علي شمّو يستعيد جذور الإعلام العميقة في الكفاح من أجل التحرر
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
الإعلام بدأ من الأطباء والمهندسين وخريجي كليات التجارة
شفهيون..أهملنا تدوين ذكرياتنا وثروتنا التاريخية
شخصية أم كلثوم مرعبة للصحفيين.. وقناعتي كسرت ذلك الحاجز
أقامت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء مساء أمس جلسة حوارية حملت عنوان «الإعلام العربي: تجربة البروفيسور علي شمّو» أدارها عاصم الشيدي رئيس تحرير «عمان»، وأشار الأستاذ الدكتور علي شمّو (والذي تدرج في مناصب رسمية متعددة في جمهورية السودان حيث عمل مديرا عاما للإذاعة، ووكيلا لوزارة الثقافة والإعلام، ووزير دولة للشباب والرياضة، ووزيرًا للثقافة والإعلام مرتين، وترأس المجلس الأعلى للرياضة الجماهيرية، ورئيس المجلس القومي للرياضة ورعاية الشباب بالسودان، ومستشار وكيل الإعلام والثقافة بأبوظبي) أشار «شمّو»: إلى أن بدايات الحقب الأولى للصحافة المصرية «الإلكترونية» والصحافة المطبوعة ولا الذين بنوا الصحافة ولا التليفزيون ولا الراديو العربي كانوا خريجي كليات الصحافة المصرية، وقال «شمّو»: لم تكن تلك البدايات على يد خريجي كليات الصحافة، حيث كانوا كلهم مهندسين وأطباء وعلماء كانت لديهم القدرة على التعبير وأصدروا الصحف في الوقت الذي لم يكن في العالم العربي كله إلا محطات معينة للراديو.
وحول بداياته يقول الأستاذ الدكتور علي شمّو: بداياتي في العمل الصحفي كانت في بدايات ثورة يوليو وكان خريجو الصحافة والتلفزيون المصري كلهم من خريجي كليات التجارة والحقوق والهندسة، وكانت الدولة الوحيدة التي تجاري مصر في ذلك الوقت هي العراق في بغداد حيث الصحافة والراديو هناك، وكان من يدير الصحافة هم الناس العاديون، أما مسألة أن خريجي كليات الإعلام هم من يديرون الصحافة والإعلام فهذا شيء جديد.. وقد شاركنا فيه كطلبة لبناء تخصص «الاتصال مع الجمهور» (بحسب مسمياتها) سواء كليات في أكاديميات ومعاهد وبدأنا نخرج الطلبة الذين درسوا الإعلام، ثم الإعلام نفسه هو علم مكوّن من مجموعة علوم متنوعة منها علوم النفس، والتاريخ، واللغات وهي أشياء مكونة للرسالة أو المضمون الذي يتعامل معه الإعلام وهذه الحكاية نشأت فيما بعد، وليس غريبًا أن أكون أنا وزملائي الذين عملت معهم في بداية الثورة المصرية كلهم من خريجي الحقوق وخريجي التجارة.. جميعهم تخرجّوا من الكليات العادية من جامعة القاهرة وعادةً يجرى لهم اختبار في المعلومات العامة في الصوت ومن ينجح يتجه طريقه إلى «المايكرفون».
وحول العلاقة بالإعلام مع ثورة يوليو «ثورة الضباط الأحرار» في 1952 قال «شمّو»: عندما تخرجت في الجامعة أيام بدايات الثورة المصرية كنت طالبًا نشطًا جدًا في المظاهرات وفي الخطابة وفي الاتحادات، وحينما قامت الثورة بدأنا نعمل في الاتجاه الجديد في هذه الثورة، وكان جمال عبدالناصر أكثر الناس الذين آمنوا باستخدام الراديو من أجل الثورة في مصر لتوجيهه إلى العالم وإلى أصحاب القضايا ضد الاستعمار، وكان البرنامج في الجزيرة العربية يستهدف ما تقدمه مصر لمساعدة المناضلين للتحرر من الاستعمار، وفي إفريقيا كانوا جزءًا من الأهداف للاستفادة من الثورة في النضال، وشمال إفريقيا كانت أيضا من المناطق المستهدفة بالإذاعات الموجهة التي خصصت لها الإذاعة المصرية والثورة المصرية إذاعات موجهة، وهذا لم يسبق إليه أحد في العالم.
ويضيف «شمّو»: أول من استخدم الراديو الموجه الذي ظهرت منه «صوت العرب» والذي كان موجها لكل الدول العربية خاصة المناطق في الجزيرة العربية وفي اليمن وفي وشرق إفريقيا وفي غربها وشمالها وكل هؤلاء يأتون إلى القاهرة على شكل طلبة وعلى شكل ساسة لاجئين كانوا يستخدمون لتوجيه الرسائل للمناضلين في الميادين ضد الفرنسيين وضد الإنجليز وهكذا.. وهذه واحدة من الأشياء التي غيّرت التاريخ، فالعالم كان لا يستخدم الراديو إلا للاستخدام المحلي، وطبعا الإعلام المطبوع والصحف محدودة التوزيع ومحدودة الاستهلاك إضافة إلى محدودية المادة؛ لأنها مادة تتغير بعد فترات معينة فيكون المطبوع غير متوفر إضافة إلى التوزيع والأمية وانتشارها بشكل مختلف كانت وسيلة مؤثرة بنسبة للقطاعات السياسية الرائدة ولكن الراديو استخدم للوصول إلى كل هذه البقاع في هذه المنطقة.
وحول نجاح جمال عبدالناصر في إحداث تغيير في الوعي العربي من عدمه يقول الدكتور علي شمّو: هناك نجاح ـ ليس في الأمر شك ـ فالنجاح هو التغيير الذي حصل في النصف الثاني من القرن الماضي في العالم وليس في العالم العربي وحده، وعبدالناصر لم يصل لهذه الشهرة العالمية إلا باستخدامه لهذه الوسائل ولكن كانت هنالك إشكالية في المنطقة العربية على الراديو بسبب طريقة اللغة التي كانت مستعملة آنذاك وهي أشبه بما نسميه اليوم «لغة الكراهية في الخطاب» ولكن بالطبع ليس في كل القضايا، وهنالك كلمات موجهة غير لائقة قدمها عبدالناصر عبر الإذاعات ولكن هذا لا يقلل بالمطلق من نجاح الحركة الوطنية للقضايا الفلسطينية والقضايا العربية.
قبل الحرب العالمية الثانية جاءت ألمانيا واستخدمت الراديو عبر شخص عربي من العراق؛ حيث إنها أول دولة قدمت إذاعة موجهة باللغة العربية للمنطقة وأحدثت أثرًا سياسيًا كبيرًا جدًا في هذه الفترة وهي التي هيأت للحرب، أما الحلفاء وإنجلترا ـ على وجه الخصوص ـ لديها خدمات موجهة للعالم وأول خدمة للبي بي سي كانت باللغة العربية وكانت سنة 38م وكانت هذه الإذاعة أيضا للتاريخ أول إذاعة موجهة خارج الجزر البريطانية وهذا الاهتمام يدلل بأن المنطقة العربية عندها أهلية سياسية استراتيجية وأرادوا أيضا أن يستعمروها من هذه الناحية.
وحول الأحداث والذكريات وغياب التدوين يقول البروفيسور علي شمّو: نحن شفويون جدًا لم نسجل ذكرياتنا بل كنا خجولين إلى حد لا نعبّر فيه عن أنفسنا لذلك أهملنا أحداثًا كثيرة جدًا، وأهملنا التراث والوثائق التي تعد ثروة ضخمة جدًا من المعرفة ومن المعلومات ومن العلوم ومن التاريخ لكن بكل أسف «إحنا شفويين»، وعندما أردت تدوين كتابي وسيرتي وجدت صعوبة شديدة جدًا، وها أنا الليلة في هذه الجلسة الحوارية نسيت أشياء كثيرة أيضًا؛ لأن عمري تقدّم ونسيت أحداثًا لو دونتها في وقتها ستكون مفيدة لبلدي ولي أنا ولغيري.
وحول دور الصحافة وقوتها في العالم العربي، يرى الدكتورعلي شمّو أن هناك هروبا للوسائل الإلكترونية ووسائل التواصل أصبح خطيرًا جدًا في تكوين الرأي العام والتأثير في الأحداث.
وعن ذكريات لقائه مع أم كلثوم قال «شمّو»: أتت أم كلثوم إلى السودان واستقبلت استقبالا أكبر من استقبال وهي قادمة برغبة لجمع التأييد من خلال دورتها بالعالم العربي ومن السودان الانطلاقة، وحينها تم تكليفي وأنا مدير التلفزيون بإجراء حوار معها في حين أنني لست من المفترض أن أعمل مقابلات.. فشخصية أم كلثوم عرفت كشخصية مرعبة جدا بالنسبة للصحفيين في وقت لم تجرِ «أم كلثوم» مقابلة مع أي صحفي وتجاوزت أربعة دقائق، كان هنالك تحد كبير ولكن كان لدي قناعة أنني حينما أستطيع كسر الحاجز بيني وبينها سأصل إلى أكبر مساحة من الوقت من الحوار رغم أنها طلبت الأسئلة مكتوبة، إلى أن وصلت إلى مقابلة وصلت إلى أربعين دقيقة من أسئلة كانت مرتجلة لاقت القبول مع امرأة اكتشفت ثقافتها واطلاعها وقدرتها على مواجهة الأسئلة والإجابة عليها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العالم العربی خریجی کلیات فی العالم أم کلثوم فی هذه
إقرأ أيضاً:
رئيس البرلمان العربي: العالم في حاجة إلى ترسيخ ثقافة التسامح لمواجهة خطاب الكراهية
أكد محمد أحمد اليماحي، رئيس البرلمان العربي، أهمية تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي على كافة المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، خاصة في هذه الأوقات التي تنتشر فيها الصراعات والنزاعات حول العالم، مشددًا على أن العالم بات في حاجة شديدة إلى ترسيخ ثقافة التسامح لمواجهة خطاب الكراهية والعنصرية الذي يؤجج هذه الصراعات ويُطيل من أمدها.
جاء ذلك بمناسبة الاحتفال باليوم الدولي للتسامح، الذي دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى الاحتفال به في يوم 16 نوفمبر (تشرين الثاني)، من كل عام، وذلك من خلال تشجيع التسامح والاحترام والحوار والتعاون، فيما بين مختلف الثقافات والحضارات والشعوب.
وقال رئيس البرلمان العربي إن الاحتفال باليوم الدولي للتسامح هذا العام، يأتي في ظل أوضاع مأساوية يعيشها الشعب الفلسطيني، الذي يتعرض على مدار أكثر من عام لحرب إبادة جماعية ومجازر وحشية لم يعرفها التاريخ، مشددًا على أن صمت المجتمع الدولي على تلك الجرائم، يغذي التعصب والكراهية على حساب قيم التسامح والتعايش السلمي.
#الإمارات تحتفي بـ #اليوم_الدولي_للتسامح https://t.co/376snOilUc pic.twitter.com/EefhZFgDHC
— 24.ae | الإمارات (@24emirates24) November 16, 2024