عمّان – بالرغم من التطور التكنولوجي فإن شهوة التنقيب والبحث عن الكتب النادرة والقديمة لاقتنائها لا تضاهيها متعة بالنسبة لعشاق الكتاب الورقي، ممن يتلذذون بملامسة صفحاته القديمة، وملمسه الخشن، ورائحته التي تعود بالقارئ عقودا إلى الوراء.

ومن بين المباني التراثية العتيقة، تتربع خزانة أو "مكتبة الجاحظ"، في وسط العاصمة عمّان، إذ تعتبر إحدى أقدم المكتبات في العاصمة الأردنية، وواحدة من أهم المعالم الثقافية في عمان، ضمت بين جنباتها ما يزيد على 10 آلاف كتاب من بينها مؤلّفات ومخطوطات تعود لأكثر من 800 عام، إلا أن حريقا ضخما أتى على العديد من هذه الكتب قبل سنوات.

بين القدس وعمّان

قبل قرن من الزمان، أنشئت مكتبة الجاحظ على يد ممدوح المعايطة في القدس عام 1922، بالقرب من حائط البراق، قبل أن ينتقل بها إلى عمان عام 1948، إبان النكبة الفلسطينية، وبتلك الخطوة أنشئت أول مكتبة لإعارة الكتب في الأردن، ومنذ ذلك الحين باتت مكتبة الجاحظ ملاذا لكبار المفكرين، والمثقفين، والأدباء، والشعراء، والسياسيين، من داخل الأردن وخارجه، وتعود تسمية المكتبة بـ"الجاحظ" لاحتوائها على آلاف المخطوطات النادرة.

كتاب "تاريخ الأردن" في مكتبة الجاحظ (الجزيرة)

يقول شاهين المعايطة -أحد أحفاد مؤسس مكتبة الجاحظ، ويتولى حاليا مسؤولية بيع الكتب، بأن المكتبة ستواصل حضورها ونشاطها الثقافي والأدبي من وسط البلد في عمان، بعد توارثها من الجد إلى الأب حتى الابن، وانتقالها بعد ذلك للأحفاد.

اهتمام ملكي

ويتابع المعايطة بالقول -للجزيرة نت- من أن مكتبة الجاحظ كانت مدعومة بشكلٍ مباشر من قبل مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية الملك عبد الله الأول، وفي عام 2018، دعم الملك عبد الله الثاني إعادة تأهيل المكتبة بعد الحريق التي أتى على معظم كتبها، ليصار إلى إعادة تأهيلها من جديد.

مكتبة الجاحظ إحدى أقدم المكتبات في العاصمة الأردنية (الجزيرة)

ولفت إلى أن المكتبة تنقلت ما بين القدس، وبغداد، وعمّان، ومحافظات أردنية مختلفة، إلا أن اللافت في الأمر -بحسب المعايطة- أن المكتبة تقوم على إعارة مخطوطاتها، وكتبها مقابل مبلغ رمزي، أو كتاب مقابل كتاب، وذلك خدمةً للباحثين والمهتمين للاستفادة منها، وهو عرفٌ قديمٌ كان سائدا في الماضي لدى معظم المكتبات الخاصة في الأردن، والعالم العربي.

وأضاف بالقول من أن الحاج ممدوح المعايطة (مالك مكتبة الجاحظ)، هو من ابتكر فكرة إعارة محتويات المكتبة التي يعود أقدمها إلى العصر العثماني، وأخرى اشتراها أيام الاستعمار البريطاني، إلى جانب طبعات بغدادية، ودمشقية، وقاهرية، ومقدسية من تلك المؤلّفات التراثية التي تعود إلى ما يزيد على 8 عقود من الزمن.

بدورها، تقول علياء بني ياسين، معلمة مدرسة، من أنها دائما ما تتردد على مكتبة الجاحظ، وتضيف في حديثها للجزيرة نت من أنك إذا كنت تبحث عن كتاب ممهور من أشهر الكتاب الأردنيين أو العرب، أو كتاب نفدت طبعاته منذ عقود، أو مرجع تاريخي نادر، فسوف تجد ضالتك في خزانة الجاحظ.

رف كتب قديمة في مكتبة الجاحظ (الجزيرة)

وبحسب القائمين على المكتبة فإنها تضم بين جنباتها مخطوطات عن علماء بيت المقدس، إضافة إلى عددٍ من المعاجم العثمانية التي يزيد عمرها على 400 عام، (عثماني-عربي، وعربي عثماني)، مع الإشارة إلى أن الثورة التكنولوجية لم تستطع بعد الوصول إلى بعض الكتب القديمة والنوادر العظيمة التي ما تزال حبيسة الأوراق في مكتبة الجاحظ.

كنوز ثقافية

وتحتفظ خزانة الجاحظ بنسخة من "رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري طبعت في القاهرة أيام الملك فؤاد، وأعداد من مجلة "المقتطف" المصرية التي صدرت عام 1876، ومجلة "النفائس العصرية" المقدسية (1908-1924)، ومجلة "منيرفا" البيروتية (1916 – 1932)، و"أطلس العالم" الصادر في لندن عام 1948، ومعجم عثماني مكوّن من 4 أجزاء عمره 350 عاما، وكتاب "إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس" للمؤرخ محمد بن دياب الأتليدي، ورسائل ومخطوطات في الطب لابن سينا، والرازي.

كتب قديمة في مكتبة الجاحظ (الجزيرة) ملتقى المثقفين

ومع مرور الوقت أصبحت مكتبة الجاحظ مكانا لرواد العلم، وملتقى للمثقفين ممن يلتقون أسبوعيا على جوانب الأرصفة القريبة من المكتبة لتبادل النقاش حول روايةٍ معينة أو قصةٍ قديمة، يستمر الحال بهم على ذلك لساعات بين كتب الثقافة والتراث العربي والإسلامي التي تعود بهم إلى أزمنةٍ قديمة.

كتب قديمة ومخطوط في مكتبة الجاحظ (الجزيرة)

وهنا لا بد لنا من أن نستعيد مقولة الأديب والشاعر العربي (الجاحظ)، الذي ولد في البصرة، وتحمل المكتبة اسمه، وهو أَبُو عُثْمَانْ عَمْرُو بْنُ بَحْرْ بْنِ مَحْبُوبٍ بْنِ فَزَارَةَ اَللَّيْثِيّ اَلْكِنَانِيّ اَلْبَصرِيَ (159 هـ -255 هـ) المعروف باسم الجاحظ، والذي توفي -بحسب بعض المصادر- نتيجة سقوط كومة ضخمة من الكتب على رأسه، حيث يقول عن الكتاب: "إن الكتاب يُقرأ في كل مكان، ويظهر ما فيه على كل لسان، ويوجد مع كل زمان، وقد يذهب الحكيم، وتبقى كتبه، ويذهب العقل، ويبقى أثره".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 80 مليار جنيه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يطرح البنك المركزي المصري، اليوم الخميس، عطاءين لأذون خزانة بقيمة إجمالية تبلغ 80 مليار جنيه، موزعة بواقع 40 مليار جنيه لأجل 182 يومًا، و40 مليار جنيه أخرى لأجل 364 يومًا.

وتأتي هذه الطروحات في إطار خطة وزارة المالية لتدبير احتياجات الموازنة العامة وسداد استحقاقات أدوات الدين السابقة، حيث أعلنت الوزارة سابقًا عن اعتزامها طرح 29 عطاءً من أذون وسندات الخزانة بقيمة 641 مليار جنيه خلال شهر فبراير الجاري، تشمل 16 عطاءً لأذون الخزانة بقيمة 580 مليار جنيه، و13 عطاءً للسندات بقيمة 61 مليار جنيه.

ووفقًا للجدول الزمني الذي نشرته وزارة المالية على موقعها الإلكتروني، سيتولى البنك المركزي المصري، نيابةً عن الحكومة، طرح 4 عطاءات لأذون خزانة بقيمة 110 مليارات جنيه لأجل 91 يومًا، و4 عطاءات أخرى بقيمة 150 مليار جنيه لأجل 182 يومًا، بالإضافة إلى 4 عطاءات بقيمة مماثلة لأجل 273 يومًا، و4 عطاءات لأجل 364 يومًا بقيمة 170 مليار جنيه.

كما تشمل الخطة إصدار 4 عطاءات سندات خزانة لأجل عامين بقيمة 13 مليار جنيه، وعطاءين لأجل 3 سنوات بقيمة 4 مليارات جنيه، إلى جانب 4 عطاءات أخرى للأجل نفسه بفائدة متغيرة بقيمة 36 مليار جنيه، وعطاء سندات لأجل 5 سنوات بقيمة 5 مليارات جنيه.

وتُعد البنوك العاملة في السوق المصرية أكبر المستثمرين في أدوات الدين الحكومية، حيث يتم طرح أذون وسندات الخزانة من خلال 15 بنكًا مشاركًا في نظام المتعاملين الرئيسيين بالسوق الأولية، على أن يتم إعادة بيع جزء منها في السوق الثانوية للمستثمرين من المؤسسات والأفراد المحليين والدوليين.

مقالات مشابهة

  • الحكومة تعلن نتائج طرح أذون خزانة بـ80 مليار جنيه
  • «المالية» تطرح أذون خزانة بقيمة 80 مليار جنيه
  • بالصور.. افتتاح معرضاً للكتاب في المكتبة العامة بقنا
  • اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 80 مليار جنيه
  • منتدى العشيات بحتفي بالكاتب فراس بني هاني في المكتبة الوطنية.
  • مدير مكتبة الإسكندرية: الهجرة غير الشرعية أبرز التحديَّات الشائكة التي تواجه المجتمع الدولي
  • أمين البحوث الإسلامية: مكتبة الأزهر المعمور تمثل كتابًا كبيرًا
  • برشلونة يريد بيع خزانة ميسي في الكامب نو
  • السيسي وملك الأردن يؤكدان حتمية سرعة إعادة إعمار غزة
  • دار الكتب تنظم ندوة لمناقشة كتاب «العنوان في ضبط المواليد ووفيات أهل الزمان»