وزير الأوقاف: نظم تعليم النشء لابد أن تكون تحت يد الدولة
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، كلمة في الجلسة الافتتاحية للملتقي الرابع للمؤتمر الأفريقي لتعزيز السلم، الذي يعقد بالعاصمة الموريتانية نواكشوط تحت عنوان: "التعليم العتيق في أفريقيا: العلم والسلم" من 9 - 11 يناير 2024م بحضور الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، والرئيس آداما بارو رئيس جمهورية غامبيا، والشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى أبو ظبي للسلم، ونخبة من قيادات وعلماء الدول الأفريقية.
وجاء نص كلمته كالتالي:
لقد أعلى الإسلام من شأن العلم والتعلم، حيث يقول الحق سبحانه: "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ "، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَن سلَكَ طريقًا يلتَمِسُ فيهِ علمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُ أجنحتَها لطالِبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ".
وقد قالوا التعلم قبل التعبد، ليكون التعبد على هدى، وإنَّ قوما طلبوا العبادة وتركوا العلم حتّى خرجوا بأسيافهم على أمّة محمّد (صلى الله عليه وسلم)، ولو طلبوا العلم لحجزهم عن ذلك، وقد قالوا: الناس ثلاث معلم ومتعلم وهما في الأجر سواء، والثالث الذي لا يعلِّم ولا يتعَلَّم لا خير فيه، وقالوا - أيضًا - كن عالما أو متعلمًا ولا تكن الثالث فتهلك.
وعندما نتحدث عن العلم العتيق والعلم الحديث فإننا نرى أن الدمج والإفادة من محاسن كل منهما هو الخَيارُ الأمثلُ في ذلك، حيث يمكن للتعليم العتيق أن يكون داعمًا لنظم التعليم الحديثة من خلال إحياء دور الكتاتيب ومكاتب تحفيظ القرآن الكريم وحلقات التحفيظ والتثقيف المسجدية، وحفظ المتون، إلى جانب نظم الدراسة الحديثة، إذ لم تعد الشهادة وحدها معيارًا للتقييم أو الحصول على فرص العمل بل العلومُ والمهاراتُ المكتسبة التي غالبًا ما يكون للتعليم العتيقِ أثرٌ كبيرٌ في تكوينها.
فالحصول على المؤهل الدراسي شيء، وفرصة العمل به شيء آخر، فليس كل خريج يمكن أن يشق طريقه للعمل دون تأهيل واكتساب علوم ومهارات تؤهله للنجاح في العمل، ولا شك أن التعليم العتيق يسهم إلى حد كبير في صقل المواهب والمعارف وتنميتها.
ومن ثمة يجب إسناد عملية التعليم أيا كان نوعها إلى خبراء أكفاء وطنيين مؤهلين ومعتمدين في مجالهم ولاسيما في مجال التكوين الديني ، لأن اختطاف النشء من قبل جماعات التطرف يشكل خطرا كبيرا على السلم المجتمعي والوطني، وربما يتجاوز ذلك إلى تهديد السلم الإقليمي والدولي.
أما عن العلاقة بين العلم والسلم وبعبارة أدق بين صحيح العلم الشرعي والسلم فهي علاقة طردية، فمتى حققنا صحيح العلم الشرعي مهدنا الطريق للسلم، وكلما كان الجهل والفراغ المعرفي كان الغلو والتطرف، وإن أهم فارق بين العلماء والجهلاء هو مدى فهم هؤلاء وأولئك لقضايا الحل والحرمة، والضيق والسعة، فالعالم يدرك أن الأصل في الأشياء الحل والإباحة والتيسير، وأن التحريم والمنع هو استثناء من الأصل، كما يدرك أن السلم هو الأصل وأن الحرب استثناء من قاعدة السلم لظروفها وبقدْرِها وضوابطها.
أما الجهلاء فيجعلون الاستثناء أصلًا، غير مدركين للفرق بين القاعدة واستثناءاتها، وأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وأن المفسدة اليسيرة قد تحتمل لدفع مفسدةٍ عظيمة، أو تحقيق مصلحة أعظم.
مع تأكيدنا أن السلم المجتمعي بين أبناء المجتمع الواحد لا يقل أهمية عن السلم العالمي العام، إذ لا يمكن لدولة مشتتة داخليًّا أن تسهم في صنع السلم العالمي أو يسمع صوتها فيه، وواجب الوقت على علماء أمتنا هو العمل بقوة على وحدة الصف الوطني وإحلال السلم المجتمعي في دولنا وأمتنا، فأوطاننا أمانة في أعناقنا يجب أن نحافظ عليها بكل ما أوتينا من قوة وأدوات وفكر، حتى يكون لنا صوت مسموع نسهم من خلاله في إحلال السلم العالمي، بل العمل على قيادته باعتبارنا أمةَ سلام لا حرب ولا استسلام.
وأكد وزير الأوقاف على أمرين هم:
الأول: ضرورة أن تكون كل نظم التعليم أيًّا كان نوعها ومجالها تحت سمع الدولة وبصرها وإدارتها وإشرافها ومتابعتها ولا نترك نظم تعليم النشء أيًّا كان نوعها لجماعة من الجماعات تتخذ من غطاء التعليم وسيلة مبكرة لتجنيد النشء والشباب لصالح أيدولوجيتها، بما يضر بالمصالح الوطنية والسلم المجتمعي، فلا لواء فوق لواء الدولة أيًّا كان هذا اللواء وأيًّا كان الشعار الذي يحمله.
الأمر الآخر: هو دعم كيانات التعليم الأصلي المنضوية تحت لواء الدولة لتؤدي رسالتها جنبًا إلى جنب مساندة لنظم التعليم المدنية والعصرية، وبخاصة في خدمة القرآن الكريم والحفاظ على لغته، تلك اللغة التي لا يمكن فهم النص القرآني ولا النبوي فهمًا دقيقًا دون إتقانها، وقد قالوا : إن فهم الكتاب والسنة فرض واجب، ولا يتم على وجهه الأكمل الأتم إلا بتعلم العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهو ما يجعلني أختم بأبيات من رائعة حافظ إبراهيم "اللغة العربية تتحدث عن نفسها":
رَجَعتُ لِنَفسي فَاِتَّهَمتُ حَصاتي
وَنادَيتُ قَومي فَاِحتَسَبتُ حَياتي
رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني
عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي
وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي
رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدتُ بَناتي
وَسِعتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً
وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ
فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي
سَقى اللَهُ في بَطنِ الجَزيرَةِ أَعظُماً
يَعِزُّ عَلَيها أَن تَلينَ قَناتي
حَفِظنَ وِدادي في البِلى وَحَفِظتُهُ
لَهُنَّ بِقَلبٍ دائِمِ الحَسَراتِ
إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ
بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي
فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيتَ في البِلى
وَتُنبِتُ في تِلكَ الرُموسِ رُفاتي
وَإِمّا مَماتٌ لا قِيامَةَ بَعدَهُ
مَماتٌ لَعَمري لَم يُقَس بِمَماتِ
حياة بإذن الله على أيديكم جميعا.
كما أشاد وزير الأوقاف في كلمته بدور مصر الأزهر في حفظ علوم الدين واللغة العربية، مستدعيًا قول أمير الشعراء أحمد شوقي:
قُم في فَمِ الدُنيا وَحَيِّ الأَزهَرا
وَاِنثُر عَلى سَمعِ الزَمانِ الجَوهَرا
وَاِذكُرهُ بَعدَ المَسجِدَينِ مُعَظِّماً
لِمَساجِدِ اللَهِ الثَلاثَةِ مُكبِرا
وَاِخشَع مَلِيّاً وَاِقضِ حَقَّ أَئِمَّةٍ
طَلَعوا بِهِ زُهراً وَماجوا أَبحُرا
زَمَنُ المَخاوِفِ كانَ فيهِ جَنابُهُم
حَرَمَ الأَمانِ وَكانَ ظِلُّهُمُ الذَرا 2d648055-b1bf-4a66-a627-7f569c21bf1e a96768a9-175c-4f17-bbce-71db20dfce49 21a5a6dc-52ba-479a-8635-da5c512f317d 8114a6d0-53f3-4a4e-ada6-fa5aa1b033f0 a9468b65-ad28-4e86-b334-5e971cb7b22f f0bafdf5-32d9-4ef7-96ac-d58f081a9e6c
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجمهورية الاسلامية الموريتانية الدكتور محمد مختار جمعة الشيخ الغزواني النشء والشباب السلم المجتمعی وزیر الأوقاف
إقرأ أيضاً:
معـــرض واجهــة التعليـــم ينطـــلق 17 الجاري
أبوظبي: شيخة النقبي
تحت رعاية الفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، تقام الدورة الحادية عشرة من معرض «واجهة التعليم» ومؤتمر «شباب الشرق الأوسط» يومي 17 و18 أبريل، في قاعة «المارينا» بمركز «أدنيك» أبوظبي تحت شعار «التعليم والمجتمع» انسجاماً مع توجيهات القيادة الرشيدة في أن يكون 2025 عام المجتمع.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد أمس الأربعاء، في أبوظبي لإعلان تفاصيل الدورة الجديدة للمعرض وبحضور الدكتورة موزة البادي، رئيسة مجلس إدارة المعرض والعقيد الدكتور خلفان النقبي، مدير مركز المؤهلات الأمنية بوزارة الداخلية ومبارك الحمادي، من إدارة جودة الحياة، قطاع العمليات المدرسية وأحمد غانم الظاهري، عضو مجلس إدارة مجموعة «بن حمودة» ومريم أهلي، عضو مجلس إدارة واجهة التعليم، ونورة الرياسي، رئيسة الموارد البشرية في مجموعة بنك أبوظبي الأول والدكتور ياسر الواحدي، رئيس أكاديمية أبوظبي البحرية وتحدث عن مجموعة موانئ أبوظبي.
وأكدت الدكتورة موزة البادي، أن هذه الدورة حملت شعار «التعليم والمجتمع» انسجاماً مع عام المجتمع»، حيث تركز المواضيع المختارة في المؤتمر والجلسات المصاحبة للمعرض، على محاور تتعلق بتعزيز جهود العمل المجتمعي وثقافة المسؤولية المجتمعية وتعزيز الروابط الأسرية ومفهوم التطوع.
وقالت: إن مسيرة المعرض مستمرة في تقديم رسالته لتحقيق أثر إيجابي للطلبة والناشئة وتحديد مسارات التعليم المتطور والتقني المبني على استشراف المستقبل وعلى متطلبات الثورة الصناعية والعلوم المتقدمة، معربة عن شكرها باسم الإدارة للشركاء الاستراتيجيين والمؤسسات الوطنية والأفراد والمتطوعين الذين يسهمون على الدوام في إنجاح مسيرة التميز والريادة لهذا المعرض العالمي واستدامتها.
وقال العقيد الدكتور خلفان النقبي: إننا نحرص في وزارة الداخلية على المشاركة الفاعلة في هذا المؤتمر عبر إدارات متخصصة في التعليم الشرطي وتنمية وتطوير الكفاءات واستقطاب الكوادر المؤهلة وتمكين الشباب، لذا فإننا متواصلون بدعمنا ومشاركتنا الفاعلة في هذا الحدث في إطار توجيهات الفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.
وأشار إلى أن الوزارة تشارك بجناح يعرض فرصاً وأساليب للتطوير المهني ومنصة لاستقطاب الكوادر الوطنية الطامحة في تعزيز وإثراء مسيرة الأمن. والوزارة تشارك في الجلسات الحوارية التي تبحث وظائف المستقبل وتمكين الشباب، خدمة للمجتمع الإماراتي.
وأكد مبارك علي الحمادي أهمية هذا الحدث في سبيل تعزيز الجهود المبذولة لتمكين المجتمع خاصة الشباب وبناء أجيال الغد.
وقال أحمد سعيد الظاهري: إننا مستمرون بشراكتنا مع هذا الحدث العالمي ورعايته لأهمية المعرض في تعزيز مهارات وقدرات وتوجهات الشباب وتمكينهم والمعرض منصة عالمية لبحث توجهات سوق العمل المستقبلية ويسهم في تحديد المهارات اللازمة لأجيالنا.
وأكدت نورة الرياسي، أن دعم المعرض والمؤتمر ورعايتهما، يأتيان في إطار المسؤولية المجتمعية للبنك ودروه في تمكين الشباب الإماراتي وتطوير قدراتهم ومهاراته بتوفير برامج خاصة مثل إثراء وبداية وإعداده للمساهمة في تعزيز المشاريع التنموية في دولة الإمارات.
وأضافت: إنه منذ عام 2019 وحتى اليوم تم تدريب وتوظيف أكثر من 400 شاب وشابة ولدينا حالياً عدد كبير من الخريجين الذي يتابعون برامجنا استعداداً للتخرّج في النصف الثاني من العام الجاري.
وأشار الدكتور ياسر الواحدي، إلى أهمية العمل التكاملي ودعم ورعاية الأحداث والفعاليات التي تتعلق بتعزيز رؤية وتوجهات الشباب وتمكينهم وبناء فرص للتطور والتعلم بأحدث المناهج ووسائل التدريب والتمكين.
وقالت مريم أهلي: إن المعرض والمؤتمر، يشهدان مشاركة واسعة من المؤسسات التعليمية المحلية وكبريات الجامعات العالمية. مؤكدة أهمية الاستمرار في بناء شراكات استراتيجية مستدامة بين منظومة التعليم والمجتمع، عبر تعزيز الابتكار.
مذكرات تفاهم
تم على هامش المؤتمر الصحفي توقيع مذكرتي تفاهم بين مؤسسة واجهة التعليم وكلٍ من مجموعة بن حمودة وبنك أبوظبي الأول يتم بموجبهما رعاية ودعم هذا الحدث الدولي العام من قبل المؤسستين الوطنيتين في استمرار لجهود العمل التكاملي بين المؤسسات الوطنية لتعزيز جودة الحياة للمجتمع الإماراتي.