قال محللون سياسيون إن زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأخيرة للمنطقة لم تحمل جديدا من الناحية الإستراتيجية وإن هدفها الوحيد كان محاولة إنقاذ إسرائيل وإحياء مشروع التطبيع، وربما الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتحجيم مشروعه الخاص.

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي إن بلينكن جاء فقط لمساعدة إسرائيل على الخروج من وحل غزة، والتأكيد على حقها في منع تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في إشارة إلى عملية طوفان الأقصى.

ويرى البرغوثي أن هذا الحديث ليس إلا استمرارا أميركيا في دعم ما تقوم به إسرائيل من قتل وتدمير وإبادة بحق الفلسطينيين، مؤكدا أن أهم ما جاء من أجله بلينكن هو "إحياء مشروع التطبيع، الذي هو أحد أسباب الانفجار، أي إنه جاء لتأكيد وقوف الولايات المتحدة ضد الشعب الفلسطيني"، وفق تعبيره.

كما يرى البرغوثي أن "أخطر ما تحدث عنه بلينكن هو إعادة إعمار القطاع بمشاركة أطراف عربية"، مضيفا "ثمة أسئلة مهمة لا بد من الإجابة عنها، وفي مقدمتها: هل ستكون إعادة الإعمار في ظل وجود قوات الاحتلال بالقطاع أم بعد خروجها؟".

أميركا تواصل التواطؤ

الرأي نفسه ذهب إليه الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين، لكنه يرى أن بلينكن جاء أيضا لإنقاذ إسرائيل من قبضة نتنياهو، معتبرا أن حديث أميركا عن حل الدولتين "مجرد كلام".

لكن جبارين يؤكد أن الولايات المتحدة تعرف أن تحقيق حلم إسرائيل من البحر للنهر يعني منح قوة هائلة لدولة دينية صهيونية، وأن هذا أمر لا يخدم المصالح الأميركية، وبالتالي "ربما تحاول واشنطن إيجاد شركاء يشكلون حكومة جديدة أو يدعمون إطاحة حزب الليكود بنتنياهو".

أما أستاذ العلوم السياسية حسن أيوب، فيرى أن أخطر ما تحدث عنه بلينكن هو "استيعاب إسرائيل في المنطقة"، لأنه يعني أنه "جاء لتسويق نفس البضاعة القديمة بمداخل إقليمية".

وأكد أيوب أن هذا الموقف "يعكس عدم استيعاب واشنطن للدرس الدائر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ومواصلتها إهدار حقوق الفلسطينيين التي هي الحل الوحيد للأزمة".

تفكيك قضية محكمة العدل الدولية

إلى جانب ذلك -يضيف أيوب- فإن بلينكن جاء أيضا لمنع الدول العربية من الانضمام إلى القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، حتى يفرغها من مضمونها.

وأكد أيوب أن هذه المحكمة "لو استمرت فستكون لها تداعيات بعيدة المدى حتى على أميركا"، مضيفا "بلينكن يحاول فقط التأثير على مجريات القضية، بدليل أن واشنطن لم تأخذ موقفا صريحا من مشروع التهجير المستمر حتى الآن".

أما الشيء المهم الثاني الذي جاء بلينكن من أجله -برأي أيوب- فهو "الحديث عن الخطة الأمنية في غزة ما بعد الحرب، أي إيجاد طوق نجاة لإسرائيل المهزومة والمنقسمة على نفسها".

وأضاف أيوب "إما أن يكون هناك إعلان واضح وصريح بشأن دولة فلسطين وعاصمتها القدس، وإما فإن ما تقوم به الولايات المتحدة لا يتعدى كونه ذرا للرماد في العيون".

وفيما يتعلق بحديث وزير الخارجية الأميركي عن التزامات تعهدت بها دول عربية خلال زيارته، قال البرغوثي إن هذا الأمر "يشي بأن شيئا يطبخ في السر، على اعتبار أن إسرائيل ستتمكن من اقتلاع المقاومة، وهو أمر مستحيل عمليا".

وقال البرغوثي إن هذا الشيء -الذي تطبخه واشنطن سرا- ربما يتعلق بإعادة الإعمار على حساب الدول العربية، داعيا هذه الدول للامتناع "عن دفع تكلفة إصلاح ما دمرته إسرائيل، والمطالبة بتحميل تل أبيب مسؤولية جرائمها".

وأكد البرغوثي ضرورة إيجاد حكومة وحدة وطنية فلسطينية توحد الضفة وغزة وتمنع أي تدخل خارجي في القطاع وتدعم القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية، لأنها قد تجبر إسرائيل على وقف الإبادة.

مساومة نتنياهو

وفيما يتعلق بداخل إسرائيل، قال جبارين إن بلينكن جاء أيضا لاستخدام سياسة العصا والجزرة مع نتنياهو، وذلك من خلال استخدام ورقة التطبيع مع السعودية -وهو هدف إستراتيجي لنتنياهو- لدفعه إلى القبول ببعض الأمور.

أما العصا -يضيف جبارين- فهي تهديده بتغير الموقف الأميركي خصوصا من القضية المرفوعة أمام محكمة العدل الدولية، وأيضا التلويح بدعم خصومه السياسيين بدليل أن بلينكن اجتمع مع عضو مجلس الحرب بيني غانتس بشكل منفرد.

على العكس من ذلك، فإن البرغوثي لا يرى رغبة أميركية بتخفيف التوتر لا في غزة ولا في الضفة، بدليل أن بلينكن اجتمع بمجلس الحرب الإسرائيلي.

ويرى البرغوثي أن الضفة قد تنفجر وكذلك حدود لبنان وربما المنطقة بسبب التواطؤ الأميركي المستمر مع الجرائم الإسرائيلية، مؤكدا أن الرهان الوحيد الحقيقي هو النضال الفلسطيني، ودعم الدول العربية لقضية جنوب أفريقيا.

وفي السياق نفسه، قال أيوب إن الرهان على أميركا رهان خاطئ، وإن على الفلسطينيين استغلال اللحظة التاريخية الكبرى الحالية والتوحد على أساس برنامج تحرري واضح، يطالب بتقرير المصير والدولة المستقلة وتوحيد الضفة وغزة، وعدم القبول بأي تدخل خارجي في القطاع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: محکمة العدل الدولیة بلینکن جاء

إقرأ أيضاً:

مجلس ضاحي خلفان الرمضاني يدعو إلى توحيد الجهود الخيرية

دبي: سومية سعد

أوصى المشاركون في المجلس الرمضاني، الذي عقد في مجلس الفريق ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، رئيس مجلس أمناء مؤسسة سعيد أحمد لوتاه الخيرية، بضرورة استحداث صناديق للزكاة في جميع إمارات الدولة، بهدف تسهيل تقديم الزكاة، وضمان وصولها إلى مستحقيها وفق الضوابط الشرعية، ودعوا لإطلاق نظام للربط الإلكتروني بين الجمعيات الخيرية، مع وضع معايير موحدة لتقديم المساعدات، لتسهيل الإجراءات ومنع ازدواجية الصرف.
أقيم المجلس الرمضاني بعنوان «الشراكة في العمل الخيري.. توحيد الجهود الخيرية لتمكين المجتمع»، وأداره الدكتور محمد مراد عبدالله، عضو مجلس أمناء المؤسسة، وذلك لمناقشة تشكيل «مجلس الخير» لتنسيق الجهود وتعزيز التكامل بين المؤسسات والجمعيات الخيرية، بما يحقق أعلى مستويات الكفاءة والتأثير في العمل الخيري.
رفع الكفاءة
أكد الفريق ضاحي خلفان تميم، أهمية رفع كفاءة العمل الخيري بوضع معايير دقيقة تحدد المستحقين للدعم، واعتماد أفضل الأساليب لتلبية احتياجاتهم وفق الأسس الشرعية، مع تسخير التقنيات الحديثة لضمان الشفافية والعدالة.
وأشار إلى أن العمل الخيري في دولة الإمارات لا يقتصر على مبادرات فردية، بل يشكل منظومة متكاملة تستمد قوتها من التعاون والتكاتف بين مختلف الجهات، ما يعزز التكامل في تقديم المساعدات، ويوجه الموارد بكفاءة لضمان وصولها إلى مستحقيها بأفضل الطرق الممكنة.
وأضاف أن تعزيز الشراكة بين المؤسسات الخيرية يسهم في توحيد الجهود، وزيادة تأثير المبادرات الخيرية، ما يدعم تمكين المجتمع ويعزز التنمية المستدامة، ويرسّخ ثقافة العطاء، وأن هذه الجهود تكرّس مكانة الإمارات نموذجاً عالمياً رائداً في العمل الخيري، بنهج مبتكر ومستدام، يسهم في تحقيق رؤية الدولة لمستقبل أكثر ازدهاراً.
مسيرة عطاء
تحدث سعيد الرقباني، رئيس مجلس إدارة جمعية الفجيرة الخيرية، عن نشأة الجمعية، مشيراً إلى أن فكرتها انطلقت عام 1986 خلال مشاهدة أحد البرامج التلفزيونية، حيث طُرحت مسألة عمل طلاب الثانوية العامة، بسبب أوضاعهم المالية، ومن هنا جاءت المبادرة لمساعدتهم، وتم تشكيل فريق لدراسة احتياجاتهم وإطلاق حملات تبرع لدعمهم، وأضاف أنه في عام 1987، بدأت الجمعية أولى مبادراتها التعليمية، حيث ساعدت الطلاب غير القادرين على تحمل كلفة التعليم، وأسهمت في تخرج 487 طالباً، ومع توسع المبادرات، حصلت الجمعية على قسم في أحد المستشفيات الجديدة، ما مكنها من تقديم خدمات إضافية، مثل توفير سيارات للمساعدات الإنسانية ودعم الأسر المتعففة، التي بدأت ب 40 أسرة ثم توسعت بشكل ملحوظ.
ولفت إلى أن الجمعية ساعدت الكثير من الأسر على تحقيق الاستقلال المالي، إذ تمكنت 40 أسرة من المشاركة في بيع الطعام بالقرية العالمية عام 2006، وفي عام 2016، افتتحت الجمعية جامعة لدعم المسيرة التعليمية، حيث استكمل كثير من الطلاب تعليمهم الجامعي بدعم منها، كما أولت الجمعية اهتماماً بكفالة الأيتام، وتكفلت بمصاريف الطلاب حتى إنهاء المرحلة الثانوية، فيما استمرت الكفالة للبنات حتى بلوغهنّ 18 عاماً.
الغاية الأساسية
أكد الشيخ الدكتور أحمد الحداد، عضو مجلس أمناء المؤسسة، أهمية التعاون في العمل الخيري، مستشهداً بالنصوص الشرعية التي تحث على البذل والعطاء، وأوضح أن دور الجمعيات الخيرية يكمن في تسلّم التبرعات بيد وإيصالها إلى المحتاجين باليد الأخرى بسرعة وكفاءة، من دون استثمارها أو تنميتها، لضمان تحقيق الغاية الأساسية من العمل الخيري، والمتمثلة في تقديم العون الفوري والمباشر لمن هم في أمسّ الحاجة إليه.
وأضاف أن العمل الخيري لا يقتصر على تقديم المساعدات المادية فقط، بل يشمل تعزيز التكافل الاجتماعي وترسيخ قيم الرحمة والعطاء في المجتمع، ما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، كما شدد على أهمية توحيد الجهود بين المؤسسات الخيرية لضمان إيصال الدعم للمستحقين بطرائق أكثر كفاءة وشفافية، مستفيدين من التطورات التقنية والرقمية في تسريع عمليات التوزيع وتحقيق أقصى فائدة ممكنة للمحتاجين.
توحيد الجهود
أوضح المهندس يحيى لوتاه، أن تشكيل المجلس هدفه تعزيز التنسيق بين الجهات الخيرية، بما يتيح لها بناء رؤية موحدة تلبي متطلبات العمل الخيري وتضمن وصول الدعم لمستحقيه بطريقة عادلة ومستدامة.
وقال: «في عالم يزداد تعقيدًا، يصبح التعاون والشراكة في العمل الخيري أكثر ضرورة من أي وقت مضى. إن توحيد الجهود وتكامل الأدوار بين المؤسسات والجمعيات الخيرية يسهم في بناء منظومة أكثر كفاءة وفاعلية، قادرة على تلبية احتياجات المجتمع بطرق مبتكرة ومستدامة. نحن في المؤسسة نؤمن بأن العمل الخيري المشترك لا يمثل مجرد تعاون، بل هو قوة دافعة لإحداث تأثير حقيقي ومستدام، بتبادل الخبرات، وتبني الحلول المبتكرة، والاستفادة من التكنولوجيا لتعظيم الأثر الإيجابي. معاً، يمكننا رسم مستقبل مشرق للعمل الخيري، يواكب تطلعات مجتمعنا ويعزز ثقافة البذل والعطاء
توحيد المعايير
أكد الدكتور أحمد تهلك، مدير مؤسسة تراحم الخيرية، أن تبادل البيانات بين الجمعيات والمؤسسات الخيرية خطوة حيوية لضمان التنسيق الفعال بين الجهات المختلفة، ما يسهم في تحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة.
أوضح المهندس عادل السويدي، عضو مجلس إدارة «جمعية دبي الخيرية»، أن الجمعية ابتكرت الكثير من المعاملات الذكية، منها الحصالة الذكية التي صمّمت بطريقة عصرية تتماشى مع مسيرة التحول الذكي في المجتمع.
وقال رجل الأعمال عبد العزيز الغرير، في مداخلة له، رداً على استخدام العملات المشفرة في العمل الخيري، إن المصرف المركزي لا يزال يعمل على وضع الضوابط المنظمة لهذه العملات، لضمان سلامة التعاملات المالية وحماية التبرعات من أي مخاطر محتملة.

مقالات مشابهة

  • التلويح الأميركي بـ جزرة التطبيع مع إسرائيل أربك لبنان
  • مجلس ضاحي خلفان الرمضاني يدعو إلى توحيد الجهود الخيرية
  • محمد الجبلاوي: الخطة المصرية لإعمار غزة جامعة وشاملة لإنقاذ الفلسطينيين
  • محللون: سوريا تواجه تحديات داخلية وتدخلات خارجية
  • صوان: ليبيا لا يجب أن تتحمل أزمة الهجرة وحدها وعلى الدول المعنية تحمل مسؤولياتها
  • واشنطن بوست: إسرائيل تطبق قواعد صارمة على منظمات إغاثة الفلسطينيين
  • عاجل | واشنطن بوست عن مصادر: إسرائيل تطبق قواعد جديدة صارمة على منظمات الإغاثة التي تساعد الفلسطينيين
  • عاجل | أ. ب: إسرائيل تريد أن ترى سوريا مجزأة بعد أن تحولت البلاد في عهد الأسد إلى منصة انطلاق لإيران ووكلائها
  • رمضان في سجون “إسرائيل”.. قمع وتجويع بحق الأسرى الفلسطينيين
  • البرغوثي: خطة التطهير العرقي لسكان غزة ماتت ولن تمر