كاتب أمريكي: مذبحة بحق الصحفيين في غزة بفعل الحرب.. والدحدوح أصبح رمزا
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
نشرت صحيفة "واشنطن بوست"، مقالا للصحفي إيشان ثارور، أشار فيه إلى أن الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح أصبح أحد الوجوه الأكثر شهرة في قطاع غزة غزة، كما أنه أصبح رمزا لكارثة المنطقة المحاصرة.
وأضاف أنه أثناء تغطيته خلال المراحل الأولى من الصراع، علم المراسل المخضرم لقناة "الجزيرة" أن الغارات الجوية التي غطاها من الأرض طوال اليوم قتلت زوجته واثنين من أطفاله وحفيده الرضيع، إلا أن الدحدوح عاد إلى العمل في اليوم التالي، منهكا لكنه ثابت.
ولفت المقال إلى أن الدحدوح بصفته رئيس مكتب غزة لشبكة الأخبار المؤثرة التي تتخذ من قطر مقرا لها، فقد قام بتغطية أسابيع الحرب التي تلت ذلك. واتسعت دائرة الحملة الإسرائيلية لتصل إلى جنوب غزة. وفي كانون الأول/ ديسمبر، أصيب الدحدوح وقُتل مصوره في غارة إسرائيلية بطائرة بدون طيار أثناء قيامهما بتغطية الأحداث من بلدة خانيونس الجنوبية. لقد عاد لتقديم التقارير في اليوم التالي. خلال نهاية هذا الأسبوع، وقعت المأساة مرة أخرى عندما استهدفت غارة إسرائيلية أخرى بطائرة بدون طيار سيارة تقل مجموعة من الصحفيين في مهمة بالقرب من رفح على طول حدود غزة مع مصر. وأدى الهجوم إلى مقتل صحفيين فلسطينيين هما ابنه حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا.
وأشار المقال إلى أن وائل وائل الحزين ظهر في مقطع فيديو ظهر لاحقا، قائلا إن حمزة كان "أنفاسي وروحي"، وهو شعور كان حمزة قد بادله والده فيما كان واحدا من آخر منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي. وكانت معاناة أسرتهم المتفاقمة بمثابة صورة قوية لما تعانيه آلاف الأسر الفلسطينية في غزة وسط القصف اليومي والبحث المستمر عن الغذاء والضروريات الأساسية للبقاء على قيد الحياة.
وذكر المقال أن مراسلي الصحيفة قالوا في أحد تقاريرهم: "في مقطع فيديو منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، ظهر وائل في حفل زفاف حمزة عام 2022، مبتسما وذراعيه مفتوحان بينما قام الضيوف بقذف والد العريس عاليا ثم أمسكوا به مرة أخرى. يوم الأحد، بدا خاليا، واقفا فوق جثة حمزة في المشرحة، ممسكا بيده ويتمتم بهدوء. وبعد ذلك، لف ذراعيه حول وفاء، أرملة ابنه بينما كانت تضع وجهها على صدر حمزة".
ووفقا لإحصاء لجنة حماية الصحفيين، قُتل ما لا يقل عن 79 صحفيا وعاملا في مجال الإعلام منذ بدء الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وقدرت السلطات الفلسطينية المحلية هذا العدد بأكثر من 100. وفي كلتا الحالتين، يعد هذا أكبر عدد من القتلى من الصحفيين في منطقة نزاع منذ سنوات، وهو ما يتجاوز عدد القتلى من الصحافة العاملة في أوكرانيا على مدى العامين الماضيين في غضون أشهر فقط. ووفقا لأحد التقديرات، فقد قُتل بالفعل واحد من كل 10 صحفيين في قطاع غزة.
وقال معد المقال إن السلطات الإسرائيلية زعمت أن الغارة التي قتلت نجل الدحدوح كانت تستهدف “إرهابيا” داخل السيارة كان يشغل درون تصوير ما يعرض القوات الإسرائيلية “للخطر”. ويستخدم الصحفيون في غزة، منذ أسابيع، لقطات من الدرونات لتوثيق حجم الدمار الذي أحدثه القصف الإسرائيلي.
وأضاف أنه "ردا على تقرير سابق عن الصحفيين القتلى كتبها زملائي في تشرين الثاني/ نوفمبر، أرسل الجيش الإسرائيلي إلى صحيفة واشنطن بوست بيانا ألقى فيه باللوم على حركة حماس المسلحة في تعريض المدنيين، بما في ذلك الصحفيين، للخطر من خلال عملياتها".
وجاء في البيان أن “الجيش الإسرائيلي لا يستهدف الصحفيين عمدا، ويتخذ إجراءات للتخفيف من الأذى غير المقصود للصحفيين وجميع المدنيين”، مضيفا أن الجيش “يستهدف جميع أنشطة حماس العسكرية في جميع أنحاء غزة”، الأمر الذي ينطوي على “ضربات عالية الكثافة، والتي قد يتسبب في أضرار للمباني والمناطق المحيطة"، وفقا لما نقله معد المقال.
وذكر الكاتب أن مثل هذه التوضيحات غير كافية للمؤسسات الإعلامية والجماعات الحقوقية. واتهمت "الجزيرة" إسرائيل بـ"انتهاك مبادئ حرية الصحافة" واستهداف الصحفيين عمدا. وقال شريف منصور من لجنة حماية الصحفيين في بيان له: "يجب التحقيق بشكل مستقل في مقتل الصحفيين حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا، ويجب محاسبة من يقفون وراء مقتلهما. يجب أن يتوقف القتل المستمر للصحفيين وأفراد أسرهم بنيران الجيش الإسرائيلي: فالصحفيون مدنيون، وليسوا أهدافا".
ولفت إلى أنه قبل الحرب على غزة، كان منتقدو "إسرائيل" يشتكون منذ فترة طويلة على الحصانة النسبية التي يتمتع بها جيشها في الأراضي الفلسطينية. وحتى يومنا هذا، لم يتعرض أي جندي أو مسؤول إسرائيلي لأي عواقب لمقتل صحفية "الجزيرة" شيرين أبو عاقلة في بلدة جنين بالضفة الغربية. كانت أبو عاقلة أيضا مواطنة أمريكية، لكن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، رغم أنها مدافع قوي عن حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم، لم تتكلم إلا عن الحاجة إلى المساءلة.
وفعلت الشيء نفسه خلال عطلة نهاية الأسبوع، وفقا للمقال. وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن للصحفيين أثناء توقفه في قطر، في إشارة إلى محنة الدحدوح: "أنا شخصيا والد، لا أستطيع أن أتخيل الرعب الذي تعرض له، ليس مرة واحدة، ولكن الآن مرتين. إنها مأساة لا يمكن تصورها، وهذا هو الحال أيضا بالنسبة لعدد كبير جدا من الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين الأبرياء".
وشدد كاتب المقال على أن الصحفيين المتبقين في غزة يعملون في بيئة هي الأكثر تحديا وخطورة في العالم بالنسبة لوسائل الإعلام. وعندما لا يحاولون تتبع التطورات على الخطوط الأمامية غير الواضحة والمدمرة، فإنهم يقومون بتوثيق صراعاتهم اليومية من أجل تدبر أمورهم ببساطة، بدءا من جمع المياه، إلى البحث عن الإنترنت، إلى الحداد على أقاربهم وأصدقائهم المفقودين.
وفي نوفمبر /تشرين الماضي، ذكر المقال أن يمنى السيد، وهي مراسلة أخرى للجزيرة في غزة، وصفت لزملائه (في "واشنطن بوست") الصدمة الناجمة عن زيارة المستشفيات المليئة بالقتلى والجرحى. قالت "أنت ترى الجثث أمامك باستمرار". وأضافت: “إنك ترى الإصابات باستمرار. إن المناظر تطاردني في الليل. تطاردي عندما أريد أن آكل. تطاردني عندما أريد الجلوس والراحة. لا يمكنك الحصول على أي راحة".
والأحد، بعد اغتيال حمزة، نشرت السيد صورة له على وسائل التواصل الاجتماعي مع تعليق، “الكثير من الألم، الكثير من وجع القلب… لا يمكننا تحمل المزيد".
وختم المقال بالقول إن الدحدوح، مثل العديد من زملائه، مستمر في عمله. وفي مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي الاثنين، قال إنه سيواصل تقديم التقارير في ذكرى عائلته التي سقطت. وقال: "طالما أننا على قيد الحياة وطالما أننا قادرون على أداء هذا الواجب، فسوف نقوم بذلك دون تردد".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الفلسطيني وائل الدحدوح غزة الصحفيون فلسطين غزة الاحتلال الصحفيون وائل الدحدوح صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على وسائل التواصل الاجتماعی الصحفیین فی إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
افتتاحية.. لحظة العيد المضرجة بالحزن
العيد لحظة زمنية لا بد أن نعيشها بغض النظر عن الأثر الذي يمكن أن تتركه في نفوسنا؛ فليس شرطا أن يمر العيدُ علينا عيدا كما نفهمه من المعنى اللغوي للكلمة، أو أن يأتي جميلا كما نراه في نشرات الأخبار وفي الصور الملونة، فكثيرا ما يأتي العيد مشحونا بالحزن، أو مشوبا بالانتظار، أو مسكونا بالغياب.
وإذا ما تجاوزنا الفكرة الدينية أو حتى الاجتماعية للعيد فإنه يبدو مناسبة يمكن فيها أن نكتشف جوهر الإنسان، تلك الروح التي تتأرجح بين فرح ننتظره فلا يأتي، وبين الحنين لِما كان أو لِما كان يجب أن يكون.. هذه الصورة هي الأكثر حضورا إذا ما تأملنا شكل العيد في النصوص الإبداعية.. شعرا وسردا ومسرحا أو حتى في الأعمال السينمائية.
نقرأ العيد في الأدب العربي باعتباره مناسبة تفتقر إلى الاحتفال منذ المتنبي وإلى شعراء الحداثة في اللحظة الراهنة؛ فالمتنبي يقول في بيته الشهير جدا: «عيد بأية حال عدت يا عيد، بما مضى أم لأمر فيك تجديد..» ويصل إلى حد القول «فليت دونك بيدا دونها بيدُ».
ولا يحضر الفرح في قصيدة «العيد» لنازك الملائكة بل طفل حزين يطلّ من نافذة البيت على أضواء الآخرين، يتساءل عن معنى الفرح الذي يمرّ أمامه ولا يدخل بيته.
وهذا المشهد الذي رسمته نازك الملائكة للطفل الحزين في صباح العيد متكرر جدا في الأدب العربي الذي يحاول قراءة واقع الفقراء في يوم العيد بل إنها الصورة الأكثر شيوعا في محاولة رسم يوم العيد في الكثير من الأعمال الإبداعية وهي صورة لا تحضر في الأدب العربي فقط ولكنها متكررة جدا في الإبداع العالمي الذي تعامل مع العيد برؤى متعددة تراوحت بين الاحتفاء بالطقوس وبين تفكيك معاني العيد ومعاناة الفقراء فيه.
لكن العيد، حين يُستحضر في الأدب، يتجاوز طبيعته الزمنية ليصبح رمزا يتراوح بين أن يكون رمزا للبراءة المفقودة؛ كما في روايات الطفولة، أو رمزا للفقد؛ كما في قصائد الرثاء التي تتزامن مع الأعياد، أو رمزا للزيف الاجتماعي؛ حين يُطلب من الجميع أن يفرحوا قسرا، بينما الحزن يحاصرهم في كل مكان.
وإذا كانت بعض الأعمال الإبداعية قد حاولت استعادة العيد بصورته الطفولية النقية، فإنها في الوقت نفسه لم تغفل عن طرح السؤال الجوهري: ما الذي يجعل العيد عيدا؟ هل هو الطقس، أم اللقاء، أم استعادة المعنى في عالم فقدَ معانيه؟
لا يُعرّف الأدبُ العيدَ لكنه يضعنا أمام مرآته، يجعلنا نراه كما هو، وكما نتمنى أن يكون. قد يكون العيد في النصوص محطة أمل، أو لحظة وحدة، أو مجرد تاريخ نعلقه على جدار الذاكرة. لكنه يظل، في كل الأحوال، مناسبة للكشف: عن هشاشتنا، عن حاجتنا لبعضنا، وعن المعاني التي نركض خلفها كما يركض الأطفال خلف الحلوى.
وهذا العيد الذي ننتظره هذا العام يمر علينا مضرَّجا بالحزن ويذكِّرنا بقول الشاعر عمر بهاء الدين الأميري:
يمُر علينا العيدُ مُرَّا مضرَّجا
بأكبادنا والقدسُ في الأسْرِ تصرخُ