عربي21:
2024-12-24@16:46:17 GMT

الغباء والفشل العربي لا يلائم مستقبل فلسطين

تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT

يبدو أن معركة الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، لم تكن حافزا كافيا في وعي سياسة عربية متنصلة ومتقزمة، لإعادة النظر في كل المواقف والسياسات التي يواجهها الفلسطينيون اليوم، فبواعث القلق الرسمي العربي، من خطط التهجير والإبادة والتدمير في غزة، تُلقي بخيبة أمل كبرى على الخريطة السياسة في المنطقة العربية التي تتمسك بتفاؤل بالطلب من الطرف الأمريكي الضغط على إسرائيل لتغيير السلوك العدواني أو رفض خطط الإبادة والتهجير، برغم التمسك الأمريكي الواضح بدعم إسرائيل إلى أبعد الحدود، وذهاب الاحتلال لأقصى ما يمكن من اقتراف الجرائم، في ظل تكرار مبعوثي الإدارة الأمريكية للمنطقة وعلى رأسهم وزير الخارجية بلينكن والدفاع لويد أوستن الحديث عن "حق إسرائيل" الدفاع عن نفسها.



وكالمعتاد، تظهر المواقف الأمريكية على منابر وزارات الخارجية العرب لتبرئة الموقف الأمريكي من المشاركة المباشرة بالعدوان، ونسمع من بعض المتفائلين العرب بنوايا أمريكا التمسك بالسلام وبحل الدولتين الذي أصيب بمقتل مباشر في كل الأرض الفلسطينية. هذا الإصرار العربي على الثقة بالإدارة الأمريكية، هو أحد الدوافع الرئيسية للمؤسسة الصهيونية المضي بخطط العدوان وتوسعته.

بعد أكثر من ثلاثة أشهر من العدوان على غزة، حالة الانفضاح العربي الرسمي تكبر كل يوم وكل ساعة ودقيقة، وتفتضح الشكوى والمطالب العربية الرسمية من إسرائيل والولايات المتحدة بالتوقف عن العدوان وطلب وقف إطلاق النار، بعدما دخلت في فجوة العجز الذاتي عن نجدة الفلسطينيين في غزة، وقد تكومت جثث الضحايا في الطرقات والأزقة وتحت الركام، وبعدما تكدس مئات آلاف الغزيين في مربعات النزوح الداخلي وعلى مرأى ومسمع من عالم منافق، ومن حدود عربية تقدم الفشل والعجز والتواطؤ، وكأنه مشهد من التزام عربي أمام إسرائيل والولايات المتحدة بالتخلي عن قضيتهم، وعقابا لهم على خيارهم المقاوم للعدوان الإسرائيلي الذي أظهر هذا الفشل والعجز الرسمي بصورة تنافسية فيما بينه على كسب الرضا الأمريكي والإسرائيلي، ولتصبح قضية فلسطين مكشوفة الظهر أكثر من أي وقت مضى، خصوصا أن هذا العجز والفشل ينزف من دم شعارات اقتات عليها بعض النظام العربي "المقاوم" عقودا طويلة إلى أن حانت فرصته ليسفح دم شعبه.

حجم الخسارة التي يتكبدها الشعب الفلسطيني في معركة التحرر الوطني، لا تقاس بحجم خسارة السياسة العربية ونزيف مواقفها من القضية الفلسطينية، والصحوة الكبيرة اليوم تجاه ما يحدث من عدوان على غزة، ستكون له تداعيات شبيهة بموجة الثورات العربية قبل عقدٍ من الآن رغم قساوة الظروف التي يمر بها الشارع العربي، وقدرة النظام العربي على قمع وبطش المجتمعات العربية؛ لا على قمع ومواجهة العدوان الإسرائيلي.

ما يجري هو الشيفرة الباقية والممكنة الحل والتفكيك لمواجهة المشروع الصهيوني، والفلسطينيون وحدهم فككوا هذه الشيفرة، بردهم المستمر على العدوان ومقاومته بشجاعة جعلت من تأتأة المواقف والسياسات والتحركات تبدو أكثر سماجة بسبب العجز. فالقضية الفلسطينية اليوم خارج الحوزة الرسمية العربية كما تصفها ناشطة غربية تتظاهر في شوارع غير عربية ضد الاحتلال وممارسته وعدوانه، فقضية فلسطين تمثل بالنسبة لها ولغيرها المعنى الإنساني والأخلاقي الذي يدفعها للتعبير عنه برؤية نظام الأبارتايد الصهيوني يتفكك.

والتعبير العربي عن القلق والرفض لخطط الاحتلال وسياساته، لا تواكبه خطوات مقرونة فعليا لإفشال هذه الخطط وتمكين الناس من الصمود، أو العمل على مدار الساعة لتضميد جراح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ولا على تسيير قوافل الغذاء والماء والوقود لمليوني فلسطيني في غزة، بعد أكثر من تسعين يوما من الوحشية المستمرة، ولا يواكبه انضمام عربي رسمي للشكوى الجنوب أفريقية ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية لتعزيز الصمود الفلسطيني.

إلى الآن لم يظهر أي حافز عربي من الحوافز التي تُظهر قوة مواقف عربية، فالتفوق جاء من جنوب أفريقيا، ومن تشيلي وهندوراس وكولومبيا وبوليفيا، ومن مواقف قوية من إسبانيا وأسكتلندا، وغيرها، ومن برلمانيين وناشطين في أحزاب وجمعيات ترجموا حضورهم ومواقفهم بتحريك الشوارع الغاضبة حول الأرض برفض العدوان، وتعرية سياسات الاحتلال والمطالبة بمحاسبته عن جرائم الإبادة التي لا يسمع مثلها مندوبو الإدارة الأمريكية في المنطقة العربية، ولا الزوار الغربيون لعواصم عربية؛ أن هناك مطلبا عربيا يدعم التوجه للمحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل، أو أنها بصدد الحفاظ على أمنها وسياساتها وأخلاقها من خلال نية قطع العلاقة مع الاحتلال وعزله.

أخيرا، كل الدلائل تشير إلى أن هناك فشلا رسميا فلسطينيا ممثلا بمواقف السلطة الفلسطينية من العدوان على غزة، وبإدارة الصراع والمواجهة في مدن الضفة الغربية والقدس، وفشلا عربيا وصل إلى الباب المسدود باستخدام نفس الأوهام السابقة بالتعلق بدور أمريكا ونيتها الضغط على إسرائيل، واعتماد التوسل والاستعطاف. فكل هذا الوهم لم يؤلم الاحتلال ويردعه، بقدر ما أوجعته مقاومة الفلسطينيين على الأرض في غزة والضفة والقدس، بدليل أن معركة "طوفان الأقصى" أخرجت كل هذا النفاق الغربي والأمريكي من جحره، وأظهرت مدى الغباء والفشل العربي والإسرائيلي الى السطح المتصدع من أوهام لا تلائم المستقبل وما يتأسس عليه بعد هذه المواجهة.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني غزة إسرائيل إسرائيل امريكا فلسطين غزة العالم العربي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

فريق الأمم المتحدة يزور مواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الصهيوني بميناء الحديدة

يمانيون/ الحديدة زار فريق بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، اليوم، مواقع الآليات والمعدات التشغيلية بميناء الحديدة، التي استهدفها العدوان الإسرائيلي، فجر الخميس الماضي، بعدد من الغارات.

واطلع الفريق الأممي ومعه وزير النقل والأشغال العامة محمد عياش قحيم، وعضو الفريق الوطني بلجنة إعادة الانتشار اللواء محمد القادري، ورئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر زيد الوشلي، وضابط الارتباط بلجنة دعم اتفاق الحديدة، على الكرين العائم والكرينات الجسرية واللنشات البحرية الخاصة بقطر السفن، التي طالها القصف الإجرامي الذي أدى إلى خروج البعض منها عن الخدمة والغرق في البحر.

واستمع الفريق الأممي من المختصين في الميناء، إلى شرح حول هذه الجريمة وتبعاتها على الوضع التشغيلي للميناء، ومدى الالتزام بمعايير الأمم المتحدة والإجراءات المتعلقة بخلو الموانئ من أي مظاهر عسكرية، خصوصا وأنها تخضع للرقابة من قبل بعثة الأمم المتحدة، وثلاث دوريات ميدانية.

وأكد وزير النقل والأشغال أن القوانين والتشريعات الدولية المتصلة بهذا الجانب تجرم بشكل واضح استهداف المدنيين والمنشآت المدنية.

وطالب بعثة الأمم المتحدة بالاضطلاع بدورها ومسؤولياتها وفق قرار ومهام تشكيلها، وإدانة تكرار العدوان الإسرائيلي على موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، ورفع تقرير للبعثة عن حجم الأضرار والانتهاك السافر، الذي تعرضت له هذه المنشآت الحيوية.

كما أكد الوزير قحيم، أن الأمم المتحدة تتحمل المسؤولية الكاملة لعدم قيامها بدورها تجاه هذه التداعيات الكارثية، والأضرار التي تمس مصالح الشعب اليمني، كون هذه المرافق الحيوية منشآت مدنية تقدم خدماتها لملايين اليمنيين.

وأشار إلى أن الكيان الصهيوني المتغطرس، لم يراعِ أي معاهدة أو قاعدة من قواعد القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بعدوانه على شعوب المنطقة.

مقالات مشابهة

  • وقفة لأبناء مدينة رداع تضامنًا مع فلسطين واعلان النفير في مواجهة الأعداء
  • "العربية لحقوق الإنسان" تدين جرائم الحرب الإسرائيلية ضد مستشفى كمال عدوان شمال غزة
  • جامعة الدول العربية تعلن تجهيز 10 أطنان من الأدوية إلى فلسطين
  • جامعة الدول العربية تعلن عن تجهيز 10 أطنان من الأدوية إلى فلسطين
  • وزيرا خارجية فلسطين وقبرص يبحثان مستجدات وجهود وقف العدوان الإسرائيلي
  • أبناء أرحب يؤكدون جهوزيتهم لكل الخيارات التي يوجه بها قائد الثورة
  • الكهرباء تدين استهداف العدوان لمحطات الطاقة وتؤكد استمرار دعم فلسطين
  • أمطار وثلوج على بعض الدول العربية.. طقس الخليج والمغرب العربي
  • وقفات في ريمة تبارك ضربات القوات المسلحة لعمق الكيان الصهيوني وتؤكد دعم فلسطين
  • فريق الأمم المتحدة يزور مواقع الآليات التشغيلية التي استهدفها العدوان الصهيوني بميناء الحديدة