سودانايل:
2025-04-27@03:54:41 GMT

الجماعات بين الفطرة والمكتسب

تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT

وأنا اطلع على كتاب *سيكولوجية الجماهير* (لغوستاف لو بون) مر في خاطري حالنا في السودان وما يدور فيه من أحداث وما كان عليه طيلة الفترة التي أعقبت استقلاله، فالكتاب يتحدث عن المجتمعات الإنسانية وكيف يمكن للجماعات صناعة التأثير والذي يتسبب في إحداث التغيير الكلي في أفكار الأمم، فالجماعات الكاملة بحسب ما يرى غوستاف هي التي تحدث لها صفات جديدة ترتكز على ما في مجموعها من الصفات الثابتة التي لعامة الشعب، وهي التي تتحد فيها الإرادات ، وتتجه المشاعر نحو مقصد واحد وهي التي يسهر فيها ذلك الناموس الذي يمكن تسميته ناموس الوحدة الفكرية للجماعات، وأشار إلى أن الجماعة دائما دون الفرد ادراكا ولكنها من جهة المشاعر والأعمال الناتجة عنها قد تكون خيرا منه أو أسوأ على حسب الأحوال ، وبحديثه هذا كأنه يشير لحال الشعب السوداني الذي يمتلك كل فرد فيه صفاته التي يتميز بها وتربى عليها بفطرته وبيئته التي ينتمي إليها جغرافيا ولكن بمجرد الإنتماء لجماعة يتحول الولاء إلى هذه الجماعة ومبادئها ونظامها وبمرور الوقت يصير منقادا إلى العمل بولاء للجماعة دون الشعور بالدافع إليه ، فقد تكون الأفعال التي تصدر عنها كاملة من حيث التنفيذ إلا أن الفعل لم يكن رائدا فيها وبذلك تجد الفرد السوداني يسير في اتجاه جماعته التي تضمه أو حاضنته التي احتوته إن كانت قبيلة أو حزب أو جماعة عقائدية أو فكرية، وهذا ما ذكره غوستاف في أن الجماعة دوما محلقة في حدود اللا شعور تتأثر بالسهولة من جميع المؤثرات، وذات إحساس قوي كاحساس الأشخاص الذين لا تمكنهم الاستعانة بالعقل، ومجردة من ملكة النقد والتمييز ، كان من شأنها أن تكون سريعة التصديق سهلة الإعتقاد ، فهي لا تعرف الغير المعقول، ربما لذلك نرى حالنا في واقعنا الذي نعيشه ونتعايش معه وكثيرا ما اتعجب لحال الجماعات عندنا في السودان حيث ترى التشدد والعصبية والانقياد تجاه الجماعة التي ينتمي لها الفرد، فاليميني لا يقبل اي نقد خاصة اذا جاءه من اتجاه اليساري ، والصوفي يتعصب اذا ما اعترض أصحاب الفكر السلفي على فهمه وشعائره و أسلوبه ، وابن القبيلة لا يقبل من ينتقد طباعه من قبيلة أخرى ولو كان يعلم أن ما ذكره الآخر صحيحا فهو ابن البيئة التي أنشأته بفكرها إن كان صوابا أو خطأ ، والشاهد في ذلك لا يوجد إعمال للعقل في ذلك وانما تقبل وتعود ، فالمسلم الذي نشأ في بيت مسلم فترعرع على أن الإسلام شعائر يؤديها دون تأمل أو تدبر ، ولا أحسب أن الله يريدنا أن نكون مسلمين مستسلمين بقدر ما يريدنا مسلمين مستبسلين.


ولعل ذلك ما أودى بنا في السودان لكثير من إشكالات في مجتمعنا الإجتماعي والسياسي وخاصة الديني حيث لا نقبل الآخر وإن كان صوابا ، ونقبل ما نؤمن به وإن كان لا يتسع الا في حدود ما تعتقد فيه الجماعة وبذلك تزيد العصبية والمحدودية، وفي ذلك لن يكون السودان كما ندعي في شعاراتنا (وطن يسع الجميع) وانما يظل يدور في دائرة الإنتماء الحزبي ، القبلي، المناطقي، لأن الفكر وإن تغير وصار تناوله في مقدور الجماعات لا يظهر أثره الا اذا دخل في عداد الغرائز وامتزج بالنفس وصار من المشاعر وذلك يتطلب زمنا طويلا وقبل ذلك وعيا من أصحاب العقول والفكر الذين يؤثرون في المجتمع .
لذلك أشار صاحب الكتاب غوستاف لوبون إلى أن لا يتوهم الناس أن أثر الفكر يظهر متى تبينت صحته عند ذوي العقول النيرة، وانما يتطلب الإيمان والاعتراف لأنهم هم أنفسهم كثيرا ما يخضعون لسلطان أفكار أصبحت بحكم الزمان ملكات فطرية، والشواهد في ذلك لدينا كثيرة لا مجال لذكرها تفصيلا وانما عرضا ( الإمام الذي يخطب في منبره ويستدل بالايات والأحاديث ويقف على المستوى الشخصي عاجزا عن تطبيقها لما لأثر الفطرة الكبير عليه، الأستاذ الذي يربي الأجيال على علم وهدى ويفتقده في سلوكه وغير ذلك) .
شواهد تتطلب منا ضرورة توظيف تلك الماكينة التي منحنا الله إياها ألا وهي العقل بالتدبر ومحاولة التمرد على كل فطرة غير سوية وإن كانت تتطلب جهدا و مشقة وجهود مجتمع وليس جماعات ، لأن الجماعات لا تتعقل وتتطلب الخضوع الأعمى ، بينما المجتمعات تقوم على المرونة ونحن أحوج ما نكون لذلك، وقطعا للحديث بقية

leila.eldoow@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی ذلک

إقرأ أيضاً:

لفتيت: الجماعات تعيش تحولاً رقمياً و المباراة آلية وحيدة لولوج الوظائف

زنقة 20 | الرباط

أكد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، أن الوزارة تولي أهمية كبيرة للموارد البشرية بالجماعات الترابية وتنمية قدراتها وكفاءاتها، ولهذه الغاية عملت على اعتماد استراتيجية متعددة الأهداف.

لفتيت، وجوابا عن سؤال كتابي لرئيس الفريق التقدمي بمجلس النواب، حول أوضاع موظفات وموظفي الجماعات الترابية ، قال ان الداخلية عملت على إرساء حكامة جيدة في تدبير الموارد البشرية ، و مواكبة الجماعات الترابية لتأهيل إدارتها من أجل التعيين في المناصب العليا، وذلك وفق شروط نظامية محددة على غرار ما هو معمول به على صعيد القطاعات الوزارية.

كما تطرق لفتيت، إلى التوقيع على اتفاقية شراكة مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لتمكين بعض موظفي الجماعات الترابية من التكوين في المهن الصحية بالمعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة.

وتلبية للحاجيات المعبر عنها من قبل الجماعات الترابية في مجال التكوين المستمر، ذكر لفتيت، أن الوزارة عملت على إعداد برامج تكوينية وتحسيسية، شملت مواكبة الجماعات الترابية في مجال أجرأة القوانين والمراسيم المتعلقة بها ، و تنفيذ البرنامج السنوي المتعلق بتحسين أداء الجماعات ، المواكبة في مجال الرقمنة والتحول الرقمي ، دعم منظومة التكوين على المستوى الترابي ، تنفيذ البرنامج التكويني الخاص بالمديرية العامة للجماعات الترابية.

و أشار الوزير أيضا إلى اعتماد الرقمنة والتقنيات الحديثة كآلية ضرورية لتنفيذ وتنظيم مختلف التدخلات و المشاركين وتحسين التواصل بغية تزويد المستفيدين بالأدوات والتقنيات الضرورية للتدبير الأمثل للمصالح الجماعية وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنات والمواطنين.

وفي إطار الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية الممثلة لقطاع الجماعات الترابية، يضيف لفتيت ، تم توقيع بروتوكول بتاريخ 25 دجنبر 2019، بهدف تحسين وضعية موظفي الجماعات الترابية تم الاتفاق من خلاله على مراجعة وضعية الأعوان المؤقتين سابقا، والحاصلين على شهادة الإجازة قبل فاتح يناير 2011 على غرار ما تم بالنسبة للموظفين التابعين للقطاعات الوزارية الأخرى، حيث تمت تسوية 857 حالة وذلك بناء على ترخيص استثنائي للسيد رئيس الحكومة بكلفة مالية مقدرة بحوالي 440 مليون درهم.

و أكد أنه تم تعميم مسطرة المباراة كالية وحيدة لولوج الوظائف العمومية، طبقا لمقتضيات الفصل 31 من الدستور والفصل 22 من الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وذلك بهدف احترام مبادئ المساواة والاستحقاق وتكافؤ الفرص بين جميع المترشحين.

و ذكر لفتيت ، أن الوزارة، تبقى منفتحة على إيجاد الحلول الملائمة لتسوية باقي الوضعيات على غرار ما يتم العمل به القطاعات الوزارية الأخرى، وفق ما تسمح به القوانين والنصوص التنظيمية الجاري بها العمل، وحسب حاجيات الجماعات الترابية في مختلف التخصصات.

ومن أجل تثمين الوظيفة العمومية الترابية وتمكين الجماعات الترابية من استقطاب الكفاءات اللازمة للقيام بمهامها على الوجه المطلوب، أشار لفتيت، إلى أنه تم إعداد مشروع قانون بمثابة النظام الأساسي الخاص بموظفات وموظفي الجماعات الترابية، يتضمن مجموعة من الحقوق والضمانات، من بينها نظام التعويضات الخاصة ببعض الفئات سيتم تنزيلها بمقتضى مجموعة من النصوص التنظيمية والتطبيقية والذي عقدت بشأنه سلسلة من الاجتماعات مع ممثلي النقابات الأكثر تمثيلية بقطاع الجماعات الترابية من أجل التوافق عليه قبل عرضه على مسطرة التشريع.

وقد تم الاعتماد عند صياغته بحسب لفتيت ، على مبدأ المماثلة بغرض الاحتفاظ بنفس الحقوق والواجبات والضمانات على غرار ما هو مطبق بالنسبة لموظفي الدولة وفق مقتضيات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية والنصوص الصادرة لتطبيقه، مع مراعاة خصوصية إدارات الجماعات الترابية.

مقالات مشابهة

  • من أشعل الحرب في السودان؟ ما الذي حدث قبل 15 أبريل؟
  • رؤساء جماعات يبحثون عن “هموز” شركات النظافة
  • اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع
  • لفتيت: الجماعات تعيش تحولاً رقمياً و المباراة آلية وحيدة لولوج الوظائف
  • الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية
  • أبرز محطات الكهرباء التي تعرضت للاستهداف في السودان
  • كلما انهزمت المليشيا وأضطرت إلى الإنسحاب نحو الثقب الذي أطلّت منه نحو السودان
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • باحث: حظر جماعة الإخوان في الأردن جاء بعد إجراءات كثيرة .. فيديو
  • دارفور التي سيحررها أبناء الشعب السوداني من الجيش والبراءون والدراعة ستكون (..)