الإبادة الجماعية «والكلام الساكت»!
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
الإبادة الجماعية «والكلام الساكت»!
استخدام وزير الدفاع الإسرائيلى تعبير «الحيوانات البشرية» لم يكن عشوائيًا وإنما كان مختارًا بعناية.
الإبادة الجماعية في القانون الدولى «تدمير جماعة وطنية أو إثنية أو عرقية أو دينية تدميرًا كليًا أو جزئيًا».
إسرائيل هى الدولة الوحيدة فى هذا العالم التى بإمكانها قصف أكثر من دولة فى وقت واحد ثم لا تتعرض لأى عقاب.
الخطوة الأولى فى كل وقائع الإبادة تاريخيًا نزع الإنسانية عن الجماعة المستهدفة تمهيدًا لإبادتها. وهو ما حدث بوضوح فى حالة غزة.
«غالانت»، كيهودى، يعرف يقينًا أن مثل تلك المفردات هى ذاتها التى استخدمها النازيون فى ألمانيا لنزع الإنسانية عن اليهود، ويعرف لماذا استخدموها.
عقاب تلك الجريمة بالقانون الدولى يتطلب إثبات تعمد الإبادة، وهو الأكثر صعوبة. وساسة إسرائيل وإعلامها يُفصحون علنًا عن أن النية المبيتة إبادة الفلسطينيين.
«كل صواريخنا وطائراتنا وقنابلنا وذخائرنا من أمريكا.. وفى اللحظة التى تغلق فيها (أمريكا) الصنبور لن يكون بإمكانك مواصلة الحرب.. الكل يعرف أننا لا يمكننا خوض هذه الحرب دون أمريكا».
* * *
الإبادة الجماعية التى تحدث فى غزة على مرأى ومسمع من العالم تتفوق على سابقاتها فى التاريخ الإنسانى من حيث المدى الذى وصلت إليه إسرائيل فى الإفصاح علنًا عن نواياها. وأهمية تلك المسألة أن عقاب تلك الجريمة بالقانون الدولى يتطلب إثبات تعمد الإبادة، وهو الأكثر صعوبة. وساسة إسرائيل وإعلامها يُفصحون علنًا عن أن النية المبيتة هى إبادة الفلسطينيين.
والإبادة الجماعية جريمة يعرفها القانون الدولى بأنها «تدمير جماعة وطنية أو إثنية أو عرقية أو دينية تدميرًا كليًا أو جزئيًا». وفى كل وقائع الإبادة تاريخيًا تكون الخطوة الأولى هى نزع الإنسانية عن الجماعة المستهدفة تمهيدًا لإبادتها. وهو ما حدث بوضوح فى حالة غزة. فاستخدام وزير الدفاع الإسرائيلى تعبير «الحيوانات البشرية» لم يكن عشوائيًا وإنما كان مختارًا بعناية.
فـ«غالانت»، كيهودى، يعرف يقينًا أن مثل تلك المفردات هى ذاتها التى استخدمها النازيون فى ألمانيا لنزع الإنسانية عن اليهود، ويعرف لماذا استخدموها.
لذلك ربط «غالانت» الاثنين فقال نصًا: «هم حيوانات بشرية وسنتصرف بناء على ذلك»، معلنًا الحصار الشامل لغزة «بدون كهرباء، بدون طعام، بدون ماء، وبدون وقود»، وهو ما يعنى بالضرورة «التدمير الكلى أو الجزئى» حسب العهد الدولى للإبادة الجماعية، الصادر عام 1948، والذى ينص فى تعريفه للإبادة الجماعية على أنها «الفرض العمدى لظروف حياتية تؤدى للتدمير الكلى أو الجزئى» لتلك الجماعة البشرية.
ولتبرير الإبادة قدم الرئيس الإسرائيلى «وثيقة» قال إنها تثبت أن حماس قادرة على إنتاج السلاح الكيماوى، ثم تبين أنها صفحة منقولة من كتاب عن تنظيم القاعدة منشور على الإنترنت، تمامًا مثل قصة قطع رؤوس 40 طفلًا إسرائيليًا، التى ثبت أنها مزيفة وتهدف لشيطنة الفلسطينيين لتبرير إبادتهم.
والإعلام الإسرائيلى يستخدم يوميًا مفردات من نوع «محو» غزة، «وتسويتها» بالأرض. ودعا ذلك الإعلام المجرم «لتحويل غزة إلى درسدن»، المدينة الألمانية التى سواها الحلفاء بالأرض فى الحرب العالمية الثانية، ومات فيها أكثر من 25 ألف شخص.
وبالمناسبة، استخدم الحلفاء وقتها 2700 طن من المتفجرات و800 قنبلة لمحو المدينة، بينما أعلنت إسرائيل فى الأسبوع الأول وحده من حربها على غزة أنها ألقت 6 آلاف قنبلة، ومع نهاية الشهر الأول وحده كانت قد ألقت 25 ألف طن من المتفجرات.
ومع نهاية الشهر الثالث وصل الرقم إلى 65 ألف طن. وقد قدر بعض الخبراء ما ألقته إسرائيل على غزة بما يعادل ثلاث قنابل ذرية بحجم تلك التى استخدمت فى هيروشيما.
هذا فضلًا عن استخدام الأسلحة المحرمة دوليًا، ومنها الفوسفور الأبيض المدمر للبشر والبنية التحتية. وإلى جانب الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل فى غزة، فإنها ترتكب جرائم بالجملة فى الضفة والقدس، ثم تزعم أنها الضحية الأبدية بلا منازع فى العالم.
وإسرائيل هى الدولة الوحيدة فى هذا العالم التى بإمكانها قصف أكثر من دولة فى وقت واحد ثم لا تتعرض لأى عقاب.
لكن إسرائيل لم يكن بمقدورها أن تفعل أيًا من ذلك وحدها. ففى كلمات صريحة للواء سابق فى الجيش الإسرائيلى، يدعى إسحق بريك، قال إن «كل صواريخنا وطائراتنا وقنابلنا وذخائرنا من الولايات المتحدة.. وفى اللحظة التى تغلق فيها (أمريكا) الصنبور لن يكون بإمكانك مواصلة الحرب.. الكل يعرف أننا لا يمكننا خوض هذه الحرب دون الولايات المتحدة».
لذلك فإن أفضل وصف لكل حرف نطق به وزير الخارجية الأمريكى فى جولته الحالية فى المنطقة هو أنه «كلام ساكت»، كما يقول السودانيون.
*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي
المصدر | المصري اليومالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل غالانت أمريكا غزة إبادة الفلسطينيين الإبادة الجماعية الأسلحة المحرمة دولي ا الفوسفور الأبيض نزع الإنسانية وحوش بشرية الإبادة الجماعیة الإنسانیة عن تدمیر ا
إقرأ أيضاً:
جيل ستاين: هاريس خسرت الأصوات بسبب دعمها للإبادة الجماعية في غزة
اعتبرت المرشحة الرئاسية الأمريكية عن حزب "الخضر" جيل ستاين أن خسارة الديمقراطية كامالا هاريس يرجع إلى سياساتها "غير المقنعة"، ودعمها "الإبادة الجماعية" في قطاع غزة.
وحظيت ستاين بتأييد الجماعات المؤيدة للفلسطينيين، كما حذرت تلك المجموعة من أن الناخبين المسلمين، وهم كتلة تصويتية كبيرة في ميشيغان وهي ولاية متأرجحة رئيسية، سيبتعدون عن هاريس ما لم "تغير مسارها بشكل هادف" بشأن سياستها تجاه الحرب في غزة.
وردا على سؤال في مقابلة مع وكالة "الشرق" بشأن مواقفها الواضحة من القضية الفلسطينية والعرب والمسلمين، وإذا كانت واجهت معارضة من المجتمع اليهودي رغم أنها يهودية، أجابت: "في الواقع كان لدي مواقف غير تقليدية بالنسبة للمجتمع الصهيوني، فنحن لا نتحدث عن اليهود بل نتحدث عن الصهاينة، الذين لديهم مشكلة مع رأيي".
وأضافت: "هناك الكثير من اليهود الذين يشاركونني الرأي، وهم أيضا غاضبون بسبب الإبادة الجماعية التي ترتكب في فلسطين. طبيعي أن الصهاينة لا يوافقونني الرأي، ولكن هذا لا ينطبق على الكثير من اليهود الذي يشاركونني الرأي".
وأكدت "تربيت بعد الإبادة الجماعية لليهود، ومجتمعنا تصالح مع هذا الأمر عبر الالتزام بعدم ارتكاب إبادة جماعية ضد أي أحد، لأننا ضحايا إبادة اجتماعية كيهود، وبالتالي لذلك أنا ناشطة اجتماعية ضد الإبادة الجماعية، وهناك الكثير من اليهود مثلي".
وتابعت: "أحاول أن أثقف الناس، وأقول لهم إننا لا نتحدث عن نزاع ديني لأنه عندما أتى الصهاينة قاموا بإبادة جماعية وبتطهير عرقي، ليس فقط بحق المسلمين، بل أيضا والمسيحيين، وحتى بعض اليهود في الشرق الأوسط، لذلك المشكلة هي الصهيونية، وليست مشكلة دينية بحد ذاتها أو نزاع ديني".
وأعلن صباح اليوم الأربعاء، فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، على الرغم من التوقعات بصراع طويل ومكثف، في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وفقا لعدد من المصادر الإخبارية الرائدة التي تتنبأ بالنتائج، وأنه فاز في جميع الولايات الرئيسية، ثم خاطب ترامب أنصاره في فلوريدا وأعلن فوزه.
وبحسب شبكة "فوكس نيوز"، فاز ترامب بـ 277 صوتا انتخابيا متجاوزا 270 صوتا المطلوبة. كما تم اختياره الفائز من قبل صحيفة "أمريكان هيل" والمقر الرئيسي لخدمة التنبؤ بنتائج الانتخابات، وعرضت مجلة "تايم" دونالد ترامب خلال خطاب الفوز الذي ألقاه على غلاف عددها الثاني في نوفمبر.