دور سعودي مهم .. خطة أميركية بالشرق الأوسط لمرحلة ما بعد الحرب
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
تأمل الإدارة الأميركية في وضع خطة تؤسس لتسوية مستدامة في الشرق الأوسط بعد الحرب، حسبما ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية.
ووفقا لتحليل نشرته المجلة الأميركية بقلم الكاتب، مايكل هيرش، فإنه من المتوقع أن تلعب السعودية "دورا مهما" في تلك الخطة.
ووفقا لفورين بوليسي، فإن "الرئيس الأميركي، جو بايدن، يريد من الرياض أن تستأنف المحادثات بشأن الاعتراف بإسرائيل، مقابل ضبط النفس الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية، والتعهد باستيعاب المصالح الفلسطينية، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية في نهاية المطاف، أو على الأقل درجة ما من السيادة".
وقبل الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر الماضي، كانت إدارة بايدن عمل على صفقة كبيرة بالشرق الأوسط، تتمثل في إبرام اتفاقية تطبيع، تعترف بموجبها السعودية بإسرائيل.
وفي سبتمبر، قال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأميركية، إن تطبيع السعودية مع إسرائيل "يقترب كل يوم أكثر فأكثر"، فيما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، من منبر الأمم المتحدة، أن بلاده على "عتبة" إقامة علاقات مع المملكة الخليجية.
ويعتقد المسؤولون الأميركيون، أن الرياض تسير في ذات الاتجاه. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية في أواخر ديسمبر: "تشير محادثاتنا مع السعوديين خلال الأسابيع الأخيرة فقط، إلى أنهم ما زالوا يريدون المضي قدماً في التطبيع".
وفي تصريحات خلال مؤتمر صحفي مشترك في الدوحة مع نظيره القطري، الأحد، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إنه حقق "بعض النجاح" في التغلب على المقاومة العربية الأولية لمناقشة سيناريوهات "اليوم التالي" لقطاع غزة.
وأضاف: "شركاؤنا على استعداد لإجراء هذه المحادثات الصعبة ولاتخاذ قرارات صعبة"، مضيفا: "نحن جميعا نشعر بأن لدينا مصلحة في صياغة طريق إلى الأمام".
والإثنين، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنه ناقش في السعودية، مسألة التطبيع مع إسرائيل، وتنسيق الجهود لمرحلة ما بعد الحرب في غزة.
وقال بلينكن قبيل صعوده إلى الطائرة للتوجه إلى إسرائيل، إنه في ما يتعلق بالتطبيع "تحدثنا عن ذلك في الواقع في كل محطة (من الجولة) بما في ذلك بالطبع هنا في السعودية".
وأضاف: "هناك اهتمام واضح هنا بالسعي إلى ذلك.. لكن الأمر سيتطلب إنهاء النزاع في غزة.. وإيجاد مسار عملي لقيام دولة فلسطين".
جاء ذلك في إطار الجولة التي يقوم بها بلينكن في المنطقة، ويسعى من خلالها لمنع تحول الحرب الراهنة إلى صراع إقليمي.
وبحسب "فورين بوليسي"، فإن كل تلك الجهود "لا تزال في مرحلة البداية"، ولن يتم المضي قدما خلال أي وقت قريب في ظل مواجهة "مقاومة مستمرة من قِبل حكومة نتانياهو اليمينية المتشددة، لأي شيء يشبه الدولة الفلسطينية".
"تحالف عربي"وأشارت المجلة الأميركية إلى أنه "في إسرائيل، يُلقى باللوم على نطاق واسع على نتانياهو" فيما يتعلق بهجمات السابع من أكتوبر التي شنتها حماس، "بسبب دعمه" للحركة على حساب السلطة الفلسطينية لسنوات"، مؤكدة أن "دعمه (نتانياهو) يتراجع".
لكن هجمات حماس أدت أيضا إلى "تحويل الرأي العام الإسرائيلي إلى أقصى اليمين، مما يجعل الاحتمال الفوري لإجراء أي مفاوضات بشأن الدولتين مستحيلا"، كما ذكرت المجلة.
وقال دينيس روس، المفاوض الأميركي في ملفات الشرق الأوسط منذ فترة طويلة، والذي زار إسرائيل في نهاية ديسمبر الماضي: "لا يستطيع الجسم السياسي في إسرائيل استيعاب ذلك في الوقت الحالي".
في الواقع، تشير الدلائل إلى أن "نتانياهو المحاصر سياسيا يرى أن معارضته لخطط بايدن هي المفتاح لإبقاء نفسه في منصبه - وربما خارج السجن"، بحسب "فورين بوليسي".
ووفقا لوسائل إعلام إسرائيلية، كان نتانياهو يقول لأعضاء حزب الليكود إنه "وحده القادر على منع إنشاء دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية بعد الحرب".
ويدعم الرأي العام داخل إسرائيل بشكل متزايد فكرة نتانياهو القائلة إن "أية درجة من السيادة تُمنح لأي كيان فلسطيني ستعني هجمات مستقبلية على إسرائيل، وإن الحديث عن مثل هذه النتيجة الآن لن يؤدي إلا إلى تحقيق النصر لحماس".
لكن بايدن، بدوره، يريد أن يضغط بقوة أكبر في عام انتخابي يعاني فيه من انخفاض معدلات تأييده، خاصة أنه وإدارته تعرضا لانتقادات شديدة داخل الحزب الديمقراطي، لدعمهما الحملة العسكرية التي تشنها إسرائيل، طبقا لتحليل المجلة.
وفي أكتوبر الماضي، قال بايدن إن جزءا من أهداف هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الحالي، كان "لإحباط جهود إسرائيل لتطبيع العلاقات مع السعودية".
وقال نمرود نوفيك، المستشار الكبير السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل، شيمون بيريز، والذي يعمل حاليا كزميل في منتدى السياسة الإسرائيلية، إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، "يبدو الآن ضمن تحالف عربي واسع متحد في شروطه، إن لم يكن يقوده، للمساهمة في استراتيجية اليوم التالي التي تنتهجها واشنطن".
ولا تعترف السعودية بإسرائيل، ولم تنضم لمعاهدة إبراهيم التي أقامت بموجبها الإمارات والبحرين علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام 2020 بوساطة الولايات المتحدة.
وقال روس، المفاوض الأميركي الذي كان لاعبا رئيسيا في تنفيذ اتفاقيات أوسلو قبل 3 عقود، إن الصدمة الوطنية التي حدثت في 7 أكتوبر من شأنها أن تجبر الإسرائيليين في النهاية على الدخول في نقاش لم يسبق لهم أن خاضوه من قبل حول مصير الفلسطينيين.
وتابع: "سيكون هناك حساب سياسي هنا، وأيضا نقاش حول ماهية علاقتهم بالفلسطينيين.. الآن يبدو الأمر كما لو أن بلدا بأكمله يمر باضطراب ما بعد الصدمة. إنهم بحاجة إلى حل كل شيء".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: تطبیع العلاقات مع إسرائیل بعد الحرب فی غزة
إقرأ أيضاً:
روسيا وحلم المياه الدافئة.. ماذا تعرف عن قواعدها العسكرية بالشرق الأوسط؟
بعد إعلان وزير الخارجية السوداني علي يوسف، أمس الأربعاء، عن التوصل إلى اتفاق مع موسكو بشأن إنشاء قاعدة بحرية روسية على السواحل السودانية المطلة على البحر الأحمر٬ يطرح تساؤل عن القواعد العسكرية الروسية في الشرق الأوسط وأفريقيا٬ وأهدافها وتاريخ تواجدها.
وتُعدّ القاعدة العسكرية المزبع تدشينها في السودان٬ خطوة استراتيجية لتعزيز نفوذ موسكو في منطقة البحر الأحمر والقارة الإفريقية.
وزير الخارجية السوداني من موسكو :-
"السودان وروسيا اتفقا على "كل شيء" فيما يتعلق بإنشاء قاعدة بحرية روسية."
القاعدة الروسية في السودان هي مشروع لإنشاء قاعدة بحرية روسية على ساحل البحر الأحمر في مدينة بورتسودان.
تم توقيع اتفاقية بين روسيا والسودان في ديسمبر 2020، وهي تسمح بإنشاء… pic.twitter.com/p0i3tpdG4t — حسام الخرباش (@hosamalkrbash) February 12, 2025
تقع هذه القاعدة في الضاحية الشمالية لمدينة بورتسودان، وتتيح لروسيا نقطة انطلاق بحرية مهمة، مما يعزز قدرتها على مراقبة وتأمين المصالح الروسية في المنطقة.
وخلال زيارته أكد وزير الخارجية السوداني، أن هذه الخطوة لا تشكل تهديدًا لسيادة للخرطوم، ومقارنًا ذلك باستضافة جيبوتي لعدة قواعد عسكرية أجنبية.
يُذكر أن الاتفاقية الخاصة بإنشاء هذه القاعدة وُقّعت في عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير، وتمت مراجعتها بعد الإطاحة به في عام 2019.
الدب القطبي يبحث عن المياه الدافئة
بالنسبة لروسيا، تأتي أهمية هذه القاعدة في ظل التحديات التي تواجه وجودها العسكري في سوريا، حيث تُعتبر بديلاً محتملاً لقاعدة طرطوس البحرية، خاصة مع التغيرات السياسية في دمشق. كما يُتوقع أن تُخفف هذه القاعدة من الضغوط اللوجستية على القوات الروسية العاملة في إفريقيا، وتعزز قدرتها على دعم العمليات العسكرية والتجارية في القارة.
مع ذلك، يثير هذا التواجد العسكري الروسي المحتمل في السودان تساؤلات حول تأثيره على توازن القوى الإقليمي، خاصة في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي. قد يؤدي ذلك إلى زيادة التنافس بين القوى الدولية الكبرى، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، مما قد يؤثر على أمن واستقرار المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، يُنظر إلى هذه الخطوة كجزء من استراتيجية روسية أوسع لتعزيز وجودها في إفريقيا، خاصة بعد سقوط النظام السوري والحاجة إلى تأمين مواقع استراتيجية بديلة. يُذكر أن روسيا كانت قد دعمت كلا الجانبين في الحرب الأهلية السودانية قبل أن تتحول نحو دعم الحكومة بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان.
روسيا تحقق حلم القياصرة
لطالما كان حلم الوصول إلى المياه الدافئة يراود قياصرة روسيا، وكان التواجد الروسي في الشرق الأوسط هدفاً رئيسياً لسياستهم الخارجية. ويواصل اليوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السعي لتأسيس قواعد عسكرية روسية في الدول العربية، متبعاً خطى أسلافه في تحقيق هذا الحلم.
واجه حلم القياصرة الروس في الوصول إلى المياه الدافئة عقبات كبيرة، أبرزها وجود الدولة العثمانية، التي كانت تحظى بدعم فرنسي وبريطاني لمنع ترسخ النفوذ الروسي في البحر المتوسط.
كان الاتحاد السوفيتي هو من نجح في تحقيق حلم القياصرة بالتواجد في الشرق الأوسط، وذلك بفضل سياسات الغرب الاستعمارية التي أدت إلى صعود حركات القومية العربية في عدة دول.
وهذه الحركات التي سعت إلى التحرر من النفوذ الغربي، تقاربت مع الاتحاد السوفيتي طلباً للدعم العسكري والاقتصادي. ومن هنا، بدأ الروس في تأسيس قواعد عسكرية في الدول العربية الحليفة، أبرزها مصر في عهد جمال عبد الناصر، حيث امتلك الاتحاد السوفيتي قاعدة بحرية في مدينة سيدي براني حتى عام 1972. كما كانت هناك قواعد سوفيتية في سوريا واليمن الجنوبي في عدن وجزيرة سقطرى٬ وإريتريا عندما كانت جزءاً من إثيوبيا.
بوتين يعيد الأمجاد
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، تراجع التواجد الروسي في الشرق الأوسط بشكل كبير بسبب الأزمات الاقتصادية والعسكرية التي واجهتها روسيا. ومع ذلك، أعاد الرئيس بوتين إحياء هذا الحلم من خلال التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015، والذي مثّل لحظة محورية في سياسة موسكو بالمنطقة.
وجاء هذا التدخل في ظل انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط وتراجع دورها، مما سمح لروسيا بإعادة بناء علاقاتها مع دول مثل إيران وتركيا، وأصبحت هذه الدول الثلاث تتحكم في مصير سوريا بدور محدود للغرب.
سوريا.. مستقبل مجهول
يتمثل الوجود الروسي الأبرز في سوريا في قاعدتين عسكريتين رئيسيتين: قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية، وقاعدة طرطوس البحرية. وقد تحولت قاعدة حميميم من مطار صغير إلى مدينة عسكرية متكاملة، مجهزة بأحدث أنظمة الدفاع الجوي مثل "إس-400" و"بانتسير-إس1"، وتضم مرافق معيشية مريحة للجنود الروس.
لم يُسمح لقافلة عسكرية روسية بدخول أراضي القاعدة البحرية في طرطوس.
قافلة للقوات المسلحة الروسية، مكونة من 30 مركبة، اضطرت للعودة إلى قاعدة حميميم الجوية بعد انتظار دام ثماني ساعات. pic.twitter.com/ikV1ecO0yU — رؤى لدراسات الحرب (@Roaastudies) February 12, 2025
أما قاعدة طرطوس، فهي القاعدة البحرية الوحيدة لروسيا في البحر المتوسط، وتلعب دوراً استراتيجياً في تعزيز الوجود البحري الروسي.
وقد منح نظام المخلوع حافظ الأسد روسيا هذه القواعد مقابل الدخل العسكري الروسي بعد الثورة ووئد الشعب السوري.
وبحسب موقع "أناليزي ديفيزا" الإيطالي فإم مفاوضات تجري بين روسيا والسلطات السورية الجديدة، تركز على مستقبل القواعد العسكرية الروسية في سوريا، وذلك في ظل التحولات السياسية الكبرى التي أعقبت سقوط نظام الأسد.
وأشار الموقع إلى أن موسكو تسعى جاهدة للحفاظ على وجودها العسكري في قاعدتي طرطوس البحرية وحميميم الجوية، إلا أن الإدارة السورية الجديدة تطالب بإجراء تعديلات على الاتفاقيات السابقة. كما تطرح فكرة تسليم بشار الأسد مقابل ضمان استمرار الوجود الروسي في البلاد.
مصر.. البحث عن موطئ قدم
أما في مصر، بدأت روسيا في استعادة نفوذها خلال عهد رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، حيث أُجريت محادثات حول إنشاء قاعدة عسكرية روسية في سيدي براني. وتشير تقارير إلى أن هذه القاعدة ستضم عدة آلاف من جنود المشاة الروس. ومع ذلك، فإن الإعلان الرسمي عن هذه القاعدة قد يسبب توتراً في العلاقات المصرية الأمريكية٬ بسبب أن القاهرة هي ثاني دولة في العالم حصولا على المعونة الأمريكية بعد الاحتلال الإسرائيلي.
من المتوقع أن يصبح التواجد الروسي في البحر المتوسط أكثر قوة خلال السنوات القليلة المقبلة، مع
إنشاء قواعد عسكرية إضافية في المنطقة.
ومع ذلك، فإن تكلفة بناء وصيانة هذه القواعد ستكون باهظة، حيث قد تصل إلى نصف مليار دولار سنوياً. وفي الوقت نفسه، ستواصل روسيا تعزيز علاقاتها مع الدول العربية، مستغلة الفرص التي تتيحها التغيرات الجيوسياسية في المنطقة.