كل الأبواب مقفلة أمامنا.. أزمة العمّال الفلسطينيين بإسرائيل والضرر المتبادل
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
يعاني آلاف العمال الفلسطينيين من توقف مصدر رزقهم، بعد إيقاف حكومة الحرب الإسرائيلية لتصاريح العمل الخاصة بهم عقب هجمات 7 أكتوبر، في وقت تستكشف فيه إسرائيل خياراتها بشأن هذه القضية، التي تزيد مشاكل الاقتصاد على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وفرضت إسرائيل قيودا صارمة للغاية على دخول الفلسطينيين إلى البلاد بعد هجمات حماس، والتي اجتاح فيها مسلحو الحركة جنوبي إسرائيل وقتلوا حوالي 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، علاوة على اختطاف 240 رهينة.
وأعلنت إسرائيل الحرب بهدف "القضاء على حماس"، وشنت قصفا جويا مكثفا ترافق مع عملية عسكرية برية على غزة منذ 27 أكتوبر الماضي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 23 ألف شخص، معظمهم نساء وأطفال، وفق سلطات القطاع الصحية.
وقال رائد جبارين، وهو مقاول يعمل داخل الخط الأخضر في مجال نقل عمّال من الضفة الغربية إلى إسرائيل، إن اقتصاد الأراضي الفلسطينية المعتمد على إسرائيل "فقد مليار ونصف شيكل منذ اندلاع الحرب".
وأضاف في مقابلة مع موقع قناة "الحرة": "الحياة انعدمت بالنسبة للعامل الفلسطيني بعد 4 أشهر من توقف الدخل".
وتابع: "حاليا نعيش ركودا اقتصاديا وفقرا مدقعا، وكل الأبواب مقفلة أمامنا".
وفي تصريحات الشهر الماضي، قالت وكيلة وزارة الاقتصاد الفلسطينية، منال فرحان، لوكالة فرانس برس، إن الخسائر اليومية جراء توقف عمل الفلسطينيين في إسرائيل، وصلت إلى 24 مليون دولار.
وقال جبارين إن هؤلاء العمال "لا يملكون حلولا أمام فقدان أساسيات المعيشة"، لا سيما في ظل عدم قدرتهم على التحرك بسبب الحواجز الإسرائيلية.
وتعيق الحواجز والاعتداءات من قبل مستوطنين، حركة التنقل داخل مدن الضفة الغربية، مما يؤثر على نقل الإنتاج الزراعي مثلا، أو حتى العمل في الحقول، وفق مسؤولين ومزارعين فلسطينيين.
وبالإضافة إلى البناء والزراعة، يعمل الفلسطينيون بإسرائيل في عدة مجالات، بما في ذلك قطاع الضيافة والسياحة والمطاعم، حسبما قال جبارين.
وأردف: "كل القطاعات أغلقت أمامنا، سواء بالنسبة للعمال أو بالنسبة لنا كمقاولين".
"شلل كلي"وبالإضافة إلى التأثير الاقتصادي على الأراضي الفلسطينية، فإن اقتصاد إسرائيل "سيخسر ما يقرب من 200 مليون دولار من إجمالي الناتج المحلي بسبب إيقاف استقطاب العمال الفلسطينيين"، حسبما قال الخبير الاقتصادي الإسرائيلي، يحزقيل يعقوبي.
وقال يعقوبي في حديثه لموقع "الحرة"، إن قطاع البناء في إسرائيل تعرض لـ"شلل كلي" بسبب توقف العمالة الفلسطينية، مضيفا: "الضرر في البناء والإسكان كان بالغا".
وتابع: "قطاع الزراعة يعتمد في معظمه على عمال من تايلاند وأفريقيا وقد تضرر أيضا، لكن بدرجة أقل من البناء".
وتستكشف الحكومة الإسرائيلية خياراتها لمعالجة هذه المسألة، بما في ذلك تسريبات صحفية أفادت بأن رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، طلب من الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، دفع إعانات للعمال الفلسطينيين الذين رفضت إسرائيل السماح لهم بالعودة لوظائفهم، وفقا لموقع "أكسيوس" الأميركي.
وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية، قد ذكرت في وقت سابق، أن الحكومة "تدرس خطة تهدف إلى استبدال آلاف العمال الفلسطينيين بآخرين من دول أخرى".
وبموجب الخطة التي نشرتها صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، ستجلب إسرائيل أكثر من 80 ألف عامل، معظمهم من آسيا، لوظائف في البناء والزراعة يشغلها عادة الفلسطينيون.
ورأى جبارين أن فكرة استقطاب إسرائيل لعمال من الخارج "غير واقعية"، على اعتبار أن اليد العاملة الفلسطينية "أكثر مهارة"، قائلا: "في النهاية العمالة الفلسطينية تمتلك المهارة التي ليست موجودة في الأيدي العاملة الآسيوية".
في الناحية المقابلة، يعتقد يعقوبي أن الفكرة "ممكنة" إذا ما انتهت كافة الإجراءات الحكومية المتعلقة بهذا الشأن.
وقال: "هناك الآن عمال من الصين وتركيا ومولدوفا، مما أدى إلى انتعاش بطيء في البناء"، مشيرا إلى أن الحكومة فتحت "خطوطا لجلب عمال من سيرلانكا وأفريقيا".
واعتبر أن وصول تلك العمالة الأجنبية "سيسهل العمل في مجال البناء، وسيؤدي إلى مواصلة الأعمال الإنشائية" كما كان الوضع عليه سابقا.
وقبل هجوم حماس والحرب اللاحقة في غزة، كان هناك 150 ألف فلسطيني من الضفة الغربية، و18500 آخرين من قطاع غزة يعملون في إسرائيل بشكل نظامي، وفقا لمكتب تنسيق الأنشطة الحكومية في المناطق.
ويُعتقد أن آلاف الفلسطينيين يدخلون بشكل غير قانوني للعمل أيضا، وهي ظاهرة تغاضت عنها إسرائيل إلى حد كبير، قبل اتخاذ إجراءات صارمة في السنوات الأخيرة، بسبب مخاوف أمنية، وفقا لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل".
ويقدّر جبارين عدد العمالة الفلسطينية في إسرائيل من مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة بـ"نحو 220 ألف عامل"، خلاف رجال الأعمال الذين يملكون تصاريح دخول أخرى.
حكومة إسرائيل "لا يعنيها الاقتصاد"وفي منتصف ديسمبر الماضي، قال الجيش الإسرائيلي إن "ما بين 8 إلى 10 آلاف عامل فلسطيني من الضفة الغربية قد يعودون قريبا إلى وظائفهم في المستوطنات والشركات الإسرائيلية".
ومع ذلك، أرجأ مجلس الوزراء الأمني رفيع المستوى، التصويت على اقتراح يسمح للعمال الفلسطينيين بدخول إسرائيل من الضفة الغربية للعمل.
ولم يطرح نتانياهو القضية للتصويت، بسبب خلافات وردت بين وزراء الحكومة الأمنية، ومن بينهم مؤيدي الاستيطان المتشددين، الذين يقولون إن الإقبال على تلك الخطوة "سيشكل تهديدا كبيرا".
وفي هذا الصدد، لفت يعقوبي إلى أن التأثير الاقتصادي على الفلسطينيين من خلال منعهم من العمل بإسرائيل "يؤثر على الوضع الأمني" للبلاد.
وأضاف: "إذا استمر هذا الوضع بعدم جلب عمال فلسطينيين إلى إسرائيل، فإن ذلك سيؤثر على الاقتصاد الفلسطيني، حيث إن الإحباط المتزايد لدى العمال الفلسطينيين العاطلين عن العمل، سيؤدي إلى تصعيد في الوضع الأمني وزيادة التخريب".
وأوضح أن الجيش وجهاز الأمن "سيؤيدون جلب العمالة الفلسطينية، لكن بدرجة أقل وفرض رقابة أمنية مشددة عليهم"، مستطردا: "لكن حكومة اليمين المتطرف ستعارض ذلك، ورئيس الوزراء يلبي رغبات المواقف المتطرفة".
وفي هذا الإطار، قال جبارين إن "الاقتصاد الفلسطيني مرتبط بنسبة 95 بالمئة بإسرائيل"، مضيفا أن "العمالة الفلسطينية تتقاضى مليار ونصف شيكل (401 مليون دولار أميركي) توقفت كلها كليا".
وقال: "نعيش تحت احتلال.. كل شيء مرتبط بإسرائيل ولا نملك اقتصادا ولا نسيطر على حدود وليس لدينا ميناء بحري".
ومع ذلك، قال جبارين إن الاقتصاد في الأراضي الفلسطينية "ليس من أولويات حكومة نتانياهو الحالية".
وتابع: "في النهاية هناك حكومة لا يعنيها الاقتصاد (في الأراضي الفلسطينية) بقدر ما يعنيها استمرار حكم نتانياهو ومتطرفين، يرفضون النظر لأي شيء فلسطيني".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: العمال الفلسطینیین الأراضی الفلسطینیة من الضفة الغربیة فی إسرائیل عمال من
إقرأ أيضاً:
«جيروزاليم بوست»: إسرائيل تنفذ أكبر عملية تهجير بالضفة الغربية منذ 1967
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تصاعدت عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد مدن الضفة الغربية، حيث شن عمليات اقتحام وقصف وتدمير واسعة منذ دخول الهدنة فى غزة حيز التنفيذ خلال يناير الماضي.
وفى هذ السياق، قالت صحيفة جيروزاليم بوست العبرية، إن مستوى التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية لم نشهده منذ الانتفاضة الثانية فى أوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، حيث أُجبر عشرات الآلاف على الفرار من منازلهم، وهو أكبر تهجير فى الضفة الغربية منذ عدوان يونيو ١٩٦٧.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلى يسرائيل كاتس إنه لن يُسمح بالفلسطينيين الذين هجروا بالعودة، وللمرة الأولى منذ عقدين من الزمان، وأرسلت القوات الإسرائيلية دبابات إلى مدينة جنين وأنشأت موقعًا عسكريًا فى مدينة أخرى، طولكرم.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أنه يبدو أن تل أبيب تضع الأساس لوجود عسكرى طويل الأمد فى الضفة المحتلة، ويحذر المسئولون الفلسطينيون من "تصعيد خطير" يهدد بجيل جديد من التهجير وإعادة أجزاء من الضفة الغربية إلى السيطرة العسكرية.
ويبدو أن هناك صفقة تطبخ على نار هادئة بين دولة الاحتلال الإسرائيلى، والرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وتشمل أن تكون الضفة الغربية الخطة البديلة لغزة، وذلك بعد أن فشل الاحتلال فى تهجير سكان القطاع.
ويحاول رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو بشتى الطرق إلى إفشال الهدنة فى غزة وعدم استكمالها، حتى يستطيع أن يسير قدمًا فى تنفيذ مخطط دولة الاحتلال برعاية الأمريكان.
وفى هذا السياق، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن نتنياهو لا يريد أن يكمل المرحلة الثانية والثالثة من الهدنة، حيث تشمل المرحلة الثانية من الهدنة تمثل وقف إطلاق النار بشكل نهائى وانسحاب قوات الاحتلال من كل قطاع غزة، والمرحلة الثالثة هى مشروع سياسى.
ولفت "الرقب"، إلى أن نتنياهو يحتج ويبرر ذلك فى عملية ما يحدث من خلال مراسم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، من خلال هذه الاحتفاليات التى يقول إنها تهين دولة الاحتلال، وخاصة لقطات تقبيل الأسرى لرؤؤس مقاتلى حركة حماس.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، أن كل ذلك اعتبره نتنياهو حركات استفزازية تهدد الهدنة، ولم يأخذ فى اعتباره الخروقات التى ارتكبتها قوات الاحتلال، يكفى أن أكثر من ١٢٠ شهيدًا فى غزة منذ اتفاق التهدئة استهدفهم الاحتلال بشكل مباشر، مشيرًا إلى أن حماس كان لديها ضبط نفس فى هذا الأمر.
وتابع: "وهناك عدم التزام من جانب قوات الاحتلال فى عمليات إدخال الخيام والغرف المتنقلة، وكل أشكال المساعدات التى ترسل إلى قطاع غزة، فنتنياهو يريد أن لا يكون هناك التزامًا من قبله، ويتهرب حتى لا يكون هناك استحقاقًا سياسيًا".
واعتبر «الرقب»، أن المشكلة الأساسية هى الضفة الغربية، فكل عمليات الحديث حول غزة هى عمليات تشتيت ولفت أنظار بعيدًا عن المشروع الأساسى الذى يريد الاحتلال تنفيذه وهو تهجير سكان الضفة الغربية، معتبرًا أن ما يقوم به الاحتلال فى قطاع غزة هو تشتيت انتباه ليس إلا، وأن الضفة الغربية هى الهدف الأساسى، وأن إجراءات الاحتلال فى الضفة الغربية تؤكد هذا.
ولفت إلى أن الفترة التى سبقت الحرب على غزة وخاصة شهرى مايو ويونيو من عام ٢٠٢٣، كان هناك استهداف بشكل مباشر لمناطق الضفة الغربية ورأينا ما حدث فى حى الشيخ جراح، والتهجير الكبير.
ويشير إلى أن الاحتلال لديه خطة كاملة حول الضفة الغربية بشكل أساسى، وما نخشاه أن يكون هناك صفقة سياسية تقدم فيها غزة كمشروع سياسى فلسطينى، مقابل أن تصبح الضفة الغربية مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية، وذلك بتشجيع من الأمريكان ومباركة هذه الصفقة.
وأشاد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، بالموقف المصرى الرافض للتهجير، الذى ساند الموقف الفلسطينى الشعبى والرسمى وجعل فكرة قبول التهجير أمرًا مرفوضًا بكل مكوناته، وبعد ذلك أصبح موقفًا عربيًا مشتركًا بعد انضمام الأردن والسعودية جنبًا إلى جنب الموقف المصري.