حضارة تؤثر على استقرار الساحل. وقال السفير الفرنسي السابق في مالي نيكولاس نورماند "تواصل ماكرون كان كارثة" و "لم يتوقف أبدا عن تقديم الطحين لطاحونة أعداء فرنسا"، حسب التقرير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية ماكرون فرنسا أفريقيا امريكا فرنسا أفريقيا ماكرون صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التقریر إلى أن دول الساحل ماکرون فی
إقرأ أيضاً:
ماكرون: غَيّرنا عَدسَاتنا تُجاه أفريقيا وبَنَينا شراكة تمتد لعقود مع جلالة الملك محمد السادس
زنقة 20 ا الرباط
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الإثنين، أن بلاده غيرت العدسات التي تنظر من خلالها إلى أفريقيا وتنتهج من خلالها سياساتها تجاه الدول الافريقية.
ماكرون و في خطاب ألقاه اليوم الاثنين، في المؤتمر السنوي للسفراء الفرنسيين بالخارج، أكد أن “فرنسا توصلت مع المملكة المغربية بفضل جلالة الملك محمد السادس إلى بناء شراكة مستدامة للعقود المقبلة”.
و أكد الرئيس الفرنسي أن “هذه الشراكة بناءة على كافة المستويات”، مشيرا إلى أن من شأن ذلك أن يُعتمد نموذجا يحتذى به في القارة الإفريقية؛ أي مقاربة هذه السياسية بناء على شراكات فعالة”.
و أضاف ماكرون قائلا: “لقد تمكنا من خلال هذه الشراكة مع المغرب من إنشاء مشاريع كثيرة في قطاعات متعددة، وذلك بناء على برنامج بناء التنمية والإزدهار”.