عاجل : مصر ترفض طلباً إسرائيلياً
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
سرايا - أفادت ثلاثة مصادر أمنية مصرية بأن مصر رفضت مقترحاً إسرائيلياً لتعزيز الإشراف الإسرائيلي على المنطقة العازلة على الحدود بين مصر وقطاع غزة، وإنَّ القاهرة تعطي الأولوية لجهود الوساطة في وقف إطلاق النار قبل العمل على ترتيبات ما بعد الحرب
وتشترك مصر في حدود يبلغ طولها 13 كيلومتراً مع غزة، وهي الحدود الوحيدة لقطاع غزة التي لا تسيطر عليها إسرائيل مباشرة.
وقالت المصادر المصرية إنَّه خلال هذه المحادثات اتصلت إسرائيل بمصر لتأمين منطقة محور فيلادلفيا العازلة الضيقة على طول الحدود، كجزء من الخطط الإسرائيلية لمنع الهجمات في المستقبل
وبدأ الصراع الحالى يوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) حين شنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" هجوما قالت إسرائيل إنَّه أسفر عن مقتل 1200 شخص وأسر نحو 240 رهينة
وردت إسرائيل بهجوم أدى إلى مقتل أكثر من 23 ألف شخص، وفقاً لمسؤولين في غزة، ونزوح معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم
وقال مسؤول إسرائيلي مشترطاً عدم الكشف عن هويته، إنَّ المراقبة المشتركة لمحور فيلادلفيا مع مصر كانت من بين القضايا التي ناقشتها الدولتان
ورداً على سؤال عما إذا كانت مصر رفضت، قال المسؤول الإسرائيلي: "لا علم لي بذلك"
ونقلت "قناة القاهرة" الإخبارية عن مصدر لم تكشفه أمس الاثنين قوله، إنَّ التقارير في الآونة الأخيرة عن التعاون المزمع بين مصر وإسرائيل بشأن المحور ليست صحيحة
ولم يرد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر على طلب التعليق
وأشارت المصادر المصرية إلى أن المسؤولين الإسرائيليين لم يناقشوا السيطرة على المحور خلال محادثات وقف إطلاق النار الحالية، لكنهم طلبوا بدلاً من ذلك المشاركة في مراقبة المنطقة، بما في ذلك من خلال تقاسم استخدام تكنولوجيا المراقبة الجديدة التي ستشتريها إسرائيل
وقالت المصادر إنَّ المفاوضين المصريين رفضوا الفكرة، لكن مصر عززت الحواجز على جانبها من الحدود
وأضافت أن مصر تعطي الأولوية للتوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار كأساس ضروري للمناقشات حول غزة ما بعد الحرب، بما في ذلك تأمين الممر
الأنفاق
قال وزير الخارجية المصري سامح شكري اليوم الثلثاء، إنَّ الأولويات بالنسبة لغزة هي وقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات ومنع نزوح سكان غزة إلى مصر
وسيطرت إسرائيل على محور فيلادلفيا حتى عام 2005 عندما أنهت احتلالها لقطاع غزة. وسيطرت "حماس" على غزة في عام 2007. وفي أواخر الشهر الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنَّ إسرائيل تسعى إلى إعادة تأكيد سيطرتها على المحور الذي أدار الفلسطينيون أسفله أنفاقاً تحت الأرض لفترة طويلة
وبدأ عدد الأنفاق في الزيادة في عام 2008، واستخدمها المهربون والمسلحون الفلسطينيون لتفادي حصار اقتصادي إسرائيلي ولجلب أسلحة إلى القطاع. لكن حملة عسكرية مصرية بدأت عام 2013 تمكنت من تدمير معظمها، بحسب قول مصادر فلسطينية
وقال أشرف أبو الهول، مدير تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية والمتخصص في الشأن الفلسطيني إنَّ مصر أوضحت أنها أغلقت جميع الأنفاق على جانبها من الحدود، لكن إسرائيل لا تزال غير قادرة على استيعاب أو فهم أن ما شاهدوه في غزة من أنفاق ربما تم إنتاجه أو تطويره محلياً
وأضاف أبو الهول أن إسرائيل يمكنها السيطرة فعلياً على المنطقة الحدودية العازلة من بعيد من خلال قوتها النارية، من دون الحاجة إلى السيطرة المباشرة
وتكرر القصف بالقرب من المنطقة الحدودية التي تشمل معبر رفح الذي يستخدم لدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة من مصر ولإجلاء أعداد صغيرة من الفلسطينيين الذين يحتاجون لعلاج طبي عاجل
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
نهج عدوانى خطير.. إسرائيل تتبنى استراتيجية عسكرية توسعية وسط جمود وقف إطلاق النار
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مع تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، شرع الجيش الإسرائيلى فى تحول استراتيجي، فوسع نطاق وجوده الإقليمى خارج حدوده. وتحافظ قوات الدفاع الإسرائيلية الآن على مناطق عازلة طويلة الأمد على جبهات متعددة، بما فى ذلك غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربية، مما يشير إلى تغيير جوهرى فى سياسة إسرائيل الأمنية.
تعثرت المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار فى غزة، والتى كان من المقرر أن تبدأ فى الثانى من مارس، حيث ترفض إسرائيل الدخول فى محادثات ما لم تطلق حماس سراح المزيد من الرهائن. وللضغط على حماس، قطعت إسرائيل المساعدات الإنسانية والسلع التجارية عن الجيب المدمر بالفعل.
ويتماشى هذا الانهيار فى المفاوضات مع تحول أوسع فى العقيدة العسكرية الإسرائيلية. الآن، يعمل جيش الدفاع الإسرائيلى على تأمين سيطرة إقليمية ممتدة خارج الأراضى الإسرائيلية، وهو النهج الذى تغذيته المخاوف الأمنية بعد ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، والضغوط السياسية من ائتلاف نتنياهو اليميني. ومع تقديم إدارة ترامب للدعم الثابت، يبدو أن إسرائيل تعمل على تعزيز موقفها بدلًا من السعى إلى خفض التصعيد.
تحدى الاتفاق
كما تحدى الوجود الإسرائيلى فى لبنان الاتفاقات السابقة.. بموجب اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة مع حزب الله فى أعقاب صراعهما العام الماضي، كان من المقرر أن ينسحب جيش الدفاع الإسرائيلى من الأراضى اللبنانية بحلول يناير. ومع ذلك، استمرت إسرائيل فى احتلال خمسة مواقع محصنة فى جنوب لبنان، متذرعةً بالإشارة إلى عودة حزب الله المحتملة. لم يتم تحديد جدول زمنى للانسحاب، مما أثار مخاوف من إطالة أمد الاشتباك العسكري.
وفى الوقت نفسه، على الجبهة السورية، انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار الذى دام طويلًا مع دمشق عام ١٩٧٤. فى أعقاب انهيار نظام بشار الأسد فى ديسمبر، عبرت القوات الإسرائيلية إلى الأراضى السورية، مشيرة فى البداية إلى مخاوف أمنية حدودية. وعلى الرغم من تشكيل حكومة جديدة تحت قيادة هيئة تحرير الشام، فقد أقامت إسرائيل مواقع عسكرية دائمة وطالبت بنزع السلاح الكامل من جنوب سوريا، مما يشير إلى وجود غير محدد.
النزوح القسري
فى الضفة الغربية، ابتعدت إسرائيل عن الاتفاقيات السابقة بموجب اتفاقيات أوسلو، وخاصةً فى جنين وطولكرم. وقد شهدت هذه المدن، الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، عمليات كبيرة لجيش الدفاع الإسرائيلي، مما أدى إلى نزوح ما يقدر بنحو ٤٠ ألف مدني. وأكد وزير الدفاع يسرائيل كاتس أن القوات الإسرائيلية ستبقى فى هذه المناطق إلى أجل غير مسمى لمنع ما أسماه "عودة الإرهاب".
ويبرر المسئولون الإسرائيليون هذا التحول باعتباره استراتيجية ضرورية "لإدارة المخاطر"، مع إعطاء الأولوية للأمن على المدى الطويل على وقف إطلاق النار قصير المدى. ويشير المحللون العسكريون إلى أن إسرائيل تتصرف الآن على أساس قدرات العدو وليس التهديدات المباشرة، مما يضمن وجودًا دائمًا فى المناطق الاستراتيجية.
فى حين تركز حماس على استعادة السيطرة المدنية فى غزة، فإن استمرار الضغوط العسكرية الإسرائيلية قد يدفع الجماعة نحو تجدد الأعمال العدائية. وحذر مسئولون فى جيش الدفاع الإسرائيلى من هجوم واسع النطاق إذا لم توافق حماس على شروط وقف إطلاق النار المعدلة التى اقترحتها إسرائيل. وقد يمهد هذا الطريق لخطة مثيرة للجدل اقترحها ترامب لأول مرة: نقل سكان غزة وتحويل المنطقة إلى مركز سياحى فاخر.
ويعود ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب، إلى المنطقة قريبًا للتفاوض على صفقة جديدة، ولكن حتى ذلك الحين، فإن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية على استعداد للتصعيد بدلًا من الانسحاب.
مخاطر دبلوماسية
إن التوسع العسكرى الإسرائيلى على المدى الطويل يأتى بتكاليف كبيرة. ففى لبنان، يوفر وجودها المستمر لحزب الله مبررًا للاحتفاظ بقواته المسلحة، مما يقوض الجهود التى تبذلها الحكومة اللبنانية الجديدة لنزع سلاح الجماعة. وفى الوقت نفسه، فإن الحفاظ على بصمة عملياتية واسعة النطاق يضغط على ميزانية الدفاع الإسرائيلية ويجبر جنود الاحتياط على الانتشار لفترات طويلة.
ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن التوسع الإسرائيلى قد يلحق الضرر بالعلاقات الدبلوماسية. قد تنظر مصر والأردن إلى الوجود العسكرى المتزايد باعتباره مزعزعًا للاستقرار. وقد تدفع الحكومتان الجديدتان فى سوريا ولبنان، الحريصتان على المشاركة الغربية، إلى الانسحاب الإسرائيلى كشرط للتقدم الدبلوماسي.
مستقبل هش
فى الوقت الحالي، يبدو أن العقيدة العسكرية الموسعة لإسرائيل قابلة للاستدامة، حيث لا يزال خصومها ــ بما فى ذلك حزب الله وحماس ــ ضعفاء. ومع ذلك، يعتمد هذا الموقف العدوانى بشكل كبير على الدعم المستمر من إدارة ترامب، التى كانت تاريخيا غير متوقعة فى قراراتها المتعلقة بالسياسة الخارجية.
مع تصاعد التوترات على جبهات متعددة، فإن التوسع العسكرى الإسرائيلى الخطير لا يهدد بتجدد الصراعات الإقليمية فحسب، بل ويهدد أيضًا بتحول فى التحالفات الدبلوماسية العالمية. وسوف تختبر الأسابيع المقبلة ما إذا كانت هذه الاستراتيجية قادرة على تأمين الاستقرار على المدى الطويل أم أنها ستشعل فتيل المزيد من عدم الاستقرار فى المنطقة.
*مجلة "إيكونوميست"