على مدار 90 يومًا صوَّب الاحتلال الإسرائيلي أسلحته نحو الفلسطينيين في غزة، ولم يستثنِ أحدًا، طفلًا أو امرأة أو شيخًا كهلًا، وعلى الرغم من كل المواثيق الدولية التي تكفل الحماية الأمنية للإعلاميين والصحفيين أثناء تغطية الحروب والصراعات، إلا أن "رسل الحقيقة" كانوا في مرمى عيون الاحتلال هدفا رئيسيا يجب اقتلاعه من قطاع غزة، أعداد الشهداء والجرحى في تزايد يوميًا، وقلق متواصل حول ضمان السلامة والأمان الشخصي للصحفيين في تغطية الصراع والحرب المشتعلة.

استهداف 9% من صحفيي غزة

كشفت نقابة الصحفيين الفلسطينية عن استهداف الاحتلال الإسرائيلي 9 % من الصحفيين في غزة؛ حيث وصل عدد الصحفيين والإعلاميين القتلى 106 شهداء، بدءا من 7 أكتوبر 2023، حتى يوم أمس الإثنين 8 يناير 2024، وقالت النقابة فى بيانات صحفية لها، إن استهداف الصحفيين يمثل تهديدًا حقيقيًا لحرية الصحافة، وأن الاحتلال يتعمد على استهدافهم لعدم نقل جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها أمام العالم.

إعلامية فلسطينية: الاحتلال تعمد استهداف الصحفيين لمنع إيصال الحقيقة للعالم.. والوضع مأساوي ولا إنساني في قطاع غزة"

من جهتها قالت الإعلامية والصحفية الفلسطينية نجوى اقطيفان، في تصريحات لــ"البوابة نيوز"، إن الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة يتعمد استهداف الصحفيين، حيث يستهدفهم بشكل مباشر وواضح، في محاولة منه لمنع إيصال الصورة الحقيقة عن الوضع المأساوي واللا إنساني في قطاع غزة.

وأضافت (أقطيفان) في حديثها، أنه على الرغم أن القوانين الدولية تمنع التعرض للصحفيين أثناء تغطية الصراعات والحروب، ورغم ارتداء إشارات التعريفية للصحفيين ولكن الاحتلال لا يأبه لأي قوانين ولا لأي جهة دولية.

تدمير 73 مؤسسة إعلامية

وأوضحت الإحصائيات الصادرة من نقابة الصحفيين الفلسطينية أن الاحتلال استهدف 73 مؤسسة إعلامية سواء بشكل جزئي أو كلي في قطاع غزة.

وقالت النقابة، إن هناك 32 مؤسسة إعلامية تضررت بشكل جزئي وحُطمت معداتها، بينما تم تدمير 41 مؤسسة إعامية أخرى بشكل كلي.

استهداف مباشر

وحول استهداف الصحفيين الفلسطينيين، قال الكاتب هشام يونس، وكيل أول نقابة الصحفيين المصريين، إن الاحتلال يقوم باستهداف مباشر للصحفيين فى قطاع غزة خاصة في أوقات الصراع والحرب، وأن ما يحدث للصحفي "وائل الدحدوح" هو ترصد مباشر له ولعائلته بشكل فاضح، جعل وزير خارجية أمريكا أنتوني بلينكين يقوم بتعزية "الدحدوح" أمام مرأى ومسمع العالم، والتعبير عن ما يواجهه بالمأساة.

وأضاف "يونس" لــ "البوابة نيوز، أن أهم جرائم الاحتلال الإسرائيلي محاربته للإعلام والصحفيين، وعدم السماح للإعلام الغربي بالدخول لقطاع غزة لأن في هذه الحالة ستظهر الحقيقة، وما يوضح خطورة الأمر هو إغلاق وكالة رويترز لمكتبها الاعلامي، واعتماد وسائل الإعلام الغربي على المراسلين المحليين من سكان قطاع غزة فى تغطية الأخبار، وحجم الدمار الذي خلفه الاعتداء الاسرائيلي على المؤسسات الإعلامية.

تنديدات أممية ودولية

طالب وزير الخارجية المصري سامح شكرى، اليوم، خلال مؤتمر صحفي مع وزير خارجية ألمانيا بضرورة تنديد المؤسسات الدولية لما يحدث من انتهاكات للصحفيين في قطاع غزة.

كما أوضحت فلورنسيا سوتو، المتحدثة الأممية من مكتب المتحدث باسم الأمم المتحدة أن ارتفاع أعداد الصحفيين الذين قتلوا فى غزة مقارنة بفترة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني خلال الفترة الحالية، أصبح مقلق، مشيرة إلى أن المهام تزداد صعوبة امام الاعلاميين بسبب الأوضاع التي يواجهونها في غزة.

"الصحفيون يخاطرون بحياتهم لتقديم الحقيقة لجميع الناس بأنحاء العالم، وتزداد هذه المهمة صعوبة في ظل الأوضاع التي يواجهونها هناك". وهكذا أعربت سوتو عن تعازيها بحق الصحفيين الفلسطينيين الذين استشهدوا جراء الاستهداف الاسرائيلي.
وأكدت أنه يجب توفير الحماية والسلامة للصحفيين، وأن التضليل بشأن العمل الذي يقومون به قد يعرضهم أيضا لمزيد من المخاطر.

وناشدت الإعلامية والصحفية الفلسطينية نجوى أقطيفان، المؤسسات الصحفية الغربية والدولية أن تقوم بدورها الذي يمليه عليها الميثاق الإعلامي في فضح ممارسات الاحتلال والتقديم بشكوى أو عريضة للجهات الصحفية الدولية لوقف العدوان على الصحفيين والمؤسسات الصحفية في غزة.

وطالبت في حديثها مع "البوابة نيوز" جميع وسائل ومؤسسات الإعلامية وحقوق الإنسان بوقفات تظاهرية وبيانات صحفية، وتغطية صحفية لجرائم الاحتلال ومجازرة التي يقوم بها بحق شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلي غزة الاحتلال الصحفيين استهداف الصحفيين استهداف الصحفیین مؤسسة إعلامیة فی غزة

إقرأ أيضاً:

كيف يحاول الاحتلال إبادة الوجود الفلسطيني من التاريخ؟!

 

يرى المفكر الفرنسي فرانز فانون في كتابه «بشرة سوداء، أقنعة بيضاء» أن الاستعمار يعمل على تشويه الهوية الذاتية للشعوب المستعمرة من خلال فرض لغة وثقافة المستعمر عليهم، مما يؤدي إلى اغتراب داخلي وفقدان الذات، ويعتبر فانون أن هذه العملية ليست مجرد جانب من جوانب الهيمنة الاقتصادية أو العسكرية، بل هي جزء من استراتيجية أوسع للسيطرة النفسية والثقافية.
إلَّا أنَّ الاستعمار الإسرائيلي في أرض فلسطين يتجاوز بوحشيته كل أشكال الاستعمار الحديث، فهو لا يسعى فقط إلى تغيير الفلسطينيين واستبدال ثقافتهم بل يسعى إلى محوهم وإقصائهم تمامًا. يتجلى هذا السعي في أبشع صوره في قطاع غزة، حيث تتعرض كل زاوية وكل أثر لوجود فلسطيني لمحاولات الإبادة، فالاستعمار الإسرائيلي لا يكتفي بطمس الهوية بل يسعى لإبادة كل شيء يحمل بصمة فلسطينية، في محاولة لاقتلاع الشعب الفلسطيني من جذوره ومحو كل صلة له بوجوده وأرضه.
من خلال هذه السياسات القمعية والتدميرية، يظهر بوضوح أن الهدف ليس فقط السيطرة على الأرض، بل القضاء على الوجود الفلسطيني.
ففي قلب غزة، المدينة المحاصرة، تتعاظم المأساة يومًا بعد يوم، حيث تصبح الحياة رهينة للدمار المستمر والفواجع التي لا تنقطع، فصواريخ الاحتلال لا تفرق بين شيخ كبير وطفل صغير، ولا بين منزل يأوي عائلة ومدرسة كانت يومًا ملتقى للعلم والمعرفة. هذا العنف الأعمى لا يستثني أحدًا، وكأن الأبرياء في غزة محكومون بأن يكونوا شهداء أو شهودًا على تدمير مستقبلهم أمام أعينهم.
فحتى الأطفال في غزة، الذين ربما لا يدركون ما يجري حولهم، يواجهون الآن واقعًا لا يمكن تخيله، فأصبحوا يدونون أسماءهم على جلودهم الناعمة علامات، ربما كرسالة أخيرة لمن يجد أجسادهم، رسالة تحكي عنهم وتقول إنه كان وراء هذا الجسد الصغير حكاية لم تكتمل.
ومع استمرار حرب الإبادة على غزة، يزداد تعود العالم على المأساة الإنسانية التي تجري في غزة. المجتمع الدولي، رغم التنديدات المتكررة، يبدو عاجزًا عن التحرك الفعَّال لوقف هذا العدوان. الأمم المتحدة والجامعة العربية، بكل مؤسساتها وإمكانياتها، تقف مشدوهة أمام مشهد الدمار الذي لا يتوقف، مما يضع علامات استفهام كبرى حول فعالية هذه الهيئات في حماية الحقوق والحياة.
بينما تتجلى نية الإبادة للاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ليس فقط من خلال الفظائع التي تُرتكب بحق الأبرياء، بل من خلال السعي الممنهج لمحاولة محو الهوية الفلسطينية من الوجود بشكل كامل، حتى عبر إزالة كل ما يمكن أن يشير إلى وجودها التاريخي والثقافي، إذ لا تقتصر الهجمات على القصف العشوائي الذي يستهدف البشر والبنى التحتية فحسب، بل تمتد لتشمل المعالم التاريخية والثقافية والعلمية، حيث يتم تدمير الجامعات والمدارس، مما يؤدي إلى تجريف الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني وقطع صلاته بماضيه وهويته العميقة.
فمنذ أكثر من 8 أشهر، دمَّر جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 200 موقع أثري في غزة، في مسعى واضح لكيِّ الوعي الثقافي ومحو الأدلة الأثرية التي تشهد على الحضور الفلسطيني القديم في الأرض. تعددت الأساليب البربرية في هذا الإطار، حيث يُستخدم البحث المزعوم عن أنفاق حماس كذريعة لاستمرار تدمير المساجد والمستشفيات بطريقة شنيعة.
كما أشار المؤرخ البلجيكي لوكاس كاترين في مقاله الأخير، فإن ما يجري لا يمكن اعتباره إلا إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، كما ترى محكمة العدل الدولية، ومع ذلك، فإن الأمر لا يقف عند هذا الحد بل يتعداه إلى تدمير تاريخ وتراث الشعب الفلسطيني على يد الجيش الإسرائيلي بشكل متعمد وممنهج.
الاعتداءات على المواقع الأثرية والتاريخية ليست مجرد هجمات على الحجر، بل هي محاولات لطمس الرواية والوجود الفلسطينيين، ومن الأمثلة المأساوية على ذلك، المسجد العمري الكبير ومسجد السيد هاشم، واحد من أقدم المساجد في غزة، اللذان شهدا تدميرًا ممنهجًا، أيضًا، تم نهب المواقع الأثرية بطريقة منظمة، حيث تم نقل محتويات موقع أنثيدون الهلنستي إلى تل أبيب، وهو ما أعلن عنه إيلي إسكودو، رئيس سلطة الآثار الإسرائيلية، في إحدى تصريحاته عبر إنستغرام.
هذه السياسات لا تعكس فقط رغبة في السيطرة العسكرية، بل تدل على محاولة محو الوجود الفلسطيني ذاته من الذاكرة الإنسانية، في عملية إبادة ليست للأجساد فقط، بل للهوية والتاريخ أيضًا.

*كاتب من أوزبكستان

مقالات مشابهة

  • حزب الله: بهذه الصواريخ قصفنا مستوطنة مرجليوت
  • استشهاد صحفيين وموظفين من الأونروا في غارات إسرائيلية وسط قطاع غزة
  • "حماية الصحفيين" يدين إمعان الاحتلال في استهداف وقتل الصحفيين بغزة
  • مدير مكتب الإعلام بوكالة الأونروا فى حوار لـ«البوابة نيوز»: تدمير 190 منشأة تابعة للوكالة فى غزة
  • غارة إسرائيلية على بلدة بني حيان في جنوب لبنان
  • استنفار جوي إسرائيلي للتصدي لصواريخ ومسيرات حزب الله
  • كيف يحاول الاحتلال إبادة الوجود الفلسطيني من التاريخ؟!
  • الاحتلال الصهيوني يتمادى في استهداف المستشفيات بغزة:شهداء وجرحى ومعتقلون في جرائم للكيان الصهيوني بالقطاع والضفة
  • الصحافة العراقية .. من التضليل الى التنوير
  • مقتل فلسطينيين اثنين بغارة إسرائيلية استهدفت شقة سكنية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة