عمّان ـ "العمانية": تبدو أعمال التشكيلي الأردني إحسان بندك مسكونة بالمكان العتيق وبتدوين تفاصيله على خلفيات القماش الملونة، لتنقل إحساس الفنان وانتماءه للأماكن المؤثثة بلمسات روحانية تُؤنسن المشهدَ وتمنحه الحيوية. يختار بندك (المولود عام 1957) رسم عدد من المدن الأردنية والفلسطينية؛ خاصة تلك التي تتخذ طابع القداسة، ويقدمها باللونين الأبيض والأسود، فتبدو المباني القديمة كأنها تتمازج مع النور الذي يتسرب إليها عبر الشقوق والنوافذ، وتغدو في لحظةٍ كما لو أنها هي نفسها ظلالٌ لأرواح ساكنيها، من بشر وحجر.

ففي عدد من اللوحات تمتلئ أزقة المكان بالعابرين والبائعين والمتجولين من النساء والرجال، وتعكس الملابس التي يرتدونها التنوعَ الثقافي والحضاري للمدينة. ولتركز على هذه الفكرة، تغيب في لوحات بندك معالم الوجوه تماماً، بينما تبرز الملابس والحركة الحيوية، كما تبرز النوافذ المعمارية والأقوس والشرفات والقباب.

وفي هذه التجربة أيضًا قدم بندك مجموعة من البورتريهات للوجوه التي رسم ملامحها عبر خطوط عشوائية تشير بشكل عام إلى مكان العينين أو الشفتين.. وبطريقة توحي بالألم والحسرة؛ فهذه الوجوه في أغلبها تم تقديمها وفق منظور سوريالي مفجع. وفي عدد من أعماله، مزج بندك الذي نال شهادة البكالوريوس في الفنون من الولايات المتحدة الأمريكية، بين الواقعية والتعبيرية، وفي هذه التجربة استخدم الألوان الترابية والهادئة التي تتمازج معاً ضمن تشكيلاتٍ تتسم بتواشج الوجوه الإنسانية والألوان.

وتمثل هذه الأعمال إحدى خلاصات بندك في بحثه بالصور الفوتوغرافية التي توثق ما كانت عليه مدينة القدس المحتلة قبل أكثر من 120 عامًا. وعمد الفنان فيها إلى إعادة رسم الصورة الفوتوغرافية بحس تعبيري حديث، ودمج الماضي بالحاضر. وهكذا جاءت الألوان في هذه الصور منسجمة مع عراقة المدن وقِدَمها من جهة، ومع حداثة اللون والتشكيل من جهة أخرى، كما في لوحات بندك عن مدينة يافا؛ حيث جعل الناسَ كما لو أنهم انعكاس لظلالهم في البحر، وهكذا لم يقدم البحر كما هو متعارف عليه، بل رسمه كما لو أنه يتكون من كل تلك الأجساد المنعكسة فيه.

وفي لوحته التي استوحاها من التهجير القسري لأهل مدينة القدس، جعل الفنان أرواح الشهداء تتعانق مع المكان، وترك خطاً أحمر في أسفل اللوحة يرمز إلى التضحيات التي قدمها الشهداء في سبيل صمود المدينة. وأنجز بندك مجموعة من اللوحات التي تشبه شريطاً طوليًّا ممتدًّا للصورة يتناول معالم المدينة في مشهد بانورامي تتراكب فيه الخطوط والأشكال، بما يقترب من التعبيرية التي تسمح بظهور أبرز معالم المدينة كالقباب والأسوار والمآذن.

في تجربة لاحقة له، قدم الفنان الذي يعمل أستاذاً للفن التشكيلي بالجامعة الأردنية ومدرساً للفن في جامعة نيويورك/ عمّان، أعمالاً في التجريد الخالص، اشتملت على أشكال تعبيرية وتداخلات رمزية واستخدامات واعية للألوان التي نهلت من التشكيلات والألوان الطبيعية التي بدت مشحونة بطاقة لونية غنية، حيث الأصالة المختزنة في الإشارات والدلالات داخل اللوحة تنسجم مع الحداثة في توزيع الكتل اللونية وفي التعامل مع الفراغات والرموز والعلامات المبثوثة في اللوحة.

وفي عدد من هذه الأعمال، ظلت أسطح اللوحات حاضنة لتشكيلات جسدية وإن غابات واندمجت في دوامات من الألوان الحارة والقوية، خاصة البرتقالي والأزرق والأحمر. تجترح أعمال حسين بندك قاموسًا لونيًّا طبيعيًّا وتجريديًّا، فهو يقدم أعماله ضمن صياغات إبداعية وأساليب تعبيرية معاصرة، حيث ينقل عين المشاهد نحو عمق الصورة التعبيرية القابعة داخل دوامات اللون، ثم يبني جسراً بين تلك الصور ومحيطها اللوني التجريدي، ليشعر المشاهد أحياناً أن ما يراه هو أشكال كانت واضحة المعالم ثم سالت لتملأ الفضاء ولم يبقَ منها غير بقعة هنا وظلّ هناك.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: عدد من

إقرأ أيضاً:

أمن الفيوم يعيد 4 ملايين جنيه لتاجر أعلاف بعد تعرضه للسرقة بالإكراه

تمكنت مباحث مركز شرطة طامية بمحافظة الفيوم، تحت إشراف اللواء أحمد عزت مساعد وزير الداخلية مدير الأمن واللواء محمد العربي مدير مباحث المحافظة، والعميد حسن عبد الغفار رئيس مباحث قسم البحث الجنائي بالمديرية، من القبض على عنصر إجرامي بدائرة مركز شرطة طامية،وبحوزته سلاح ناري ومبلغ مالي قُدّر بـ 4 ملايين جنيه.

وذلك في إطار توجيهات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية بملاحقة العناصر الإجرامية والخارجين عن القانون لا سيما في مجال حيازة الأسلحة النارية دون ترخيص والسرقة بالإكراه.

جاء ذلك بعدما حرر أحد المواطنين بلاغا بديوان عام مركز شرطة طامية برئاسة العميد محمد جلال زيدان مأمور المركز، يفيد بقيام شخص بالإستيلاء منه على مبلغ مالي يقدر بـ 4 ملايين جنيه تحت تهديد السلاح.

وعلى الفور تم تشكيل فريق بحث جنائي تحت إشراف العميد هاني تعيلب رئيس فرع البحث الجنائى لقطاع شرق،والمقدم محمد ثروت مفتش المباحث وقاده الرائد محمد عشري رئيس مباحث المركز والنقيب محمد البوشي معاون المباحث وعدد من أمناء وأفراد وحدة مباحث المركز، تم التحري حول الواقعة وملابساتها، وبتفريغ كاميرات المراقبة تم التأكد من صحة المعلومة والتعرف على المتهم ويدعى "رجب. س ع" 38 سنة مقيم بدائرة المركز.

وقد سبق اتهامه  في عدة قضايا سرقة بالإكراه وحيازة سلاح دون ترخيص وبلطجه وإرهاب المواطنين، ومن ثم تم عمل كمين مُحكم وأمكن ضبط المتهم وبحوزته سلاح ناري دون ترخيص والمبلغ المالي المُبلغ عنه والذي قُدّر بـ 4 مليون جنيه.

بمواجهته اعترف بارتكابه الجريمة، وأن المبلغ يعود لتاجر أعلاف مقيم بدائرة المركز، وأثناء ذهابه لشراء الأعلاف، قام  المتهم باعتراضه أشهر في وجهه سلاح ناري وقام بالإستيلاء على المبلغ المالي بالإكراه وتحت تهديد السلاح.

تم القبض على المتهم وحررت الجهات الأمنية المحضر اللازم بالواقعة وأخطرت النيابة العامة التي تولت التحقيق. 

القبض على مسجل خطر أثناء ترويجه مخدر الشابو بالفيوم

مقالات مشابهة

  • صلاح يعيد ليفربول للانتصارات بالدوري الإنجليزي
  • القسام تفاجئ جنود العدو بأساليب جديدة في عملياتها
  • كيف يعيد المحتوى المحلي رسم ملامح الاقتصاد العماني؟
  • صاروخ الحوثيين على تل أبيب هل يعيد إخراج خارطة الطريق من التابوت؟
  • أمن الفيوم يعيد 4 ملايين جنيه لتاجر أعلاف بعد تعرضه للسرقة بالإكراه
  • جريمة عمرها 50 عاما.. حذاء يعيد الأمل للشرطة في حل لغز مقتل مراهقة
  • فوائد التمارين الرياضية: تحسين الصحة وتقوية الجسم بأساليب بسيطة
  • الواقعية والتسجيلية والانطباعية.. صفات ميزت الفن التشكيلي السوري بمرحلة الريادة
  • التامك يعيد النظر في النظام الصحي المطبق في السجون 
  • التطور السوري هل يعيد بناء التحالفات في المنطقة؟