الجزيرة:
2024-11-16@09:54:19 GMT

ماذا عن اللوبي النسوي العربي وفضيحة إبستين؟

تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT

ماذا عن اللوبي النسوي العربي وفضيحة إبستين؟

تعيش الولايات المتحدة – ومعها العالم بطبيعة الحال – فضيحةً من العيار الثقيل، أبطالها صفوة المجتمع الغربي، من قادة سياسيين ورأسماليين ومفكّرين وعلماء وإعلاميين وفنانين، أما مركز الفضيحة فهو الثري الأميركي المنتحر "جيفري إبستين".

وبعيدًا عن أسئلة أسباب تفجّر الفضيحة الآن، ومدى إمكانية استخدامها في الابتزاز السياسي؟ فإن الفضيحة نفسها تمثل انحدارًا وسقوطًا يجب التوقف عنده، لنعيد الاعتبار إلى ذاتنا "المسلمة"، بكل قيمها المترعة بالأخلاق.

الوحش "إبستين"

لن نطيل سرد التفاصيل، إذ باتت من الشهرة والذيوع، بحيث يمكن الرجوع إليها.

لكن هناك محطات مهمة ينبغي التوقف عندها، ففي عام 2005، بدأت شرطة فلوريدا، التحقيق مع إبستين بتهمة التحرش بقاصر بناءً على شكوى من والدَيها.

وفي عام 2008 أقرّ إبستين بممارسة الجنس مع فتاة صغيرة تبلغ من العمر 14 عامًا، مقابل200  دولار! وحكم عليه بالسجن 18  شهرًا مع إنهاء التحقيق الفدرالي "الاتحادي" بناءً على صفقة الإقرار بالذنب، في محاكمة شابها الكثير من استغلال النفوذ للإفلات من العقوبة المستحقة.

وفي عام 2019، تم اعتقال إبستين مجددًا لمحاكمته على جرائم جنسية تتعلق باستغلال قاصرات، لكن هذه المرة كانت التهم فدرالية "اتحادية"؛ أي تخضع للتحقيق من قبل المباحث الفدرالية (FBİ)، وتنظر أمام محاكم اتحادية.

لكن لم يمر شهر حتى وُجِد الرجل ميتًا في زنزانته، في ظروف غامضة لم تفكّ شيفرتها حتى الآن.

الاسم الثاني في الفضيحة، غيسلين ماكسويل، وهي الذراع اليمنى لإبستين، وشريكته وعشيقته ومهام أخرى كانت موكولة إليها، وهي ابنة إمبراطور الصحافة روبرت ماكسويل، الذي مات أيضًا عام 1991 في ظروف غامضة، واتهم الموساد الإسرائيلي بالوقوف خلف مصرعه، حيث وجهت له اتهامات في حياته بالعمل لصالح الاستخبارات الإسرائيلية، لكنه كان ينفي ذلك.

وبعد مصرعه أقامت له إسرائيل جنازة دولة حضرها رئيس الوزراء إسحاق شامير، والرئيس حاييم هيرتزوغ، إذ كان روبرت يهودي الديانة ومعروفًا بصداقته المتميزة للدولة العبرية.

من بين بنات الطبقة الفقيرة والأسر المفككة، ونزيلات دور الرعاية والإصلاح، اختار إبستين ضحاياه، اللائي أدلين لاحقًا بشهادات مروّعة بحق ما حدث لهنّ، فقد استمعت إلى شهادة إحداهنّ وهي تقول بتأثر: " لقد افترسني إبستين، ووضعني في وضع ضعيف، واستغلني وأنا في سنّ السابعة عشرة".

وقالت أخرى: "كنت هناك للتو، وفجأة حدث لي شيء فظيع. لم يكن من المفترض أن يكون الأمر جنسيًا، لكنه كان كذلك". وأضافت: إنها أحضرت فتيات أخريات في المدرسة الثانوية إلى منزل إبستين بناءً على طلبه.

صفوة المجتمع غارقة في الوحل

لم تتوقف أنشطة إبستين عند المتعة الشخصية، بل تعدّتها إلى توزيع المتعة "الحرام" على آخرين في نشاط لم يتأكد حتى الآن هل كان له علاقة بأنشطة استخباراتية لصالح دول أخرى مثل إسرائيل أم لا؟

فقائمة الأسماء التي أمرت القاضية، لوريتا بريسكا، بالإفراج عنها- والتي تخص أصدقاء إبستين- تضم أفرادًا من عائلات ملكية، ورؤساء سابقين، وسياسيين وإعلاميين ومحامين ومفكرين وعلماء، في سلسلة طويلة من صفوة المجتمع.

نذكر منهم على سبيل المثال الأمير البريطاني، أندرو، والرئيسين الأميركيين السابقين، بيل كلينتون، وباراك أوباما، ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود باراك، والإعلامية أوبرا وينفري، وعالم الفيزياء الأشهر، ستيفن هوكينغ، والمغني الأميركي الراحل، مايكل جاكسون.

وقائمة طويلة من المشاهير، لكن الشخص الذي أثار لغطًا – ولا يزال – هو المحامي الصهيوني، وأستاذ القانون، آلان دير شوفيتز، الذي كلفه نتنياهو بتمثيل إسرائيل في الدعوى المرفوعة من دولة جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية.

وقد استمعت إلى شوفيتز في لقاء على قناة "فوكس نيوز"، فأرجع ورود اسمه في القائمة لكونه يهوديًا! متناسيًا أن ركنَي القضية إبستين وغيسلين ماكسويل يهوديان!

قيم حضارية مهدرة

نحن هنا لسنا إزاء قضية انحراف أخلاقي وفقط، بل هي قضية تفتح الباب واسعًا لمناقشة قيم الليبرالية الغربية، التي تمّ الترويج لها والعمل على تأصيلها، في فترة ما بعد الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفياتي، وتفكك حلف وارسو.

فالجناة ليسوا أشخاصًا عاديين بل هم قاطرةُ تلك الحضارة، المدافعون عنها وحماتها، وأحق الناس بتمثل قيمها اعتقادًا وسلوكًا، خاصة أنهم اجتهدوا في ترويج فكرة: "نهاية التاريخ.. وانتصار الرجل الأبيض"، وتنظيرات فرانسيس فوكوياما أوضح مثال على ذلك.

لكن الذي يحدث أثبت أن تلك الأقاويل، كانت محض تنظيرات للسيادة والسيطرة ونهب ثروات الشعوب، وفرض أسوأ ما في الأجندة الغربية علينا، مع حرماننا من أفضل ما أنتجت تلك الحضارة من قيم الحريات السياسية وتداول السلطة والتمكين الفعلي للشعوب في إدارة مجتمعاتها ورقابة التصرف في ثرواتها.. إلخ. والموقف التآمري الغربي على ثورات الربيع العربي خير مثال على ذلك.

غياب تام للنسويات العربية!

فضيحة "إبستين" لفتت مجددًا الانتباه إلى الدور بالغ الخطورة، الذي يؤديه اللوبي "النسوي" العربي، في تمرير الأجندات الغربية في مجالات المرأة والطفل والأسرة.

ففيما يخص "الطفل" تمكن ذلك اللوبي من تمرير حزمة من القوانين والتشريعات المتسقة مع التوجهات الليبرالية اليسارية الغربية، بعد الحصول على الدعم الحكومي المطلوب، وإجبار المؤسسات العلمائية على إسباغ الشرعية الدينية على تلك التشريعات دون النظر إلى مآلاتها. وسأكتفي هنا بمثالين فقط:

المثال الأول: قضية الختان، فكلنا يذكر الحرب الشعواء التي أثارتها الجمعيات النسوية على ذلك الفعل الذي يندرج تحت بند "المباح" بحق الإناث، عكس الذكور الواجب في حقهم؛ حتى نجحت في تجريمه بتشريعات نافذة. مع أن الأمر كان يمكن ضبطه طبيًا دون اللجوء إلى تلك "الهوجة".

ثم نفاجأ بعد ذلك بأن الغرب الذي وقف خلف تلك الحملات ومولها، هو نفسه الذي بدأ يمنح الأطفال الحق في تغيير الجنس، مع ما يلزمه من تشويه للأعضاء التي ولد بها ذلك الطفل، ناهيك عن تدمير حياته المستقبلية!، وتفاصيل ذلك الملف مرعبة، بحيث يتصاغر أمامها – وربما يتلاشى – ختان الإناث!

المثال الثاني: رفع سن زواج الفتاة إلى 18 عامًا، دون مراعاة لاختلاف البيئات والعادات والتقاليد داخل الدولة الواحدة، فالبيئات الحضرية تختلف عن الريفية، فضلًا عن المجتمعات ذات الطبيعة القبلية.

لكن كل ذلك تم ضرب عُرض الحائط به، وتم تمرير الأجندة "الغربية" بإرهاب اللوبي النسوي، ورأينا كيف يمكن أن يُسجن أبٌ، بسبب تزويج ابنته قبل الثامنة عشرة، حتى ولو كانت شابة يافعة، بزعم أنها "طفلة"!

ثم نفاجأ بأن الليبرالية الغربية التي وقفت خلف تمرير تلك الأجندة، هي التي تشجع البنات الصغيرات على ممارسة الجنس، وتوفر لهن سبل الرعاية والإرشاد، حتى في حدوث الحمل! ولا تجرم تلك الممارسات ما دامت أنها خارج إطار الزوجية! لنتأكد أن المقصود الأبعد كان ضرب مؤسسة الأسرة نفسها.

مقارنة أخيرة ضرورية

أخيرًا؛ لنتذكر أنه في غزة تم قتل آلاف الأطفال، بأيدٍ إسرائيلية، وفي جزيرة "إبستين" تم اغتيال براءة عشرات الطفلات، وفي الحالتَين كانت الحضارة الغربية حاضرة بشخوص زعمائها وقادتها ومفكّريها.

ليبقى السؤال الطبيعي: ألم يأن الأوان للتخلص من الاستعباد لتلك الحضارة المنهارة أخلاقيًا وقيميًا؟

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

بيان البرهان الذي تتوقعه الجماهير

المواطنون الكرام سيذيع عليكم الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس السيادي بيانا هاماً فترقبوه.
بيان الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان:
“إلى جماهير الشعب السوداني الصابر الصامد والواقف على ثغور البلاد بسواعده ودمه وابنائه تضحياته التي أذهلت العالم.
السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته قال تعالى: هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين* ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” صدق الله العظيم.
إنها كلمات مختصرة ومفردات تعد على الأصابع الممسكة بالسلاح والقابضة على الزناد، كلمات في وجة العاصفة والكلام في وجة العواصف أصدق ما فيه ما قل ودل.
لقد ظلت قواتكم المسلحة وكل المنظومة العسكرية والأمنية تقدم الغالي والنفيس في معارك الشرف والعزة والبطولة والكرامة والتضحيات، ما لانت لهم يوماً قناة ولا توارت صدوهم العارية عن المواجهة، ومن على الميمنة والميسرة منهم وقفت قوات الإسناد والمستنفرين والمقاومة الشعبية رابضون كالليوث وصامدون كالجبال الراسيات، ولأن المرحلة القادمة هي مرحلة التحرير والتغيير والتعمير فهي بهذه الشعارات ستكون وتظل معركة الشعب كله بكل قبائله وفئاته وقواعده وقواه الحية من الجنينة غربا إلى طوكر شرقاً ومن حلفا شمالاً إلى الرنك جنوباً.
معركة لا تستثني أحداً ولم ولن يتخلف عنها أحد، إنها النفرة العظمى التي تنتظر الجميع البندقية على الأكتاف والأنفس على الأكف حتى نطهر أرضنا شبراً شبراً من عصابات المرتزقة والقتلة واللصوص. معركة ليس فيها هدنة ولا استراحة محارب حتى نعيد الأرض خالصة للنماء والأنهار صافية بالقراح والجماهير موشحة بالكفاح، ومنذ اليوم سيكون كلما نملك مشاعاً للمعركة، لا ثروة لأحد إلا بعد الانتصار ولا ابناء لأحد إلا بعد الجلاء، ولا وقت لأحد إلا بعد الاستقلال الذي عرفه رافع رايته الأولى “مثل صحن الصيني لا فيهو شق لا فيهو طق”.
موائدنا منذ اليوم هي موائد الأشعريين في باحات المساجد وقارعة الطريق، نتساوى في الفقر قبل أن نتساوى في الغنى، ونتساوي في الجراح قبل أن نتساوى في المجد. فانفروا خفافاً وثقالاً فإن كل شعوب العالم الحر وقوى الخير والسلام تنتظر بفارغ الصبر انتصاركم الباهر والمزلزل على قوى الظلام والارهاب والضلالة والردة.
وستبقي رايتنا القادمة في يد الشباب الناهض الذي سيبني سودان الكفاية والعدل والعلم والايمان، السودان الذي سيشرف الانسانية جمعاء باعلان الولايات المتحدة السودانية
شباب لم تحطمه الليالي
ولم يسلم إلى الخصم العرينا
ولم تشهدهم الساحات يوما
وقد ملؤوا نواديهم مجونا
فما عرفوا التهتك في بنات
ولا عرفوا التخنث في بنينا
الله اكبر والعزة للسودان
الجندي/ عبدالفتاح عبدالرحمن البرهان.

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ناشط أمريكي مناصر لفلسطين يتعرض للملاحقة.. اتهم اللوبي الصهيوني (شاهد)
  • مازيمبي الكونغولي النسوي يعبر لنصف نهائي كأس عصبة الأبطال الأفريقية
  • الجيش الملكي النسوي يفوز على ويسترن الجنوب أفريقي ويعبر لنصف نهائي عصبة الأبطال الأفريقية
  • "العربي للدراسات": إسرائيل تخطط لابتلاع الضفة الغربية في 2025
  • بشأن جورج عبدالله.. ما الذي قرّرته محكمة فرنسيّة؟
  • بيان البرهان الذي تتوقعه الجماهير
  • باحثات وكاتبات: الإبداع النسوي تجاوز الذات إلى القضايا الكبرى
  • ماذا يعني الضم الإسرائيلي للضفة الغربية وما أهمية التوقيت الحالي؟
  • تحدَّثَ عن نصرالله.. ما الذي يخشاه جنبلاط؟
  • ماذا نعلم عن ماركو روبيو الذي اختاره ترامب وزيرا للخارجية الأمريكية بإدارته؟