الجزائر ـ "العمانية": يُقدّم الجزائري د. مويسي بوسماحة في كتابه الصادر بعنوان "الرواية الجزائرية الجديدة بين المثاقفة والتأصيل"، مقاربة نقدية من خلال جملة نماذج مهمّة عرفها النصُّ السّرديُّ الجزائريُّ. ولا يعني د. مويسي بوسماحة بمصطلح "الرواية الجديدة"، بحسب ناشر الكتاب، مقصدًا زمنيًّا، بل مصطلح "Nouveau Roman" الفرنسي المُعبّر عن رواية تميّزت ببنية سردية مغايرة لما عرفته الرواية التقليدية، والتي أحدثت ثورة على البنية السّردية الكلاسيكية، كما يطرح المؤلّف في هذا المنجز سؤالا عن "المثاقفة والتأصيل".

وبخصوص مصطلحي "المثاقفة والتأصيل" الواردين في العنوان؛ فيعني صاحب الدراسة بـ "المثاقفة" التواصل بين الأفراد والأمم، والتفاعل والاطلاع على ثقافة الآخر، وهو التفسيرُ الذي يبرّرُ به وجود الرواية الجديدة في الجزائر، أو انعكاس تلقّي الرواية الجديدة - كما هي عند مؤسّسيها ودعاتها الفرنسيين - على الوعي الأدبي الجزائري بما يُفرز بالضرورة نمطا تجديديًّا في الرّواية.

أمّا مصطلح "التأصيل" فلا يعني - لدى هذا الباحث - العودة إلى التراث السردي العربي، بل يقصد به انفتاح النصّ السّردي على خصائص التراث السردي والاستفادة منه في ابتكار رواية متميّزة لها صلة بعمقها الثقافي، والسردي، وبقضايا أُمّتها.

ويرى هذا الباحثُ ضرورة أن تستفيد الرّواية من المنجز الناضج عبر تاريخ طويل من الممارسة الأوروبية للرواية، لكن في إطار التواصل مع الواقع، والتاريخ، والثقافة الأصيلة.

وتناول مؤلّف هذه الدراسة بإسهاب خصائص الرّواية الجديدة في فرنسا، مجملا الانعطاف على الشّخوص الروائيّة، والحكاية، والالتزام، والزمن، والفضاء، كدلالة على الوعي بالأسس الفكرية والفلسفية التي تقوم عليها الرّواية الجديدة، وبالتالي، انعكاسها على البنية السّردية لها، وهو ما يجعل الرّواية الجديدة تمثّل "رؤية للعالم" وتحدّدُ موقفًا منه.

وللبحث في ماهية "الرواية الجزائريّة الجديدة"؛ اختار مؤلّف الكتاب روايتي "صوت الكهف" للروائي عبد المالك مرتاض، و"حمائم الشفق" للروائي جيلالي خلاص، اللّتين تُبرزان جوانب من تجلّيات الرّواية العالميّة، ولم تهدفا لتكريس التقليد، بل لتبرير التجريب والخلوص إلى ملامح رواية تستمد من جذور التجربة الكونيّة التي تتأسّس في مسار التجربة الإنسانية حتى لا تكون الرواية الجزائرية بدْعا في مسار ما يُنتجه العالم.

ويُشيرُ مويسي بوسماحة إلى أنّ بنية السرد عند كثير من الروائيّين الجزائريين - ومنهم عبد المالك مرتاض والجيلالي خلاص - تخلّت عن النمط التقليدي السيمتري الدقيق، الذي كانت تتحرّك فيه الشخصيات؛ من خلال فصول متتابعة، وتنمو الأحداث وتتطوّر بصورة تنتهي نهاية طبيعيّة، بالطريقة الملحميّة ذات البداية والنهاية المعلومة التي لا تُفاجئ أفق القارئ، وتهاوي البطل وتتهاوى معه أركان القصّة، كالعقدة، والتطوُّر والإقناع الفنّي المبني على قانون السببيّة أو العلية فانمحت معالم فكرة المحاكاة أو كادت في الرواية الجديدة الجزائرية، وتغيّر مفهوم الشخصية النامية والمسطّحة، إلى غير ذلك من الأطر الفنيّة التي كانت تمثل الركيزة الأساسية التي يقوم عليها الهيكل الروائي العتيق.

ويضيف الباحث أنّ هذه الأعمال - وإن تخلّت عن الشكل الروائي الكلاسيكي القديم – لا تعني بالضرورة أنّها تخلو من شكل فنيّ معيّن، وإلا تحوّلت إلى نسيج هلاميّ مختلط بعيد عن مجال الفن.

ويرى د. بوسماحة أنّ الرّواية الجديدة لا تخلو من حكاية بل هي مفعمة بها في شكل لوحات غير مكتملة أو أجزاء متناثرة هنا وهناك، تتكرّر في متن النص، وتظهر ثم تختفي، كما هي الأحداث في الواقع المعيش؛ فالحكاية في الرّواية الجديدة - بحسب رأي الكاتب - تمثّل عنصرًا قائمًا بذاته قد يصل درجة الشّخصية لأنّها لا تمثل فقط سردية الحدث بل تؤسّس موقفًا يهدف إليه الرّوائيُّون الجدد مناهضا لما آلت إليه أوضاع العالم والإنسان على العموم، فالحكاية في الرّواية الجديدة تقوم مقام البيان المساند أو الضد.

يُشار إلى أنّ الباحث د. مويسي بوسماحة مؤلّف الكتاب، حاصلٌ على شهادة دكتوراه في الأدب العربي، واشتغل أستاذًا للأدب العربي بجامعات أدرار، وبشار (جنوب الجزائر).

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الروایة الجدیدة ة الجدیدة ة التی فی الر

إقرأ أيضاً:

بالفيديو.. الفاف تنشر كواليس نهائي الكأس بطريقة رائعة

نشر الإتحاد الجزائري لكرة القدم، اليوم السبت، فيديو عبر صفحته الرسمية لكواليس نهائي كأس الجمهورية الذي جرى أمس.

و أبرزت الفاف اجمل اللقطات التي جرت قبل و وبعد المباراة التي كانت مثيرة بين الغريمين شباب بلوزداد و مولودية الجزائر التي جرت بملعب 5 جويلية الأولمبي.

وكانت الهيئة الكروية الجزائرية قد استضافت عدد من لاعبي مولودية الجزائر وشباب بلوزداد بأروقة مبنى دالي ابراهيم، أين أخذوا عدد من الصور التذكارية التي استغلتها في الترويج للكرة الجزائرية بطريقة جميلة جدا.

إاب اضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور[/capt

مقالات مشابهة

  • الجزائر: وصول عدد الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية إلى 34 شخصًا
  • قراءة في كتاب: أطروحات ما بعد التنمية الاقتصادية: التنمية حريّة- محمود محمد طه وأمارتيا كومار سن «مقاربة» «1- 15»
  • بالفيديو.. الفاف تنشر كواليس نهائي الكأس بطريقة رائعة
  • «دبي للثقافة» تستضيف جلسة حول كتاب «إمارات الخير»
  • تهاني العابد: أطمح في تطوير السرد الروائي
  • الأبحاث ما بعد الكولونيالية وتأثيراتها على المجتمعات المستعمرة.. كتاب جديد (1من2)
  • الأبحاث ما بعد الكولونيالية وتأثيراتها على المجتمعات المستعمرة.. كتاب جديد (1 من 2)
  • القديس أباهور وأمه القديسة ديودورة.. قصة مُلهمة تفتخر بها الكنيسة المصرية
  • ما سبب فقر اللغة العربية على الانترنت؟.. خبير يوضح
  • كيف صاغ حكام مصر ومفكروها هويتها الوطنية؟ قراءة في كتاب