هذه صلاحيات محكمة العدل بشأن اتهام جنوب أفريقيا إسرائيل بالإبادة
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
تقدمت جنوب أفريقيا بشكوى أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة في عدوانها على قطاع غزة، فما الذي يمكن أن تقوم به المحكمة؟ ولمَ جنوب أفريقيا؟
ما الذي يمكن أن تقوم به محكمة العدل؟طلبت جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية إصدار "إجراءات مؤقتة"، وهي أوامر قضائية عاجلة للتطبيق، فيما تنظر المحكمة في جوهر القضية التي قد تستغرق سنوات.
وتوضح سيسيلي روز الأستاذة المساعدة في القانون الدولي بجامعة لايدن "في مرحلة التدابير الاحتياطية لن تحدد المحكمة ما إذا كانت هناك إبادة تجري في غزة".
وتضيف روز في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية "ستكتفي المحكمة بتحديد ما إذا كان هناك خطر حصول ضرر لا يمكن تعويضه للحقوق الواردة في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، ولا سيما حق الفلسطينيين في غزة في الحماية من أعمال تهدد وجودهم كمجموعة".
وطلبت بريتوريا من المحكمة إصدار أوامر عدة، منها أن "تعلق إسرائيل فورا" هجومها في قطاع غزة، ووضع حد للتهجير، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، والمحافظة على الأدلة.
ويمكن لمحكمة العدل الدولية فرض التدابير التي تطالب بها بريتوريا أو رفضها أو إصدار أوامر أخرى مختلفة تماما، وقد تقرر أيضا أنها ليست الجهة المختصة في هذه القضية.
ماذا بعد ذلك؟القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية (أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة) مبرمة ولا يمكن للدول استئنافها، لكن المحكمة لا تملك أي وسيلة لتطبيقها.
ويشدد إريك دي براباندير أستاذ القانون الدولي في جامعة لايدن على أنه "يجب القبول بمحدودية العدالة الدولية، فهي تعمل لكن فاعليتها تتطلب إرادة سياسية لا تكون متوافرة على الدوام".
وعلى سبيل المثال أمرت محكمة العدل الدولية روسيا بوقف غزوها لأوكرانيا بعد شهر على بدء الحرب في فبراير/شباط 2022.
وبعدما تقرر المحكمة ما إذا كانت ستصدر تدابير مؤقتة عاجلة تنظر في جوهر القضية، أي اتهام جنوب أفريقيا إسرائيل بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة.
وترى سيلين بارديه الخبيرة في القانون الدولي وجرائم الحرب أن أي قرار ستكون له "دلالات رمزية".
وتوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن "هذا سيذكّر العالم بأن الدول مسؤولة أيضا، وهذا مهم"، مضيفة "قد يسمح ذلك للدول أيضا باتخاذ تدابير إثر القرار من خلال فرض عقوبات على سبيل المثال".
ما المُهل؟لا تتسم محكمة العدل الدولية بسرعة قراراتها، لكن طلبات "التدابير المؤقتة" لها الأولوية على كل القضايا الأخرى، وقد يأتي القرار سريعا نسبيا، أي في غضون أسابيع.
في المقابل، قد يحتاج القرار في جوهر القضية إلى سنوات عدة.
وبات بطء المحاكم الدولية يطرح مشاكل ولم تعد "تتماشى مع عالم اليوم"، بحسب بارديه.
لمَ جنوب أفريقيا؟جنوب أفريقيا وإسرائيل من الدول الموقعة على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي أقرت عام 1949 ردا على مجازر الإبادة في حق اليهود خلال الحرب العالمية الثانية.
ويحق لكل دولة موقعة ملاحقة دولة أخرى أمام محكمة العدل الدولية في حال الاختلاف على "تفسير أو تطبيق أو احترام" القواعد الهادفة إلى منع وقوع أعمال إبادة جماعية.
وقالت جنوب أفريقيا إنها "تدرك تماما حجم المسؤولية الخاص ببدء ملاحقات ضد إسرائيل لانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة".
وشددت على أن "الظروف لا يمكن أن تكون أكثر إلحاحا"، معتبرة أن "إسرائيل تشن حملة عسكرية على قدر خاص من الضراوة"، لكنها تعتبر أن أي هجوم مسلح "مهما كان خطرا" لا يمكن أن يبرر انتهاك الاتفاقية.
وتدعم جنوب أفريقيا القضية الفلسطينية منذ فترة طويلة، إذ إن المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في بريتوريا غالبا ما يربط هذه القضية بنضاله ضد نظام الفصل العنصري، وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وجنوب أفريقيا بسبب ذلك.
ما القضايا الأخرى؟تنظر محكمة العدل الدولية في النزاعات بين الدول، وغالبا ما يتم الخلط بينها وبين المحكمة الجنائية الدولية ومقرها في لاهاي أيضا، وهي تنظر في ملاحقات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يرتكبها أفراد.
وباشر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان تحقيقا بشأن أحداث غزة، وتعهد "تكثيف" الجهود.
وطلبت 5 دول -من بينها جنوب أفريقيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي- تحقيقا من المحكمة الجنائية الدولية بشأن النزاع في قطاع غزة، وقال خان إن فريقه جمع "عددا كبيرا" من الأدلة.
وطلبت الأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية النظر في التداعيات القانونية للعمليات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
وستصدر المحكمة في هذا الإطار رأيا استشاريا لن يشمل العملية العسكرية التي تلت 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: محکمة العدل الدولیة جنوب أفریقیا یمکن أن لا یمکن
إقرأ أيضاً:
البيض في جنوب أفريقيا يرفضون عرض ترامب
ربما لا يلقى عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإعادة توطين أصحاب البشرة البيضاء من مواطني جنوب أفريقيا كلاجئين فارين من الاضطهاد، الإقبال الذي توقعه، حتى كجماعات ضغط يمينية مدافعة عن البيض ترغب في "معالجة الظلم" الذي تمارسه الأغلبية من أصحاب البشرة السمراء على أرض الوطن.
ووقَع ترامب يوم الجمعة أمراً تنفيذياً بخفض المساعدات الأمريكية لجنوب أفريقيا، مشيراً إلى قانون نزع الملكية الذي وقعه الرئيس سيريل رامابوسا الشهر الماضي لمعالجة التفاوت في ملكية الأراضي الناجم عن تاريخ تفوق البيض في جنوب أفريقيا.
ونص القرار على إعادة توطين "الأفريكانيين في جنوب أفريقيا، باعتبارهم ضحايا للتمييز العنصري" كلاجئين في الولايات المتحدة.
ويطلق وصف الأفريكانيين في الغالب على ذوي البشرة البيضاء من الوافدين قديماً إلى جنوب أفريقيا من هولندا وفرنسا، الذين يمتلكون معظم الأراضي الزراعية في البلاد.
وقال متقاعد يبلغ من العمر 78 عاماً يعيش في بلدة بالقرب من كيب تاون: "إذا لم يكن لدى المرء أي مشاكل هنا، فلماذا يريد الرحيل؟".
وأضاف: "لم نتعرض لأي استيلاء بشكل سيئ حقاً على أرضنا، والناس يواصلون حياتهم بشكل طبيعي وتعلمون ذلك، فماذا ستفعلون؟".
ومن خلال القانون تسعى السلطات إلى معالجة التفاوت على أساس عنصري في ملكية الأراضي -وهو ما ترك ثلاثة أرباع الأراضي المملوكة للقطاع الخاص في أيدي الأقلية البيضاء- من خلال تسهيل مصادرة الدولة للأراضي لصالح الملكية العامة.
ودافع رامابوسا عن هذه السياسة.
وتشير بيانات هيئة الإحصاء إلى أن البيض يمثلون 7.2٪ من سكان جنوب أفريقيا، البالغ عددهم 63 مليون نسمة. ولا توضح البيانات عدد الأفريكانيين.
ويقول حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بزعامة رامابوسا، وهو الحزب الأكبر في الائتلاف الحاكم، إن ترامب يعمل على تضخيم المعلومات المضللة التي تروجها منظمة أفري فورام، وهي جماعة ضغط يقودها الأفريكانيون.
وقالت الجماعة، التي مارست الضغط على إدارة ترامب السابقة بشأن قضيتها، إنها لن تقبل العرض.
وقال الرئيس التنفيذي لمنظمة "أفري فورام" كالي كريل، أمس السبت، "الهجرة لا تقدم سوى فرصة للأفريكانيين المستعدين للتعرض لخطر التضحية بالهوية الثقافية لأحفادهم كأفريكانيين. الثمن باهظ للغاية".
وبشكل منفصل عبرت حركة التضامن عن تمسكها بجنوب أفريقيا، وتضم الحركة أفري فورام ونقابة تضامن العمالية، وتقول إنها تمثل نحو 600 ألف أُسرة أفريكانية ومليوني فرد.
وقالت حركة التضامن: "قد نختلف مع المؤتمر الوطني الأفريقي، لكننا نحب بلدنا. وكما هو الحال في أي مجتمع، هناك أفراد يرغبون في الهجرة، لكن إعادة توطين الأفريكانيين كلاجئين ليس حلاً بالنسبة لنا".
كما رفض ممثلون لمنطقة أورانيا التي يسكنها الأفريكانيون فقط، وتقع في قلب البلاد، عرض ترامب. وقالوا "الأفريكانيون لا يريدون أن يكونوا لاجئين. نحن نحب وطننا ونلتزم به".