الموقف الأردني بوجه المخاطر بعد «طوفان الأقصى»
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
الموقف الأردني بوجه المخاطر بعد «طوفان الأقصى»
عندما يتعلق الأمر بالأوطان لا مجال لمزاحمة الأرقام. وتصبح الأولويات واضحة في حماية الموقف السياسي للدولة، وأيضا الموقف الشعبي لعموم المواطنين.
المقاربة الرسمية وإن سجلت أعلى اشتباك دبلوماسي وسياسي دوليا وعربيا وإقليميا مع اليمين الإسرائيلي لا تزال قاصرة عندما يتعلق الأمر بمصارحة الشعب الأردني.
مطلوب يقظة تتجاوز حالة الاستدراك، ولا بد من نبذ وتضييق الخناق على تلك الشريحة التي لا زالت تقف عند حدود التكيف والتعايش فقط مع نتائج الصراع الحالي.
الشعب الأردني اقتصاديا وماليا لديه اليوم قابلية كبيرة جدا ومرنة لتحمل أي عواقب مع الدولة، جراء نزاهة الموقف الوطني والرسمي، بصرف النظر عن الأرقام والخسائر.
* * *
التجول هذه الأيام وسط نقاشات مع كبار السياسيين الأردنيين وحصرا من طبقة رجال الدولة تؤسس للهوامش الفارقة ما بين قراءة واعية وعميقة إلى حد ما لمشهد الطوفان الفلسطيني وتداعيات أطماع وطموحات اليمين الإسرائيلي، وما بين الرؤية التنفيذية لبعض موظفي السلطة الرسمية والحكومة الآن من المؤمنين بشرائح التكيف مع المسارات أو المرتجفين في اتجاه عدم اتخاذ قرارات ومسارات واتجاهات وإجراءات تناسب حجم التحديات التي فرضها إيقاع القصف الإسرائيلي العنيف لأهداف التهجير.
التهجير أو التحريك الديموغرافي لم يعد سرا أنه يضرب كل الأوتار والأعصاب الحساسة للأردن والأردنيين.
وزير الخارجية أيمن الصفدي أبلغني شخصيا قبل يومين بأن المملكة بمعادلة مختلفة بحكم الخبرة والالتصاق الجغرافي والنسيج الاجتماعي مختلفة عن بقية الدول تجاه الموضوع الفلسطيني، واعتبر الوزير بصراحة بأن «كل ما يحصل أو سيحصل في فلسطين المحتلة مؤثر أساسي ليس في مشاعر ومواقف الأردن ولكن في مصالحه ورؤيته». كلام معقول ويعكس الواقع كما هو.
لكن ما زلنا بكل صراحة كمراقبين نشعر بأن المقاربة الرسمية وإن كانت سجلت أعلى معدلات الاشتباك الدبلوماسي والسياسي دوليا وعربيا وإقليميا مع اتجاهات اليمين الإسرائيلي إلا أنها لا تزال قاصرة عندما يتعلق الأمر بمصارحة الشعب الأردني أو إعادة تأطير قواه الحية وفتح المجال لنقاشات جادة وحساسة لتجيب على الأسئلة الحساسة العالقة في ذهن المواطن الأردني هذه الأيام.
ليس سرا أن المواطن الأردني قلق من خطط وسلوكيات اليمين الإسرائيلي والأهم من عودة سيناريوهات تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردنيين ومستقبلهم، وذلك القلق اندماجي اجتماعيا بمعنى أنه يشمل كل مكونات المجتمع، الأمر الذي يوفر قاعدة كبيرة لإطلاق طاقات إضافية أمام هوامش المناورة للقرار الرسمي لابد من استثمارها وتوظيفها حتى «ينتج أو يخلق» الأردن من جديد.
صحيح أن الموقف الرسمي الأردني خارج نطاق المزاودة وأنه الأفضل عربيا ومتقدم إسلاميا
والصحيح أن الأردن قد يكون الدولة العربية الوحيدة التي اعتبرت أن التهجير في غزة أو في الضفة الغربية بمثابة إعلان حرب على المملكة، لكن في المستوى الإجرائي والتنفيذي مازلنا نرصد تلك الاختراقات والانتهاكات التي توحي بأن مسار التكيف والتعايش لايزال على قيد الحياة بالرغم من الثوابت المرجعية المعلنة ومن الاتجاهات غير القابلة للتأويل على مستوى الشارع الأردني بكل مكوناته الاجتماعية والسياسية.
ومن هنا تكتسب جولة في عقل الموقف الحكومي أهميتها. كما تكتسب جولة أخرى في عقل نخبة من كبار السياسيين أهميتها القصوى لأن حجم إدراك المخاطر زاد بمعدلات قياسية في الأردن.
ولأن الاعتقاد راسخ اليوم بأن تمكين اليمين الإسرائيلي من برنامج عمله في قطاع غزة حتى في جزئية إعادة بناء مشهد مستقبل القطاع ثم تمكينه من الاستحكام في الضفة الغربية بمعنى التهجير والتحريك الديمغرافي، وإلغاء دور السلطة واتفاقية أوسلو وضم الأراضي إلى الاحتلال رسميا، وأيضا بمعنى حسم الصراع بدلا من إدارته..
كل تلك المعطيات الإسرائيلية لا تقف عمليا عند حدود الشغب على مصالح الأردن، بل تجتث تلك المصالح وتعيد إنتاجها بطريقة توحي بخطر شديد وهو خطر بالتأكيد لم يقف عند حدود لا التوطين ولا الوطن البديل.
النقاشات عاصفة في الحالة النخبوية الأردنية.
وفي لقاء مع نخبة من كبار السياسيين مؤخرا، استمعت إلى تقييمات عميقة لإعادة التموقع والموقف الأردني في مواجهة المخاطر وإنكارها.
ولا يزال كبار الساسة يؤمنون، وحصرا الذين سمعتهم وبينهم رؤساء وزارات سابقون وأشخاص مهمون جدا في الماضي في صناعة القرار وفي صدارة مكانهم في المجتمع، يحذرون من أن اليقظة مطلوبة في هذه الأيام الصعبة، كما يحذرون من أن كلفة التكيف والتعايش ستزيد الفاتورة المطلوبة من الأردنيين مسبقا.
سمعت في جولة وسط السياسيين كلاما عميقا ومريحا حول تزايد الإيمان بأن مصالح الأردن مستقبلا بأن تحسم المقاومة الفلسطينية المعركة بمعنى أن تصمد في مواجهة آلة الشر الإجرامية الإسرائيلية.
وليس غريبا إزاء عمق القصف وحجم الإرهاب الإسرائيلي أن تبرز أصوات من هذا النوع وسط الطبقة السياسية العليا في المجتمع الأردني.
لكن الغريب أن تبقى السلطات التنفيذية والحكومة من بينها ضمن مقاربات مرتبطة بحسابات الأرقام، سواء في عائدات الجمارك أو الضرائب أو في تنشيط الدورة الاقتصادية أو في الخسائر الناتجة عن مسائل شعبية والشعبوية مثل الإضراب والمقاطعة.
عندما يتعلق الأمر بالأوطان لا مجال لمزاحمة الأرقام. وتصبح الأولويات واضحة في حماية الموقف السياسي للدولة، وأيضا الموقف الشعبي لعموم المواطنين.
وبالتالي المطلوب يقظة تتجاوز حالة الاستدراك، ولا بد من نبذ وتضييق الخناق على تلك الشريحة التي لا زالت تقف عند حدود التكيف والتعايش فقط مع نتائج الصراع الحالي، والعلم مسبقا بأن الشعب الأردني اقتصاديا وماليا لديه اليوم قابلية كبيرة جدا ومرنة لتحمل أي عواقب مع الدولة، جراء نزاهة الموقف الوطني والرسمي، وبصرف النظر عن الأرقام والخسائر.
*بسام البدارين كاتب وإعلامي أردني
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الأردن اشتباك أيمن الصفدي الموقف الشعبي اليمين الإسرائيلي الموقف الوطني الیمین الإسرائیلی عندما یتعلق الأمر الشعب الأردنی عند حدود
إقرأ أيضاً:
التلفزيون الأردني يشطب اقتباسا لـسمية الغنوشي بسبب موقفها المسيء (شاهد)
أثار عرض التلفزيون الأردني جزءًا من مقال الكاتبة والباحثة سمية الغنوشي، نجلَة زعيم حركة النهضة التونسية، جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأعلن مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني، إبراهيم البواريد، عبر منشور على صفحته الرسمية بمنصة "إكس"، أنه تم بالخطأ استخدام جزء من مقالة منشورة في موقع "عربي 21" للكاتبة الغنوشي، بسبب مواقف الكاتبة، التي قال إنها "مسيئة للأردن".
تم بالخطأ استخدام جزء من مقالة منشورة في موقع عربي ٢١ لكاتبة اساءت لمواقف الأردن ، شطبت وفتح تحقيق بالأمر، التلفزيون الأردني لن يكون منبرا لهؤلاء. — IBRAHIM M Albawarid (@albawarid) February 1, 2025
وأكد البواريد أنه تم شطب الجزء المذكور وفتح تحقيق في الأمر، مشددًا على أن "التلفزيون الأردني لن يكون منبرًا لهؤلاء".
وكان التلفزيون الأردني قد عرض جزءًا من مقال لرئيسة تحرير مجلة "ميم"، والذي نُشر على موقع "عربي 21" تحت عنوان "لا يا ترامب.. غزة ليست عقارًا للبيع والشراء!".
وقالت الغنوشي في المقال: "حلم بات أقرب للمنال اليوم بعدما تفضل نتنياهو بإتمام نصف المهمة عبر نسف جل معمار غزة، ببيوتها ومستشفياتها ومدارسها وجامعاتها وجوامعها وكنائسها وكل مقومات الحياة فيها".
برنامج بين السطور يشير في برنامجه إلى مقال ل الغنوشي بنت النهضة التونسية الإرهابية وصاحبة مجلة ميم التي تهاجم #الأردن والملك دائما وتتهم الاردن بالخيانة.
فريق الاعداد #خائن ويدعم اعداء الوطن أو غبي ولا يعلم اعداء الوطن ويجب فصله.#الاردن_للاردنيين @PrimeMinistry @JrtvMedia pic.twitter.com/dJZOgDsAnC — Ali Shunnaq (@schunnaq) February 1, 2025
وأضافت "صارت غزة إذن عقارًا بكرًا جاهزًا للاستثمار والبيع والشراء. عقار مهجور بلا ملاك ولا حجج ملكية. أرض بلا شعب لعصابة من اللصوص يسيل لعابها للاستحواذ عليها، كما استولوا على ما قبلها في يافا وحيفا وعكا.. عقار ثمين على شاطئ البحر، بلا أصحاب ولا أسماء ولا عناوين ولا ماضٍ ولا ذاكرة ولا تاريخ ولا معالم ولا هوية".
من جهة أخرى، انتقد حساب على منصة إكس يحمل اسم معتصم المومني، الغنوشي متهمًا إياها بمهاجمة الأردن بشكل مستمر، خاصة بعد ما أسماه "نكبة السابع من أكتوبر".
وأشار الحساب إلى أن الأردنيين ردوا عليها آلاف المرات ولم يسمحوا لها بنشر "سمومها وأفكارها الكاذبة والافتراءات عن الأردن". وأعرب الحساب عن استيائه من مشاركة التلفزيون الأردني لتغريدة للكاتبة، معتبرًا أنها شخصية "لا تستحق التقدير".
سمية الغنوشي التي لم تتوقف يوماً عن مهاجمة الأردن وخاصة من بعد نكبة السابع من اكتوبر
ورد عليها الأردنيون الالاف المرات ولم يسمحوا لها ان تنشر سمومها وأفكارها الكاذبة والافتراءات عن الأردن .
التلفزيون الأردني يرى بأنها شخصية مهمة ويشارك تغريدة لها .
حدا يمر يدعسني يريحني pic.twitter.com/mNRShz8CqX — معتصم المومني (@mutasemmomani) January 31, 2025
التلفزيون الأردني مؤسسة وطنية تقع عليها مسؤوليّة كبيرة والعاملين فيها من خلال القيام بمهام واعمال موكولة لهم على أكمل وجه ضمن ضوابط الإعلام الرسمي! لهذا وجب لزاما توخي الدقة والبحث قبل نقل أو تبني ماهو مشبوه ومتخصص بنشر الاساءة وتحريض على الاردن وقيادته.
مثل الغنوشي عبر مجلة ميم pic.twitter.com/r2ioVP3fII — Alaa A. Al_jbour???????? (@AlaaAAljbour1) January 31, 2025
التلفزيون الاردني يستشهد في تغريدة سمية الغنوشي رئيسة تحرير مجلة ميم الصفوية الولائية التي تبث سمومها من تونس
ولكن لا اعرف هل التلفزيون الاردني تناسى التغريدة الثانية للاخونجية الولائية الغنوشي pic.twitter.com/yHvDTYy6TA — الثائر (@Saddam200341842) February 1, 2025
اذا انتم إدارة تلفزيون تقولوا خطأ وما بتعرفوا من هي سمية الغنوشي ابنة راشد الغنوشي فيجب تقديم استقالاتكم بلا اعتذار بلا فتح تحقيق.
سمية متزوجة من القيادي في حركة النهضة وعضو مكتبها التنفيذي رفيق عبد السلام الذي شغل منصب وزير خارجية تونس في أول حكومة تشكلت بعد الثورة عام 2011. pic.twitter.com/j69zp5ITSQ — وحيد الطوالبة - Waheed tawalbeh (@waheed_tawa64) February 1, 2025