قالت النائبة فيبي فوزي وكيل مجلس الشيوخ، إنه لابد من التأكيد على أن محور التعليم - بكافة انواعه- هو واحد من أهم محاور إعادة بناء الإنسان المصري، هذا الهدف الذي اعتبرَتهُ الجمهورية الجديدة بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي أول بند على أجندة اهتماماتها، الأمر الذي يضع مسؤولية كبيرة على عاتق وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، باعتبارها الوزارة التي تعتمد عليها إستراتيجية "مصر 2030" في تنفيذ نقلة نوعية حقيقية في التعليم المصري.

وجاء ذلك في كلمة لها خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ والمنعقدة الان برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس المجلس والتي تناقش طلب المناقشة العامة  المقدم من النائب  النائب جميل حليم حبيب، وأكثر من عشرين عضوًا، لاستيضاح سياسة الحكومة بشأن المدارس التكنولوجية التطبيقية وبصفة خاصة، خطة التوسع في إنشائها، ونطاق توزيعها الجغرافي، خاصة وأن القائم منها حاليا متركز بنطاق القاهرة الكبرى، وآليات وضوابط التعاون مع المؤسسات الصناعية التابعة للدولة كشريك صناعي في إنشائها.

وأضافت أن التعليم الفني على وجه الخصوص، فيقع في بؤرة الوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق طفرة صناعية حقيقية في أي بلد يتطلع إلى ذلك . ومن دون توافر عمالة ماهرة وكفء وقادرة على التعاطي مع التطورات التكنولوجية والثورات الصناعية المتلاحقة، فلا مجال لأية استراتيجية للتطوير والتحديث، وأمامنا العالم بشرقه وغربه، يقدم نموذجاً لهذا الطريق الذي لابد من السير عليه، إن كنا جادين في تحقيق نهضة صناعية واقتصادية.

وأكدت أن الداعي لطلب المناقشة اليوم هو النجاح الكبير الذي حققته تجربة المدارس التكنولوجية التطبيقية، الأمر الذي أحدث بالفعل قفزة كبيرة في منظومة تطوير التعليم الفني، ضمن رؤية وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، لتحقيق جودة العملية التعليمية من جانب، وربطها باحتياجات اسواق العمل من جانب آخر، ما دعانا للمطالبة بالتوسع في هذا النموذج، الذي يحق لنا ان نفخر بخريجيه، إذ باتوا يمثلون نموذجاً يحتذى في المجتمع، بل وأصبح عليهم طلب خارجي من الدول الأجنبية.

وتابعت: “ما أود ان ألفت النظر إليه أيضاً اننا ونحن في خضم عملية إصلاح اقتصادي شامل، يمارس فيها القطاع الخاص دوراً بالغ الأهمية، بتشجيع من كل مؤسسات الدولة، فإن تطوير التعليم الفني بصفة عامة، وتجربة المدارس التكنولوجية التطبيقية بصفة خاصة، هي نموذج لما يمكن ان تقدمه الشراكة والتعاون الفعال بين مشروعات ومصانع وشركات القطاع الخاص، وبين الحكومة، لخلق جيل واعد من الخريجين ذوي المهارات الفنية والكفاءة والتدريب المميز الذي يمكنهم من القيام بأعباء التنمية الصناعية والاقتصادية في مصر لعشرات السنوات القادمة”.

وأضافت قائلة: “أخيرًا وحسب تقديرات البعض فإن مدارس التكنولوجيا التطبيقية ما تزال محدودة العدد بشدة، وحسب هذه التقديرات فهي اقل من ثلاثة بالمائة من مدارس التعليم الفني، من ثم فإنني أضم صوتي إلى الزملاء مقدمي طلب المناقشة العامة في الدعوة الى التوسع في التجربة، بل وتحويل كافة مدارس التعليم الفني، الصناعية والزراعية والتجارية إلى تجربة مماثلة تتحقق فيها الشراكة مع القطاع الخاص، بما يسمح بجعلها مواكبة للتطورات السريعة في كل مناحي الحياة الاقتصادية المصرية، التي أتوقع لها أن تشهد طفرة غير مسبوقة خلال السنوات القليلة القادمة”.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: وكيل مجلس الشيوخ محور التعليم التعلیم الفنی

إقرأ أيضاً:

بناء العقول المُستَلبة

تُعاني المجتمعات العربيّة من وطْأة الجامعات الخاصّة التي تجتمع عامّة في قُدرتها على تحصيل الأموال من تقديم منتوج يُفتَرَض أنّه علميّ ومتقدّم على الجامعات العامّة، فهل تحتاج البلاد العربيّة إلى استثمار الخواصّ في التعليم، وكيف للدول أن تترك التعليم نهبا لأصحاب الكروش الذين يُطلقون الدرهم والدينار ليعودا آلافا مؤلّفة دون اعتبار لحال المواطن الشاقي ولا لتقديم منتوج صالح بالضرورة؟ من الذي أفسد التعليم العمومي ليلجأ الناس إلى الناهبين تُجّار العلم؟ هل تُراقب أجهزة الدول العربيّة ما تعرضه هذه الجامعات الخاصّة، وهل تدرس ما تتطلّبه العمليّة التعليميّة من أموالٍ، وهل فعلا ما زال التعليم الجامعيّ الخاصّ خيار مَن زلّت بهم القدم في التعليم العامّ أو خيار المُترَفين؟ وهل بلغ تعليمنا العربيّ مرحلةً من النُضج العموميّ تُمكّنه من فتْح المجال للمُسْتثمرين يتقشّفون في الإنفاق ولا يشبعون من التحصيل المالي؟ أسئلةٌ عديدة تُطْرَح في ظلّ وجود تجارب متباينة للتعليم العالي الخاصّ في المنطقة العربيّة، في اعتقادي يُمكن تقسيم المنطقة العربيّة تعليميّا إلى ثلاثة أقاليم كبرى، إقليم بلاد المغرب، وقد أشعّ التعليم الجامعيّ فيها منذ أواخر ستينيّات القرن الماضي مع الدولة الوطنيّة جالبة للاستقلال، وكان التعليم فيها رهانا تنمويّا لصناعة العقول، وقد تواصلت هذه الريادة إلى بدايات القرن الواحد والعشرين، ثمّ بدأت حركة الهبوط مع التفويت في التعليم إلى القطاع الخاصّ وتهميش مؤسّسات التعليم العالي العموميّة، أمام التجهيزات الخاصّة وتأمين النجاح، مع محافظة قسم هامّ من هذه المؤسّسات على تألّقها وتميّزها رغم أنّها لم تدخل في التصانيف العالميّة. وإقليم بلاد المشرق، وهو أيضا ليس كلاّ متكاملا، تتفاوت فيه التجارب التعليميّة، ولكنّ أغلبها بدأ خوصصة التعليم منذ زمن، وفقدت مؤسّسات التعليم العالي العموميّة ألقها وتميّزها مع حركة تجهيل مسّت العقول الصانعة للعقول، ولذلك كانت مُخرجات التعليم العالي في البلاد المصريّة وسوريا ضعيفة جدّا، وغلبت الدكترة شكلا اجتماعيّا، والنهم الماليّ طلبا اقتصاديّا، وحلاّ أوصل إلى الإسهال المعرفي، وتأخّرت في هذا التهاوي بلاد العراق والأردن التي حافظت إلى حدّ ما على بعضٍ من الوجاهة المعرفيّة. أمّا الإقليم الأخير، فهو الإقليم الخليجيّ الذي بدأ تجاربه في مرحلة متأخّرة، غير أنّا إذا نظرنا في التصنيف العالمي للجامعات، وجدنا الجامعات العامّة الخليجيّة تتصدّر الجامعات العربيّة، وتحتل منزلة ضمن المائتي جامعة الأولى، ويمكن أن نلقي نظرة على تصنيف مؤسّسة «كيو إس» (QS) البريطانيّة ـ لنجد أنّ جامعة الملك عبد العزيز أخذت المركز 143 عالميّا، والأوّل عربيّا، ضمن تصنيف أفضل الجامعات لسنة 2024، ثمّ تأتي من بعدها الجامعة القطرية التي حصلت على المركز (173) عالميّا، ثمّ جامعة الملك فهد للبترول والمعادن التي كانت رتبتها (180) عالميّا، وأخيرا جامعة الملك سعود التي تركّزت في المرتبة (203) عالميّا، وتأتي من بعد ذلك بعض الجامعات العربيّة الأخرى مثل الجامعة الأمريكيّة في بيروت وجامعة خليفة وجامعة الإمارات العربيّة المتّحدة وجامعة حمد بن خليفة والجامعة الأمريكيّة في الشارقة. وقراءة سريعة في هذه المراتب تجعلنا نصل إلى نتيجتين سريعتين، الأولى تبدو بشكل صارخ مبينة تبدّل مراكز الإشعاع المعرفي في المنطقة العربيّة، وتصدّر الخليج العربيّ، وخاصّة المملكة العربيّة السعوديّة ريادة التعليم، وبصرْف النظر عن نظريّات التآمر وعن أوهام المراكز العلميّة التقليدية بأنّ الخليج يشتري بأموال البترول هذه المراكز، فإنّ تطوّرا علميّا وتعليميّا قد تحقّق في منطقة الخليج، نظرا إلى توجيه قسم من الثراء البترولي إلى التعليم والعناية به، من خلال استقطاب أساتذة علماء وتوفير المختبرات العلميّة والتجهيزات الحديثة واعتماد برامج خاضعة للتقويم الدائم وللقياس المستمرّ، أمّا النتيجة الثانية، فهي أنّه وفق التصانيف الكونيّة، ورغم الجهد العلمي الحثيث، والسعي إلى «إرضاء» المقاييس الغربيّة، ما زالت المنطقة العربيّة لم تدخل سباق المائة جامعة الأولى عالميّا، وهو أمرٌ يدعوني إلى التفكير الجديّ في مسألة اللهث وراء إرضاء المصنّفين، وأعتقد جازما أنّ الأموال التي تُصرَف في شكليّات ودعوات ولجان تحكيم وإقامات في فنادق مُرهبة الترف، كان يُمكن أن تُستَثمَر في تنمية البحث العلمي، وأن نترك أوهام التصنيف هذه، فهي داخلة في ثقافة الأصداء. لقد كانت لي تجربتان للتدريس في الخليج في جامعةٍ خاصّة وأخرى عموميّة، ولكلّ منهما في الخوصصة والتعميم مزايا ومزالق، ويُمكن أن أقول إنّ من مزايا الجامعة الخاصّة التي درّستُ فيها احترام هيكل التدريس والتمييز بين الغثّ والسمين، وتقدير الإضافة وسُرعة القرار، وهي مزايا لا تتوفّر أوّلا في كلّ الجامعات الخاصّة، ولا تتوفّر أيضا في التعليم العمومي الذي يتحوّل فيها الأساتذة الباحثون إلى أرقام وجداول ومواعيد حضور وانصراف وإبداء الطاعة العمياء دون جدل أو نقاش، إضافة إلى بطء مديد في المبادرة إلى اتّخاذ القرار، خاصّة عندما تُقَدَّم مشاريع بحثيّة أو رؤى إصلاحيّة فإنّها تطوف على مكاتب المسؤولين لسنوات قمريّة. بسببٍ من ذلك، فقد كنت في الجامعة الخاصّة منفتحا على المُجتمع، أقوم بأنشطة ثقافيّة وعلميّة وتربويّة بكلّ بساطة، يكفي أن أدخل على نائب رئيس الجامعة وأن تقنعه الفكرة، وهو ما لا يتوفّر في الجامعة العموميّة. أمران ما لم يُنظَر إليهما بشكل جادّ وجديّ، فإنّ التعليم العالي في بلادنا ستبقى الشكليّات هي الغالبة عليه، الأمر الأوّل، احترام عقول المدرّسين الباحثين، والتمييز بين الصدى والعمق، فغالبا ما رأيتُ العميق يُفرَد ويغترب ويغادر، والطبل يبقى ويدوم ويُنتج أصداء، والأمر الثاني هو التخلّص من البيروقراطيّة الجامعيّة وإحداث آليّة لإقرار المقترحات البحثيّة والحثّ عليها. لقد فسد التعليم الجامعي في مصر على عراقته وقدمه، بسبب من تكوّن بورجوازيّة جامعيّة تستعبد مَن دونها من الأساتذة الأقلّ رتبة، وبمرور الزمن أصبحت هذه العُقَد متوارثة، وصار التعليم العالي مملكة فيها أمراء وعبيد. الأستاذ هو القيمة الاعتباريّة الأساسيّة في الدورة التعليميّة، وإن فسد خرب التعليم، ومن مضارّ التعليم الجامعي الخاصّ أنّ الأستاذ فيه يتحوّل إلى آلةٍ، سليبة الرأي، تعمل على إرضاء أصحاب الاستثمار، في الإنجاح والترسيب، في البحث والتعطيل، تُصبح هذه الآلة قوّة عملٍ فاقدة لما يُميّز الجامعيّ: الرأي والتدبير، ليكسب الجامعي معاشه في الجامعات الخاصّة يترك مبادئه عند البوّابة. لكن ما جلب اهتمامي فعلا أنّنا في سلطنة عُمان قد تمكنّا -عموما- من إيجاد تعليم جامعيّ خاصّ يقوم عليه محبّون للعلم، راغبون في الريادة التعليميّة، مقدّرون للبحث وللباحثين، وأذكر أنّ تجربتي في عُمان كانت أنجح وأكثر تحرّرا في الخاصّ منه في العامّ، فحتّى لا نتحوّل إلى آلات وإلى عبيد في أوهام العصابات النافذة وجب التخلّص من الثلاثيّ القاتل: الولاء المطلق، الخوف المستبطن، الصمت المطبق، وهو الثلاثي الذي ساهمنا في زرعه في الجامعيين.

محمد زرّوق ناقد وأكاديمي تونسي

مقالات مشابهة

  • أبرز الملفات على طاولة وزير التعليم.. تطوير الثانوية العامة وتعيين المعلمين
  • بناء العقول المُستَلبة
  • وكيل "الشيوخ" يقترح استراتيجية لتطبيق نظام الري والزراعة على أحدث النظم التكنولوجية
  • تطلعات الشارع المصري من الحكومة المرتقبة في مجالي الصحة والتعليم.. ماذا يريدون؟
  • وكيل التعليم بالدقهلية يتابع امتحانات الثانوية العامة من غرفة العمليات المركزية
  • "التعليم" تكشف تفاصيل منح الطلاب الدرجة الكاملة لـ3 أسئلة بامتحان الفيزياء (فيديو)
  • ننشر جدول أعمال مجلس الشيوخ خلال الجلسة العامة غدا (تفاصيل)
  • إعلان قرار وزير التعليم بشأن نموذج إجابة امتحان الفيزياء بعد قليل
  • 57 جامعة جديدة تساهم في بناء مصر الحديثة.. كيف تطور التعليم العالي خلال 10 سنوات؟
  • الثانوية العامة 2024| اليوم.. وزير التعليم يكشف تقرير لجنة امتحان الفيزياء