محللون إسرائيليون يحذرون من استمرار الحرب.. من يخرجنا من بئر غزة؟
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
القدس المحتلة- حذرت تقديرات محللين إسرائيليين من مغبة استمرار الحرب على غزة، وأجمعت على أنها لم تحقق أهدافها، في حين رجح بعض المحللين أن ما اعُتبر تحقيق بعض "الإنجازات" قد يتفجر ويتحول إلى فشل إستراتيجي إذا ما طال أمد القتال والمعارك البرية.
ومع دخول العدوان شهره الرابع، تعززت قناعات المراقبين بضرورة إنجاز صفقة تبادل شاملة في ظل إخفاق الجيش الإسرائيلي في تحرير ولو "رهينة" واحدة بالعملية العسكرية البرية.
وتوافقت آراء المحللين المحسوبين على مختلف مكونات الطيف السياسي والمعسكرات الحزبية بشأن استحالة تقويض قدرات المقاومة العسكرية وإنهاء حكم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالقطاع، وهناك من دعا إلى إنهاء الحرب والشروع بمفاوضات معها بكل ما يتعلق باليوم التالي للحرب.
هزيمة إستراتيجية
أبدى آيال عليمه المحلل العسكري في التلفزيون الإسرائيلي الرسمي "كان"، توافقه مع مضامين هذه التقديرات، لافتا إلى أن الحرب على قطاع غزة الآن توجد في مراحل ربما الأكثر حساسية بشأن استمرارها بسبب تحديات ومشاكل جوهرية كثيرة.
وقال عليمه -للجزيرة نت- إن أبرز هذه التحديات يتعلق بسير القتال والأهداف المعلنة من الحرب التي لم تتحقق حتى الآن، وإن استمرار المعارك يظهر أن التناقض بين الأهداف بات أكثر وضوحا وأن إسرائيل لا يمكنها التغلب على هذا التناقض مما يعني عدم تحقيق أهداف الحرب.
واستشهد المحلل العسكري بتصريحات وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لنظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، حيث أبدى مخاوفه من مغبة عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق أهداف الحرب وعلى الحفاظ على الإنجازات العسكرية الميدانية، وحذر عليمه من مغبة أن تتحول الإنجازات إلى هزيمة إستراتيجية.
وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو ذهبت إلى الحرب مع تحديد أهداف عسكرية ولا يوجد لديها أي خطة في اليوم التالي للحرب ولا تعتمد في أجندتها على أي ركيزة سياسية، وقال، "في ظل غياب أفق سياسي، ربما ستغرق إسرائيل في مستنقع غزة وسيكون من الصعب عليها التوصل إلى الأهداف التي تسعى إليها".
من جانبه، يتوافق المحلل العسكري عكيفا إلدار مع تقديرات المحللين العسكريين التي تُجمع على أن تل أبيب لم تحقق أيا من أهداف الحرب المعلنة، وأكد أنها "بعيدة كل البعد عن تحقيق أي هدف".
واستعرض إلدار -للجزيرة نت- دلالات هذه التقديرات، قائلا "إنها تشير إلى إمكانية بدء العد التنازلي للحرب بسبب الضغوطات الحقيقية التي تمارسها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على حكومة نتنياهو، لوقف الحرب على غزة خشية مواجهة شاملة واندلاع حرب إقليمية".
خيار فاشل
وأوضح عكيفا إلدار أنه لا يوجد للحكومة الإسرائيلية الحالية أي خطة سياسية لليوم التالي للحرب، وأنها تتعامل مع القطاع فقط من منظور عسكري للقضاء على حماس وتغيير الواقع السياسي بالقطاع، وهذا ما ثبت أنه فشل ولن يتحقق.
وأشار المحلل السياسي إلى أن حكومة نتنياهو -التي تتشكل من تحالف أحزاب اليمين المتطرف والمستوطنين والأحزاب الدينية والحريدية- لا تستطيع صياغة أي برنامج سياسي مع الفلسطينيين ذي أفق إقليمي ودولي وتتمسك بالخيار العسكري رغم ثبوت عدم نجاعته.
واستعرض المحلل العسكري في الموقع الإلكتروني "واينت" التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، انطباعاته حول سير المعارك البرية من خلال مرافقته لفرق الهندسة بالجيش الإسرائيلي التي تحاول تفكيك منظومة الترسانة وتفجير فوهات الأنفاق التي يتم اكتشافها.
ووفق بن يشاي، فإن شرارة بسيطة في منشآت الأسلحة ومداخل الأنفاق التابعة لحماس يمكن أن تؤدي إلى انفجارات كبيرة تقضي على بعض الإنجازات الميدانية التي حققها الجيش الإسرائيلي، حسب تعبيره.
وسجل بن يشاي انطباعات عن فوهة نفق واحد، حيث أدى تفجيره من قبل الجيش الإسرائيلي إلى قتل 6 جنود، لافتا إلى أن النفق يعكس فكرة مدى ودرجة خطورة نظام الإنتاج العسكري الذي طورته حماس في عدة أماكن في قطاع غزة، بما في ذلك مصانع المتفجرات والذخيرة والصواريخ تحت الأرض التي لا تعرف إسرائيل عنها شيئا.
وفي غياب خطة إسرائيلية بشأن مدى صدق مزاعم المستوى السياسي تحقيق أهداف الحرب، استشهد المحلل العسكري -بصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل- بتصريحات وزير الأمن يوآف غالانت، الذي أعلن رسميا عن انتقال الجيش في شمالي القطاع إلى المرحلة الثالثة من الحرب، قائلا إن "هذه التصريحات تعني إطالة أمد الحرب ولا تبشر بنهايتها قريبا".
أهداف غير واقعية
وأشار المحلل العسكري ذاته إلى أن حماس تضع الجيش الإسرائيلي أمام تحديات كثيرة ليس فقط في مختلف محاور التوغل بالقطاع وتكبيد الجيش خسائر فادحة بالجنود والمعدات والآليات العسكرية، بل أيضا بالعمق الإسرائيلي.
وأضاف أن الرشقة الصاروخية الأخيرة التي أُطلقت من القطاع واستهدفت "تل أبيب الكبرى"، أثبتت أنه لدى حماس كافة القدرات على الاستمرار في إزعاج الجبهة الداخلية في إسرائيل.
ومقابل هذه التطورات والوقائع على الأرض، يعتقد المحلل العسكري أن الحكومة الإسرائيلية التي رفعت سقف أهداف الحرب حتى وإن بدت لها غير واقعية ولا يمكن تحقيقها، باتت تواجه أزمة سياسية وائتلافية مع دخول الحرب شهرها الرابع، يقول هرئيل: "بدا واضحا أن أهداف الحرب سواء القضاء على حكم حماس، وتقويض ترسانتها، وتحرير المحتجزين الإسرائيليين وإعادة السكان إلى غلاف غزة، لم تتحقق وما زالت بعيدة عن الإنجاز".
وتحت عنوان "كيف نخرج من البئر التي وقعنا فيها؟"، كتب المحلل السياسي بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، مقالا، أشار من خلاله إلى أن أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أوقعت إسرائيل في بئر عميقة، وأن الخروج منها يعني تحقيق أهداف الحرب المعلنة والتي تأكد أنها غير واقعية ولا يمكن إنجازها مهما استمر القتال.
وأوضح برنياع أن الواقع على الأرض أثبت أن الأسابيع الثلاثة الأخيرة للقتال لم تغير الواقع، بل إنها كلفت تل أبيب خسائر بشرية بالجنود، إلى جانب كارثة إنسانية بالقطاع تتحمل مسؤوليتها إسرائيل.
وقال: "وقائع الحرب تضر بصورة إسرائيل عالميا ولا تقربنا إلى انتصار غير موجود أصلا. حتى لو تم اغتيال يحيى السنوار أو محمد الضيف أو حتى كلاهما، لن تتغير وقائع ونتائج القتال".
ويعتقد برنياع أنه على الحكومة الإسرائيلية التفاوض مع حماس من أجل صفقة تبادل شاملة تضمن تحرير جميع المختطفين الإسرائيليين مع الإبقاء على حكم الحركة بالقطاع.
ولفت إلى أن ذلك بمثابة هزيمة مذلة لإسرائيل، قائلا إنه "ربما من الصواب أن نفاوض حماس، كونه هناك ثمن باهظ للفشل، فقتل جميع المحتجزين بالأسر لدى حماس سيكون وصمة عار على ضمير المجتمع الإسرائيلي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: تحقیق أهداف الحرب الجیش الإسرائیلی المحلل العسکری إلى أن
إقرأ أيضاً:
آخر ما وصلت إليه مفاوضات غزة ومستجدات المرحلة الأولى - لا ضمانات
كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، صباح اليوم السبت 21 ديسمبر 2024، أن تفاؤل حذر يسود حالياً إزاء إمكانية الوصول إلى صفقة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس ، وذلك بعدما أحرز الوسطاء تقدُّماً ملحوظاً في المفاوضات الجارية.
وأضافت الصحيفة، أنه "بموجب هذا التقدم، فقد جرى تقسيم الاتفاق المتبلور إلى مرحلتين، مع ترحيل أهمّ الخلافات وأكثرها تعقيداً إلى المرحلة الثانية، ما يعني أن الاتفاق يمكن أن يتحوّل عمليّاً إلى نوع من الهدنة المؤقتة، التي تُستأنف في أعقابها عمليات القتل الإسرائيلية".
ووفقاً للمعلومات المتداولة، ففي المرحلة الأولى، يُفترض أن تطلق حماس سراح الأسرى من النساء والمرضى وكبار السن، في مقابل هدنة مؤقتة يُطلق خلالها أيضاً سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، على أن تُبقي الحركة على الجنود الإسرائيليين إلى الجولة الثانية، والتي يأمل الوسطاء أن تجري فيها مبادلة هؤلاء بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب لجيش الاحتلال من القطاع، وفقاً لما تطالب به حماس".
وتابعت "لكن إسرائيل تتعامل، من جهتها، مع الصفقة باعتبارها فرصة لتحصيل مكاسب واستعادة عدد من الأسرى، في مقابل هدنة مؤقتة، يُصار في أعقابها إلى استئناف الحرب التي لا يريد الائتلاف الحكومي إنهاءها، ربطاً بجدول أعمال خاص بمكوناته من اليمين الفاشي".
وقالت الصحيفة، إنه "مع ذلك، فإن النتائج التي توصّل إليها المفاوضون، ستحظى، وفقاً لما يُتداول، بقبول ظاهر من الجانبَين، على أن تُبقي إسرائيل بموجبها على وجودها العسكري في قطاع غزة ، مع إعادة تموضع وانسحابات جزئية طوال مدة تنفيذ المرحلة الأولى، وهو ما يراه الوسطاء تراجعاً إسرائيلياً معتدّاً به. على أن إعادة الانتشار تلك قد يُستفاد منها لإنعاش الجنود الإسرائيليين المنهكين، فيما لا أحد يمكنه أن يضمن التزام إسرائيل بالمرحلة الثانية؛ إذ إن أكثر المتفائلين في تل أبيب يتحدّثون عن نبضة أولى من التسوية لا تلحقها نبضة ثانية، لا بل إن خبراء ومعلّقين يرون أن المرحلة الأولى نفسها ما زالت محلّ أخذ ورد، وأن هناك احتمالاً معتدّاً به لأن لا تدخل حيّز التنفيذ، في ظلّ استمرار الحكومة الإسرائيلية في تحديث مطالبها وشروطها بشكل متواصل، في ما يمثل اجتراراً لإستراتيجية جرى اتباعها سابقاً لإفشال صفقات كانت في متناول اليد".
وأشارت إلى أن "ذلك يعني أن الحديث عن تقدُّم المفاوضات لا يعني أن الاتفاق بات ناجزاً، رغم كل التفاؤل الذي يُبثّ من جانب الوسطاء وإسرائيل؛ والحذر هنا لا يتعلّق بالجزأين فقط، بل بالجزء الأول الذي جرى تجريده من البنود الخلافية الصعبة".
في المقابل، لا تتفق استطلاعات الرأي لدى جمهور إسرائيل مع إستراتيجية الحكومة؛ إذ بحسب آخر استطلاع للرأي، اعتبر 74% من الإسرائيليين أن هناك ضرورة للتوصّل إلى اتفاق شامل يعيد جميع الأسرى، حتى وإنْ كان الثمن وقف الحرب في غزة.
واللافت في هذا الاستطلاع، أن مطلب استعادة الأسرى مقابل إنهاء الحرب، يحظى بموافقة 84% من ناخبي المعارضة، والأهم بتأييد 57% من جمهور الائتلاف، فيما لا تتجاوز نسبة مَن يؤيّدون صفقة جزئية، الـ10%.
لكن ذلك لا يعني على أيّ حال أن الائتلاف سيجاري جمهوره، وخصوصاً أنه وفقاً لاستطلاعات الرأي المتكرّرة، تراجع ناخبو الشرائح الوسطية عن تأييد أحزاب الائتلاف، وتحديداً الليكود، في اتجاه أحزاب المعارضة، التي باستطاعتها الآن، في حال إجراء الانتخابات، الفوز بغالبية في الكنيست ، من دون أحزاب فلسطينيي عام 1948، في حين تقهقر الليكود وأقرانه والأحزاب الحريدية والصهيونية الدينية إلى ما دون عتبة الغالبية اللازمة للفوز بولاية جديدة.
ويُضاف إلى ما تقدّم، أن عدداً من أحزاب الصهيونية الدينية، وفي المقدّمة منها حزب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، قد لا تحظى بأيّ مقعد في "الكنيست" المقبل، فيما رئيس الحكومة السابق نفتالي بينت، قد يدخل الندوة النيابية وينافس على الشريحة الناخبة نفسها، حاملاً تجربة سابقة في الائتلاف مع أحزاب الوسط والمعارضين، وأيضاً مع أحزاب تمثّل فلسطينيي الداخل.
وفي ما يتعلّق برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، الذي يَمثل عدّة مرات في الأسبوع أمام المحكمة على خلفية اتهامه بقضايا رشى وفساد واحتيال، فهو لا يجد في إنهاء الحرب في غزة ما يفيد محاكمته، بل إن استمرار الحرب يُعدّ جزءاً لا يتجزّأ من إستراتيجيته الدفاعية، كونه يدرك أن وقوفه في قفص الاتهام بصفته رئيساً سابقاً للحكومة أو لحكومة مستقيلة، يغري القضاة الذين يعدّهم أعداء ومتربصين به، لإدانته، في حين أن بقاءه رئيساً فعليّاً للحكومة، في ظلّ استمرار الحرب، من شأنه أن يبطّئ توثّب القضاء لإدانته.
وأضافت الصحيفة "وتشير المعطيات إلى أرجحية معتدّ بها لأن تنجح المفاوضات في التوصّل إلى اتفاق على الجزء الأول من صفقةٍ لتبادل الأسرى، تفيد الأطراف كافة بلا استثناء، ومن بينهم نتنياهو وائتلافه، كونها ستخفّف ضغوط الجمهور عليه وتنزع عنه - وإنْ مؤقتاً وفي ظلّ محاكمته - صفة التطرّف وإرادة استمرار الحرب على خلفية مصالح سياسية وشخصية. أما المرحلة الثانية من الصفقة، والتي رُحِّلت إليها كل الخلافات الصعبة والمستحيلة، فتكتنفها شكوك كبيرة جداً".
المصدر : وكالة سوا - صحيفة الأخبار اللبنانية