عربي21:
2025-04-26@11:24:40 GMT

الغباء والفشل العربي لا يلائم مستقبل فلسطين

تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT

يبدو أن معركة الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، لم تكن حافزا كافيا في وعي سياسة عربية متنصلة ومتقزمة، لإعادة النظر في كل المواقف والسياسات التي يواجهها الفلسطينيون اليوم، فبواعث القلق الرسمي العربي، من خطط التهجير والإبادة والتدمير في غزة، تُلقي بخيبة أمل كبرى على الخريطة السياسة في المنطقة العربية التي تتمسك بتفاؤل بالطلب من الطرف الأمريكي الضغط على إسرائيل لتغيير السلوك العدواني أو رفض خطط الإبادة والتهجير، برغم التمسك الأمريكي الواضح بدعم إسرائيل إلى أبعد الحدود، وذهاب الاحتلال لأقصى ما يمكن من اقتراف الجرائم، في ظل تكرار مبعوثي الإدارة الأمريكية للمنطقة وعلى رأسهم وزير الخارجية بلينكن والدفاع لويد أوستن الحديث عن "حق إسرائيل" الدفاع عن نفسها.



وكالمعتاد، تظهر المواقف الأمريكية على منابر وزارات الخارجية العرب لتبرئة الموقف الأمريكي من المشاركة المباشرة بالعدوان، ونسمع من بعض المتفائلين العرب بنوايا أمريكا التمسك بالسلام وبحل الدولتين الذي أصيب بمقتل مباشر في كل الأرض الفلسطينية. هذا الإصرار العربي على الثقة بالإدارة الأمريكية، هو أحد الدوافع الرئيسية للمؤسسة الصهيونية المضي بخطط العدوان وتوسعته.

بعد أكثر من ثلاثة أشهر من العدوان على غزة، حالة الانفضاح العربي الرسمي تكبر كل يوم وكل ساعة ودقيقة، وتفتضح الشكوى والمطالب العربية الرسمية من إسرائيل والولايات المتحدة بالتوقف عن العدوان وطلب وقف إطلاق النار، بعدما دخلت في فجوة العجز الذاتي عن نجدة الفلسطينيين في غزة، وقد تكومت جثث الضحايا في الطرقات والأزقة وتحت الركام، وبعدما تكدس مئات آلاف الغزيين في مربعات النزوح الداخلي وعلى مرأى ومسمع من عالم منافق، ومن حدود عربية تقدم الفشل والعجز والتواطؤ، وكأنه مشهد من التزام عربي أمام إسرائيل والولايات المتحدة بالتخلي عن قضيتهم، وعقابا لهم على خيارهم المقاوم للعدوان الإسرائيلي الذي أظهر هذا الفشل والعجز الرسمي بصورة تنافسية فيما بينه على كسب الرضا الأمريكي والإسرائيلي، ولتصبح قضية فلسطين مكشوفة الظهر أكثر من أي وقت مضى، خصوصا أن هذا العجز والفشل ينزف من دم شعارات اقتات عليها بعض النظام العربي "المقاوم" عقودا طويلة إلى أن حانت فرصته ليسفح دم شعبه.

حجم الخسارة التي يتكبدها الشعب الفلسطيني في معركة التحرر الوطني، لا تقاس بحجم خسارة السياسة العربية ونزيف مواقفها من القضية الفلسطينية، والصحوة الكبيرة اليوم تجاه ما يحدث من عدوان على غزة، ستكون له تداعيات شبيهة بموجة الثورات العربية قبل عقدٍ من الآن رغم قساوة الظروف التي يمر بها الشارع العربي، وقدرة النظام العربي على قمع وبطش المجتمعات العربية؛ لا على قمع ومواجهة العدوان الإسرائيلي.

ما يجري هو الشيفرة الباقية والممكنة الحل والتفكيك لمواجهة المشروع الصهيوني، والفلسطينيون وحدهم فككوا هذه الشيفرة، بردهم المستمر على العدوان ومقاومته بشجاعة جعلت من تأتأة المواقف والسياسات والتحركات تبدو أكثر سماجة بسبب العجز. فالقضية الفلسطينية اليوم خارج الحوزة الرسمية العربية كما تصفها ناشطة غربية تتظاهر في شوارع غير عربية ضد الاحتلال وممارسته وعدوانه، فقضية فلسطين تمثل بالنسبة لها ولغيرها المعنى الإنساني والأخلاقي الذي يدفعها للتعبير عنه برؤية نظام الأبارتايد الصهيوني يتفكك.

والتعبير العربي عن القلق والرفض لخطط الاحتلال وسياساته، لا تواكبه خطوات مقرونة فعليا لإفشال هذه الخطط وتمكين الناس من الصمود، أو العمل على مدار الساعة لتضميد جراح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ولا على تسيير قوافل الغذاء والماء والوقود لمليوني فلسطيني في غزة، بعد أكثر من تسعين يوما من الوحشية المستمرة، ولا يواكبه انضمام عربي رسمي للشكوى الجنوب أفريقية ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية لتعزيز الصمود الفلسطيني.

إلى الآن لم يظهر أي حافز عربي من الحوافز التي تُظهر قوة مواقف عربية، فالتفوق جاء من جنوب أفريقيا، ومن تشيلي وهندوراس وكولومبيا وبوليفيا، ومن مواقف قوية من إسبانيا وأسكتلندا، وغيرها، ومن برلمانيين وناشطين في أحزاب وجمعيات ترجموا حضورهم ومواقفهم بتحريك الشوارع الغاضبة حول الأرض برفض العدوان، وتعرية سياسات الاحتلال والمطالبة بمحاسبته عن جرائم الإبادة التي لا يسمع مثلها مندوبو الإدارة الأمريكية في المنطقة العربية، ولا الزوار الغربيون لعواصم عربية؛ أن هناك مطلبا عربيا يدعم التوجه للمحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل، أو أنها بصدد الحفاظ على أمنها وسياساتها وأخلاقها من خلال نية قطع العلاقة مع الاحتلال وعزله.

أخيرا، كل الدلائل تشير إلى أن هناك فشلا رسميا فلسطينيا ممثلا بمواقف السلطة الفلسطينية من العدوان على غزة، وبإدارة الصراع والمواجهة في مدن الضفة الغربية والقدس، وفشلا عربيا وصل إلى الباب المسدود باستخدام نفس الأوهام السابقة بالتعلق بدور أمريكا ونيتها الضغط على إسرائيل، واعتماد التوسل والاستعطاف. فكل هذا الوهم لم يؤلم الاحتلال ويردعه، بقدر ما أوجعته مقاومة الفلسطينيين على الأرض في غزة والضفة والقدس، بدليل أن معركة "طوفان الأقصى" أخرجت كل هذا النفاق الغربي والأمريكي من جحره، وأظهرت مدى الغباء والفشل العربي والإسرائيلي الى السطح المتصدع من أوهام لا تلائم المستقبل وما يتأسس عليه بعد هذه المواجهة.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني غزة إسرائيل إسرائيل امريكا فلسطين غزة العالم العربي مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

فلسطين.. قوات الاحتلال تواصل شن حملة اعتقالات واسعة في مدينة قلقيلية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أفادت وسائل إعلام فلسطينية، اليوم الجمعة، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل شن حملة اعتقالات واسعة في مدينة قلقيلية، طالت عددًا من الشبان بعد مداهمات نفذتها في أحياء مختلفة من المدينة.

5 شهداء جراء قصف إسرائيلي على خيام النازحين غرب خان يونس

استشهد 5 أفراد من عائلة أبو طعمية جراء قصف نفذته طائرات الاحتلال الإسرائيلي على خيام للنازحين في محيط جامعة الأقصى، غربي مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة.

شهداء ومصابون جراء قصف إسرائيلي لعيادة أسنان شرق غزة

استشهد عدد من المواطنين وأصيب آخرين، جراء استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي لعيادة طب أسنان تقع في منطقة رمزون الشعف شرقي مدينة غزة.

اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل الأسير عاهد أبو صبيح في حارة أبو سنينة جنوب محافظة الخليل، وذلك عقب اقتحام الخليل بعدد كبير من الآليات العسكرية التي جابت شوارع المحافظة.

ونفذ جيش الاحتلال عمليات نسف لمباني سكنية شمالي مدينة رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة. كما شن قصفًا عنيفًا بالمدفعية على بلدة عبسان الكبيرة شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.

"الأونروا" تحذر من تدهور خطير في الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة

حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، من تدهور خطير في الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة، معلنة نفاد مخزونها من الدقيق بشكل كامل، حيث لم يتبق لديها سوى 250 طردًا غذائيًا، وذلك قبل يومين فقط.

وأشارت الأونروا، في أحدث تقاريرها المنشورة على موقعها الإلكتروني، إلى أن الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 50 يومًا تسبب في استنزاف الإمدادات الإنسانية الأساسية بشكل متسارع، بما في ذلك المواد الغذائية، والوقود، والمستلزمات الطبية، ولقاحات الأطفال.

مقالات مشابهة

  • نائبان بريطانيان: تعرضنا للتحقيق من الاحتلال خلال زيارتنا فلسطين
  • مظاهرات عربية أوروبية تطالب بوقف العدوان على غزة فورًا
  • فلسطين.. 4 شهداء ومصابون إثر قصف إسرائيلي استهدف منزلًا بحي الصبرة في مدينة غزة
  • وزير الخارجية يبحث خلال اجتماع مع السفراء والمندوبين الدائمين للدول العربية لدى مجلس الأمن تعزيز التنسيق العربي المشترك
  • رئيسة منظمة أورو فلسطين الفرنسية: إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية في غزة
  • فلسطين.. قوات الاحتلال تواصل شن حملة اعتقالات واسعة في مدينة قلقيلية
  • ياسر سليمان: الجائزة العالمية للرواية العربية أصبحت المنصة التي يلجأ إليها الناشر الأجنبي
  • السيسي: التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي تحتم تكثيف التعاون بين الدول العربية
  • أهم حدث رياضي في مايو 2025.. البطولة العربية للجولف بمشاركة 110 لاعبين من 12 دولة عربية
  • وزير الخارجية اليمني يدعو إلى مواصلة التحرك العربي ضد العدوان الإسرائيلي