حمد بن سالم العلوي

تدخل معركة طوفان الأقصى المائة يوم، ولم يحقق العدو الصهيوني أي شيء من الأهداف التي رسمها لحربه على غزة، وهي القضاء على قيادة حماس، وتدمير الأنفاق، وتجريد منظمات المقاومة من سلاحها، واستعادة الأسرى الصهاينة بدون قيد أو شرط، وتهجير الفلسطينيين من غزة إلى خارجها، إلا إذا كان هدفه قتل النساء والأطفال، وهذا الذي يجري بالفعل يوميًا، وحتى هذا القتل الجماعي وبطريقة وحشية، فهو له هدف واحد ألا وهو إرهاب الأحياء، ودفعهم إلى الهجرة القسرية، ولكن هذا الهدف لم ولن يتحقق، وإنما زاد الغزاويون إصرارًا على التمسك بالأرض، حتى ولو كلفهم ذلك الموت في سبيل الحفاظ على الوطن.

إن قوة الإيمان الذي يعتمر في صدور الفلسطينيين، لن تترك مساحة ولو بسيطة للخذلان والخوف من الصهاينة، فمن يتربّى على طاعة الله واليقين به، وبأنه هو مُسير لهذا الكون، وليس من أحد سواه له السيطرة الكاملة على خلقه، والفلسطيني الذي ظل يعيش في غير الحرب الكثير من ويلات الذل والهوان والعذاب، والموت البطيء يوميًا، ليس له خيار آخر إلا الصمود والصبر، فإما أن يموت في الحرب، أو يرتقي شهيدًا مكرمًا عند ربه وأما أن يعيش سيدا في وطنه مثله مثل غيره من خلق الله في هذه الدنيا.

والنصر الذي تصنعه المقاومة الفلسطينية في غزة اليوم، سيخلِّده التأريخ لأن هذه الحرب ليست ككل الحروب؛ بل هي حرب المؤمنين بالله، ضد زمرة الظالمين المنافقين، لذلك انطبق عليهم قوله تعالى: "وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ" (البقرة: 154)، وقال عز وجل: "فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا" (النساء: 74)، وقال جل في علاه: "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ" (الأنفال: 60). وهنا الآية الكريمة واضحة فلم تقل مثل قوتهم وأفضل بل ما استطعت من القوة لأن الله سيأمر بالنصر من عنده وليس بتكافؤ القوة والعدة والعدد وهذا الذي يجري على أرض غزة اليوم.

إذن؛ نحن صادقون إذ نستعير من مقولة سماحة سيد الرجال حسن نصر الله؛ إذ قال: "بيننا وبينكم الميدان والأيام والليالي"، وعنوان هذه المقالة يقول "الفصل في غزة.. الميدان والأيام وسرايا القدس وفصائل القسام"، وهم من صنعوا السابع من أكتوبر المجيد، فهذا التأريخ- بإذن لله- سيكون نواة لذكرى تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وسيخزي الله إسرائيل والمنافقين الخمسة من المسؤولين الذين قيل عنهم، أنهم متآمرون مع الصهاينة ضد فصائل المقاومة، ولا نستطيع أن نسمي دولًا بعينها، لأنَّ الدول التي يتولاها أولئك الخمسة، ليست على هوى قادتها، وأن الشعوب قلوبها مع إخوانها في العروبة والدين من أهل فلسطين، ولكن عندما تنهار دولة الحافظات، ويهرب من يتبقى منهم إلى شتات الأرض، كما هو الحكم الإلهي في حقهم إلى يوم الدين، وهو التيه وراء التيه في الأرض إلى يوم الحشر.

إن الدماء التي سالت أنهارًا على أرض غزة، سوف تتعوشب المقاومة على تلك الدماء وتقوى، وستزيد قوتها وتصميمها على النصر والثبات في وجه الطغاة، وما النصر إلّا وليد الدماء والصبر والإيمان به، بأنه من عند لله عز وجل، فلا أقول هذا بدافع من العاطفة، وحب النصر للأهل في فلسطين. وكل القراءات التي يسوقها الخبراء والمحللون الإستراتيجيون، يرون أن خسارة إسرائيل هي أقرب إلى واقع الحال، وذلك ليس في المال والاقتصاد فهذا قد يعوضهم فيه اليهود حول العالم، ولكن في عدد القتلى من جيش العدو. ومن المؤكد أن عدد القتلى قد تجاوز خمسة آلاف قتيل، إذن فإنَّ القتلى سيرهبون أسر الجنود المقتولين، وأن نتنياهو المتشبث بالسلطة والحرب، ليس له من خيار إلا أن يظل يسفك دماء الفلسطينيين، لعله يظفر ولو بصورة نصر وهمية، تنقذه من مصيره الحتمي، وهو السجن، إلا إذا استطاع أن يجر دولة الشر الكبرى أمريكا إلى حرب مع محور المقاومة؛ الأمر الذي سيعجل بإسقاطها، وتنتهي إسرائيل من تلقاء نفسها.

إن الغباء الصهيوني قد جعل النتن يحلم بالكثير من أحلام اليقظة، فأكبر كذبة صدقها هو نفسه، أنه سيرحّل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، حتى يستطيع أن يصل إلى الأنفاق تحت الأرض في غزة، وربما يطلب من المقاومة وهم يغادرون غزة، أن يتركوا له مرشدًا سياحيًا يأخذه إلى شبكة الأنفاق، ترى هل وصل الغباء بالصهاينة إلى هذه الدرجة من السذاجة؟!

إن الفلسطيني الذي أفنى السنين تلو السنين، لكي ينفذ هذه الشبكة الدفاعية من الأنفاق، وهي سر قوته وصموده أمام أعتى الجيوش طغيانًا وبطشًا، سيقبل أن يغادر غزة، ويسلم ذروة جهده وعظيم عمله إلى أعدائه بهذه السهولة، فيقدمها هدية مزجاة لبني صهيون، أو أن المقاومة اللبنانية تقبل الانسحاب إلى وراء نهر الليطاني.. لقد خاب رجاء النتن العفن رئيس وزراء الكيان، إن ظن إمكانية تحقق هذا الحلم المجنون.

 

وتناغم جبهات محور المقاومة من غزة إلى الضفة الغربية، إلى لبنان الصمود والمقاومة القوية، إلى العراق النجدة والنخوة والدعم المستمر، إلى يمن الإيمان والبأس الشديد، حيث تجسد معنى النصرة في أجمل صوره، فاغلقوا على العدو الباغي مصدره الاقتصادي الرئيس، والرخيص الآتي من الصين وشرق آسيا، وذلك بإغلاق باب المندب وبحري العربي والأحمر، وهذه عملية تاريخية لم تحدث من قبل، فكان لأبناء الأوس والخرج كلمة الفصل كما كان موقفهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم أتى مهاجرًا من مكة.

إذن.. فإنَّ تناغم الضربات من كل الجبهات، يجعل العدو مشتت الدفاع، وقوته مبعثرة ومتفرقة لا تقوى على التركيز في اتجاه واحد، ولا أنسى سوريا التي لا تعلن عن مشاركاتها، ولكن أي إنسان منصف يعلم، أن سوريا كان لها دور محوري في تكوين قوى المقاومة، وهي التي تزودها بكل مستلزمات القوة من السلاح، وهي محور التنسيق بين إيران ومنظمات المقاومة، وربما التنسيق مع روسيا والصين وكوريا الشمالية كذلك، وفي كل الذي يقدّم من دعم للمقاومة، لذلك تجدها تتعرض لهجمات صهيونية بصورة مستمرة على الأراضي السورية.

وختامًا.. إن النصر آتٍ رغم تكالب الأعداء وكثرة عددهم ودعم المنافقين لهم.. وإنه لجهاد نصر أو استشهاد، والله غالب على أمره.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر العسيري الذي تنازل عن قاتل شقيقه لوجه الله تعالى

المناطق- تبوك

استقبل صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك،بمكتبه بالإمارة اليوم ، المواطن ناصر بن محمد العسيري والذي تنازل عن قاتل شقيقه لوجه الله تعالى .

وثمّن سمو أمير منطقة تبوك هذه المبادرة النبيلة، مشيراً سموه الى ان ما قام به المواطن العسيري من تنازل لوجه الله تعالى عمل عظيم وأجره كبير سيناله في الدنيا والآخرة إن شاء الله، وهذه بادرة إنسانية تدل على صفات النبل التي يتحلى بها أبناء المجتمع السعودي. وقال سموه في حديثه للمواطن العسيري : ” ‏أهنئك على العمل النبيل الذي قمت به من تنازل لوجه الله تعالى وهذا شي تفتخر فيه و نحن فخورين به وأنت خير مثال للمواطن السعودي “، ناقلاً سموه اعتزاز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله – للمواطن ناصر العسيري وأسرته على هذا العمل النبيل . من جانبه أعرب المواطن ناصر العسيري عن شكره وتقديره لسمو أمير منطقة تبوك على هذه اللفتة والرعاية الكريمة من سموه باستقباله وشكره على تنازله لوجه الله تعالى ، مثمنًا اهتمام سموه المستمر بأهالي المنطقة ، سائلا المولى القدير أن يتقبل منه هذا العمل ويجعله خالصاً لوجه الكريم .

أخبار قد تهمك أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية كينيا بجدة 22 أبريل 2025 - 3:49 مساءً أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية أفغانستان لدى المملكة 22 أبريل 2025 - 3:45 مساءً

مقالات مشابهة

  • التعادل 1-1 يحسم الشوط الأول من مباراة النصر وضمك بالدوري السعودي
  • التحية للدكتور الصادق الرزيقي القوي الذي وقف وقفة مشرفة
  • تشكيل النصر ضد ضمك في الدوري السعودي.. غياب رونالدو وطارق حامد بديلا
  • أمير تبوك يستقبل المواطن ناصر العسيري الذي تنازل عن قاتل شقيقه لوجه الله تعالى
  • ذكرى تحرير سيناء| يوم النصر والصمود الذي يجسد إرادة الشعب المصري.. ويحفز الأجيال القادمة على البناء والتنمية
  • الاحتلال يبعد وزير القدس ويواصل الاعتقالات
  • فريدة سيف النصر تتصدر التريند بسبب شمس البارودي
  • سعد آل مغني يتكفّل بسداد قرض مواطن ويساعده في تجهيز منزله .. فيديو
  • سيبوا الحاجة في اللي هي فيه.. فريدة سيف النصر تدافع عن شمس البارودي
  • ‏الأردن يرحب بالتوافق الذي توصّلت إليه واشنطن وطهران خلال الجولة الثانية من المباحثات التي عُقِدَت في العاصمة الإيطالية روما