ماذا يجري في الكواليس الديبلوماسية؟
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
بين الحرب الدائرة في قطاع غزة وحرب المناوشات في الجنوب خيط رفيع. وبين صوت المدافع والمساعي الديبلوماسية أكثر من خيط. وعلى رغم السقوف العالية في لهجة التعاطي السياسي بين "حزب الله" والإسرائيليين على وقع صدى المدافع والقذائف الصاروخية فإن ما يجري في الكواليس الديبلوماسية غير بعيد عمّا يمكن التوصّل إليه عندما توقف تل أبيب حربها المدمّرة على غزة.
فالحرب التي دخلت مرحلتها الثالثة ستنتهي آجلًا أو عاجلًا. وسيلي ذلك جلوس الجميع إلى طاولة المفاوضات للبحث مجدّدًا في الآليات الممكنة لوضع حدّ نهائي لمعاناة الشعب الفلسطيني، وإن كان "حل الدولتين" لا يزال الأكثر عقلانية لضمان الحقوق المسلوبة للفلسطينيين؛ وأول هذه الحقوق أن يكون لهم دولة قائمة بحدّ ذاتها لها كيانها واستقلاليتها وحضورها. وبالتوازي مع ما يجري في قطاع غزة فإن التطورات الميدانية في الجنوب الآخذة في التصعيد تدريجيًا لم توقف المساعي الديبلوماسية سعيًا إلى تجنيب لبنان حربًا شاملة لا طاقة له على تحمّل سلبياتها بنتائجها الكارثية. وهذا ما كشفه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في حديثه إلى قناة "الحرة"، حيث أعلن أن لبنان أبلغ الجميع الاستعداد للدخول في مفاوضات لتحقيق عملية استقرار طويلة الامد في جنوب لبنان وعند الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، والالتزام بالقرارات الدولية وباتفاق الهدنة والقرار1701، وقال: "عند دخول اسرائيل الى لبنان عام 1978، صدر قرار عن مجلس الامن الدولي قضى بإعادة تطبيق اتفاق الهدنة. نحن تحت الشرعية الدولية، ونطالب بتطبيقها على الجميع وبتنفيذ الاتفاقات والقرارات الدولية". فالمطلوب اعادة احياء اتفاق الهدنة وتطبيقه واعادة الوضع في الجنوب الى ما قبل العام 1967، واعادة مزارع شبعا التي كانت تحت السيادة اللبنانية قبل البدء باحتلالها تدريجيا. المطلوب العودة الى خط الانسحاب السابق بموجب اتفاق الهدنة". وقد تكون عودة الموفد الأميركي آموس هوكشتين إلى لبنان مدرجة تحت هذا العنوان تمهيدًا لإعادة البحث في إحياء اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل الموقعة بينهما في العام 1949، وهي التي اعتبرت في حينه حدثًا بارزًا ومهمًا في تاريخ لبنان الحديث وفي مسار الصراع اللبناني – الإسرائيلي الذي استحوذ على مساحة واسعة من هذا التاريخ، ولا يزال يمثّل العامل الأكثر إثارة في تقلّب الأوضاع اللبنانية المرتبطة شكلًا ومضمونًا بالصراع العربي - الإسرائيلي المفتوح، والذي تشكل القضية الفلسطينية بأبعادها كافة محورًا له، فضلًا عن الأطماع الإسرائيلية التاريخية بالسيطرة على أجزاء من الأراضي اللبنانية ووضع يدها على منابع المياه. وكما هو معروف فان الهدنة التي أعلنتها الاتفاقية اللبنانية - الإسرائيلية، كما الاتفاقيات العربية - الإسرائيلية الأخرى، جاءت لتوقف القتال الذي اندلع فور إعلان قيام إسرائيل، ولتتوّج المساعي الحثيثة التي بذلتها منظمة الأمم المتحدة، سواء في مجلس الأمن أو في الجمعية العامة، أو في جهود ممثليها الذين انتدبتهم إلى فلسطين، حيث شكّل الوضع على الساحة الفلسطينية يومها ولا يزال تهديدًا للأمن والسلم الدوليَّين، كما وصفه قرار مجلس الأمن الرقم 54 الصادر في 15 تموز1948. فاستدعى ذلك تدخلًا من المنظمة الدولية، ولا سيما من مجلس الأمن، وبخاصة في إجراءاته الزجرية التي نص عليها الفصل السابع من الميثاق في حالات تهديد الأمن والسلم الدوليَّين. وبعد عدة إعلانات لوقف إطلاق النار، وبالاستناد إلى الفصل السابع، أمر المجلس في قرارَيه الرقمَين 61 و62 الصادرَين في 4 و16 تشرين الثاني1948 أطراف النزاع في فلسطين، مصر، سوريا، الأردن، لبنان وإسرائيل بإعلان هدنة عامة تتضمن إقامة خطوط هدنة دائمة يُمنع تجاوزها، وانسحابًا وتخفيضًا للقوى المسلحة من جانبي هذه الخطوط ضمانًا لها. فالتزم الأطراف جميعًا تنفيذ هذين القرارَين، ووقعوا أربع اتفاقيات، من بينها اتفاقية الهدنة العامة بين لبنان وإسرائيل في 23 آذار 1949. من هذا المنطلق، اكتسبت اتفاقية الهدنة اللبنانية - الإسرائيلية أهمية في البعدَين الإقليمي والدولي. فهي بالنسبة إلى طرفيها المباشرين، إطار قانوني لضبط النزاع بينهما. وهي في الوقت نفسه أداة تجاه الأمم المتحدة ومجلس الأمن للحفاظ على الأمن والسلم الدوليَين.
فقد استمرت الاتفاقية منذ توقيعها ولغاية العام 1967، نظامًا فعّالًا لمراقبة الأمن في منطقة الحدود بين لبنان وإسرائيل. لكنّ حرب الخامس من حزيران 1967، دفعت بإسرائيل إلى إعلان تخلّيها عنها وعن النظام الذي أنشأته تلك الاتفاقية الدولية، مخالفةً في ذلك مبادئ وقواعد القانون الدولي المستقرة المتعلقة بالتعامل بين الدول، والالتزامات التي ترتبها الاتفاقيات الدولية.
إلى ذلك، فإن الأمم المتحدة ومجلس الأمن، منذ توقيع الاتفاقية حتى يومنا هذا، لا يزالان يعتبران بأنها إطار قانوني دولي قائم وصالح وواجب التطبيق للحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي والدولي. لكن سياسة العدوان والغطرسة التي تنتهجها إسرائيل في المنطقة عامة وتجاه لبنان خاصة، أظهرت بأنها غير مكترثة لا للقانون الدولي ولا للشرعية الدولية، وغير معنية بالأمن والسلم في هذه المنطقة من العالم. فالدعم الذي وفّرته عدة قوى عالمية لإسرائيل، أدى إلى عجز الأمم المتحدة على إرغامها التقيّد بالقرارات والمواثيق والاتفاقات الدولية، ولا سيما تلك التي وقّعت هي عليها ومن ضمنها اتفاقية الهدنة مع لبنان.
وعلى رغم كل ما يجري في الميدان فإن الاتفاقية لا تزال تشكل إطارًا قانونيًا لضبط النزاع بين لبنان وإسرائيل. وهذا ما ستكشفه الأيام الطالعة المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بین لبنان وإسرائیل الأمم المتحدة اتفاق الهدنة الأمن والسلم مجلس الأمن یجری فی
إقرأ أيضاً:
النقد الدولي: ندعم الإصلاحات العراقية التي تبعد سوق النفط عن الأزمات
الأثنين, 10 يونيو 2024 10:05 ص
متابعة/ المركز الخبري الوطني
قال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في العراق غازي شبيكات، إن الصندوق يدعم الإصلاحات العراقية التي تحقق استدامة مالية تبعد العراق عن أي أزمات تتعرض لها السوق النفطية والتي يعتمدها العراق في تغطية نفقاته السنوية، متوقعاً حصول نموّ في الاقتصاد العراقي خلال السنوات المقبلة.
*ماذا يتوقع الصندوق لمستقبل الاقتصاد العراقي؟
– الصندوق يتوقع حصول نمو في الاقتصاد الكلي العراقي، بالتزامن مع الإصلاحات التي تتبناها الحكومة بهدف خلق معالجات واقعية لمجمل المشكلات الاقتصادية، ولمسنا جدية من الحكومة العراقية في مجال تحقيق إصلاحات اقتصادية توطد العلاقة مع الصندوق وهذا يشجع على ترصين التعاون بالشكل الذي يخدم الاقتصاد العراقي الذي يعاني مشكلات مزمنة.
*كيف يدعم الصندوق الاقتصاد العراقي وما وجه الدعم؟
إنَّ صندوق النقد الدولي يدعم الإصلاحات العراقية التي تحقق استدامة مالية تبعد العراق عن أي أزمات تتعرض لها السوق النفطية والتي يعتمدها العراق في تغطية نفقاته السنوية، لاسيما أنَّ بلداً مثل العراق يحتاج إلى إيرادات كبيرة لتغطية حاجة جميع القطاعات، وهذا يحتاج إلى خلق استدامة مالية حقيقية من خلال إحياء القطاعات الإنتاجية والخدمية وجعل دورة رأس المال في إطار محلي.
*بماذا تنصحون بشأن تخفيف معدلات البطالة؟
العراق يجب أن يركز على سوق العمل وأن تُخلق مزايا في القطاع الخاص توازي ما يحصل عليه في القطاع العام، ليتم التوجه إلى التوظيف في القطاع الخاص الذي يجب أن ينشّط بحدود تتناسب وقدرات العراق الاقتصادية.
*ماذا تحتاج سوق العمل العراقية؟
- لابد من العمل على تدريب وتأهيل الموارد البشرية في جميع الاختصاصات في ظل وجود ثروة بشرية يمكن أن توظف بالشكل الذي يخدم العراق، مع ضرورة خلق أيدي عمل ماهرة في جميع القطاعات وبالشكل الذي يتناسب مع السياسة الحكومية الإصلاحية.
*برأيكم أين مكامن القوة في الاقتصاد؟
– إنَّ القطاع الخاص يمثل قوة اقتصادية يمكنها أن تقهر التحديات وتنهض بالاقتصاد الوطني بشكل تدريجي فهو يعالج كثيراً من المشكلات، لا سيما أنَّ العراق يمكنه تحقيق تعدد في الإيرادات من القطاعات ومنها يتميز بتحقيق إيرادات مستدامة.
*ماذا عن القطاع المالي؟
إنَّ التنافسية في قطاع المال يمكنها أن تخلق قطاعاً مالياً رصيناً ذا خدمات متطورة وبمسارات أموال آمنة وشفافة داعمة للاقتصاد ومراحل النهوض التي ينشدها ويعمل على بلوغها ويصل إلى أهم الأهداف المتمثلة بالاستدامة المالية.