نشر موقع "المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات"، تقريرا سلط خلاله الضوء عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في تايوان في الثالث عشر من كانون الثاني/ يناير باعتبارها الحدث الدولي الأكثر إثارة للاهتمام في بداية العام الجديد.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن بعض الخبراء يتوقعون اندلاع حرب كبرى أخرى على وجه التحديد بسبب الانتخابات في تايوان.



وأضاف الموقع أن هذه الحرب مجرد هدف للعبة متعددة الأطراف تمارسها الولايات المتحدة لإضعاف الصين، التي تشكل تايوان جزءا لا يتجزأ منها. بعد توحيد الصين وإعلان نفسها جمهورية في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر سنة 1949، واصلت حكومة ماو تسي تونغ عملياتها العسكرية في مختلف المناطق النائية من البلاد. فعلى سبيل المثال، لم يتم ضم منطقة التبت إلا في عام 1951.

وقد حدد جيش التحرير الشعبي لنفسه أهداف رئيسية أخرى للعمليات النهائية، بما في ذلك ضم تايوان.
والجدير بالذكر أن أكثر من مليوني جندي وموظف من حزب الكومينتانغ، الذي حكم الصين لعقود من الزمن وخسر حربا أهلية وحشية أمام الشيوعيين، فروا إلى الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 6 ملايين نسمة. وعقب الحرب الكورية وإرسال ماو تسي تونغ أفضل قواته لإنقاذ كيم إيل سونغ، أعاد الأمريكيون النظر في موقفهم تجاه شيانغ كاي شيك وأرسلوا سفن الأسطول السابع إلى مضيق تايوان التي بدأت تتحول إلى حاملة طائرات هدد منها الأمريكيون المدن في المقاطعات الساحلية المجاورة للصين، وفقا للتقرير.


وتابع الموقع قائلا إنه بعد ذلك؛ قررت واشنطن إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات ووقعت معاهدة أمنية مع تايبيه في سنة 1954 ونشرت وحدات من القوات الجوية والبحرية ومشاة البحرية في الجزيرة. وبناء عليه، امتلك جيش الكومينتانغ أسلحة حديثة، وبدأ إنتاج أسلحته الخاصة، وفي عام 1961 انطلق في تنفيذ برنامجه النووي.

وذكر الموقع أنه بعد إنشاء نظاما عسكريا صارما وخلق نظاما فعالا للتفاعل بين الاقتصادين العام والخاص وتلقي مساعدة سخية من الخارج، وقام شيانغ كاي شيك بالفعل في الستينيات بتحويل تايوان إلى واحدة من "النمور الآسيوية".

وأشار الموقع إلى أن العيش تحت "المظلة النووية" الأمريكية يمكن أن يستمر لفترة طويلة. لكن واشنطن رأت فرصة لصيد غنيمة أكبر. ومن أجل جذب الصين إلى جانب الغرب، سمحت الولايات المتحدة بطرد تايوان من الأمم المتحدة في  سنة 1971، حيث كانت تحل محل الصين. وعليه، في سنة 1978، أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وبكين وقطعت العلاقات مع تايبيه. وبسبب إقرار الكونغرس الأميركي قانونا ينص على استمرار إمداد الأسلحة تحولت تايوان مرة أخرى إلى نقطة ضغط ضد بكين.

في المقابل؛ أدى انتقال الصين إلى صف الغرب في المواجهة مع المعسكر الاشتراكي بمبادرة من دنغ شياو بينغ إلى إزالة العداء تجاه "الصين الحمراء" واستبعاد استخدام تايوان للضغط عليها من جدول الأعمال لعدة عقود. ومع ذلك، بدأ نجاح سياسة الإصلاح والانفتاح التي حققها دنغ شياو بينغ وأتباعه بمساعدة الغرب، يثير قلق السياسيين الأكثر بعد نظر، حسب ما أورده التقرير.

وذكر الموقع أنه خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما إلى بكين سنة 2009، عُرض على بكين دور "الأخ الأصغر" في مجموعة الاثنين العالمية بين الولايات المتحدة والصين. وبسبب رفض بكين هذا المقترح، أمر أوباما بعد عودته إلى واشنطن  ببدء احتواء الصين. وأعلنت وزيرة خارجيته آنذاك هيلاري كلينتون إستراتيجية "المحور نحو آسيا"، وانطلق نشر القوات المسلحة في هذا الجزء من العالم. وفي إطار ذلك، جُددت التحالفات العسكرية في المحيط الهادئ وتعززت القواعد العسكرية في اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين. ومن أجل الاحتواء الاقتصادي، أُنشئت كتلة الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، التي لم تُدعى الصين باعتبارها أكبر اقتصاد في المنطقة إليها.

وأردف الموقع أن عمليات تسليم الأسلحة الكبيرة إلى الجزيرة استؤنفت وبدأت وكالة المخابرات المركزية في جذب المنظمات المناهضة للصين، مع التركيز على تحفيز مشاعر "الهوية التايوانية"، وتفوق تايوان "الديمقراطية" على الصين "الاستبدادية". وكان المعبر عن مثل هذه المشاعر هو الحزب الديمقراطي التقدمي، الذي وضع مسارا نحو "السيادة"، أي الانفصال النهائي لتايوان عن المملكة الوسطى.

وفاز الانفصاليون للمرة الأولى في انتخابات سنة 2000. ومنذ ذلك الحين، استمر الصراع بين الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب الكومينتانغ، وسوف تُحسم المعركة التالية في الثالث عشر من كانون الثاني/يناير.

وأفاد الموقع أنه من غير المرجح أن تؤدي أي نتيجة لهذه الانتخابات إلى الأحداث المرغوبة في واشنطن، فقد أعلن المرشح الرئاسي عن الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم، "نائب رئيس تايوان" الحالي لاي تشينج تي، عن غياب خطط محددة لبدء إجراءات لمناقشة إعلان "الاستقلال"، وخاصة إضفاء الطابع الرسمي القانوني عليه.

وأورد الموقع أن الفرصة الوحيدة لتصعيد الوضع واستفزاز بكين لاتخاذ إجراءات وقائية هي تنظيم تمرد من طرف المحرضين، على غرار الاضطرابات التي شهدتها هونغ كونغ في سنة 2019 عند استغلال مجموعات من المتطرفين، معظمهم من الشباب، السخط المتراكم بين سكان منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة ونظموا مذابح في الجمعية التشريعية وفي محطات المترو والقطارات واستولوا على مطار هونغ كونغ الدولي. ومن ناحية أخرى، استخدم مثيرو الشغب في هونج كونج لغة التايوانيين ذوي التفكير المماثل.

وقال إن غياب التغيرات السريعة والدراماتيكية في تايبيه، مهما كانت نتيجة الانتخابات الحالية لا يعني غياب التداعيات على الوضع الإقليمي والعالمي.

وأكد الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال اجتماعه مع نظيره الأمريكي جو بايدن في سان فرانسيسكو، أن التدخل العسكري الصيني مستبعد عمليا. ويعتبر أقصى رد ممكن على الأحداث غير المواتية هو فرض حصار اقتصادي قصير على الجزيرة، على غرار الذي عقب وصول نانسي بيلوسي في آب/ أغسطس 2022. بدورهم، لن يتخذ الأمريكيون خطوة أبعد من تحرك مجموعات حاملات الطائرات بالقرب من تايوان وفي بحر الصين الجنوبي، حسب التقرير.


ولفت الموقع إلى أنه في المستقبل ستتطور الأحداث تبعا لنتيجة الانتخابات. وقد يؤدي انتصار الانفصاليين إلى تدهور الوضع العسكري والاقتصادي على جانبي مضيق تايوان. من جانبها، سوف تجري الطائرات والسفن الصينية مناورات على نحو متزايد، مما يدل على استعدادها لتحقيق الوحدة لا فقط من خلال الوسائل السلمية.

في هذا السياق، قد تشمل التداعيات العلاقات التجارية والاقتصادية، علما أن استثمارات الشركات التايوانية في البر الرئيسي بلغت 200 مليار دولار، بينما بلغت التجارة الثنائية   السنة الماضية، 320 مليار دولار.

وأشار الموقع إلى إعلان بكين بعض القيود على الشركات التايوانية عشية الانتخابات. مع العلم أن انتصار مؤيدي الوحدة الصينية وفقًا لصيغة دنغ شياو بينغ "دولة واحدة ونظامان سياسيان" لن يخفف التوترات العسكرية فحسب، بل سيمهد إلى بناء تعاون تجاري متبادل المنفعة.

ومن المخطط عبور مضيق تايوان عبر نفق تحت الماء يبلغ طوله حوالي 120 كيلومترا. بالنسبة لواشنطن، يعني انتصار الانفصاليين الاستمرار في استخدام "النفوذ التايواني" للضغط على بكين، بحيث سيحاول الاستراتيجيون الأميركيون إغراء بكين للوقوع في "فخ تايوان" ودفعها إلى شن ضربة وقائية ضد الانفصاليين المطلقين العنان.

وفي ختام التقرير، نوه الموقع إلى أن انتصار القوى العقلانية قد يدفع واشنطن إلى التخلي عن اللعب بورقة تايوان، وقد يتحول "احترام إرادة التايوانيين" إلى ذريعة ملائمة لإنهاء تدخلها المكلف وغير الفعال في شؤون الصين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية تايوان الصين بايدن امريكا الصين بايدن تايوان المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الموقع إلى الموقع أن

إقرأ أيضاً:

وثيقة سرية تكشف رؤية ترامب للاستعداد لحرب محتملة مع الصين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عرضت قناة الحدث تقريرًا تلفزيونيًا، عن محاولات وزير الدفاع الأمريكي في إدارة ترامب بيت هيجسيت، قلب أولويات الجيش الأمريكي لتركز على ردع محاولة الصين الاستيلاء على تايوان.

وعرض التقرير، أن تلك المحاولات تكون من خلال تعزيز الدفاع الوطني بما يضمن تنفيذ رؤية ترامب للاستعداد لحرب محتملةمع الصين والسيطرة على جزيرة جرين لاند وقناة بنما.

وأكد وزير الدفاع الأمريكي، أن الصين هى التهديد الموجه الوحيد للوزارة ومنع الاستيلاء الفعلي من قبل الصين على تايوان بالتزامن مع الدفاع عن أراضي الولايات المتحدة، هو السيناريو الوحيد الذي يجب على الوزارة الاستعداد له.

وأضاف التقرير، أن الصين دائمًا ماتصفها الإدارة الأمريكية بأنها التهديد الأكير للولايات المتحدة، ولكن توجيهات وزير الدفاع الأمريكي تعتبر استثنائية باعتبار أن غزو الصين لتايوان أولوية وهو مايعيد توجيه البنية التحتية العسكرية الأمريكية.

واختتم التقرير، أن ترامب تجنب منذ توليه منصبه الإجابة مباشرة على ما إذا كانت أمريكا ستسمح لبكين بالاستيلاء على الجزيرة بالقوة من عدمه.

https://youtube.com/shorts/D_HZIs1ePC4?si=Njc7QNW96cMssDdL

مقالات مشابهة

  • بكين وروسيا تعززان العلاقات.. ورسالة قوية إلى واشنطن
  • الصين تحذّر من اندلاع حرب كبرى.. ما السبب؟
  • بكين: إعادة التوحيد مع تايوان أمر لا يمكن إيقافه
  • "تحذير حازم".. الصين تعلن إطلاق تدريبات عسكرية حول تايوان
  • الصين تعلن إطلاق مناورات عسكرية في محيط تايوان
  • مارين لوبان في قفص الاتهام: هل ينهي القضاء طموحاتها الرئاسية بفرنسا؟
  • بكين تدعو واشنطن للتمسك بمبدأ الصين الواحدة في علاقاتها مع تايوان
  • وثيقة سرية تكشف رؤية ترامب للاستعداد لحرب محتملة مع الصين
  • الصين تعتزم ضخ 69 مليار دولار في أربعة بنوك حكومية كبرى لديها لتعزيز رأس المال
  • مناورات فلبينية-أميركية-يابانية في بحر الصين الجنوبي وسط توتر مع بكين