مجلة أمريكية: الصين تستغل حرب غزة لتعزيز نفوذها بالجنوب العالمي
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
اعتبرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، أن الصين تستغل العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين أول المنصرم، لكسب تأييد الجنوب العالمي وتعزيز نفوذها في مواجهة الولايات المتحدة التي تعرضت سمعتها في تلك الفترة للتشويه بسبب دعمها غير المشروط لتل أبيب.
ويقصد بالجنوب العالمي أفريقيا، وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وجزر المحيط الهادئ والبلدان النامية في آسيا بما فيها الشرق الأوسط.
وذكرت المجلة أنه من خلال دعوتها إلى حل الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، ورفض إدانة حماس، وبذل جهود رمزية لدعم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، والترويج لفكرة أن العالم أصبح أكثر فوضوية من أي وقت مضى، استغلت الصين المشاعر العالمية المعادية لإسرائيل في محاولة لرفع مكانتها في الجنوب العالمي.
وذكرت أن بكين تقدم نفسها للعالم بوصفها رائدة في عالم متعدد الحضارات وشريكة في التنمية والسيادة، وبديل للولايات المتحدة "المنافقة والداعية للحرب" في دول كالسعودية وأندونيسيا وجنوب أفريقيا.
وشبتهت المجلة النظام في بكين بـ"نموذج الذكاء الاصطناعي الذي يعمل على تحسين استجابته لكل دفعة جديدة من البيانات التي يتم تدريبه عليها"، إذ إن كل أزمة عالمية جديدة تعطي الصين فرصة أخرى لصقل خطابها تجاه الجنوب العالمي، على حد قولها.
اقرأ أيضاً
النفط يتراجع وسط ترقب الأسواق لبيانات الصين وحرب غزة
وقالت المجلة: "عندما أصبح من الواضح أن الرأي العام في الجنوب العالمي بات مرجحًا بأغلبية ساحقة ضد إسرائيل، سعت الصين فورًا للاستفادة من الأزمة لفضح ما تعتبره معايير أمريكية مزدوجة".
واستشهدت المجلة ببيان صادر عن الخارجية الصينية في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، يدعو إلى وقف إطلاق النار، ويؤيد حل الدولتين، دون توجيه أي انتقاد لحماس أو إدانة هجوم طوفان الأقصى الذي شنته جناحها العسكري كتائب عز الدين القسام، رغم وجود 4 مواطنين صينيين بين الضحايا.
ورأت المجلة أن محاولة الصين محاكاة الرأي العام العالمي بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هي جزء من استراتيجية أوسع بكثير تهدف إلى كسب تأييد الجنوب العالمي.
وعقبت أن الحرب في غزة وأوكرانيا تعزز حجة الصين بأن العالم أصبح أكثر فوضوية من أي وقت مضى، في ظل وجود قطب أوحد للعالم هو الولايات المتحدة الأمريكية.
ولفتت إلى أن الصين تتمتع باختيار شركائها في الشرق الأوسط "بناء على نوع القضية"، مثل تطوير البنية التحتية في سوريا أثناء محاولة ربط تركيا بمبادرة الحزام والطريق.
ولا تحاول الصين توحيد الدول بتحالف مناهض للغرب تقوده هي، كما يعتقد الكثيرون في واشنطن، إذ تقول المجلة إن الصين تقدم نفسها بوصفها مدافعة عن عالم متعدد الحضارات وشريكة في التنمية والسيادة، عكس الولايات المتحدة التي تتحدث عن الكيفية التي ينبغي على الدول الأخرى أن تتماشى بها مع مواقفها.
اقرأ أيضاً
روسيا والصين على هامش حرب غزة.. لكن هكذا تساعدهما أمريكا
المصدر | الخليج الجديد+ وسائل إعلامالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الصين حرب غزة الجنوب العالمی
إقرأ أيضاً:
الغاز والمفاعلات النووية.. أسلحة واشنطن لمواجهة تمدد الصين
بعد أن نجحت الصين خلال العقدين الماضيين في تعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي على مستوى العالم وبخاصة في دول الجنوب، تتحدث دوائر صناعة القرار والفكر الاستراتيجي الأمريكي عن ضرورة إيجاد السبل المناسبة لمواجهة هذا التحدي.
ويعترف الأمريكيون بصعوبة مواجهة نفوذ الصين في الدول النامية بعد أن أصبحت أكبر شريك تجاري لدول العالم، من ناحية وإطلاقها للعديد من المبادرات متعددة الأطراف التي تعزز هذا النفوذ مثل تجمع بريكس بلس ومبادرة الحزام والطريق.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية يقول الجنرال تيموثي راي الريس التنفيذي لمؤسسة "رؤساء تنفيذيون من أجل الأمن القومي" ورامون ماركس المحامي الدولي المتقاعد ونائب رئيس "رؤساء تنفيذيون من أجل الأمن القومي" إنه على عكس الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية أثناء الحرب الباردة، فإن الصين اندمجت تماماً في اقتصاد السوق العالمي، وهو ما يجعلها منافساً قوياً للولايات المتحدة والديمقراطيات الغربية، في إطار نظام عالمي متغير، حيث تلعب فيه الاعتبارات الاقتصادية نفس الدور المهم الذي تلعبه الاعتبارات السياسية والاقتصادية التقليدية.
الديمقراطية الغربية ومواجهة الصينوخلال السنوات القليلة الماضية، بدأت واشنطن أخيراً إدراك هذه الحقيقة الجديدة، وأدركت أن القوة العسكرية الصلبة والسياسية لم تعد كافية لحماية نظام السوق الحرة العالمي أو دعم القيم الديمقراطية.
ويؤكد المحللان الأمريكيان أن الديمقراطيات الغربية الآن غير مستعدة بالشكل المناسب للتعامل مع المكانة الصاعدة للصين في الجنوب العالمي.
وعلى عكس الحال بالنسبة للحزب الشيوعي الصيني الحاكم، لا تستطيع واشنطن توجيه الشركات الأمريكية نحو الاستثمار في دولة محددة لمنافسة الصين فيها. كما أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستعطي الأولوية للعلاقات الاقتصادية الثنائية مع دول العالم، على حساب الاتفاقيات التجارية المتعددة الأطراف. ولكي تستفيد الولايات المتحدة من النهج الثنائي في التعامل الاقتصادي مع دول العالم، في مواجهة المنافسة الصينية، عليها الاستفادة بشكل أفضل من القطاعات التي تتمتع فيها بمزايا نسبية.
ويعتبر قطاع الطاقة القطاع الأمثل الذي يمكن لواشنطن الاستفادة من مزاياها النسبية فيه للفوز في سباق النفوذ مع الصين.
فالولايات المتحدة هي أكبر منتج للوقود الأحفوري بما في ذلك الغاز الطبيعي في العالم. وحتى مع الزيادة المستمرة لإنتاج العالم من الطاقة المتجددة، فإن الطلب على الوقود الأحفوري سيواصل النمو، مع استمرار دوره في تلبية الطلب العالمي على الطاقة.
ويعتبر الغاز الطبيعي بديلاً أنظف من النفط أو الفحم. في الوقت نفسه تمتلك الولايات المتحدة موارد ضخمة منه، وتعتبر أكبر منتج له في العالم. وعلى واشنطن الاستفادة من هذه الثروة لمساعدة دول عالم الجنوب في تقليص اعتمادها على النفط والفحم الأكثر تلويثاً للهواء في إنتاج الكهرباء.
#China’s #DeepSeek #AI should be a ‘wakeup call’ for the #US, says #DonaldTrump | https://t.co/RAZ2i14Dfx pic.twitter.com/QD1U0d9eBE
— Economic Times (@EconomicTimes) January 28, 2025 تطوير الطاقة في الفلبين وفيتناموفي منطقة المحيط الهادئ، هناك دولتان واعدتان مرشحتان لكي تطور الولايات المتحدة معهما برنامجاً ثنائياً للطاقة النظيفة وهما الفلبين وفيتنام.
فموارد الفلبين من النفط والغاز محدودة، وتعتمد على الوقود الأحفوري المستورد بدرجة كبيرة. وتعتبر محطات التوليد التي تستخدم الفحم المحلي بعد النفط المصدر الرئيسي والمتنامي للكهرباء. كما تعتبر أسعار الكهرباء في الفلبين من بين أعلى أسعارها في جنوب شرق آسيا. في الوقت نفسه، فإن مواردها المحلية من الغاز الطبيعي محدودة وتقتصر على حقل مالامبايا المتوقع نفاد احتياطياته بحلول 2027، لذلك بدأت تطور قدراتها في مجال استيراد الغاز المسال حيث نطور بالفعل أربعة مشروعات لاستقبال شحناته.
أما فيتنام فتعتمد على الوقود الأحفوري لإنتاج 80% من احتياجاتها من الكهرباء. ورغم أنها تنتج كميات من النفط والغاز، يسيطر الفحم على إنتاج الكهرباء في البلاد، حيث يمثل حوالي 60% من إنتاجها حتى أبريل(نيسان) 2024 كما تعمل فيتنام بجد لتنمية قدراتها في مجال استيراد الغاز الطبيعي المسال، حيث أقامت محطتين لاستقباله.
في الوقت نفسه تحتل الصين مكانة كبيرة بالنسبة للفلبين وفيتنام. فهي أكبر شريك تجاري للفلبين من حيث الواردات، في حين تعاني الولايات المتحدة باستمرار من عجز تجاري مع الفلبين. أما بالنسبة لفيتنام، فإن الصين هي أيضاً أكبر شريك تجاري إجمالي للبلاد بفارق كبير، فضلاً عن كونها المصدر الرئيسي للاستثمار الأجنبي المباشر لديها، في حين بلغ العجز التجاري للولايات المتحدة مع فيتنام مستويات مرتفعة جديدة خلال العام الماضي.
لذلك على واشنطن التفكير في تطوير استراتيجية للتجارة والمساعدات الخارجية لتزويد الفلبين وفيتنام وغيرهما من بلدان الجنوب العالمي بالغاز الطبيعي المسال الأكثر نظافة بيئياً بموجب سلسلة من الاتفاقيات الثنائية. وقد تشمل هذه الصفقات أيضاً إلزام تلك الدول بخفض استخدام الفحم في إنتاج الكهرباء. ولتعزيز هذه العملية بشكل أكبر، يمكن لواشنطن بيع الغاز المسال الذي تشتريه من المنتجين الأمريكيين إلى تلك الدول بأسعار أقل من سعر السوق، وهو ما لا يمكن للصين أن تنافس الولايات المتحدة فيه.
كما ينبغي على واشنطن بحث تمويل وبيع المفاعلات النووية المعيارية الأصغر حجماً لإنتاج الكهرباء في تلك الدول، خاصة أنه في أوائل عام 2023، صادقت هيئة تنظيم الطاقة النووية على أول تصميم للمفاعل النووي المعياري للاستخدام في الولايات المتحدة. ويمكن لهذا المفاعل أن يولد خمسين ميجاوات من الكهرباء الخالية من الانبعاثات.
وكذلك يتعين على واشنطن أن تطور نهجاً سياسياً جديداً لمواجهة النفوذ المتزايد للصين باعتبارها الشريك التجاري الأول لدول العالم. فواشنطن لا تملك رفاهية خسارة مثل هذا السباق أمام بكين. ويمكن لبرامج مثل تصدير الغاز الطبيعي المسال والمفاعلات النووية الصغيرة أن تتيح للولايات المتحدة أدوات فعالة لمنافسة الصين تجارياً، ليس فقط في الفلبين وفيتنام ولكن أيضا مع عالم الجنوب بأكمله.
China now controls much of the Panama Canal including 2 of the 5 main ports, bridges over it, and the telecom services for much of the Canal zone. It would not take much for China to cripple the Canal and US trade along with it. Trump CANNOT let this continue. pic.twitter.com/pyAMZjQICo
— Glenn Beck (@glennbeck) January 23, 2025وأخيراً تحتاج واشنطن لمزيد من الدعم الاستراتيجي للقطاع الخاص الأمريكي في المجالات التي يمكن أن تساعد فيها المزايا النسبية الأمريكية في بناء علاقات تجارية ثنائية أوثق لمواجهة النفوذ المتزايد للصين في ذلك الجزء من العالم، حيث يكون الغاز الطبيعي المسال والمفاعلات النووية الصغيرة الأمريكية أوراقاً مهمة في يد الولايات المتحدة لتعزيز علاقاتها مع تلك الدول من ناحية، والحد من النفوذ الصيني من ناحية أخرى.