إغتيالاتُ قادة وتفجيراتُ كرمان
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
بقلم : قاسم محمد الكفائي ..
المقدمة
في واقع مريرٍ بامتياز تسوء الأحوال، وتتعاظم على سوح الكفاح والتضحيات. فالإبادة لتي تشهدها (غزّه) إنفردة بقساوتها ولم نجد لها مثيلا في كل الحروب التي جرت في العصر الحديث بسبب أن ماكنة الحرب الصهيونية الإسرائيلية قد خرجت عن كل قواعد الحروب التقليدية المسموح بها فتحولت الى إبادة جماعية مازالت تنفذها دون وجل في الداخل الفلسطيني، أما في خارجها فقد تحركت ماكنة الإغتيالات التي استهدفت قادة مقاومين طالما عرفناهم مخلصين، صادقين بالدفاع عن كرامة أرضهم وعِرضِهِم.
الذي شجعني مبدئيا بعد -يأس- على كتابة هذا المقال هو ورود خبر إعتقال مُفجري مدينة كرمان من قبل أجهزتها الأمنية، وما زال البحث جار عن باقي المجرمين المتورطين. ثم دفعني مرة أخرى بقوة خبر إغتيال وسام الطويل القائد الميداني في الجنوب اللبناني هذا اليوم في بلدته -خربة سلم- وكأنَّ الإغتيال أصبح عادة لدى قادة محور المقاومة، وواجبا لابدّ من بلوغه لمن تسلَّقَ سِلمَ القيادة. فالشهادة التي نالها قاسم سليماني وإن هزَّت أركانَ (المحور) قد وضعت المتورطين بقتله في دوامة من الحذر والتندر في الحركة، وشِحَّة في أحقية المبررات التي دفعت لارتكاب هذا الفعل. تألَّقَ الشهيد سليماني ليصبح مدرسة في القيادة والكفاح تضم طلابا يشبهونه في قيادته وكفاحه. خلال الإسبوعين المنصرمين صُدمت الأمة بفواجع سلسلة من الإغتيالات قامت بها الماكنة الحربية الصهيونية، كانت بدايتها اغتيال القائد في محور المقاومة رَضي الموسوي في دمشق، أعقبها إغتيال صالح العاروري في منطقة الضاحية الجنوبية ببيروت، ثم تفجيرات كرمان التي راح ضحيتها أكثر من مئتين إما شهيدا أو جريحا. ثم جاء اغتيال القائد في حركة النجباء أبو تقوى السعيدي ببغداد. أما حادثة الإغتيال لهذا اليوم فكانت من نصيب القائد الميداني في حزب الله وسام الطويل (جواد). هذه الأحداث المؤسفة والدامية يضعها المحلل الناجح والمهني في خانة المسؤولية الكبرى التي تمارسها المؤسسات والأجهزة الأمنية في الدولة أو الحزب لحماية المستَهدَفين. والمهني كذلك لا يتأثر بالمبررات التي تصدر عنها كما يتأثر بها الآخرون الذين لا حيلة لهم في تلقي المعلومة سوى قبولها. بهذا المستوى من التقييم الذي يزعج الكثيرين يبقى هذا المهني في دائرة ضيقة من العلاقات وكأنه هو المقصِّر، لأن كل ما يرد عنه في كثير من الأحيان هو تحديد حالة التقصير الذي مُنيت به تلك المؤسسات وتحديد المسؤولية على المقصِّر، بحيث تتناسب والقيمة الحقيقية للضحية، مع الأخذ بمقتضى الواقع الميداني الذي يواجه محورَ المقاومة، وأهمية أن يبقى القائدُ حيّا يخوض غمارَ مسؤولياتِه وتوظيفها وفق متطلبات الواقع الذي هو فيه حين يبقى بفضل حمايته عصيّا على تحقيق إستهدافه.
إن حماية (النُخَب) الوطنية يجب أن تقومَ بها مؤسسات خاصة تتسلح بالدراية الفائقة في كيفية القيام بواجباتها وعلى أتمِّ وجه خارج النمط التقليدي بحمل السلاح، وتشديد الحراسة من قبل أفراد الحماية. لقد تغيّرت الأحوال وتعددت الأساليب في عصرنا الذي ظهرت فيه طيارة الدرون، والليزر، وكاميرات المراقبة، والتلفون المحمول – Mobile- ،هذا الجهاز المخادع والشريرالذي صار وسيلة استطلاع ومتابعة لأهداف يبحث عنها العدو لإستهدافها بطائراته المسيَّرة وغيرها من الوسائل. فمن لم يتقن خبايا وتفاصيل العقل الناعم لن يضمن حماية الأهداف التي يبحث عنها العدو كالذي جرى على القادة الضحايا، ولا يمكنه تحقيق المهمة الموكلة إليه. وفي كل حادثة اغتيال هناك ظروف ومطبات تختلف عن الأخرى تماما لا يستطيع فرزها والغوص في غمارها غير المهني كما تحدثنا سلفا (ليس بمقدوري الدخول في التفاصيل كونها ليست للعرض ولا الإستعراض). لكنني ألفتُ انتباه المعنيين بسؤال في غاية من الأهمية…هل يعتقد القائد وجهاز حمايته أنه لو أغلق هاتفه (Mobile) تماما سوف يمنع عنه المتابعة والخطر؟ إذن ما هو الحل، وما هي المخاطر والتحديات الأخرى في هذا السياق؟
لقد تابعتُ مكتفيا بالأخبار العديدَ من حوادث الإغتيال التي وقعت في منطقتنا، على سبيل المثال حادثة إغتيال بطل المقاومة وعميدها عماد مغنية في شباط عام 2008 الى هذا اليوم الذي إغتيل فيه القائد الميداني وسام الطويل أستشعر بدراية أن العدو يدخل ويخرج من ثقبٍ آمن في جسم الجهاز الأمني لمحور المقاومة، أي أنه ينفذ عملية الإغتيال من خلال خطىءٍ غفلَ عنه المعنيون…….وقد نجده في -السوفت وير- وليست في ماكنة القطار أو الدبابة (على أية حال). فبعد الإعتذار عن التكرار أفصحُ عن حقيقةٍ أعرفها هي، أن الإجراء الوقائي والإحترازي يجب أن يكون ناعما يديره عقل يستوعب تفاصيله شريطة أن تكتمل حلقاته الخفية السهلة في تطبيقها والتي تشبه (شربة ماء)، غير أن أهميتها تنقذ الأرواح والمصالح، وتجنب أصحابَ الشأن ما يلحق من أذى تفرح يفرح له الشامتون. أما مسألة الترقيع في التطبيق، وبعثرة في الإنضباط فإنه أمر يصبح كالزورق إذا انقلب تحت موج المحيطات. الحدث المُروِّع هو الآخر الذي وقع في مدينة كرمان الإيرانية خلال الأسبوع المنصرم وقد سقط فيه المئات بين شهيد وجريح، جميعهم من المدنيين نتيجة تفجيرين نفذهما داعشيون (وأنا أقول، كانت حاضنتهم في هذه العملية هم عناصر من مجاهدي خلق -المنافقين- ). هذا الفعل المشين الذي استنكرَته كلُّ حكوماتِ العالم، ومؤسسات المجتمع المدني يمكن لنا أن نسميه (نكسة) بحق المؤسسة الأمنية الإيرانية قبل تحديد خسارة الأرواح والممتلكات. أحاول هنا أن أبتعد عن حالة الغضب، أو تحديد نقاط الضَعف التي تحلت بها تلك المؤسسة، لأكتفي بهذا السؤال:
ما هي الإجراءات الأمنية الحقيقية التي اتخذها الجهاز المعني ما قبل ثلاثين يوما من حلول ذكرى اغتيال الشهيد قاسم سليماني في داخل مدينة كرمان وخارجها إبتداء من مير جاوه وحتى زاهدان وزابل ثم كرمان؟ لا شيء يُذكر أبدا سوى أبواق إعلامية نطقت تبجحا ما بعد وقوع المأساة. فلو سلَّمنا لبعض الإجراءات المُتخَذة فإنها حتما (غير مناسبة) ولا تتلائم وحجم الإستهداف الذي تتمتع به الجمهورية الإسلامية ونظامها من قبل أعدائها المتربصين في الخارج. فلولا أن جهاز الأمن الإيراني أعلن القبض على بعض العناصر المتورطة في تفجير كرمان لنطقتُ بكلمات أكثر وجعا، مع أني أذهب الى الإجراء الوقائي، الإحترازي أولا ما قبل وقوع الحدث والأضرار، ولن أذهب الى عملية نقل الجرحى، وتشريح الموتى، أو ترميم الجدار الذي تهدّم إثر التفجير، ثم النواح في خيم العزاء ما بعد وقوع الحدث. لقد خسرت إيران من قبل (ببركات غفلة مؤسساتها الأمنية) أفضلَ علمائها في المجال النووي (لنا مقالات سابقة بهذا الخصوص)، وبالتأكيد تنعكس هذه الخسارة على عمل محور المقاومة وعلى حلفائه الرافضين لوجود المعسكر الصهيوني الأجنبي على أرضنا العربية والإسلامية. وترفضُه أحرارُ العالم.
قاسم محمد الكفائي alkefaee1974@gmail.com
قاسم محمد الكفائي
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات محور المقاومة من قبل
إقرأ أيضاً:
حماس: عاش القائد الكبير الشهيد أبو خالد الضيف مقاوماً عنيداً وشجاعاً بطلاً ومبدعاً
الثورة نت/..
نعت حركة حماس إلى الشعب الفلسطيني العظيم في قطاع غزَّة، وفي الداخل المحتل والضفة والقدس، وفي مخيمات اللجوء والشتات، وإلى جماهير أمتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم، القائد الكبير المجاهد البطل شهيد فلسطين والأمَّة، محمَّد الضَّيف (أبا خالد)، قائد هيئة أركان كتائب الشّهيد عزّ الدّين القسَّام وإخوانه القادة الكبار المجاهدين الأبطال الشهداء.
كما نعت في بيان صحفي، مساء اليوم الخميس، مروان عيسى (أبا البراء)، نائب قائد هيئة أركان كتائب القسَّام، وغازي أبو طماعة (أبا موسى)، قائد ركن الأسلحة والخدمات القتالية، والشهيد رائد ثابت (أبا محمَّد)، قائد ركن القوى البشرية، والشهيد رافع سلامة (أبا محمَّد)، قائد لواء خانيونس، والشهيد أحمد الغندور (أبا أنس)، قائد لواء الشمال، والشهيد أيمن نوفل (أبا أحمد)، قائد لواء الوسطى.
وقالت حماس، “إنهم ارتقوا إلى جنّات الخلد، شهداءَ أبطالاً، مقبلين غير مُدبرين، في ميدان البطولة والفداء على أرض غزَّة العزَّة، في خضم معركة طوفان الأقصى البطولية، تخطيطاً وإدارة وتصميماً وتوجيهاً، مع رجال الله الميامين، من قادة وجند كتائب القسَّام المظفرة، الذين صنعوا بإبداعهم ودمائهم وتضحياتهم ملحمة السابع من أكتوبر المجيد، وما تلاه من صمود أسطوري وتلاحم شعبي، حطّم أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وكسر غطرسة المحتل، وأفشل كلّ مخططات العدو، وصنع مجداً تليداً لشعبنا وأمتنا وكلّ الأحرار في العالم، وبَاتَ نموذجاً عالمياً يُحتذى به، في قيم البطولة والصمود، وإرادة انتزاع الحريّة والاستقلال والانعتاق من الاحتلال”.
واَضافت أن حياة هذه الكوكبة من القادة العظماء الأبطال كانت حافلة بالعطاء والتفاني والعمل الدؤوب في خدمة مشروع شعبنا النضالي والمقاوم، في كلّ ميادين الإعداد والرّباط والانتصار لشعبنا وتطلّعاته في التحرير والعودة، وفي ميدان العمل العسكري الذي أسّسوا له، وبرعوا فيه بكل اقتدار، ووضعوا بصمتهم المميّزة، تفكيراً استراتيجياً في الصراع مع العدو، ومراكمة لكل مكامن القوَّة، والإبداع في التخطيط والإعداد والتنفيذ.
وتابعت: “كانت محطات الانتصار والإثخان في العدو شاهدة على ذلك؛ منذ معركة الفرقان، وحجارة السّجيل، والعصف المأكول، وسيف القدس، وصولاً إلى معركة طوفان الأقصى، خاتمة المجد التليد التي تليق بهؤلاء القادة الأفذاذ والرَّجال الأبطال والرّموز الوطنية، حيث وهبوا أنفسهم وحياتهم لخدمة شعبهم وقضيتهم الوطنية، والدفاع عن القدس والمسجد الأقصى المبارك”.
وأوضحت حماس، أن القائد الكبير الشهيد البطل أبو خالد الضيف مقاوماً عنيداً وشجاعاً بطلاً ومبدعاً، يشهد لصولاته وجولاته ثرى فلسطين وقرى وبلدات ومخيمات قطاع غزّة والضفة الغربية، حيث كان الغراس الأوَّل لبذور العمل العسكري المبارك، مع رفقاء دربه القادة الشهداء عماد عقل وزكريا الشوربجي وصلاح شحادة، ثمَّ نما هذا البناءُ وكَبُرَ على عينه وتعاهدِه وتوجيهِه، واشتدَّ البنيانُ قوَّة وأزهر بطولاتٍ فريدة وصناعات عسكرية متطوّرة بعقول فلسطينية مُبدعة، أثخنت في جيش العدو، وفرضت معادلات الصراع معه.
وأكدت أن صورةُ وصوتُ وظلُّ القائدِ الضيفِ، كانت في كلّ محطات نضاله المشرّفة، قد دوّخت قادة العدو وأجهزة أمنه واستخباراته، وفشلوا جميعاً في كل محاولات اغتياله، و ظلَّ اسمُه يثير الرُّعبَ والخوف في نفوس قادة الكيان الصهيوني بسياسييهم وعسكرييهم، حتى ارتقى شهيداً في أشرف وأعظم معركة في تاريخ شعبنا المقاوم، التي وقّع بفكره ودمائه وتضحياته على بيانها الأوَّل وتفاصيل أيَّامها، وستبقى مسيرة وسيرة القائد الشهيد أبي خالد، مُلهمة لكل الأجيال في شعبنا وأمتنا، وروح النضال والمقاومة التي بثّها في أركان شعبنا حيّة لن تموت، ومتقدة لن تخبو، بإذن الله وقوَّته.
ونعت القائد المجاهد الشهيد محمَّد الضيف، وإخوانه القادة الشهداء، الذين التحقوا بقوافل الشهداء من قادة شعبنا الأبطال في معركة طوفان الأقصى الذين سبقوه، القائد الشهيد إسماعيل هنية، والقائد الشهيد صالح العاروري، والقائد الشهيد يحيى السنوار، لنؤكّد أنَّ خلف هؤلاء الشهداء القادة الأبطال رجالاً سيكملون طريقَهم أوفياءَ لنهجهم وتضحياتهم ودمائهم.
وشددت حماس، على الاحتلال لن يفلح في كسر إرادة المقاومة والصمود لدى شعبنا ومقاومتنا، مبينة أن اغتيال قيادات الحركة ورموزها لن يزيدها إلاَّ قوّة وإصراراً وتصميماً على المضي في درب المقاومة حتى تحرير الأرض والمقدسات.
وأكدت في بيانها: “إنَّ حركة يمضي قادتها في الصف الأوَّل شهداء، لا يمكن لأيّ قوَّة غاشمة على الأرض هزيمتها أو إخماد جذوة المقاومة فيها، مهما كانت التضحيات”.
وختمت حماس: “رحم الله القائد الكبير محمَّد الضَّيف وإخوانه قادة أركان كتائب القسَّام، الأبطال الشهداء، وكلّ قوافل شهداء شعبنا وأمتنا، الذين ارتقوا على طريق تحرير القدس والأقصى، وأسكنهم الفردوس الأعلى من الجنَّة، مع النبيّين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، وإنَّنا على عهد الوفاء لدمائهم الزكيّة وتضحياتهم العظيمة، حتى تحرير الأرض والمقدسات وزوال الاحتلال”