عربي21:
2025-03-10@09:13:58 GMT

الغباء والفشل العربي لا يلائم مستقبل فلسطين

تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT

يبدو أن معركة الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، لم تكن حافزا كافيا في وعي سياسة عربية متنصلة ومتقزمة، لإعادة النظر في كل المواقف والسياسات التي يواجهها الفلسطينيون اليوم، فبواعث القلق الرسمي العربي، من خطط التهجير والإبادة والتدمير في غزة، تُلقي بخيبة أمل كبرى على الخريطة السياسة في المنطقة العربية التي تتمسك بتفاؤل بالطلب من الطرف الأمريكي الضغط على إسرائيل لتغيير السلوك العدواني أو رفض خطط الإبادة والتهجير، برغم التمسك الأمريكي الواضح بدعم إسرائيل إلى أبعد الحدود، وذهاب الاحتلال لأقصى ما يمكن من اقتراف الجرائم، في ظل تكرار مبعوثي الإدارة الأمريكية للمنطقة وعلى رأسهم وزير الخارجية بلينكن والدفاع لويد أوستن الحديث عن "حق إسرائيل" الدفاع عن نفسها.



وكالمعتاد، تظهر المواقف الأمريكية على منابر وزارات الخارجية العرب لتبرئة الموقف الأمريكي من المشاركة المباشرة بالعدوان، ونسمع من بعض المتفائلين العرب بنوايا أمريكا التمسك بالسلام وبحل الدولتين الذي أصيب بمقتل مباشر في كل الأرض الفلسطينية. هذا الإصرار العربي على الثقة بالإدارة الأمريكية، هو أحد الدوافع الرئيسية للمؤسسة الصهيونية المضي بخطط العدوان وتوسعته.

بعد أكثر من ثلاثة أشهر من العدوان على غزة، حالة الانفضاح العربي الرسمي تكبر كل يوم وكل ساعة ودقيقة، وتفتضح الشكوى والمطالب العربية الرسمية من إسرائيل والولايات المتحدة بالتوقف عن العدوان وطلب وقف إطلاق النار، بعدما دخلت في فجوة العجز الذاتي عن نجدة الفلسطينيين في غزة، وقد تكومت جثث الضحايا في الطرقات والأزقة وتحت الركام، وبعدما تكدس مئات آلاف الغزيين في مربعات النزوح الداخلي وعلى مرأى ومسمع من عالم منافق، ومن حدود عربية تقدم الفشل والعجز والتواطؤ، وكأنه مشهد من التزام عربي أمام إسرائيل والولايات المتحدة بالتخلي عن قضيتهم، وعقابا لهم على خيارهم المقاوم للعدوان الإسرائيلي الذي أظهر هذا الفشل والعجز الرسمي بصورة تنافسية فيما بينه على كسب الرضا الأمريكي والإسرائيلي، ولتصبح قضية فلسطين مكشوفة الظهر أكثر من أي وقت مضى، خصوصا أن هذا العجز والفشل ينزف من دم شعارات اقتات عليها بعض النظام العربي "المقاوم" عقودا طويلة إلى أن حانت فرصته ليسفح دم شعبه.

حجم الخسارة التي يتكبدها الشعب الفلسطيني في معركة التحرر الوطني، لا تقاس بحجم خسارة السياسة العربية ونزيف مواقفها من القضية الفلسطينية، والصحوة الكبيرة اليوم تجاه ما يحدث من عدوان على غزة، ستكون له تداعيات شبيهة بموجة الثورات العربية قبل عقدٍ من الآن رغم قساوة الظروف التي يمر بها الشارع العربي، وقدرة النظام العربي على قمع وبطش المجتمعات العربية؛ لا على قمع ومواجهة العدوان الإسرائيلي.

ما يجري هو الشيفرة الباقية والممكنة الحل والتفكيك لمواجهة المشروع الصهيوني، والفلسطينيون وحدهم فككوا هذه الشيفرة، بردهم المستمر على العدوان ومقاومته بشجاعة جعلت من تأتأة المواقف والسياسات والتحركات تبدو أكثر سماجة بسبب العجز. فالقضية الفلسطينية اليوم خارج الحوزة الرسمية العربية كما تصفها ناشطة غربية تتظاهر في شوارع غير عربية ضد الاحتلال وممارسته وعدوانه، فقضية فلسطين تمثل بالنسبة لها ولغيرها المعنى الإنساني والأخلاقي الذي يدفعها للتعبير عنه برؤية نظام الأبارتايد الصهيوني يتفكك.

والتعبير العربي عن القلق والرفض لخطط الاحتلال وسياساته، لا تواكبه خطوات مقرونة فعليا لإفشال هذه الخطط وتمكين الناس من الصمود، أو العمل على مدار الساعة لتضميد جراح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ولا على تسيير قوافل الغذاء والماء والوقود لمليوني فلسطيني في غزة، بعد أكثر من تسعين يوما من الوحشية المستمرة، ولا يواكبه انضمام عربي رسمي للشكوى الجنوب أفريقية ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية لتعزيز الصمود الفلسطيني.

إلى الآن لم يظهر أي حافز عربي من الحوافز التي تُظهر قوة مواقف عربية، فالتفوق جاء من جنوب أفريقيا، ومن تشيلي وهندوراس وكولومبيا وبوليفيا، ومن مواقف قوية من إسبانيا وأسكتلندا، وغيرها، ومن برلمانيين وناشطين في أحزاب وجمعيات ترجموا حضورهم ومواقفهم بتحريك الشوارع الغاضبة حول الأرض برفض العدوان، وتعرية سياسات الاحتلال والمطالبة بمحاسبته عن جرائم الإبادة التي لا يسمع مثلها مندوبو الإدارة الأمريكية في المنطقة العربية، ولا الزوار الغربيون لعواصم عربية؛ أن هناك مطلبا عربيا يدعم التوجه للمحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل، أو أنها بصدد الحفاظ على أمنها وسياساتها وأخلاقها من خلال نية قطع العلاقة مع الاحتلال وعزله.

أخيرا، كل الدلائل تشير إلى أن هناك فشلا رسميا فلسطينيا ممثلا بمواقف السلطة الفلسطينية من العدوان على غزة، وبإدارة الصراع والمواجهة في مدن الضفة الغربية والقدس، وفشلا عربيا وصل إلى الباب المسدود باستخدام نفس الأوهام السابقة بالتعلق بدور أمريكا ونيتها الضغط على إسرائيل، واعتماد التوسل والاستعطاف. فكل هذا الوهم لم يؤلم الاحتلال ويردعه، بقدر ما أوجعته مقاومة الفلسطينيين على الأرض في غزة والضفة والقدس، بدليل أن معركة "طوفان الأقصى" أخرجت كل هذا النفاق الغربي والأمريكي من جحره، وأظهرت مدى الغباء والفشل العربي والإسرائيلي الى السطح المتصدع من أوهام لا تلائم المستقبل وما يتأسس عليه بعد هذه المواجهة.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني غزة إسرائيل إسرائيل امريكا فلسطين غزة العالم العربي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو لتبني الخطة المصرية لإعمار غزة كخطة عربية إسلامية

طالب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، اليوم الجمعة إلى تبني الخطة المصرية الفلسطينية لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير السكان.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني خلال كلمته أمام الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، إن الخطة المصرية الفلسطينية لإعادة إعمار غزة، كخطة عربية-إسلامية مشتركة، تضمن إعادة إعمار قطاع غزة بأيادٍ فلسطينية، ثابتة في الأرض دون تهجيرها، وبدعم إقليمي ودولي، على طريق تجسيد دولة فلسطين وبناء مؤسساتها واقتصادها، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".

وأكد مصطفى بأن نجاح الخطة مرهون بالأساس بإلزام إسرائيل بوقف العدوان، وضمان عودة النازحين، وانسحاب قوات الاحتلال، وفتح المعابر، واستدامة وقف إطلاق النار، ودخول مواد البناء والمعدات اللازمة، وتوفير الدعم المالي اللازم.

وقال مصطفى: "سنعمل بكل الوسائل لإنجاح تنفيذ خطة إعادة الإعمار لتكون أرضية ليس فقط لعودة الحياة إلى أهلنا في قطاع غزة وكامل فلسطين فحسب، بل أرضية ننطلق فيها نحو الانعتاق من نير الاحتلال وتجسيد دولتنا الفلسطينية المستقلة على ترابنا الوطني".

ودعا لتكثيف الجهود لحشد الدعم الدولي، وتصعيد الضغط السياسي والدبلوماسي والقانوني والاقتصادي على دولة الاحتلال، حتى ينال شعبنا حقوقه المشروعة كاملة، غير منقوصة، وتتويجها بحرية شعبنا، وبسيادته على أرضه، وقدسه العاصمة الأبدية لدولة فلسطين.

وأعرب رئيس الوزراء الفلسطيني عن بالغ تقدير دولة فلسطين لعقد هذا الاجتماع الطارئ، بدعوة كريمة من المملكة العربية السعودية، وايران، وباكستان، وتأكيدا على التزام دول المنظمة بالدفاع عن الحقوق الفلسطينية وترسيخ مركزية القضية الفلسطينية في وجدان الأمة الإسلامية وفي صلب التزامات منظمة التعاون الإسلامي السياسية والدبلوماسية.

وشدد على أن وحدة الموقف الإسلامي، والالتزام الجماعي تجاه فلسطين، هو الطريق والاداة الفاعلة في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية، وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • التزم بإحياء أفق سياسي وفقًا لحل الدولتين.. الاتحاد الأوروبي: «الخطة العربية» أساس للنقاش في مستقبل غزة
  • مقررة أممية: سلوك إسرائيل بالضفة الغربية مخزٍ والموقف العربي صادم
  • فلسطين تحذر من تجاوز الخطة العربية لإعمار غزة
  • العربي للدراسات السياسية: إسرائيل تستخدم سلاح التجويع للضغط على المقاومة
  • رئيس حزب العربي الناصري يصل إلى مقر حفل الإفطار السنوي لأبناء قنا والأقصر والقبائل العربية
  • البرلمان العربي ينوه بالإسهامات التي حققتها المرأة العربية على كافة الأصعدة
  • كيف تؤثر أزمة الثقة بين الساسة والعسكر على مستقبل إسرائيل؟
  • رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو لتبني الخطة المصرية لإعمار غزة كخطة عربية إسلامية
  • فلسطين تدعو الأمم المتحدة للتحرك ضد جرائم إسرائيل في الضفة وغزة
  • رئيس هيئة دعم فلسطين: ترامب قد ينقلب على إسرائيل ونتنياهو يكرس لاحرب ولاسلم