عمليات اغتيال في دمشق وبيروت.. هل خرجت الحرب عن السيطرة؟
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
يبدو أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة انتقلت بالفعل إلى مرحلة جديدة، عنوانها الأساسي حدده مسؤول الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان خلال زيارته للمنطقة عندما تحدث عن “العمليات الدقيقة” بدلا من التوغل البري الواسع.
إسرائيل توغلت بريا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وحققت دمارا هائلا في قطاع غزة، وكبدت الفلسطينيين خسائر بشرية كبيرة وصلت لقرابة 23 ألف قتيل وقرابة 60 ألف جريح، لكن خلال الاسبوعين الأخيرين لاحظ المراقبون تصاعد في عمليات الإغتيال التي تنفذها إسرائيل وتستهدف شخصيات على صلة مباشرة بالتخطيط و التنفيذ للعمليات التي تنفذها حركة حماس ضد إسرائيل.
الضربة الإسرائيلية الكبيرة كانت في دمشق عندما اغتالت في 24 ديسمبر “رضى موسوي” كبير المستشارين العسكريين الإيرانيين في سورية ، و الذي تربطه علاقة قوية مع حزب الله و حركة حماس و كان له دور كبير حسب التقارير الإعلامية في بناء القوة العسكرية الإيرانية الموجودة في سورية.
إيران امتصت الصدمة حينها واحتفظت بحق الرد، وكذلك فعل حزب الله، لـتأتي الضربة الثانية وبدقة أكبر هذه المرة، حيث تم اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحكة حماس “صالح العاروري” في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله اللبناني، وكان للاغتيال وقع الصدمة لأن الاختراق كان كبيرا وفي منطقة تعتبر محصنة أمنيا، وحينها اعتبر حزب الله أن السكوت ىعلى هذا الخرق سيؤثر على صورة الردع التي رسمها خلال السنوات الماضية، لكن لم يبادر لتوسيع الحرب بل اكتفى بالرد المعنوي و اطلاق رشقة صواريخ على احدى القواعد العسكرية الإسرائيلية في الجليل، وبقي الموضوع ضمن قواعد الإشتباك السابقة و لم يتغير شيء.
في هذا الوقت قالت مصادر مطلعة بشكل مباشر لرويترز إن إسرائيل تنفذ موجة غير مسبوقة من الضربات القاتلة في سوريا، تستهدف شاحنات بضائع وبنية تحتية وأفرادا مشاركين في نقل أسلحة إيران لجماعات متحالفة معها في المنطقة.
وذكرت المصادر، ومن بينها مسؤول بالمخابرات العسكرية السورية وقائد في التحالف الإقليمي الذي يدعم الحكومة السورية، أن إسرائيل غيرت استراتيجياتها في أعقاب الهجوم الذي شنه مسلحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول وما أعقبه من عمليات القصف الإسرائيلية في غزة ولبنان.
وأوضحت المصادر أنه على الرغم من أن إسرائيل عمدت إلى ضرب أهداف مرتبطة بإيران في سوريا لسنوات، بما في ذلك المناطق التي تنشط فيها جماعة حزب الله اللبنانية فإنها تنفذ حاليا غارات جوية أكثر فتكا وتواترا تستهدف عمليات نقل الأسلحة الإيرانية وأنظمة الدفاع الجوي في سوريا.
وقال القائد في التحالف الإقليمي ومصدران آخران مطلعان على تفكير حزب الله إن إسرائيل تخلت عن “قواعد اللعبة” القائمة على التكتم لضرباتها في سوريا في السابق، ويبدو أنها “لم تعد حذرة” إزاء تكبيد حزب الله هناك خسائر فادحة.
وأضاف القائد “لقد اعتادوا إطلاق نيران تحذيرية، كانوا يضربون بالقرب من الشاحنة، فيخرج رجالنا من الشاحنة ثم يضربون الشاحنة”، وأردف قائلا “انتهى ذلك. إسرائيل تشن الآن غارات جوية أكثر فتكا وأكثر تواترا على عمليات نقل الأسلحة الإيرانية وأنظمة الدفاع الجوي في سوريا. إنهم يقصفون الجميع مباشرة. إنهم يقصفون من أجل القتل”.
وأدت الحملة الجوية المكثفة إلى مقتل 19 من أعضاء حزب الله في سوريا خلال ثلاثة أشهر حتى الآن، وهو ما يزيد على مثلي العدد في عام 2023 بالكامل قبل السابع من أكتوبر تشرين الأول، وفقا لمسح لرويترز. كما قُتل أكثر من 130 من مسلحي حزب الله جراء القصف الإسرائيلي في جنوب لبنان في نفس الفترة.
ويوم أمس أعلن الجيش الإسرائيلي إنه قتل شخصية رئيسية في سوريا مسؤولة عن هجمات حماس الصاروخية على إسرائيل.
وأضاف أنه “قضى على حسن عكاشة في بيت جن في سوريا، الذي كان شخصية رئيسية مسؤولة عن الصواريخ التي أطلقتها حماس من الأراضي السورية باتجاه إسرائيل في الأسابيع القليلة الماضية”.
وفي نفس التوقيت قال مصدران مطلعان على عمليات حزب الله لرويترز إن ثلاثة أعضاء في الجماعة اللبنانية قُتلوا اليوم الثلاثاء في ضربة استهدفت سيارتهم في بلدة الغندورية بجنوب لبنان.
ولم يحدد المصدران هوية القتلى، وقالت مصادر مطلعة على عمليات الجماعة إن إسرائيل قتلت قائدا كبيرا في حزب الله في ضربة بجنوب لبنان يوم الاثنين هو وسام الطويل القيادي الميداني المعروف بصلته القوية بحسن نصر الله الامين العام للحرز، ولم تعلق إسرائيل بعد على عملية يوم الاثنين.
وأمام هذا الاستهداف المكثف لكوادر الحزب العسكرية، أعلن حزب الله اليوم الثلاثاء عن شن هجوم بطائرات مسيرة على مقر قيادة عسكري إسرائيلي في إطار الرد على مقتل وسام الطويل القيادي الكبير ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية صالح العاروري.
وأطلق الحزب بحسب بيان “عددا من المسيرات الهجومية الانقضاضية” على المقر العسكري في مدينة صفد الذي استهدفه لأول مرة.
كل هذه التطورات تشير بقوة إلى أن إسرائيل نقلت الحرب إلى خارج حدود فلسطين، وبدأت تتعامل بشكل مباشر مع الطرف الأقوى في المعادلة بعد أن دمرت إمكانيات حماس وحركتها من إمكانيات شن هجوم مباغت آخر على شاكلة هجموم “طوفان الأقصى “في السابع من اكتوبر الماضي.
ربما تريد إسرائيل إيقاف الحرب، لكنها اليوم تبدو أكثر وضوحا في أهدافها، فهي تريد وقف نقل السلاح الإيراني إلى حماس و حزب الله، وتحرص على أن تمنع حزب الله من تعزيز وجوده على الحدود الشمالية، وربما ترى أنها أمام فرصة كبيرة حضرت فيها واشنطن عسكريا في المشهد لأول مرة، من خلال حاملتي الطائرات الأكبر في الأسطول الأمريكي (آيزنهاور وجيرالد فورد) ولذلك ترى إسرائيل أنها محمية تماما و عليها اغتنام الفرصة.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: إسرائيل إيران حزب الله حماس رضى موسوي صالح العاروري حزب الله فی سوریا
إقرأ أيضاً:
دعم سوريا ولبنان وفلسطين.. نص كلمة السيسي بجلسة مناقشة الأوضاع بغزة وبيروت
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي الجلسة الثانية لمؤتمر الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي، التي خصصت لمناقشة الكارثة الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة ولبنان، حيث ألقى الرئيس كلمة مصر خلال الجلسة، والتي تناولت الأوضاع في فلسطين ولبنان والجهود المصرية لاستعادة الاستقرار في المنطقة.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس:
"نجتمع اليوم فى ظروف بالغة الدقة.. تشهد فيها منطقة الشرق الأوسط تهديدات جساما.. حيث أضحت الأحداث الجارية فى المنطقة.. خير شاهد على ما يعيشه العالم من ازدواجية فى المعايير.. وإفراغ للمبادئ والقيم الإنسانية من معانيها.. وتهميش لقواعد القانون الدولى.
إذ تستمر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، منذ أكثر من عام.. وامتدت إلى لبنان الشقيق .. كما تشهد سوريا الشقيقة، انتهاكا صارخا لسيادتها.. على خلفية استيلاء إسرائيل على المزيد من الأراضى السورية مؤخرا.. وشن اعتداءات على الأراضى السورية.. وإعلانها من طرف واحد، عن إلغاء اتفاق فض الاشتباك لعام 1974.
وتدين مصر بأشد العبارات تلك الممارسات.. وتؤكد دعمها التام لوحدة واستقرار سوريا، وسيادتها وسلامة أراضيها .. كما تؤكد مصر دعمها لكل جهد، يسهم فى إنجاح العملية السياسية الشاملة فى سوريا.. بمشاركة الشعب السورى بكل مكوناته وشرائحه.. ودون إملاءات أو تدخلات خارجية.
إن ما حدث منذ أكتوبر 2023، تعدى كل الحدود والقواعد الدولية والإنسانية.. فقد تخطت أعداد الوفيات من الفلسطينيين "45" ألف شهيد، غالبيتهم من السيدات والأطفال.. وأصيب أكثر من "107" آلاف، معظمهم أيضا من السيدات والأطفال .. وبلغت أعداد النازحين "1.9" مليون شخص.. وامتدت الانتهاكات الإسرائيلية لتشمل موظفين دولييـن.. لقــوا حتفهـــم أثنـــاء تأديـــة عملهـــم .. كما تم تدمير أكثر من "70%" من البنية التحتية فى غزة، وكذلك سجلت معدلات الفقر والبطالة والجوع أرقاما كارثية.. تتراوح ما بين "80%" إلى "100%"، مع التوقع بأن يعانى أكثر من "90%" من سكان القطاع، من نقص غذائى حاد كما امتدت الانتهاكات لتشمل سكان الضفة الغربية والقدس الشرقية.. الذين يعانون من توسع الأنشطة الاستيطانية.. وعنف المستوطنين.. والاقتحامات العسكرية لمدن الضفة.
وتعيد مصر التأكيد على محورية دور وكالة "الأونروا".. لتقديم الدعم اللازم للشعب الفلسطينى.. كما نؤكد أن حق العودة للشعب الفلسطينى، لن يسقط بالتقادم.
ولا يسعنى فى هذه الأجواء.. سوى التأكيد على ضرورة التوصل إلى وقف فورى ومستدام لإطلاق النار فى غزة.. ورفع العوائق الإسرائيلية أمام النفاذ الإنسانى.. بما يمهد لترتيبات ما بعد الحرب.. وأذكر فى هذا السياق، أن النجاح لن يكتب لأى تصور "لليوم التالى" فى قطاع غزة.. إذا لم يتم تأسيس هذا التصور، على تدشين الدولة الفلسطينية متصلة الأراضى.. على خطوط الرابع من يونيو لعـام 1967.. وعاصمتها "القدس الشرقية".. وأؤكد رفض مصر لأى سيناريوهات.. تستهدف تصفية القضية الفلسطينية سواء من خلال التهجير.. أو من خلال فصل غزة عن الضفة والقدس.
امتدت نيران الحرب الإسرائيلية إلى لبنان الشقيقة.. حيث أسفر العدوان الإسرائيلى عن استشهاد ما يزيد على "4000" شخص.. من بينهم نساء وأطفال.. وما يتجاوز "16" ألف جريح.. ونزوح ما يقرب من "1.2" مليون شخص .. وقد حرصت مصر منذ وقوع العدوان.. على تقديم كل سبل الدعم الممكن للشعب اللبنانى الشقيق.. حيث أقامت مصر جسرا جويا مباشرا بين القاهرة وبيروت.. نجحت خلاله فى إيصال "92" طنا، من المستلزمات الطبية والإغاثية.
ومع ترحيب مصر، بالإعلان عن دخول اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان حيز التنفيذ.. نشدد على أهمية تضافر الجهود الدولية.. لحشد التمويل اللازم لإعادة الإعمار فى لبنان .. لاسيما وأن التقديرات الدولية.. تشير إلى حاجة لبنان إلى نحو "5" مليارات دولار، لإعادة الإعمار علي الاقل.
وفى ذات السياق، تؤكد مصر أهمية التنفيذ الكامل وغير الانتقائى، لقرار مجلس الأمن رقم "1701".. وتمكين الجيش اللبنانى، من بسط سيطرته على كامل الأراضى اللبنانية.. كما تعيد مصر التأكيد على التزامها الكامل بدعم الأشقاء اللبنانيين.. من أجل استكمال الاستحقاقات الدستورية.. عبر انتخاب رئيس للجمهورية.. فى إطار السيادة الوطنية اللبنانية والتوافق الداخلى.
ختاما، أود التأكيد على أن مصر.. لن تألو جهدا، فى دعم شعوب أمتها العربية والإسلامية.. لحفظ سيادتها وسلامة أراضيها .. وستواصل مصر جهودها الحثيثة، لخفض التصعيد فى المنطقة.. واستعادة الأمن والاستقرار والسلام.. من أجل المضى قدما، على طريق التنمية والتقدم.. وبناء مستقبل أفضل لشعوبنا.