تعرف على كتائب الضحك في إسرائيل
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
سرايا - كشفت صحيفة لوموند الفرنسيّة عن مشاركة كوميديين في عروض متعددة للتخفيف عن الجنود المحتمل أن يستدعوا إلى قطاع غزة، و"الحفاظ على حماسهم". لا نتحدث هنا عن جيري ساينفلد، الكوميدي الذي زار دولة الاحتلال أخيراً، بل إيلاي هافيف مثلاً، الذي ألقى نكتة أمام الجنود على شاكلة: "لا وقت لدينا في الحرب كي نكون حريصين على البيئة!".
فما هي النكتة التي يمكن إلقاؤها أمام كتيبة عسكريّة، في طريقها إلى غزة لقتل أطفال؟ هذا السؤال ليس فرضيّة في علم الأخلاق، بل سؤال يمكن أن يطرحه من يتأمل صور جنود الاحتلال الإسرائيلي في كتيبة "ياهسام 179" في قاعدة ناهشونيم (الرّواد) في "إسرائيل".
لا يمكن تجاهل الدور الذي يلعبه الكوميديون في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة سواء أكانوا هواة أم محترفين؛ فإما يتجنبون الحديث عن الموضوع، أو ينتصرون للسرديّة الإسرائيليّة. لكن، ما يهمنا بدقة، هو العروض الحيّة أمام "الجنود"، الذين يجب أن يبقوا "متحمسين". في هذا السياق، نتساءل: متحمسون من أجل ماذا؟ قصف قطاع غزة؟ تدمير المستشفيات؟ قتل الأطفال؟ الدفاع عن "الوطن"؟
تقول ميتال يانيف، الجندية السابقة في الجيش الإسرائيليّ، والتي أصبحت ناشطة ضد الصهيونيّة، إن "الدخول في الهوية الإسرائيليّة في عائلتي يتم عبر إزاحة الديانة اليهوديّة، والتحول إلى جندي بطل في الجيش الإسرائيليّ".
السؤال هنا عن أيديولوجيا الجندي الإسرائيلي أو "المقاتل المفاهيمي"، حسبما يوصف في الأدبيات العسكريّة الاستعمارية: ما الذي يمكن أن يُضحكه وهو يعلم بدقة مقدار جرائم الحرب التي ترتكب باسمه وعلى يده؟ لا تهم حقيقة الجواب، إذ لا يمكن الإجابة عن سؤال أيديولوجي كهذا.
اللافت في هذا الشكل من التعبئة الأيديولوجية هو الحفاظ على المقارنة مع الهولوكوست، ووصف عملية طوفان الأقصى بـ"هولوكوست ثان". وهنا المفارقة، نعم هناك نكات عن الهولوكوست، لكن كان الضحايا هم من يطلقونها، ليس مرتكبي الجرم والانتهاك. وهنا بالضبط تكمن خطورة الأيديولوجيا الإسرائيليّة حين تتحكم بالسردية اليهوديّة. هي تسحب الشرعية من الهولوكوست، وتحوله إلى شماعة ليست للضحك، بل للقتل. لكن المفارقة، حسب صحيفة لوموند، أن هناك خطّاً أحمر لا يجوز الضحك بخصوصه، ألا وهو الرهائن، فهي تلقي مسؤولية عدم الإفراج عنهم بصورة كاملة على حكومة نتنياهو.
الضحك هنا ينتصر للقاتل وليس للضحيّة، بعكس تقاليد الهولوكوست نفسها.
ولا نحاول هنا القول إن "نكات الجنود" أمر محصور في دولة الاحتلال الإسرائيلي. الولايات المتحدة في قواعدها تقيم مهرجانات من الضحك والموسيقى لأجل الجنود. لكن في الحالة الإسرائيليّة في الذات، نحن أمام إبادة جماعية يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، والمفترض أن يحاكم عليها في لاهاي. فهل هناك نكتة يمكن إطلاقها بهذا الخصوص أمام الجنود؟
النكتة هنا ليست الإشكال بحد ذاته، بل السياق نفسه، أي شكل الصورة المرعب: كوميدي بمواجهة جنود يضحكون، ودبابات في حالة الاستعداد. هل يجرؤ كوميدي في "الديمقراطيّة الوحيدة في الشرق الأوسط" على السخرية من المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الذي حوّل أيام الأسبوع إلى قائمة بأسماء مقاتلي حماس؟ لا نعلم، لكن ما نعلمه أنه أثناء تدمير قطاع غزة لا داعي للتفكير بالبيئة.
لا تكتفي "إسرائيل" بالكوميديا بوصفها أسلوباً للشحن الأيديولوجي، بل هي جزء من بروباغندا العدوان على قطاع غزة والإبادة الجماعية.
كما أنها تشمل السخرية من الضحايا والقتلى، واتهامهم بالكذب. صحيح أن النكتة لا تعرف حداً، لكن لا بد من الوعي بدقة بأن النكتة، وإن كان هدفها الإضحاك، يفصلها خيط دقيق عن خطاب الكراهيّة وضرب الأضعف عوضاً عن الضحك معه. وهنا المفارقة شديدة المأساويّة، أن نضحك مع القاتل على الضحيّة، أمر يختلف عن الضحك من القاتل ومع الضحيّة. حروف جرّ صغيرة، لا تتضح أمام ماكينة القتل الإسرائيليّة، المستعدة لتوظيف كل الخطابات الجدية وغير الجديّة في سبيل الاستمرار بالقتل من جهة ومحاربة الحق الفلسطينيّ من جهة أخرى.
العربي الجديد
إقرأ أيضاً : بالفيديو .. الشعب المصري الحر يمد أهل غزة بالكهرباء رغماً عن الاحتلالإقرأ أيضاً : تفاصيل استهداف سفينة جديدة مرتبطة بـ "إسرائيل" في البحر الأحمرإقرأ أيضاً : جلسة مشاورات مغلقة لمجلس الأمن بشأن فلسطين اليوم
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الاحتلال غزة الاحتلال غزة الدفاع جرائم الاحتلال الاحتلال غزة غزة جرائم فلسطين اليوم الدفاع غزة الاحتلال الشعب الإسرائیلی ة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ماذا نعرف عن المؤرخ الإسرائيلي الذي قُتل في معارك لبنان وماذا كان يفعل؟.. عاجل
عندما دخل المؤرخ وعالم الآثار الإسرائيلي زئيف إيرلتش إلى جنوبي لبنان لفحص واحدة من القلاع التاريخية القريبة من مدينة صور، لم يكن يعرف أن نيران حزب الله ستكون بانتظاره هناك لترديه قتيلا.
وكان إيرلتش (71 عاما) موجودا في منطقة عمليات تبعد عن الحدود بنحو 6 كيلومترات، لمسح قلعة قديمة بالقرب من قرية "شمع" عندما باغتته صواريخ حزب الله.
ورغم أنه كان يرتدي زيا عسكريا ويحمل سلاحا شخصيا، فإن بيانا صادرا عن الجيش الإسرائيلي اعتبره "مدنيا"، وقال إن وجوده في تلك المنطقة يمثل انتهاكا للأوامر العملياتية.
وكان المؤرخ، الذي تقول الصحف الإسرائيلية إنه منشعل بالبحث عن "تاريخ إسرائيل الكبرى"، يرتدي معدات واقية، وكان يتحرك إلى جانب رئيس أركان لواء غولاني العقيد يوآف ياروم.
وبينما كان الرجلان يجريان مسحا لقلعة تقع على سلسلة من التلال المرتفعة حيث قتل جندي إسرائيلي في وقت سابق، أطلق عنصران من حزب الله عليهما صواريخ من مسافة قريبة، فقتلا إيرلتش وأصابا ياروم بجروح خطيرة.
ووصف جيش الاحتلال الحادث بالخطير، وقال إنه فتح تحقيقا بشأن الطريقة التي وصل بها إيرلتش إلى هذه المنطقة. لكن صحيفة يديعوت أحرونوت أكدت أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يرافق فيها إيرلتش العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان.
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن يجال -شقيق القتيل- أن إيرلتش كان يعامل بوصفه جنديا في الميدان، وأنه كان يرافق القوات الإسرائيلية بغرض البحث الأثري بموافقة الجيش وبرفقته.
واتهم يجال المتحدث باسم جيش الاحتلال بمحاولة حماية كبار الضباط وإلقاء مسؤولية ما جرى على القيادات الوسطى. وقد أكد الجيش أنه سيعامل القتيل بوصفه جنديا وسيقوم بدفنه.
وقُتل إيرلتش بسبب انهيار المبنى الذي كان يقف فيه عندما تم قصفه بالصواريخ. وتقول صحف إسرائيلية إن العملية وقعت فيما يعرف بـ"قبر النبي شمعون".
ووفقا للصحفية نجوان سمري، فإن إيرلتش كان مستوطنا، ولطالما رافق الجيش في عمليات بالضفة الغربية بحثا عن "تاريخ إسرائيل"، وقد قُتل الجندي الذي كان مكلفا بحراسته في العملية.
وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أن القتيل كان معروفا في إسرائيل بوصفه باحثا في التاريخ والجغرافيا، وقالت إنه حرّر سلسلة كتب "السامرة وبنيامين" و"دراسات يهودا والسامرة". وهو أيضا أحد مؤسسي مستوطنة "عوفرا" بالضفة الغربية.
وتشير المعلومات المتوفرة عن إيرلتش إلى أنه درس في مؤسسات صهيونية دينية، منها "مدرسة الحائط الغربي" بالقدس المحتلة، وحصل على بكالوريوس من الجامعة العبرية فيها، وأخرى في "التلمود وتاريخ شعب إسرائيل" من الولايات المتحدة.
كما خدم القتيل ضابط مشاة ومخابرات خلال الانتفاضة الأولى، وكان رائد احتياط بالجيش.