مزارعو ولاية الجزيرة ضحايا توسّع الحرب في السودان
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
الجزيرة "أ.ف.ب": مع توسّع الحرب الى ولاية الجزيرة في وسط السودان، رأى المزارعون إنتاجهم يفسد في الأرض، ومصدر رزقهم يتضاءل، في وقت يهدّد الجوع البلاد.
وتضمّ الجزيرة أحد أكبر المشروعات الزراعية في القارة الإفريقية التي تمتدّ على مساحة مليوني فدان، إضافة إلى أقدم مشروع لزراعة قصب السكر في البلاد شرق الولاية.
ويقول المزارع السوداني أحمد الأمين البالغ 43 عاما والذي يبعد حقله 20 كيلومترا عن شمال ود مدني، عاصمة الولاية، "لا أستطيع الوصول إلى محصولي من القمح الذي زرعته منتصف نوفمبر على مساحة عشرة فدانات".
ومنذ اندلاع المعارك في منتصف أبريل الماضي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، ظلّت ولاية الجزيرة التي تحدّ العاصمة السودانية من الجنوب بمنأى عن القتال وكانت ملاذا لنصف مليون نازح من العاصمة، بحسب الأمم المتحدة. لكن الشهر الماضي، بلغت المعارك أطراف مدينة ود مدني التي تقع على مسافة 180 كلم جنوب الخرطوم، وتقدّمت قوات دقلو في المنطقة، بينما ردّ الجيش بقصف جوي.
وتسبّبت المعارك في الجزيرة بوقوع العديد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين ودفعت أكثر من 300 ألف شخص على النزوح مرة أخرى، وفقًا للأمم المتحدة.
وقالت الوكالة الاميركية للتنمية (يو إس إيد) السبت الماضي في بيان "القتال في وسط وشرق السودان، وهي أهم منطقة في البلاد لإنتاج المحاصيل، يشكل تهديدا خطيرا لتدبير الغذاء الوطني".
وحذّر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي من حدوث "كارثة جوع" في السودان في مايو، إذا لم يتوسّع نطاق المساعدات الغذائية لتشمل المحاصرين نتيجة الحرب الدائرة في البلاد.
وأشارت الوكالة الأممية إلى أن "ما يقرب من 18 مليون شخص في جميع أنحاء السودان يواجهون الجوع الحاد، وهو أكثر من ضعف العدد خلال الفترة نفسها من العام الماضي".
وأظهر تحليل للأمن الغذائي في السودان الذي كان يوصف بأنه "سلّة الخبز المستقبلية لشرق إفريقيا"، بحسب الوكالة الأممية، تسجيل "أعلى مستويات الجوع على الإطلاق" خلال موسم الحصاد في الفترة الممتدة من أكتوبر إلى فبراير.
وقال مدير المجلس النروجي للاجئين في السودان وليام كارتر "ما لم يحلّ السلام بطريقة سحرية في السودان، ستحلّ المجاعة... إنه أمر لا مفرّ منه".
وتابع "ليست الغارات الجوية وحرب المدن وحدها هي التي تقتل الناس".
وفي محاولة لمكافحة أزمة الجوع المتوقعة، أعلنت إدارة مشروع الجزيرة الزراعي في أكتوبر التخطيط لزراعة 600 ألف فدان قمح في بلد يستهلك سنويا مليوني طن ويعتمد بشكل أساسي على استيراده، قبل أن يعرقل القتال هذا المخطط.
وأسفرت المعارك بين الحليفين السابقين البرهان ودقلو، عن مقتل أكثر من 12190 شخصا، وفق تقديرات منظمة "مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها" (أكليد)، وهي حصيلة يُعتقَد أنها تبقى دون الحصيلة الفعلية.
كما تسبّبت بنزوح أكثر من سبعة ملايين شخص داخل وخارج البلاد، بحسب الأمم المتحدة.
على طول الطريق الذي يربط الخرطوم بود مدني، تنتشر نقاط تفتيش تابعة لقوات الدعم السريع التي استولت على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، بحسب شهادات سكان، وحاصرت قرى بأكملها ما منع المزارعين من الوصول إلى حقولهم.
ونتيجة الأوضاع الأمنية في الجزيرة، أغلقت معظم الأسواق أبوابها.
في قرية تبعد 50 كيلومترا شمال ود مدني، كان المزارع السوداني كامل سعد البالغ 55 عاما يأمل في بيع محصوله من الخضروات الذي زرعه على مساحة 15 فدانا، إلا أن امتداد الحرب إلى ولاية الجزيرة حال دون ذلك.
وقال كامل لفرانس برس "تلفت محاصيلي من الخضروات بسبب انتشار قوات الدعم السريع على الطريق"، مشيرا إلى أنه بدأ حصاد أرضه قبل ثلاثة أيام من انتقال القتال إلى الجزيرة.
وقال مدير مشروع الجزيرة عمر مرزوق في بيان إنه "تم نهب سيارات ومعدات المشروع، كما أن العاملين في كل الأقسام لا يستطيعون الوصول إلى أماكن عملهم".
في شرق الولاية، انقطعت مياه الري عن مزارع قصب السكر والخضروات بمشروع الجنيد. وقال المزارع خضر عباس "الأوضاع مضطربة منذ عامين ولم نحصل على أرباحنا من الحكومة والآن توقفت الطلمبات عن ضخ المياه والمحاصيل على وشك التلف".
وأعلن مدير مشروع الجنيد محمد جاد الرب الشهر الماضي في بيان أن قوات الدعم السريع "نهبت 300 سيارة وآلة زراعية"، ومخازن الأسمدة والمبيدات.
وأبدى باحثون زراعيون قلقهم، بحسب بيان، من أن تؤدي سيطرة قوات الدعم السريع على أكبر محطة للأبحاث الزراعية بود مدني تابعة لمشروع الجزيرة والتي أنشئت عام 1925، إلى "تلف جينات المحاصيل الزراعية التي أنتجت عبر سنوات من البحث".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع ولایة الجزیرة فی السودان أکثر من
إقرأ أيضاً:
بعد القليعات.. هل ينجح البقاعيون في تشغيل مدني لمطار رياق؟
بيروت- "نحن محاصرون اقتصاديا، فمتى تفرج الدولة عن مشروع يعيد إلينا بعضا من حقنا؟"، يتساءل الصناعي اللبناني وليم مسعد في معرض مطالبته وأهل مدينته رياق-حوش حالا قضاء زحلة، بتحويل قاعدة رياق التابعة لسلاح الجو اللبناني إلى "مشروع مشترك يحافظ على القاعدة العسكرية من جهة، ويؤهل ويوسع قسما منها للملاحة التجارية ونقل المسافرين".
وتأتي مطالبة مسعد بعد بيان رسمي يعلن تشغيل مطار القليعات شمال لبنان، إذ نوقش واقع الأخير في أول اجتماع لمجلس الوزراء في بعبدا بتاريخ 11 فبراير/شباط 2025.
وأُشير إليه في البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، بهدف تنموي لمنطقة الشمال أولا، ولمعالجة تحديات أمنية وتقنيه يواجهها مطار رفيق الحريري الدولي.
وطالب مسعد بمساواة محافظة البقاع مع غيرها من المحافظات. وقال للجزيرة نت "سهل البقاع يشكل ما نسبته 40% من مساحة لبنان، وبين جنباته مصانع ومعامل ومشاريع زراعية تنوء منذ عقود تحت ثقل أزمات اقتصادية وأمنية متلاحقة، لذلك فإن معالجة موانع تشغيل مطار رياق يعزز الاقتصاد الوطني، ويوثق صلاته الاقتصادية والتجارية مع البلدان العربية".
مطار تاريخيومطار رياق وضعته القوات الألمانية في الخدمة عام 1914، ثم سيطر عليه الفرنسيون بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الأولى. ودشنه الجنرال غورو عام 1920 بعد توسعته. وفي الأول من حزيران/يونيو عام 1949 تسلمه الجيش اللبناني ليكون أول قاعدة لسلاح الجو الوطني، وما يزال كذلك حتى اليوم.
إعلانيقول عضو المجلس البلدي لرياق-حوش حالا إبراهيم ناصر، "مطالبتنا بتأهيل وتشغيل مطار رياق لغايات تجارية ومدنية لا تستهدف دور القاعدة الجوية، بل تنشد إضافة أقسام يستفاد منها على المستويات التجارية والمدنية في ظل ورعاية الدولة والجيش اللبناني".
وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن الموضوع ليس مناطقيا كما يظن البعض، بل إنمائي يعزز الدورة الاقتصادية في البقاع، يوفر فرص عمل للبقاعيين واللبنانيين، ويخفف تكلفة انتقال المسافرين من البقاع عبر مطار بيروت، وينتشل قطاعات التصنيع الزراعي من أزماتها، وعليه، نحن بأمس الحاجة لمساواتنا بقرار تأهيل وتشغيل مطار القليعات".
من جهته، رئيس بلدية رياق-حوش حالا جان معكرون، دعا العهد الجديد وحكومة الرئيس نواف سلام، إلى الأخذ بالاعتبار أهمية تشغيل مطار رياق كمرفق مدني.
وقال للجزيرة نت "كبلدية نصرّ على استعادة الدور الاقتصادي والتجاري لرياق، فهي كانت مطلع القرن الماضي، صلة وصل داخلية وتواصل مع العالم العربي وحتى الأوروبي".
وبعدما ذكّر بجغرافيا مدينته وسط البقاع، وعلى بعد كيلومترات عدة من سوريا، أكد أن "تقديم كل التسهيلات الإدارية المرتبطة بالبلدية لخدمة أي مشروع يعيد الحياة لمطار رياق ولمحطة القطار المتوقفة منذ سبعينيات القرن الماضي".
وتابع "المدينة في حال شلل اقتصادي، وأصحاب المعامل والمصانع في البقاع يتكبدون خسائر كبيرة جراء ارتفاع تكلفة النقل بين البقاع وبيروت".
مطالب قديمةوترجع مطالبة البقاعيين بتشغيل المطار إلى عقدين من الزمن، ففي عام 2005 تقدم النائب الراحل إيلي السكاف وكتلته النيابية بمشروع قانون لإعادة تشغيله، وخلال الأسابيع القليلة الماضية، صدرت مواقف لشخصيات برلمانية واقتصادية ورجال أعمال، تطالب باستعادة المشروع، ومناقشته في المجلس النيابي وإقراره.
إعلانوفي هذا الإطار، استعاد النائب سليم عون، أحد المشاركين في تقديم المشروع عام 2005، تلك المرحلة بالإشارة إلى عقبات أدت إلى فشل المشروع، منها: عدم وجود هيئة ناظمة للطيران المدني مخولة بإعطاء تراخيص خاصة باستحداث أو تأهيل أو تشغيل مطار".
وقال للجزيرة نت "آنذاك زرنا قائد الجيش ميشيل سليمان الذي طلب منا الحصول على ترخيص من الهيئة الناظمة للطيران، مما أفشل تحركنا".
ولكن هل قاعدة رياق الجوية مؤهلة ليتحول قسم منها إلى مطار مدني؟ وهل تصلح مدارج المطار لاستقبال طائرات نقل ركاب كبيرة؟ وهل لاحظ مشروع القانون هذا التفصيل المهم؟
يجيب عون أن مشروع القانون لاحظ التفاصيل كافة، لذلك طرحنا تنفيذه على مرحلتين:
الأولى تُخصص للتدريب على الطيران، وفي موازاتها استخدام طائرات صغيرة لرش المبيدات الزراعية في حقول البقاع. والثانية مخصصة للشحن التجاري إلى البلدان العربية بطائرات صغيرة.وختم "نحن مع إعادة تشغيل المطار للأهداف التي ذكرت، لأن منشآت المطار وبنيته لا يؤهلانه للقيام بدور يحاكي دور مطار بيروت".
مطارات البقاع
ومطار رياق ليس الوحيد في منطقة البقاع، كما يقول الدكتور ريمون مسعد ابن مدينة رياق-حوش حالا. ويضيف للجزيرة نت أن القوات البريطانية أنشأت عام 1938مطارا عسكريا في بلدة "إيعات" غربي مدينة بعلبك، وتعرض خلال الحرب اللبنانية للتخريب، وهو اليوم بعهدة الجيش اللبناني بوصفه حقل رماية وتدريب طيارين.
والمطار الثالث، عسكري شيده الفرنسيون عام 1937 في بلدة الروضة بالبقاع الغربي، وتعرض لتخريب هائل خلال الحرب اللبنانية عام 1975.
وسأل مسعد "هل يشجع تحرك أهالي رياق، ومعهم نواب من البقاع، المجتمع المحلي في إيعات والروضة (الإسطبل سابقا) للمطالبة بتأهيل وتشغيل منشآت مطاري إيعات والروضة؟ وهل يبلغ مطار رياق ما بلغه مطار القليعات؟ وأسئلة كثيرة محكومة بتوازنات التركيبة اللبنانية".
إعلان