التعليم تحت الأنقاض.. قصص نجاح المدارس المنزلية بدارفور
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
الفاشر- تعيش فاطمة صالح مع أسرتها في ملجأ لإيواء النازحين بمدينة الفاشر ولاية شمال دارفور غرب السودان بعد أن نزحوا إليها من منزلهم بسبب الحرب، لم تفقد الأمل والإصرار على مواصلة التعلم.
تحمل فاطمة (10 سنوات) صباح كل يوم حقيبة على ظهرها بها مجموعة من الكتب لحضور درس صغير يلقيه أحد معلميها المتطوعين في أحد المنازل بوسط المدينة، لتبدأ رحلتها التعليمية في تعلم فن القراءة والكتابة والرياضيات مع أخريات رغم ظروف الحياة الصعبة التي تواجهها ونقص الموارد التعليمية.
"العلم في الصغر كالنقش على الحجر، وإن لم تكن كتابا تفيد غيرك فكن قارئا تفيد نفسك"، بهذه الجملة البسيطة تلخص فاطمة رحلة تعليمها المنزلي دون أن تفقد يوما رباطة جأشها، محاولة التغلب على الصعوبات لتحقيق أمنيتها.
تقول للجزيرة نت: "ولدت وترعرعت في مدينة الفاشر لأسرة بسيطة مكونة من 6 أفراد، ما إن بدأت في سلم التعليم حتى اندلعت الحرب اللعينة التي دمرت كل شيء، استطعت بعد ترك المدرسة الحكومية قسريا بسبب الحرب، الالتحاق بمعهد مشاعل للتعليم المنزلي حيث تعلمت فيه الكثير من علوم القراءة والكتابة والرياضيات كما تمكنت من حفظ آيات من القرآن الكريم وإتقان تلاوتها".
ومنذ أكثر من 8 أشهر على اندلاع الحرب، عُلقت جميع جوانب الحياة في السودان من بينها نظام التعليم، حيث تفككت البنية التحتية للمدارس في مناطق عدة وتأثر آلاف الطلاب والمعلمين ممن أُجبروا على الفرار من منازلهم وترك دروسهم ومدارسهم، إلى جانب تعرض مدارس عديدة لأضرار كبيرة وتدمير بعضها بالكامل، في حين أصبح البعض الآخر مأوى للنازحين والمشردين وثكنات عسكرية.
ومع ذلك، تبدو على فاطمة السعادة والرضا فيما تقوم به من جهد للحصول على تعليم منزلي أصبح آمنا وقريبا من أسرتها بمركز الإيواء في المدينة.
يقول محمد عبد الرحمن "مشاعل" صاحب فكرة مدرسة عائلية بمنزله في مدينة الفاشر إنه مع تبعات أوضاع الحرب، تعطلت الدراسة أكثر من 8 أشهر وتحولت المدارس في المدينة إلى أماكن للمعاناة والتشرد، وتعذر على الطلاب الوصول إلى التعليم.
وأضاف أنه على إثر ذلك أطلق مبادرته الطوعية بتحويل جانب من منزله إلى مدرسة لتعليم الفتيات حتى يتمكنّ من الاستمرار في التعلم والحصول على ما يحتجنه لتطوير مهاراتهن في العلوم المختلفة.
وأوضح "مشاعل"، في حديث للجزيرة نت، أن مبادرته قد تكون حلا مؤقتا في ظل الظروف القاسية التي تمر بها البلاد، وأنه يأمل في استمرارها مستقبلا، خاصة وأن عدد الفتيات الدارسات فاق الـ70، وذكر أنه واجه تحديات كبيرة في سبيل إنشاء المدرسة تمثلت في توفير تجهيزات ملائمة من أثاث وسبورات وأدوات تعليمية أخرى.
تقول وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي بإقليم دارفور توحيدة عبد الرحمن يوسف، للجزيرة نت، إن العملية التعليمية تأثرت بالحرب مثلما تأثرت قطاعات الحياة الأخرى.
وأضافت أن الحرب شرّدت مديري التعليم والمعلمين والطلاب وقتلت بعضهم. وأوضحت الوزيرة أن الأولوية في الوقت الراهن هي إيقاف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء وتوفير مأوى وإخلاء المرافق التعليمية بإيجاد بدائل لمراكز إيواء النازحين، علاوة على حصر المؤسسات وإعادة تشييد المباني وتوفير الأثاث للمكاتب والمقاعد وغيرها من المساعدات التعليمية.
وأشارت الوزيرة إلى الدمار والخراب الناجمين عن عمليات النهب والسرقة والحرق التي طالت العديد من المرافق التعليمية في البلاد.
من جانبه، يقول الخبير التربوي مدير عام وزارة التربية بولاية شمال دارفور أحمد هارون مستور، إن الدولة توقفت تماما عن التعليم في جميع المناطق وإن هناك أضرارا كبيرة لحقت بالبنية التحتية بالولاية خاصة في محليات الفاشر وطويلة وكتم وكبكابية ومليط.
وأضاف أن رؤية وزارته لاستئناف العملية التعليمية سُلمت للجهات المعنية بالأمر في الولاية والمركز وأن محورها الرئيسي هو وقف الحرب أولا وإعادة تأهيل المرافق، ولفت إلى خيبة الأمل التي لحقت بالمجتمعات المحلية حول مستقبل تعليم أبنائهم الذين منهم من هاجر ومن نزح إلى داخل السودان.
يؤكد الخبير جمال بخيت أحد قادة التعليم بدارفور، أن الحرب عرّضت آلاف الطلاب والمعلمين للخطر حيث لم يتم دفع الرواتب منذ أكثر من 8 أشهر، ما تسبب في هجرة الكثير من الخبرات والعقول المهنية إلى الخارج.
وقال إن طبيعة الوضع في السودان تجعل من المستحيل على المهاجرين العودة إلى ديارهم خاصة إن وجدوا ظروفا أفضل، وشدد على ضرورة أن تلتفت الأُسر إلى أهمية مواصلة تعليم أبنائها عبر المدارس المنزلية رغم استمرار هذه الحرب.
من جانبه، يؤكد الصحفي والمحلل السياسي عبد الله إسحاق من أم درمان، في حديثه للجزيرة نت، نجاح تجربة المدارس المنزلية في البيوت والمساجد بمنطقة الصالحة أم درمان.
وقال إنهم، كلجنة للخدمات والطوارئ، بدؤوا التجربة التي كانت ناجحة في بداياتها بتدافع الطلاب، ولكن سرعان ما توقفت بسبب اشتداد القتال في المنطقة، مناشدا الجميع العمل من أجل وقف الحرب في السودان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: للجزیرة نت فی السودان
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: نزوح جماعي من مخيم زمزم ويجب حماية المدنيين
الأمم المتحدة أكدت أن التدفق الهائل للنازحين إلى المجتمعات والبلدات المضيفة يخلق ضغطاً حرجاً في أنحاء شمال دارفور.
التغيير: وكالات
قالت الأمم المتحدة إن سكان الفاشر وطويلة وأجزاء أخرى من ولاية شمال دارفور يواجهون “وضعا مروعا” بسبب النزوح الجماعي وسقوط ضحايا من المدنيين وتزايد الاحتياجات الإنسانية، حيث سعى العديد من المدنيين إلى إيجاد الأمن والمأوى بعد استيلاء قوات الدعم السريع على مخيم زمزم.
وأفاد شركاء الأمم المتحدة في المجال الإنساني على الأرض أن مئات الآلاف من سكان المخيم فروا إلى مواقع أخرى.
وفي مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، ذكّر المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، بأن بعض سكان المخيم كانوا يعيشون فيه منذ بداية الصراع في دارفور عام 2003، وأنه تم تأكيد ظروف المجاعة هناك مؤخرا.
وقال: “إن التدفق الهائل للنازحين إلى المجتمعات والبلدات المضيفة حيث الاحتياجات مرتفعة بالفعل يخلق ضغطا حرجا على الخدمات الصحية والبنية التحتية للمياه وأنظمة الغذاء المحلية في جميع أنحاء شمال دارفور”.
القدرة على الاستجابةوقال دوجاريك- بحسب مركز أخبار الأمم المتحدة- إن المنظمة وشركاءها الإنسانيين يوسعون نطاق عملياتهم لتلبية الاحتياجات المتزايدة في مناطق متعددة من الولاية، إلا أن حجم النزوح، إلى جانب انعدام الأمن والقيود اللوجستية المتزايدة التي أعاقت وصول المساعدات الإنسانية، “يُثقل كاهل القدرة على الاستجابة بشدة”.
وأشار المتحدث باسم الأمم المتحدة إلى العمل على تنسيق مهمة عبر الحدود من تشاد إلى دارفور في الأيام المقبلة، ستحمل مساعدات لما يصل إلى 40 ألف شخص. بالإضافة إلى ذلك، تدير المنظمات غير الحكومية المحلية في الفاشر عيادات صحية متنقلة وعيادات تغذية، وقد أطلقت مشروعا لنقل المياه بالشاحنات، يوفر 20 مترا مكعبا من المياه يوميا لعشرة آلاف شخص.
ودعا دوجاريك جميع الأطراف إلى احترام القانون الدولي الإنساني، وضمان المرور الآمن للمدنيين، وتسهيل وتمكين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
لعمامرة يكثف المساعيوفي سياق متصل، وصل المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان، رمطان لعمامرة، إلى بورتسودان، حيث التقى بالجنرال عبد الفتاح البرهان قائد القوات المسلحة السودانية، بالإضافة إلى كبار المسؤولين الآخرين.
وتأتي هذه الزيارة في إطار تكثيف مشاوراته وتواصله مع الأطراف وجميع الجهات المعنية لاستكشاف سُبل تعزيز حماية المدنيين وأي جهد لتهدئة الصراع.
وقال دوجاريك إن المبعوث الشخصي سيؤكد من جديد خلال زياراته دعوة الأمم المتحدة إلى حوار عاجل وحقيقي بين أطراف الصراع من أجل وقف فوري للأعمال العدائية.
وجدد المتحدث دعوات الأمم المتحدة إلى عملية سياسية شاملة لمنع مزيد من التصعيد، وحماية المدنيين، وإعادة السودان إلى مسار السلام والاستقرار.
وأضاف: “نحث الأطراف على اغتنام فرصة زيارة السيد لعمامرة إلى البلاد والمنطقة للالتزام بالانخراط في طريق شامل للمضي قدما وتعزيز حماية المدنيين، بما في ذلك من خلال محادثات غير مباشرة محتملة”.
الوسومالأمم المتحدة السودان الفاشر جنيف رمطان لعمامرة زمزم ستيفان دوجاريك شمال دارفور طويلة