موقع النيلين:
2024-07-01@22:18:24 GMT

حرب اللغات الأهلية لفتح الخرطوم

تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT


(في سياق الحرب القائمة في يومنا لحيازة الخرطوم أعيد نشر جزء من بحث عنوانه “صفوة البجا: من قيد الاستضعاف إلى القوة” درست فيه حيل أمثال المرحوم أبو هدية، الناشط العظيم لنهضة البجا عن طريق تعليم صبيانهم، ليخرجوا من الضعف للقوة بمكر استثنائي. وقدمت الورقة في الإنجليزية لورشة انعقدت بسنكات في نحو 1990 تناصرت عليها جامعة الخرطوم وجامعة بيرقن النرويجية في مشروع جمع بينهما لدراسة آثار الجفاف والتصحر على مجتمع البجا.

ونشرها لايف مانقر في الكتاب الذي حرر فيه أوراق الندوة (1991). ولفت نظري للمبحث عناية بعض صفوة البجا برد اسم الخرطوم إلى لغتهم كأنهم يغزونها، وهي التي استعصمت بالبعد عنهم، باللغة. وهو ما سبقتهم إليه جماعات سودانية أخرى. وهذا ما سميته حرب اللغات الأهلية لفتح الخرطوم).

تدور حرب لغوية غير معلنة بين العديد من المجموعات العرقية السودانية لامتلاك الخرطوم، المدينة العاصمة، كوطن أصلي لها دون بقية الجماعات. وتدعي كل من هذه المجموعات أن اسم ” الخرطوم ” مشتق من لغتها. وتحاول بذلك إثبات أنها الساكن الأصلي لمركز السلطة الوحيد بالبلاد.

لقد اعتبر الناس في الشمال النيلي وغيرهم طويلاً كلمة ” الخرطوم” كلمة عربية تعني خرطوم الفيل. ويقال في هذا السياق أن العاصمة القومية سميت ” الخرطوم ” لأنها مكان التقاء النيلين الأبيض والأزرق وموضع التقائهما يشبه خرطوم الفيل.

ولكن هذا الادعاء العربي يواجه بالاعتراض من جانب الدينكا والنوبة الشمالية. فيقول بعض مثقفي الدينكا إن اسم “خرطوم” هو صيغة محرفة للكلمة الدينكاوية ” كيرتوم – Kiertoum ” والتي تعني أيضاٌ ملتقى النهرين. وبالإضافة إلى ذلك فإن الدينكا يتتبعون أسماء بعض ضواحي الخرطوم مثل “بري ” حتى يصلوا بها إلى أصول دينكاوية. أما النوبة فيصف أحد كتابهم ادعاء الدينكا لاسم ” الخرطوم” بأنه ” مفهوم خاطئ ولا يعدو أن يكون خيالاً”. ويرجح أن “خرطوم ” جاءت في الأصل من اللغة النوبية. وتأتي وجاهة هذا الافتراض، فيما يقول محمد إبراهيم أبو سليم، من كون الخرطوم تقع في قلب مملكة النوبة العليا التاريخية، التي كانت عاصمتها سوبا (إحدى ضواحي الخرطوم اليوم). ولم يقدم أبو سليم أي أصل لغوي نوبي محدد للاسم، لكن حسن شكري يرى أنه – أي الاسم – كان في الأصل ” أقارتوم – Agartum ” وتعني مقر أو مقام أتوم (Atum) إله الخلق عند قدماء المصريين. ويرى شكري أيضاٌ أن اسم توتي – الجزيرة المحاذية للخرطوم – هو تحريف للكلمة المصرية القديمة ” توتد Thutid ” وتعني حاجب معبد توت – Thut، إله الحكمة.

يخالف البجا كافة الحدوس والاجتهادات آنفة الذكر حول أصل كلمة “خرطوم”. فرأى أدروب أوهاج أن الكلمة بجاوية. ويقول إن بعض المجموعات السودانية قد تنجح في رد كلمة “خرطوم” إلى لغاتها المخصوصة. ولكن تبعة البرهان أكبر. وهو يحتم عليها أن تجد أصلاً في لغاتها المختلفة لا لكلمة “خرطوم” وحدها، بل لطائفة كبيرة من اسماء الأماكن الأخرى التي تكتنف العاصمة. ولا يكتفي أدروب في دعم نظريته برد الخرطوم إلى أصل بجاوي، بل يورد جدولاٌ بالأصول البجاوية لأسماء العديد من ضواحي المدينة.

وحسب رؤيته فإن “خرطوم ” تحريف لكلمة ” هارتوما – Hartouma ” البجاوية والتي تعني ” اجتماع “. ومن الجلي أن كلمة ” اجتماع ” قريبة الصلة بـ” ملتقى” الأنهار وهو الأصل في فكرة اسم ” خرطوم ” في كافة اللغات التي تعرضنا لها. ولكي يتفادى أدروب تأسيس نظريته على مفردة واحدة فقط فهو مشغول ببحث يتتبع فيه الأسماء ذات الصلة بالخرطوم في اللغة البجاوية. ويوضح الجدول التالي ما توصل إليه:
ضاحية الخرطوم الأصل البجاوي المعنى
كرري كاري + ري
كاري = إنسياب، جريان
ري = مجرى مجرى الماء
شمبات شم + بات
شم = قليلاٌ
بات = مائل قليلاٌ إلى جانب (شجرة) مائلة قليلاٌ إلى جانب
توتي توي + تِ + يي حيوان كاسر سواء كان تمساحاٌ أو فرس النهر
بري اللاماب اماب = نوع من الشجر
بر = مكان المكان الذي ينمو فيه شجر الاماب
باقير با + أقير المكان الذي يمنع الماء من الارتداد إلى الوراء

في سياق حرمان البجا من دست السلطة يمكن اعتبار نظرية أدروب عن أصل اسم الخرطوم، بغض النظر عن مدى صحتها، محاولة رمزية لاحتلال سدة السلطان السوداني باللغة. وبرد البجا اسم الخرطوم وما يتصل بها من أماكن إلى لغتهم فإنهم يقيمون الحجة على بعد غورهم في تاريخ البلد. فإذا كان اسم مركز السلطة في البلاد مشتقاٌ من لغتهم فإنهم قمينون، بالتالي، بنصيب عادل من تلك السلطة.

عبد الله علي إبراهيم
عبد الله علي ابراهيم

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

أصوات من السلطة الرابعة لبايدن: “حان وقت الاستقالة”

وسط جوقة عارمة من السخرية بشأن أداء الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن الذي اعتبر دون المستوى في المناظرة ضد خصمه الرئيس السابق دونالد ترامب، بدا أن صوتا واحدا يتردد صداه بقوة أكبر من الأصوات الأخرى.

كبريات وسائل الإعلام
ففي الساعة السادسة والربع من مساء يوم الجمعة الماضي، أي بعد 19 ساعة تقريباً من مغادرة المرشحين الرئاسيين المسرح في أتلانتا في الليلة السابقة، أرسلت هيئة تحرير صحيفة “نيويورك تايمز” إلى مشتركي الصحيفة تعليقاً على الإنترنت، وفقاً لصحيفة “الغارديان”.
وكان الحكم مدمراً، فقد شددت اللجنة بقوة على أن الرئيس الأميركي قدم مشهداً مثيراً للقلق من الضعف الذي أصابه بسبب الشيخوخة، إلى الحد الذي جعل أفضل ما يستطيع أن يفعله الآن للبلاد التي خدمها لأكثر من نصف قرن من الزمان هو الانسحاب من السباق والسماح لحزبه الديمقراطي باختيار مرشح آخر.
وأشارت الصحيفة، التي تم تبجيلها لفترة طويلة في الصحافة الأميركية، إلى أن بايدن قدم نفسه على أنه الشخصية الأفضل على أن يستطع هزيمة التهديد الذي يمثله ترامب للديمقراطية، واعترفت بأنه نجح في القيام بذلك في عام 2020.
إلا أنها أكدت على أن أعظم خدمة عامة يمكن لبايدن أن يؤديها الآن هي الإعلان عن أنه لن يستمر في الترشح لإعادة انتخابه، وفق البيان.
وقالت “في الوضع الحالي، ينخرط الرئيس في مقامرة متهورة.. هناك قادة ديمقراطيون مجهزون بشكل أفضل لتقديم بدائل واضحة ومقنعة وحيوية لرئاسة ترامب الثانية، إنه رهان كبير جدا أن نأمل ببساطة ألا يتجاهل الأميركيون أو يقللوا من أهمية سن بايدن ومرضه الذي يرونه بأعينهم”.
وعلى نحو مماثل، ناشد كاتب العمود المفضل لديه، توم فريدمان، الذي يعمل أيضا في الصحيفة ذاتها، بايدن للتنحي، والذي كتب أنه بكى وهو يشاهد المناظرة من لشبونة.
ونشر موقع The Atlantic الذي يحظى باحترام كبير 6 مقالات يوم الجمعة، تطالب جميعها بإنهاء ترشيح بايدن.
بدوره، ذكر موقع “بوليتيكو” أن العديد من المسؤولين في الجناح الغربي للبيت الأبيض شعروا بالإحباط الشديد بسبب المناظرة التي جرت يوم الخميس لدرجة أنهم اختاروا العمل من المنزل في اليوم التالي، معربين عن مخاوفهم عبر الرسائل النصية.

الأوفر حظاً
إلى ذلك، لفتت تلك التعليقات الأذهان إلى البدائل إذا تنحى بايدن جانبا، حيث رأت أن من بين المرشحين الأوفر حظا هاريس ونيوسوم، لكن كلاهما لديه نقاط ضعف.
فهاريس، التي ستكون أول امرأة ملونة تترشح للرئاسة عن حزب رئيسي، تعاني من انخفاض معدلات التأييد لها، وهي أعلى قليلا من معدلات التأييد لبايدن.
في حين أثارت فترة حكم نيوسوم كحاكم لولاية كاليفورنيا انتقادات بسبب الضرائب المرتفعة، وارتفاع معدلات التشرد وارتفاع تكاليف الإسكان.
ومن بين الأسماء المحتملة الأخرى غريتشن ويتمر حاكمة ميشيغان، وحاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو، وكلاهما من زعماء الولايات المتأرجحة الرئيسية التي يحتاج الديمقراطيون إلى الفوز بها للاحتفاظ بالبيت الأبيض.
وهناك احتمال آخر، ألا وهو حاكم ولاية إلينوي، جيه بي بريتزكر ــ الملياردير وريث سلسلة فنادق، والذي نال الاهتمام بسبب هجماته اللاذعة على ترامب.
انسحاب أم بقاء؟
يشار إلى أنه من المتوقع أن يناقش الرئيس جو بايدن مستقبل حملة إعادة انتخابه مع عائلته في كامب ديفيد اليوم الأحد، بعد المناظرة المتلفزة على المستوى الوطني يوم الخميس والتي تركت العديد من زملائه الديمقراطيين قلقين بشأن قدرته على التغلب على الرئيس السابق دونالد ترامب في نوفمبر، وفقًا لخمسة أشخاص الناس مطلعين ابلغوا شبكة NBC نيوز الأميركية.

وتم التخطيط لرحلة بايدن قبل مناظرة يوم الخميس.
كما من المقرر أن ترافقه السيدة الأولى جيل بايدن في زيارة إلى أبنائهما وأحفادهما.
وحتى الآن، عرض كبار قادة الحزب الدعم العلني لبايدن، بما في ذلك في التغريدات التي نشرها الرئيسان السابقان باراك أوباما وبيل كلينتون.
وقال مصدران مطلعان على تلك المناقشات إن كبار الديمقراطيين في الكونغرس، بما في ذلك النائب حكيم جيفريز من نيويورك، وجيم كليبيرن من ساوث كارولينا، ونانسي بيلوسي من كاليفورنيا، أعربوا سرًا عن مخاوفهم بشأن قدرته على البقاء، على الرغم من أنهم جميعًا يدعمون الرئيس علنًا.
في حين رأت أصوات أخرى أن على الرئيس أن ينسحب، وسط اعتقاد بأن الرئيس وحده، بالتشاور مع عائلته، يمكنه أن يقرر ما إذا كان سيمضي قدما أو ينهي حملته مبكرا.

العربية نت

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نيبينزيا يعطي تلميحا بإمكانية رفع العقوبات عن طالبان
  • مد فترة التقديم لمدة أسبوع لمدارس اللغات في المحافظات
  • حرب غزة.. لحظة فاصلة تعيد تشكيل مستقبل السلطة الفلسطينية
  • ولاية الخرطوم تتابع برنامج تأهيل مرافق تصريف المياه وتوجه بالتواصل مع هيئة الأرصاد
  • ما الذي نعرفه عن بطاقات ‏VIP‏ التي سحبها الاحتلال من مسؤولي السلطة؟
  • 110 لغة جديدة تنضم إلى خدمة ترجمة “غوغل”
  • أصوات من السلطة الرابعة لبايدن: “حان وقت الاستقالة”
  • الدعم السريع ترك خيبته هناك داخل الخرطوم
  • ألسنة وتكنولوجيا.. غوغل تضيف الأمازيغية لخدمة الترجمة
  • صراع السلطة والحرب في السودان