شبكة انباء العراق:
2024-11-25@04:35:46 GMT

إغتيالاتُ قادة وتفجيراتُ كرمان

تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT

بقلم : قاسم محمد الكفائي ..

المقدمة

في واقع مريرٍ بامتياز تسوء الأحوال، وتتعاظم على سوح الكفاح والتضحيات. فالإبادة لتي تشهدها (غزّه) إنفردة بقساوتها ولم نجد لها مثيلا في كل الحروب التي جرت في العصر الحديث بسبب أن ماكنة الحرب الصهيونية الإسرائيلية قد خرجت عن كل قواعد الحروب التقليدية المسموح بها فتحولت الى إبادة جماعية مازالت تنفذها دون وجل في الداخل الفلسطيني، أما في خارجها فقد تحركت ماكنة الإغتيالات التي استهدفت قادة مقاومين طالما عرفناهم مخلصين، صادقين بالدفاع عن كرامة أرضهم وعِرضِهِم.

هنا نتحدث بالمسموح ولا نخرج عن دائرة الواقع الميداني الذي مازال مستعرا بنيران العدو، لكن الضرورة تدفعنا للإشارة قليلا في عالم الإغتيال والإستهداف. في هذه المقدمة أشير الى أمرين أولهما نصيحة أخلاقية وهي أن يترفع الإنسان عن حمل جرثومة التكبر واللامبالات بنصائح الآخرين حين يتخيل أنه أعلم الناس وما دونه ضعفاء العقول، وحين يغفل عن حقيقة النصيحة المخلصة التي هي أحيانا تحمل أهمَّ عوامل النجاح. ، والأخرى إجرائية مفادها أن في كل حادثة اغتيال لابدّ أن يكون ورائها مُندّس. إنتهت.
الذي شجعني مبدئيا بعد -يأس- على كتابة هذا المقال هو ورود خبر إعتقال مُفجري مدينة كرمان من قبل أجهزتها الأمنية، وما زال البحث جار عن باقي المجرمين المتورطين. ثم دفعني مرة أخرى بقوة خبر إغتيال وسام الطويل القائد الميداني في الجنوب اللبناني هذا اليوم في بلدته -خربة سلم- وكأنَّ الإغتيال أصبح عادة لدى قادة محور المقاومة، وواجبا لابدّ من بلوغه لمن تسلَّقَ سِلمَ القيادة. فالشهادة التي نالها قاسم سليماني وإن هزَّت أركانَ (المحور) قد وضعت المتورطين بقتله في دوامة من الحذر والتندر في الحركة، وشِحَّة في أحقية المبررات التي دفعت لارتكاب هذا الفعل. تألَّقَ الشهيد سليماني ليصبح مدرسة في القيادة والكفاح تضم طلابا يشبهونه في قيادته وكفاحه. خلال الإسبوعين المنصرمين صُدمت الأمة بفواجع سلسلة من الإغتيالات قامت بها الماكنة الحربية الصهيونية، كانت بدايتها اغتيال القائد في محور المقاومة رَضي الموسوي في دمشق، أعقبها إغتيال صالح العاروري في منطقة الضاحية الجنوبية ببيروت، ثم تفجيرات كرمان التي راح ضحيتها أكثر من مئتين إما شهيدا أو جريحا. ثم جاء اغتيال القائد في حركة النجباء أبو تقوى السعيدي ببغداد. أما حادثة الإغتيال لهذا اليوم فكانت من نصيب القائد الميداني في حزب الله وسام الطويل (جواد). هذه الأحداث المؤسفة والدامية يضعها المحلل الناجح والمهني في خانة المسؤولية الكبرى التي تمارسها المؤسسات والأجهزة الأمنية في الدولة أو الحزب لحماية المستَهدَفين. والمهني كذلك لا يتأثر بالمبررات التي تصدر عنها كما يتأثر بها الآخرون الذين لا حيلة لهم في تلقي المعلومة سوى قبولها. بهذا المستوى من التقييم الذي يزعج الكثيرين يبقى هذا المهني في دائرة ضيقة من العلاقات وكأنه هو المقصِّر، لأن كل ما يرد عنه في كثير من الأحيان هو تحديد حالة التقصير الذي مُنيت به تلك المؤسسات وتحديد المسؤولية على المقصِّر، بحيث تتناسب والقيمة الحقيقية للضحية، مع الأخذ بمقتضى الواقع الميداني الذي يواجه محورَ المقاومة، وأهمية أن يبقى القائدُ حيّا يخوض غمارَ مسؤولياتِه وتوظيفها وفق متطلبات الواقع الذي هو فيه حين يبقى بفضل حمايته عصيّا على تحقيق إستهدافه.
إن حماية (النُخَب) الوطنية يجب أن تقومَ بها مؤسسات خاصة تتسلح بالدراية الفائقة في كيفية القيام بواجباتها وعلى أتمِّ وجه خارج النمط التقليدي بحمل السلاح، وتشديد الحراسة من قبل أفراد الحماية. لقد تغيّرت الأحوال وتعددت الأساليب في عصرنا الذي ظهرت فيه طيارة الدرون، والليزر، وكاميرات المراقبة، والتلفون المحمول – Mobile- ،هذا الجهاز المخادع والشريرالذي صار وسيلة استطلاع ومتابعة لأهداف يبحث عنها العدو لإستهدافها بطائراته المسيَّرة وغيرها من الوسائل. فمن لم يتقن خبايا وتفاصيل العقل الناعم لن يضمن حماية الأهداف التي يبحث عنها العدو كالذي جرى على القادة الضحايا، ولا يمكنه تحقيق المهمة الموكلة إليه. وفي كل حادثة اغتيال هناك ظروف ومطبات تختلف عن الأخرى تماما لا يستطيع فرزها والغوص في غمارها غير المهني كما تحدثنا سلفا (ليس بمقدوري الدخول في التفاصيل كونها ليست للعرض ولا الإستعراض). لكنني ألفتُ انتباه المعنيين بسؤال في غاية من الأهمية…هل يعتقد القائد وجهاز حمايته أنه لو أغلق هاتفه (Mobile) تماما سوف يمنع عنه المتابعة والخطر؟ إذن ما هو الحل، وما هي المخاطر والتحديات الأخرى في هذا السياق؟
لقد تابعتُ مكتفيا بالأخبار العديدَ من حوادث الإغتيال التي وقعت في منطقتنا، على سبيل المثال حادثة إغتيال بطل المقاومة وعميدها عماد مغنية في شباط عام 2008 الى هذا اليوم الذي إغتيل فيه القائد الميداني وسام الطويل أستشعر بدراية أن العدو يدخل ويخرج من ثقبٍ آمن في جسم الجهاز الأمني لمحور المقاومة، أي أنه ينفذ عملية الإغتيال من خلال خطىءٍ غفلَ عنه المعنيون…….وقد نجده في -السوفت وير- وليست في ماكنة القطار أو الدبابة (على أية حال). فبعد الإعتذار عن التكرار أفصحُ عن حقيقةٍ أعرفها هي، أن الإجراء الوقائي والإحترازي يجب أن يكون ناعما يديره عقل يستوعب تفاصيله شريطة أن تكتمل حلقاته الخفية السهلة في تطبيقها والتي تشبه (شربة ماء)، غير أن أهميتها تنقذ الأرواح والمصالح، وتجنب أصحابَ الشأن ما يلحق من أذى تفرح يفرح له الشامتون. أما مسألة الترقيع في التطبيق، وبعثرة في الإنضباط فإنه أمر يصبح كالزورق إذا انقلب تحت موج المحيطات. الحدث المُروِّع هو الآخر الذي وقع في مدينة كرمان الإيرانية خلال الأسبوع المنصرم وقد سقط فيه المئات بين شهيد وجريح، جميعهم من المدنيين نتيجة تفجيرين نفذهما داعشيون (وأنا أقول، كانت حاضنتهم في هذه العملية هم عناصر من مجاهدي خلق -المنافقين- ). هذا الفعل المشين الذي استنكرَته كلُّ حكوماتِ العالم، ومؤسسات المجتمع المدني يمكن لنا أن نسميه (نكسة) بحق المؤسسة الأمنية الإيرانية قبل تحديد خسارة الأرواح والممتلكات. أحاول هنا أن أبتعد عن حالة الغضب، أو تحديد نقاط الضَعف التي تحلت بها تلك المؤسسة، لأكتفي بهذا السؤال:
ما هي الإجراءات الأمنية الحقيقية التي اتخذها الجهاز المعني ما قبل ثلاثين يوما من حلول ذكرى اغتيال الشهيد قاسم سليماني في داخل مدينة كرمان وخارجها إبتداء من مير جاوه وحتى زاهدان وزابل ثم كرمان؟ لا شيء يُذكر أبدا سوى أبواق إعلامية نطقت تبجحا ما بعد وقوع المأساة. فلو سلَّمنا لبعض الإجراءات المُتخَذة فإنها حتما (غير مناسبة) ولا تتلائم وحجم الإستهداف الذي تتمتع به الجمهورية الإسلامية ونظامها من قبل أعدائها المتربصين في الخارج. فلولا أن جهاز الأمن الإيراني أعلن القبض على بعض العناصر المتورطة في تفجير كرمان لنطقتُ بكلمات أكثر وجعا، مع أني أذهب الى الإجراء الوقائي، الإحترازي أولا ما قبل وقوع الحدث والأضرار، ولن أذهب الى عملية نقل الجرحى، وتشريح الموتى، أو ترميم الجدار الذي تهدّم إثر التفجير، ثم النواح في خيم العزاء ما بعد وقوع الحدث. لقد خسرت إيران من قبل (ببركات غفلة مؤسساتها الأمنية) أفضلَ علمائها في المجال النووي (لنا مقالات سابقة بهذا الخصوص)، وبالتأكيد تنعكس هذه الخسارة على عمل محور المقاومة وعلى حلفائه الرافضين لوجود المعسكر الصهيوني الأجنبي على أرضنا العربية والإسلامية. وترفضُه أحرارُ العالم.
قاسم محمد الكفائي alkefaee1974@gmail.com

قاسم محمد الكفائي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات محور المقاومة من قبل

إقرأ أيضاً:

الشبح طلال حمية.. القائد الغامض في حزب الله

طلال حمية أحد أبرز القادة العسكريين في حزب الله اللبناني، أطلق عليه لقب "الشبح" بسبب حياته السرية وندرة ظهوره. وهو من الرعيل الأول المؤسس للهيكل العسكري للحزب، وقائد "الوحدة 910″، المسؤولة عن العمليات الخارجية ضد إسرائيل.

المولد والنشأة

ولد طلال حسين حمية -المكنى بـ"أبو جعفر" ويلقب بـ"الشبح"- عام 1952 في محافظة بعلبك–الهرمل في الجزء الشرقي من وادي البقاع في لبنان.

هو أحد أبرز القادة العسكريين في حزب الله، يتميز بتكتمه الشديد على حياته الشخصية، فلا توجد له أي أوراق ثبوتية رسمية، حتى إن القيادات العسكرية الإسرائيلية لقبته بـ"الشبح".

يستخدم حمية عدة أسماء مستعارة مثل "طلال حسني" و"عصمت ميزاراني"، وذلك ضمن سياسته الأمنية التي تهدف إلى تجنب أي ظهور علني أو التعرف عليه.

التجربة العسكرية

عمل حمية قبل بداية نشاطه العسكري موظفا إداريا في مطار الحريري بالعاصمة اللبنانية بيروت حتى عام 1982.

وبدأ نشاطه مع حزب الله في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، ويعد من الرعيل الأول الذين شكلوا القاعدة العسكرية للحزب.

كانت انطلاقته الأولى من برج البراجنة، حيث كان مسؤولا عن عدد من العناصر التي أصبحت فيما بعد من أهم القيادات العملياتية في حزب الله.

وكان حميّة نائبا للقيادي الساصبق في الحزب عماد مغنية، الذي كان وقتها يقود ما يعرف بـ"شبكة الجهاد"، وهي وحدة البعثات الخاصة والهجمات الخارجية في حزب الله.

وعمل جنبا إلى جنب مع قيادات بارزة في الحزب منهم مصطفى بدر الدين، وعمل أيضا مع الوزير الإيراني أحمد وحيدي، أول قائد لـ"فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني.

تدرج حمية في المناصب داخل الحزب حتى ترأس جهاز الأمن الخارجي "الوحدة 910″، وهي الوحدة المسؤولة عن العمليات الخارجية لحزب الله ضد إسرائيل.

تتهمه الولايات المتحدة بالمسؤولية عن تنفيذ هجمات عام 1982 ضد قوات المارينز الأميركية والقوات الفرنسية في بيروت، وعرضت مكافأة وصلت إلى 7 ملايين دولار مقابل أي معلومات عنه.

كما صنفته وزارة الخزانة الأميركية عام 2012 "إرهابيا عالميا"، بسبب مسؤوليته عن أنشطة حزب الله في الشرق الأوسط وحول العالم.

مقالات مشابهة

  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • من هو ''أبو علي حيدر'' العقل الأمني لحزب الله الذي فشلت اسرائيل في اغتياله؟
  • السلطان هيثم.. القائد الذي يصنع عُمان الجديدة
  • توكل كرمان: ما يجري في السعودية كبلد يجرم حرية التعبير "تسليع للمرأة وانتهاك لكرامتها"
  • كاتب أمريكي: العراق ركيزة أساسية في محور المقاومة الذي تقوده إيران
  • الشبح طلال حمية.. القائد الغامض في حزب الله
  • العقبات التي تواجه اعتقال نتنياهو وغالانت
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • أنباء عن اغتيال نعيم قاسم أو طلال حمية
  • جيش الاحتلال يعلن اغتيال 5 قادة من حماس