العولمة الاقتصادية العالمية التي تريدها الصين
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
تشو شيوان **
كثيرة هي التعاريف والمنهجيات التي تُعرف وتبين مبادئ العولمة خصوصًا العولمة الاقتصادية، وفي ظل تزاحم الرؤى العالمية تجد الصين تعريفًا هاماً للعولمة الاقتصادية العالمية التي تريدها وتتبناها في المستقبل، وقد طرح مؤتمر العمل المركزي للشؤون الخارجية، الذي عُقد يومي 27 و28 ديسمبر 2023، مقترحًا مُهمًا يدعو إلى تبني عولمة اقتصادية شاملة.
ونجد أن هذا المقترح يهدف لتوجيه العولمة الاقتصادية نحو الاتجاه الصحيح للدفع بإيجاد حلول لمشاكل الاقتصادية التي توجه العالم اليوم، وتضع الصين في مكانها الصحيح في القضايا والتحديات الكبرى مع التركيز على الحكمة الصينية التي تقتضي توفير أساس قوي لبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية.
إن العولمة نتيجة مؤكدة لأي مشروع تنموي ونتيجة حتمية للتقدم التكنولوجي والعلمي، ومن يتابع التحولات العالمية سيجد أنه بعد الحرب العالمية الثانية بدأت العولمة العالمية تأخذ مسارًا متصاعدًا بشكل ملحوظ وكانت السبيل لتقدم البشرية نحو عصر من التقدم والتطور. وأسهمت العولمة الاقتصادية في تعزيز اقتصاديات الكثير من دول العالم وسهلت العمليات التجارية وسهلت معها الاستثمار وتنقل الأفراد والدفع بالتطور التكنولوجي والعلمي، وأيضًا ساهمت العولمة في نهوض كبير للأسواق الناشئة، والصين لديها وجهة نظر إيجابية عما حدث في هذه الفترة وقد كان للصين دور كبير وصعود الصين أكبر دليل على دورها في العولمة العالمية التي حدثت وتطورت.
وكل ما ذكرناه سابقًا أمر إيجابي بكل المقاييس؛ فالانفتاح العالمي الذي حدث نتيجة العولمة دفع العالم للتطور وللتحسين في مختلف المجالات والقطاعات، ولكن ما لا تجده الصين إيجابيًا أو تجده سلبيًا للعولمة العالمية هو ارتفاع الحمائية والتعصب لدى بعض الدول من محاولات لبث النزاع وتمويل الصراع وشن الحروب ونقل المشاكل الداخلية عبر القضايا الخارجية، كل هذه السياسات وهذه الأفعال معارضة لمبادئ العولمة التي تُريدها الصين. وقد أثبتت التجارب أن محاولة نقل الصراع وتخريب الأوطان وبث النزاع ومحاولة فرض السيطرة السياسية أو الاقتصادية من قبل الدول الكبرى على الدول الصغرى لهو أكبر عدو للعولمة التي من المفترض أن تبنى على تقاطع المصالح لا على تضاربها.
الصين تؤمن بأنَّ العولمة الاقتصادية يجب أن تخدم مصالح جميع الدول وعندما نقول جميع الدول فنحن نقصد ذلك فعليًا بما فيها الدول الكبيرة أو الصغيرة الدول العظمى والدول الضعيفة الدول الأوروبية والدول الأفريقية والآسيوية والأمريكية مهما كان موقع أو حجم أو تأثير أي دولة؛ فيجب على العولمة أن تُراعي مصالحها وطبيعتها وطبيعة شعبها، والصين ترى أيضًا بأن العولمة يجب أن تحمل في طياتها مبادئ العدالة خصوصًا فيما يتعلق بالتوزيع العالمي للموارد وللخبرات وللتطورات، فلا يجب أن تحمل العولمة سبل النجاح والتطوير لدول أو كيانات على حساب دول وكيانات أخرى، بل يجب أن تعمل على جعل التنمية متوازنة وعادلة.
نحن نعيش اليوم في عالم مترابط ومتشابك والأعمال الاقتصادية لأي شركة أو دولة مرتبطة بتعاملات عالمية لا حدود لها، ولا يُمكن أن نعود للانغلاق على الذات لا اقتصاديًا ولا سياسيًا ولا حتى ثقافيًا، والعالم بأمس الحاجة لتقاسم العولمة العادلة ويجب التفكير في تحقيق التوازن في التنمية العالمية وتفعيل مبادئ المصير المشترك للبشرية وهذا هو شكل العولمة التي تريدها الصين للعالم؛ فالصين لا تريد العولمة القائمة على الحمائية والعدائية والتعصب والعنصرية والاستقواء من قبل الطرف الأقوى على الأطراف الضعيفة، والصين لا تريد أبدًا أن تكون العولمة على حساب التدخل بشؤون الغير، بل تحترم الصين السيادة الدولية لأي دولة وبالمقابل الجميع متاح له أن يكون مشاركًا في نظام عالمي قائمة على الانفتاح والعدل وهذه هي خلاصة ما تريده الصين للعولمة الاقتصادية العالمية.
تؤمن الصين أنه علينا أن نعمل سويًا لتحرير التجارة والاستثمار، والحفاظ على استقرار وسلاسة سلاسل الصناعة والتوريد العالمية، وتعزيز التفاهم المتبادل والتوافق المتبادل ومراعاة مصالح واهتمامات بعضنا البعض، وحل المشكلات الهيكلية التي تعيق التنمية الصحية للعالم، والحفاظ على حيوية وزخم النمو الاقتصادي العالمي، وهذا لن يحدث طالما النظم العالمية مبادئها متزعزعة ومنحازة.
يقول المثل الصيني، "كل شيء يمكنه أن يحيا إذا وجد شكله الأصلي، وكل شيء يمكنه أن ينجح إذا وجد طريقته"، والعولمة الاقتصادية الشاملة والتي تفيد الجميع، هي تطلعات لشعوب العالم والطريق والمنهج السليم للوصول للهدف، ونأمل أن تُفتح الأبواب فيما هو قادم لنظام تجاري واقتصادي أكثرًا انفتاحًا وتوازنًا وعدلًا.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ما الدول التي إذا زارها نتنياهو قد يتعرض فيها للإعتقال بعد قرار الجنائية الدولية؟
بات السؤال المطروح: كم عدد الدول التي قد يعجز نتنياهو عن زيارتها؟ بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية، يوم الخميس، مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وفقا لنظام روما الأساسي، وهو المؤسس للمحكمة، تلتزم 123 دولة من أعضائها بالتعاون مع قراراتها، بما في ذلك اعتقال الأفراد المطلوبين وتسليمهم عند دخول أراضيها، وتشمل هذه الدول: دولا أوروبية مثل فرنسا، ألمانيا، وإيطاليا، ودول أمريكا اللاتينية مثل الأرجنتين والبرازيل، ودول افريقية مثل جنوب أفريقيا، والسنغال ، اما الدول الآسيوية فهي محدودة مثل اليابان وكوريا الجنوبية.
في المقابل، هناك دول غير ملزمة بتنفيذ قرارات المحكمة الجنائية الدولية، لأنها لم تصادق على نظام روما الأساسي أو انسحبت منه، مثل: أمريكا وقّعت على الاتفاقية ثم سحبت توقيعها، أما الصين وروسيا لم تصادقا على النظام.
وهذا يعني أن أي زيارة يقوم بها نتنياهو إلى إحدى الدول الموقعة على نظام روما، قد تعرضه لخطر الاعتقال، مما يضع قيودا كبيرة على حركته الدولية.