(1) هذه مرحلة مفصلية في تاريخ بلادنا ووطننا ، وبعد كل حالة الهشاشة والوهن ، وبعد كل الأثمان التى مهرت ، لابد من تأسيس واقع جديد ، تكون قاعدته المقاومة الشعبية والتماسك الوطنى ، هذه ليست حالة ظرفية ، وإنما حالة وعى وطنى بالمخاطر المحدقة بالوطن ، حتى أمسكت بتلابيب كل فرد منا ، فكيف نوظف ذلك ؟ لنتجاوز الظرف الأمني الراهن إلى ما بعد ذلك.

.
هل يمكننا نقل المقاومة الشعبية من مدافعة بالسنان إلى مرافعة سياسية وكيان جامع ، لقد تشكلت البدايات والمقدمات وحتى الموجهات العامة ، الوطن ، الأرض ، العرض ، الممتلكات ، الضمير الوطنى أو الولاء للوطن..
لم يعد الأمر ترف سياسي ، بل معركة بقاء ، ومن الأفضل أن يكون موسسا على قواعد راسخة ، لا تسمح بتكرار الخيبات ، ومثلما خرج من هياج سبتمبر 2019م سوس ينخر في جسد الأمة ، لابد أن نصنع من جرح ابريل 2023م مصل ينهى تسلل الداء..
(2)
لقد وهن العقد الإجتماعي (المواطن والحكومة والمجتمع) ، مع تنامى تأثير قوة التيارات المدنية وضعف الاحزاب ، مما استدعى العودة للقبيلة والمنطقة وهى مؤسسات (هرمة) كأقل توصيف.. مما يستدعي قواعد جديدة والظرف الآن متاح ..
من خلال تحويل المحن إلى منح وتلك سمة المجتمعات المبدعة وقادة الراي وهم قادة المجتمعات وليس النخب ، تلك القيادات التى تبرز في لحظات الشدة ، تتقدم الصفوف وتتميز بالثبات والرؤية والإقدام ، هم الاجدر بالقيادة ، فأغلب النخب عندنا – للأسف – مصنوع وبعضها تم تجييره وبعضها تحزب ، قليل هم الذين سموا فوق التحيزات الحزبية والقبلية والمهنية ، إلى فضاء الاستقلالية .. إن لم نخرج من هذه المحنة بدرس بليغ وعبرة متينة فإنها تتكرر وتتلون كما تفعل بعض القوى السياسية وهى تدور في دائرة العدم والخواء..
وللأمم تجارب مهمة وملهمة بالقطع مع الخيارات العدمية ، في رواندا نهض شعب بأكمله فوق الجراحات لأنهم لم يعيدوا خياطته دون نظافة ، وهي هنا تحديد سقف المناورات السياسية والمزايدات الكذوب ، لا خيار فوق الوطن ولا مجال لإستعمار جديد..
(3)
لقد كانت ابريل (2019م) نقطة السقوط فى نفق نهايته (ثم ماذا) ، فقد تخطفت الأيدى الخفية الوطن الجريح ، إلى مستنقع الإنزلاق ، وقد وصفها د.حمدوك في بيانه عيشة 30 يونيو 2021م بعد عامين من التشاكس والتناحر والاستقطاب بإنه (نكون أو لا نكون)..
لم يكتفوا بالسقوط والتشتيت ، بل بدات معاول الهدم في تفتيت الثوابت الوطنية ، والمؤسسات الوطنية (الجيش ، القضاء ، النيابة ، الخدمة المدنية ، المناهج التعليمية ، والقيم المجتمعية) ، تلك كانت مراحل تمهيدية من معركة اليوم ، إفراغ الأمة من مقومات (الغائية) والدوران في الفراغ ، ولذلك فإن أكبر صفعة يمكن أن تصوب لهذا المخطط هو توافق مجتمعي لحراسة هذه القيم والثوابت ، وتصاغ ببساطة شديدة ، لا مكان ( للخونة) ، خيانة الوطن ، خيانة القيم ، خيانة الحق الانساني ، خيانة الكرامة الانسانية..
وهو ما يمثل العودة إلى منصة التأسيس والولاء للوطن ، هذه الراية الأسمى وهذه غاية مؤسسات الحكم والدولة ، وإزالة أى غشاوة دون ذلك ، وحماية هذا الأمر بقوة الوعى ومدافعة اللسان والدستور والقانون وترسيخ ذلك كمبدأ ..
(4)
السودان هو الدولة الوحيدة التى أصبح فيها احد عملاء المخابرات وزير ، وحده السودان أصبح فيه جاهل وفاقد الاهلية العلمية رجل دولة ، وحده السودان تتحدث السفارات بإسمه ، وتدير المنظمات الدولية أنشطتها من داخل القصر الجمهورى رمز السيادة ، هذا بالتأكيد سعى لترسيخ مفهوم (لا دولة ، لا سيادة ، لا كرامة ، لا مصالح عليا) ، إنها صورة أخرى من الاستعمار..
ان هذا الوعى الجمعي الراهن لابد من توظيفة للقطع مع هذه الحالة والليونة السياسية وضعف الولاء للوطن..
وهذا ما ينبغي أن يكون منطلق تركيزنا في المرحلة القادمة ، ولنتجاوز حساسيات التحزب والمذاهب ونتفق على الكليات ونحميها ، من خلال تكتل شعبي وخطوط حمراء.. واساس ذلك هو المقاومة الشعبية بروحها وشخوصها ، وينبغى أن يكون كل (مشارك أو متعاون أو متواطىء أو صامت) مع المليشيا منبوذ ، ليس في شخصه فذلك أمر تحدده المؤسسات القانونية والعدلية وإنما في فعله ومكانته الإجتماعية والسياسية ، وهكذا نربى أجيالنا..
فمن غمضت عينه عن افواج القادمين الغزاة لأرضنا هو التأكيد غير حقيق بان يؤتمن على غير ذلك..
وهذا مفتتح النقاش بإذن الله..
يتبع..
د.ابراهيم الصديق على

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: المقاومة الشعبیة

إقرأ أيضاً:

«مجرى» يعتمد أُطُراً جديدة للتوسع في المسؤولية المجتمعية

عقدت لجنة السياسات والاستراتيجيات لدى الصندوق الوطني للمسؤولية المجتمعية «مجرى»، اجتماعها الدوري الثاني لعام 2025، لمناقشة سُبُل المضي قُدُماً في تحقيق المستهدفات التنموية المستدامة لدولة الإمارات عبر توطيد مسارات التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، واعتماد أدوات وأطر عمل مُبتكرة لتعزيز منظومة الأثر المستدام.
ترأس الاجتماع مبارك الناخي، وكيل وزارة الثقافة، رئيس اللجنة، بحضور حنان أهلي، مدير المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، نائب رئيس اللجنة، إلى جانب أعضاء اللجنة وهم: بدور سعيد الرقباني، عضو مجلس أمناء الجامعة الأمريكية بالشارقة، وعبدالعزيز الجزيري، نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، وسارة شو، المدير التنفيذي للصندوق.
واستعرض الاجتماع عدداً من المبادرات والبرامج المقرر تنفيذها خلال المرحلة المُقبلة، واعتماد جُملةٍ من الأدوات لتسهيل إجراءات تأهيل المشاريع المستدامة، إضافة للتأكيد على أهمية تفعيل مشاركة القطاع الخاص في مبادرات الصندوق، والتحقق من آليات تقييم المشاريع، وإطلاق أدوات جديدة مثل مؤشر الأثر.
كما تطرق الاجتماع إلى «إطار عمل المشاريع التحولية» التي يتم تطويرها من قبل اللجان الإماراتية للمسؤولية المجتمعية والاستدامة في كل إمارة والتي تترأسها غرف التجارة والصناعة في كل إمارة، و«آلية عمل المشاريع» التي انبثقت من خلوة الأثر في نوفمبر 2024، فضلاً عن إطلاق مبادرات استراتيجية تتماشى مع توجهات الدولة في تعزيز الاستدامة المجتمعية.
وقال مبارك الناخي: «استلهاماً من الرؤية السديدة للقيادة الرشيدة لدولة الإمارات وعملاً بتوجيهاتها الاستشرافية، نعمل على رسم خارطة طريق لبناء مستقبلٍ أكثر استدامةً وازدهاراً عبر تمكين منظومة المسؤولية المجتمعية للقطاع الخاص، وذلك مواءمةً مع المستهدفات الوطنية».
من جانبها، قالت ساره شو: «نضع على عاتقنا توفير الأطر والمُمكِّناتْ الكفيلة بتعزيز مساهمة القطاع الخاص في صياغة معالم المستقبل المستدام للدولة، وترسيخ المسؤولية المجتمعية والأثر المستدام كمرتكزاتٍ لمنظومة العمل المؤسسي.
ونحرص على مواصلة جهودنا لإرساء أسس متينة للتعاون والنهج المسؤول والأثر المستدام».
واطلعت اللجنة على مستجدات تحدي الأثر المستدام، بما يشمل دمج «منصة الأثر المستدام» واستحداث فئات جوائز جديدة، بهدف توسيع آفاق التواصل والعمل المؤسسي المشترك، كما تم استعراض خارطة الطريق لمؤشر الأثر، والذي يُعد الأداة الوطنية للمقارنة المرجعية لقياس أداء المسؤولية المجتمعية لدى الشركات الخاصة، ومعايير الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة، وتقييم جهود الاستدامة.

مقالات مشابهة

  • «مجرى» يعتمد أُطُراً جديدة للتوسع في المسؤولية المجتمعية
  • الحركة الشعبية لتحرير السودان/ التيار الثوري الديمقراطي .. بيان حول إجتماع المكتب القيادي
  • متخصصون يقدمون رؤية عصرية حول الإعلام الجديد ودوره في تشكيل الثقافة المجتمعية
  • ناهد السباعي : حصروني في الأدوار الشعبية وأرفض التكرار
  • تحدث عن خيانة أمريكا.. رئيس وزراء كندا: ترامب يحاول كسرنا ليمتلكنا
  • الجبهة الشعبية الشعبية تُحمّل أمريكا المسؤولية عن أكبر كارثة إنسانية يرتكبها العدو بغزة
  • الشعبية تُحمّل أمريكا المسؤولية عن أكبر كارثة إنسانية يرتكبها العدو بغزة
  • القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية يحتفل باليوم العالمي للرقص الشعبي
  • رئيس الوزراء يعزي عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء سلطان العرادة
  • متى يكون للحياة طعم؟