غزة- حينما نزح يوسف إبراهيم من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة إلى مدينة رفح في أقصى الجنوب، قبل 12 يوما، توقّع أن يجد خياما جاهزة لإيواء أسرته المكونة من 21 شخصا.

لكنه فوجئ بواقع صعب وقاسٍ للغاية، حيث لم يجد أحدا يقدم له أي خدمة، واضطرت الأسرة إلى المبيت في العراء وسط البرد القارس.

وبعد مرور أكثر من أسبوع من الانتظار، ودون أن تلوح في الأفق أي بوادر لمساعدة العائلة على توفير مأوى، قرر يوسف البدء في صناعة خيمته بنفسه وعلى نفقته الخاصة، فاستدان بعض المال من والد زوجته، واشترى من السوق خشبا ومسامير إضافة إلى نايلون وشوادر (غطاء بلاستيكي سميك) لتغطية الخيمة.

توجد أسرة يوسف في منطقة "مواصي رفح" المحاذية للشريط الحدودي مع مصر والتي تضم -وفق بعض التقديرات- حوالي 300 ألف نازح، من بين أكثر من مليون شخص لجؤوا إلى المدينة التي يبلغ عدد سكانها قبل اندلاع الحرب قرابة 250 ألف نسمة.

يوسف يصنع خيمته بجهوده الشخصية وعلى نفقته الخاصة بعد أن يئس من العثور على مأوى لأسرته النازحة (الجزيرة) مأساة مضاعفة

وبدأ مئات الآلاف من النازحين بالوصول إلى رفح مع بدء الهجوم البري الإسرائيلي على خان يونس مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي؛ وزادت أعدادهم مع بدء الهجوم البري على محافظة وسط القطاع قبل حوالي أسبوعين.

وكان رئيس بلدية رفح أحمد الصوفي قد قال -في حوار سابق للجزيرة نت- إن منطقة المواصي تفتقر للبنية التحتية، ولا يوجد بها صرف صحي أو أي مرافق حيوية.

ولا يختلف حال أسرة يوسف عن عشرات الآلاف من النازحين الذين يضطرون إلى صناعة خيامهم بأنفسهم، ما يزيد من حجم المأساة التي يواجهونها.

وبإمكان الزائر لمدينة رفح أن يلاحظ بسهولة أُسرا كثيرة وهي تصنع خياما بسيطة على الأرصفة وقرب المراكز الصحية والمدارس، وفي الأراضي الفارغة، كي تأويها.

ولا يمتلك يوسف -الحاصل على بكالوريوس في المحاسبة- خبرة سابقة في صناعة الخيام، لكنه اجتهد في تجهيزها وفق نصائح جيرانه النازحين.

واضطرت عائلته للنزوح من النصيرات إلى رفح تحت تهديدات جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي أمر سكان مساحات واسعة من المحافظة الوسطى -وخاصة مخيمات البريج والنصيرات والمغازي- بمغادرة منازلهم.

ويشكو يوسف من التكلفة العالية والإرهاق الذي يسببه تجهيز الخيمة، في ظل الأوضاع المعيشية القاسية التي يحياها سكان قطاع غزة منذ أكثر من 90 يوما.

وقال للجزيرة نت بينما كان منشغلا في تركيب أخشاب الخيمة إنه تقدم بطلبات لمؤسسات إغاثية لمنحه خيمة تأوي أسرته، لكنهم طلبوا منه "انتظار الدور"، فاضطر الى اتخاذ قرار صناعة الخيمة بنفسه.

إبراهيم أبو لبدة صنع هيكل خيمته بتبرع من فاعل خير لكنه عاجز عن إكمالها ولذلك ينام في العراء (الجزيرة) معاناة وعجز

ويضيف يوسف "لا أستطيع الانتظار أكثر، مر 12 يوما ونحن في العراء وسط البرد في فصل الشتاء، استلفت مالا واشتريت خشبا ونايلونا وبدأت في صناعة الخيمة بمالي حتى نُدبر أمورنا، الله يعلم بالحال".

وحول تكلفة صناعتها، يقول "الأخشاب والشادر والمواصلات كلفتني حوالي 7 آلاف شيكل (قرابة 1930 دولارا)، فنحن عائلة كبيرة تتكون من 4 أُسر، ونحتاج خيمة واسعة".

ويشكو مما أسماه "غياب العدالة في توزيع الخيام"، لكنّ المؤسسات الإغاثية تقول إن حجم احتياجات النازحين أكبر من قدراتها.

وتشير تقديرات السلطات المحلية في غزة ومنظمات دولية إلى أن 85% من الغزيين أصبحوا نازحين بعيدا عن منازلهم ومناطق سكنهم، منهم نحو مليون فلسطيني لجؤوا إلى مدينة رفح، منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتعبيرا عن حالة العجز التي يشعر بها، يقول يوسف "لا نعرف ماذا نفعل ولا إلى أين نتوجه".

إلى جوار يوسف، ينتظر إبراهيم أبو لبدة مَن يمد له يد المساعدة لإكمال خيمته. وقبل أسبوع، نصب أبو لبدة هيكل الخيمة من ألواح خشبية حصل عليها من "فاعل خير"، لكنه غير قادر على كسوتها بالغطاء البلاستيكي.

ويقول أبو لبدة للجزيرة نت "أنام أنا وأخي في العراء من أسبوعين، ونساؤنا وأطفالنا ينامون كضيوف في خيمة عند أقارب لنا".

ويضيف "أنتظر من يساعدني على شراء شادر ونايلون كي أكمل الخيمة، لا يوجد عندي فراش، أخذت فرشة وأغطية من فاعل خير لي ولأخي، نحن نموت من البرد، والآن ننتظر فرج ربنا".

الطبيب أحمد جندية اشترى خيمة بقيمة ألف شيكل (270 دولارا) لإيواء أسرته (الجزيرة) نزوح وفاقة

واختار الطبيب أحمد جندية، أخصائي جراحة المسالك البولية، أن يشتري خيمة جاهزة، بمبلغ ألف شيكل (حوالي 270 دولارا) لإيواء أسرته.

ويعمل بعض الأشخاص على صناعة خيام جاهزة لبيعها للأسر النازحة.

ونزحت عائلة "جندية" عدة مرات، أولها من حي الشجاعية شرقي مدينة غزة نحو مخيم النصيرات وسط القطاع، ثم إلى مخيم البريج المجاور، ومن ثم إلى مدينة رفح.

وذكر -في حوار للجزيرة نت من أمام خيمته- أن أسرته فرت من حي الشجاعية تحت قصف القذائف الإسرائيلية دون أن تتمكن من أخذ أي متاع أو أموال معها.

ويضيف "خرجنا تحت القصف، فلوسنا ومنازلنا تدمرت، والله خرجنا فقط بملابسنا، لم نجد أحذية، نمشي حفاة، حينما وصلنا إلى هنا اضطررنا إلى شراء هذه الخيمة على نفقتنا".

وأوضح الطبيب أن صناعة وشراء الخيام يثقلان كاهل النازحين ويزيدان من معاناتهم نظرا لعدم امتلاكهم الأموال اللازمة.

ويضيف "تكلفة الخيمة ألف شيكل حتى الآن، وما زلنا نريد أغراضا لها، عندي 3 أولاد وبنتان، لا يوجد لدينا أي فراش، أنا دكتور، عيب أتكلم هذا الكلام، لكن وضعنا مزرٍ جدا".

وتابع "لو تأتي تراني في الليل، لا غطاء، ولا فرشات، ولا أواني، ولا شيء، ولا مياها صالحة، الماء الحلو نشتريه، المال الذي معنا فقط للأكل".

وأكد الطبيب، "أنا مريض سكر، وضغط، وقلب، عملت عملية في القلب قبل الحرب بـ6 أيام، وقلبي في النصيرات توقف 5 مرات وممكن يقف في أي لحظة، أقول للمسؤولين: يكفي ارحمونا، انظروا لأطفالنا وجرحانا وشيوخنا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت مدینة رفح فی العراء

إقرأ أيضاً:

طبيبة تكشف قدرة النعناع على منع الشيخوخة

وف ربقًا لعالمة الأحياء إيرينا مالتسيفا، فإن تناول النعناع يسمح لك بـ مقاومة الشيخوخة ويوفر تأثيرات إيجابية أخرى، وذكرت في مقابلة أن تقليد تناول النعناع مع الطعام أو المشروبات له جذور تاريخية عميقة جدًا.

 

وقالت مالتسيفا لمجلة "لايف " إن زيت النعناع له تاريخ طويل من الاستخدام - لعلاج اضطرابات الجهاز الهضمي، وتخفيف الصداع، والتوتر، وتخفيف تشنجات الأمعاء الغليظة .

 

وأشارت الطبيبة إلى أن النعناع يتميز باحتوائه على عناصر غذائية نباتية تمنع شيخوخة الجسم، وتدفعه إلى وقت لاحق. يساعد مضغ النعناع على تهدئة الشهية المفرطة. 

 

بالإضافة إلى ذلك، يعمل النبات العطري على تحسين دفاع الجسم ضد السرطان - فهو يحتوي على الليمونين الذي يعمل كمضاد للأكسدة، هذه المادة لها أيضًا تأثير إيجابي على نظام القلب والأوعية الدموية.

 

ما هي الشيخوخة؟ 

يستخدم مصطلح الخرف لوصف مجموعة من الأعراض التي تصيب قدرات الذاكرة والتفكير والقدرات الاجتماعية. وقد تؤثر أعراض الخَرَف على الحياة اليومية للأشخاص المصابين به، ويُشار إلى أن الإصابة بالخرف لا تحدث بسبب مرض واحد بعينه، بل نتيجة للإصابة بعدة أمراض.

 

ويكون فقدان الذاكرة من أعراض الخرف عادةً، وهو في الغالب أحد الأعراض المبكرة للإصابة بهذا المرض. ولكن فقدان الذاكرة وحده لا يعني أنك مصاب بالخرف، إذ قد تختلف الأسباب التي تؤدي إلى فقدان الذاكرة.

 

ويُعد داء الزهايمر السبب الأكثر شيوعًا للإصابة بالخرف لدى كبار السن، إلا أنه توجد أسباب أخرى للإصابة بالخرف وهناك بعض أعراض الخرف التي يمكن علاجها، وذلك يعتمد على سبب الإصابة به.


 

 

مقالات مشابهة

  • هل تزيد أدوية فقدان الوزن والسكري الشائعة من خطر الإصابة بالعمى؟
  • كمية الماء اليومية الضرورية لتحفيز فقدان الوزن
  • طبيبة تكشف قدرة النعناع على منع الشيخوخة
  • إزالة 23 خيمة مخالفة على شواطئ دمياط الجديدة
  • الأثر النفسي للحرب في السودان على الأطفال
  • البيض يجبر “ماكدونالدز” في أستراليا على تقلّيص ساعات خدمة الإفطار
  • دجاج معفن يجبر طائرة أمريكية على الهبوط الاضطراري
  • حريق ضخم في كاليفورنيا يجبر الآلاف على إخلاء منازلهم
  • فيديو: حريق ضخم في كاليفورنيا يجبر الآلاف على إخلاء منازلهم
  • «الأونروا»: أطنان النفايات ومياه الصرف تحاصر خيام النازحين وسط غزة