هآرتس: إسرائيل تمضي قدما في حرب ضد حزب الله رغم أنها مدمرة لكليهما
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
لعل الأمر الأكثر خطورة في ما يتعلق بالمواجهة العسكرية بين إسرائيل وحزب الله في لبنان هو الشعور بأن هذه المواجهة أمر مفروغ منه، ربما ليس كامتداد للحرب في غزة، ولكن في مرحلة ما في المستقبل القريب قد يتعلق الأمر أكثر بحرب أوسع مع إيران.
بهذه المقدمة افتتحت صحيفة هآرتس تحليلا -للكاتب ألون بينكاس- قال فيه إن هذه الحرب هي النقطة الحاسمة التي تتباين فيها تقييمات الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية بشكل كبير، ففي حين ترى الولايات المتحدة أن هذا الصراع له جوانب جيوسياسية وإستراتيجية مختلفة للغاية وأكثر تفجرا، تبدو إسرائيل مستسلمة للفكرة.
وقد عبر مسؤولون أميركيون عن "القلق" لتقديرهم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشجع التصعيد باعتباره مفتاحا لبقائه السياسي، مصورا هذه الحرب على أنها حرب حضارية تاريخية بين إيران والغرب، ويلوم الرئيس الأميركي جو بايدن على عدم الارتقاء إلى مستوى الحدث.
التصعيد يعود من جديد
فبعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 مباشرة، حددت الولايات المتحدة أن منع التصعيد مع حزب الله في لبنان ومع إيران في جميع أنحاء المنطقة مصلحة أساسية، وأرسلت مجموعتين من حاملات الطائرات إلى المنطقة، وردت بقوة على فكرة توجيه إسرائيل ضربة استباقية لحزب الله، وكان الشعور في واشنطن هو أن المناوشات عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية قد تم احتواؤها، إلا أن "التصعيد" عاد بشكل خطير.
وإذا كانت التوترات الحالية بين إسرائيل وحزب الله تدور ظاهريا حول مزارع شبعا، فإنها في الحقيقة -كما يقول الكاتب- جزء من سياق أوسع بكثير، إذ يتعلق بعمل حزب الله بوصفه رادعا إيرانيا ضد الهجمات الإسرائيلية المحتملة على طهران، ومكونا أساسيا من شبكة وكلاء إيران الذين يعملون على زعزعة استقرار المنطقة، وفقا للصحيفة.
ورغم التفوق العسكري الإسرائيلي الظاهر، فإن الحرب بين إسرائيل وحزب الله ستكون مدمرة لكلا الجانبين، لأن ترسانة حزب الله الصاروخية الدقيقة تمثل نوعا من التعادل، وخلافا لغزة التي هي جيب مطوق من كل الجهات، تمتلك لبنان حدودا طويلة مع سوريا التي تمتلك بدورها حدودا طويلة مع العراق وتركيا، مما يضمن مرور الأسلحة والمقاتلين.
وتكمن الأبعاد السياسية الأكثر أهمية في نشوب حرب برية، لأن إسرائيل إذا غزت لبنان بهدف إبعاد حزب الله عن الحدود، فإنها بذلك تغزو دولة ذات سيادة وعضوية في الأمم المتحدة، وهذا من شأنه أن يعادل على الفور "الغزو الروسي" لأوكرانيا الذي دانته الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بشكل شامل، على حد قول الصحيفة.
إيران أكثر جرأة
وهنا ينبغي النظر إلى التصعيد من منظور أوسع -كما يقول ألون بينكاس- إذ إن "الغزو الروسي لأوكرانيا أخرج إيران من عزلتها النسبية"، كما أن القرار المتهور الذي اتخذه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب -بتشجيع من نتنياهو- بالانسحاب من جانب واحد من الاتفاق النووي الإيراني، أعطى طهران فرصة تسريع برنامجها النووي، كما أن بكين وقفت في الجانب الإيراني.
وبفضل التقدم في برنامجها النووي، وتوظيفها الفعال لحزب الله وجماعة الحوثيين التي تهدد الشحن التجاري في البحر الأحمر، أصبحت إيران الآن أكثر جرأة، ولكنها مع ذلك لا تسعى إلى التصعيد، بل تريد الحفاظ على حزب الله كقوة ردع، وذلك ما تراه أيضا الولايات المتحدة، ولذلك هي تعتقد أن هذا يمكن تجنبه بالدبلوماسية.
ولعل الأكثر إثارة للقلق والخوف في أي مواجهة عسكرية بين إسرائيل وحزب الله هو حتميتها الواضحة، والشعور بأنها أمر مفروغ منه، خاصة مع غياب اتفاق دبلوماسي دائم بين الطرفين، ونظرا لسبب وجود حزب الله ودوافع إيران الإقليمية، فإن مثل هذه الحرب قد تكون مجرد مسألة وقت.
ومن الواضح أن المخاوف الحالية بشأن التصعيد تركز على المستقبل القريب، باعتباره دعما للحرب في غزة أو امتدادا لها، غير أن مثل هذه الحرب -كما يرى الكاتب- لا ترتبط بالضرورة بغزة، لأن لها أسبابها الكامنة.
وحتى لو تم تجنب المواجهة الآن، فإن الحرب تلوح في الأفق في غضون العامين أو الأعوام الثلاثة المقبلة، ولكن لماذا لا نحاول، إذا كان الهدف السياسي هو الحل الدبلوماسي، أن نقوم بذلك قبل نشوب الحرب أو بدلا منها؟ يتساءل الكاتب في ختام مقاله.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بین إسرائیل وحزب الله الولایات المتحدة هذه الحرب حزب الله
إقرأ أيضاً:
خطوة لو فعلها نصرالله لكان قد قلب موازين الحرب وأتعب إسرائيل.. خبير يكشف
أشار المحلل الأمني الإسرائيلي يوسي ميلمان إلى أن أمين عام حزب الله السابق، حسن نصر الله، ارتكب "خطأين استراتيجيين" في أعقاب هجمات السابع من تشرين الأول.وأوضح ميلمان في مقاله بصحيفة جويش كرونيكل أن الخطأ الأول كان قرار نصر الله بالهجوم على إسرائيل، أما الخطأ الثاني فتمثل في اقتصار الهجمات على الضربات الصاروخية والطائرات المسيّرة، دون اللجوء إلى شن هجوم بري متزامن.
ونقل عن مسؤول كبير في جيش الاحتلال الإسرائيلي قوله: "لو نفّذ حزب الله غزواً برياً بالتزامن مع حماس، لكان قد وصل إلى مناطق مثل طبريا وبحر الجليل، مما كان سيجعل إسرائيل في مواجهة معضلة كبرى للتعامل مع هجمات في الشمال والجنوب في آن واحد".
وفي سياق آخر، استعاد ميلمان الحديث عن عملية تفجير البيجر، التي وصفها بأنها واحدة من "أبرز إنجازات الموساد". وزعم أن العملية أسفرت عن تداعيات كبيرة، من بينها إضعاف حزب الله في لبنان، وزعزعة النظام في سوريا، والحدّ من طموحات إيران الإقليمية.
المقال أثار الجدل حول القراءات الإسرائيلية للأحداث الإقليمية ومدى تأثيرها على الواقع الميداني.
حتى تلك اللحظة، كان حزب الله هو المسيطر على الحرب. وفي أعقاب الهجوم الذي شنته حماس على "إسرائيل" في السابع من تشرين الأول 2023 ــ وهو الحدث الذي أذهل الاستخبارات الإسرائيلية والقيادة العسكرية ــ فتح حسن نصر الله، جبهة ثانية.
في ضوء ما حدث، فإن نصر الله ارتكب خطأين فادحين؛ الأول كان قراره بمهاجمة إسرائيل، والثاني كان حصر هجومه في الضربات الصاروخية والطائرات بدون طيار بدلاً من نشر قوات برية أيضاً، حسب الصحيفة.
ـضتف: "لو شن حزب الله غزواً برياً إلى جانب حماس، لكان بوسعه الوصول إلى طبريا وبحر الجليل. ولكانت إسرائيل قد واجهت صعوبات في صد الهجمات المتزامنة في الشمال والجنوب". وبدلاً من ذلك، أطلق حزب الله على مدى أحد عشر شهراً خمسة عشر ألف صاروخ وقذيفة وطائرة بدون طيار استهدفت القواعد العسكرية الإسرائيلية ومراكز الاستخبارات ومقر الموساد شمال "تل أبيب" والمطارات والمجتمعات المدنية. وتم إجلاء سبعين ألف إسرائيلي، ليصبحوا لاجئين في أرضهم.
وبحسب ميلمان فقد ردت القوات الإسرائيلية بشن غارات جوية مدمرة، فدمرت قرى في جنوب لبنان. والأمر الأكثر أهمية هو أن إسرائيل نجحت بشكل منهجي في القضاء على مئات من قادة حزب الله من الرتب المتوسطة والعليا. وقد تمكنت إسرائيل من تحقيق هذه الضربات الدقيقة بفضل سنوات من جمع المعلومات الاستخباراتية المضنية؛ من خلال تجنيد عملاء لبنانيين إلى اعتراض الاتصالات.
وبعد أيام قليلة من عملية أجهزة النداء، حققت الاستخبارات الإسرائيلية نجاحاً كبيراً آخر. فقد تمكنت من اكتشاف مكان فؤاد شكر، "رئيس أركان" حزب الله، وقتلته في بيروت بغارة جوية.
ثم وجهت إسرائيل ضربة أشد تدميراً باستخدامها معلومات من أحد عملائها لاغتيال نصر الله. وقد كان ذلك ممكناً لأن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تمكنت من الحصول على الرسومات الهندسية والبنائية ومخططات مركز القيادة تحت الأرض التابع لنصر الله. ويرى ميلمان أن هذا جزء من الواقع الجديد الناشئ في الشرق الأوسط. والتطور الأكثر أهمية هو المأزق الإيراني.
ويرى ميلمان أنه في أعقاب التطورات الدراماتيكية في سوريا، تشعر أجهزة الاستخبارات في إسرائيل والولايات المتحدة ودول غربية أخرى بالقلق الآن من أن إيران قد تتمكن من تجاوز الحد - أي إنتاج ما يكفي من المواد اللازمة لصنع سلاح نووي وتجميع مثل هذه الأسلحة.
ووفقاً لأحدث تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فقد نجحت إيران بالفعل في تجميع أكثر من مائة كيلوغرام من اليورانيوم المخصب إلى مستوى 60%. ويزعم ميلمان أنه لا يوجد أي مبرر علمي لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى من أجل تعزيز برنامج نووي مدني، وهذا يعني أن التفسير الوحيد هو أن التخصيب يهدف إلى استخدامه في صنع الأسلحة النووية. وفي غضون فترة قصيرة، في غضون أسابيع قليلة، تستطيع إيران تسريع وتيرة التخصيب وتخصيب اليورانيوم من 60% إلى 90%، وهو ما من شأنه أن يوفر المواد الانشطارية الكافية لتجميع خمس قنابل. (عربي21)