اتهمت الجماعات اليهودية في جنوب أفريقيا حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم بمعاداة السامية، ردا على تحرك بريتوريا في محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين، وهي تهمة شكّلها تاريخ "الفصل العنصري" (1948-1991) في الدولة الأفريقية.

تلك القراءة طرحها كريس ماكجريل، في مقال بصحيفة "ذا جارديان" البريطانية (The Guardian) ترجمه "الخليج الجديد"، في وقت يواصل فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي شن حرب مدمرة على قطاع غزة، قتل خلالها أكثر من 23 ألف فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء.

كما نددت إسرائيل بتقدم جنوب أفريقيا طلب إلى المحكمة (مقرها في مدينة لاهاي بهولندا) للتحقيق في قتل الاحتلال مدنيين فلسطينيين عمدا، ومن المتوقع أن تبدأ المحكمة نظر الطلب الخميس المقبل.

واتهم كبير حاخامات جنوب أفريقيا، وارن جولدستين، حكومة حزب المؤتمر بالعمل "كحليف ووكيل لإيران في خططها لتدمير الدولة اليهودية"، وبدعم حركة "حماس"، التي شنت هجوما على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي.

كما اتهم مجلس النواب اليهودي في جنوب أفريقيا الحكومة بمواصلة "إذلال نفسها على الساحة الدولية"، فيما رد منتقدو المجلس باتهامه بالعمل كوكيل لإسرائيل.

اقرأ أيضاً

إسرائيل تتحرك دوليا لمواجهة قضية الإبادة الجماعية أمام العدل الدولية

احتلال وحشي

وبحسب أندرو فينشتاين، عضو يهودي سابق في البرلمان عن حزب المؤتمر، فإن "الحاخام الأكبر ومجلس النواب اليهودي لم ينتقدا أبدا أي شيء فعلته إسرائيل".

وتابع: "لم ينتقد المجتمع اليهودي المنظم في جنوب أفريقيا نظام الفصل العنصري في البلاد حتى منتصف الثمانينيات؛ لذلك هؤلاء لا يتحدثون من موقع النزاهة الأخلاقية".

وأردف: "بينما ظهر اليهود في جنوب أفريقيا بشكل بارز في النضال ضد الفصل العنصري، إلا أن مجلس النواب، الذي ادعى أنه يتحدث باسم غالبية المجتمع اليهودي، تعاون مع النظام الأبيض (العنصري)، واختار تكريم شخصيات مثل بيرسي يوتار، المدعي العام الذي أرسل نيلسون مانديلا إلى السجن".

فينشتاين شدد على أن "أساس انتقادات جنوب أفريقيا لإسرائيل هو دعم حزب المؤتمر منذ فترة طويلة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وممارسة إسرائيل الفصل العنصري في الأراضي المحتلة.. يوجد تقارب مع النضال الفلسطيني، الذي يُنظر إليه على أنه قريب جدا من نضال جنوب أفريقيا".

كما قال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، في ديسمبر/ كانون الماضي، إن حكومته ستواصل دعم الفلسطينيين "الذين عانوا على مدى سبعة عقود من نوع الفصل العنصري من الاحتلال الوحشي".

اقرأ أيضاً

هيرست: مصير العدالة الدولية معلق على اتهام جنوب أفريقيا لإسرائيل بـ"إبادة غزة" 

تحالف عسكري

و"في عهد الفصل العنصري، طورت إسرائيل وجنوب أفريقيا تحالفا عسكريا وثيقا شمل التعاون في مجال الأسلحة النووية"، كما أردف ماكجريل.

وزاد بأنه "في عام 1976، كرّمت إسرائيل رئيس وزراء جنوب أفريقيا آنذاك جون فورستر خلال زيارة للقدس، على الرغم من اعتقاله خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945) بسبب تعاطفه مع النازيين وعضويته في ميليشيا فاشية أحرقت ممتلكات يهود".

ولفت إلى أنه "بعد وصول حزب المؤتمر الوطني الأفريقي إلى السلطة في عام 1994، أقام علاقات دبلوماسية كاملة مع فلسطين، بينما تدهورت العلاقات مع إسرائيل بمرور الوقت".

وفي عام 2019، خفَّضت جنوب أفريقيا تمثيل سفارتها في تل أبيب إلى مكتب اتصال؛ بعد أن قتل جيش الاحتلال أكثر من 220  فلسطينيا في غزة، معظمهم من المدنيين العزل.

ومع تصاعد الهجوم الإسرائيلي على غزة، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استدعت جنوب أفريقيا دبلوماسييها من إسرائيل، وأصدر البرلمان قرارا يدعو الحكومة إلى إغلاق السفارة الإسرائيلية وتعليق العلاقات الدبلوماسية بالكامل، حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، والتزام إسرائيل بالتفاوض على "سلام عادل ومستدام ودائم" مع الفلسطينيين.

كما دعت جنوب أفريقيا المحكمة الجنائية الدولية (مقرها في لاهاي أيضا) إلى إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقادة إسرائيليين آخرين؛ بتهمة إصدار "تصريحات بنية الإبادة الجماعية". وسحبت إسرائيل سفيرها من بريتوريا وسط تصاعد النزاع الدبلوماسي.

واختارت جنوب أفريقيا جون دوجارد لرئاسة فريقها القانوني في محكمة العدل الدولية، وقد شغل منصب المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

واتهمت تقارير دوجارد إسرائيل ببناء نظام للهيمنة اليهودية على الفلسطينيين، وانتهاك الاتفاقية الدولية لعام 1973 ضد الفصل العنصري، وارتكاب جرائم حرب، كما اتهم جيش الاحتلال بالتعاون في "إرهاب المستوطنين" ضد الفلسطينيين.

اقرأ أيضاً

جرائم الإبادة الجماعية بغزة.. المحاكمة الدولية لإسرائيل في 6 أسئلة

المصدر | كريس ماكجريل/ ذا جارديان- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: جنوب أفريقيا فصل عنصري إسرائيل إبادة جماعية غزة محكمة العدل الدولية فی جنوب أفریقیا الفصل العنصری حزب المؤتمر

إقرأ أيضاً:

ماليزيا وجنوب أفريقيا تقودان مجموعة دولية لمنع إسرائيل من تحدي القانون الدولي

نحضر ماليزيا وجنوب أفريقيا مع مجموعة أخرى من الدول لحملة بهدف حماية العدالة وتثبيت قرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، ومواجهة ما وصفته هذه الدول بأنه تحد لأوامر محكمة العدل الدولية ومحاولات الكونغرس الأمريكي فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.

وتضم "مجموعة لاهاي" تسع دول وهي كولومبيا وناميبيا وتشيلي وبوليفيا والسنغال، إلى جانب جنوب أفريقيا وماليزيا، وتهدف لحماية والدفاع عن نظام العدل الدولي، حسب تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" وترجمته "عربي21".

ويأتي التحرك وسط التحديات التي تواجه المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية وبخاصة في الحروب في غزة وأوكرانيا وتهريب البشر عبر البحر الأبيض المتوسط.


وقال وزير الشؤون الدولية لجنوب أفريقيا رونالد لامولا، إن الحملة تهدف للتأكد من الالتزام بالقانون الدولي وحماية الضعفاء، وأضاف أن " تشكيل مجموعة هيغ يرسل رسالة واضحة: لا دولة فوق القانون ولا جريمة ستمر بدون عقاب". وكانت جنوب أفريقيا قد تقدمت بدعوى أمام محكمة العدل الدولية متهمة فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.

وتقول المجموعة إن التركيز لن يكون على إسرائيل ومعاقبتها ولكن على نهجها تجاه قرارات المحكمة الدولية والتي يقول رئيس وزراء ماليزيا، أنور إبراهيم "تمس أسس القانون الدولي الواجب على المجتمع الدولي الدفاع عنه".

وتعكس الخطوات التي ستحددها المجموعة الغضب المتزايد في الجنوب العالمي إزاء ما ينظر إليه على أنه معايير مزدوجة للقوى الغربية عندما يتعلق الأمر بالقانون الدولي. وقد أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش تقريرا حول ما يمكن للدول الأعضاء القيام به لضمان امتثال إسرائيل لأحكام محكمة العدل الدولية، ولا سيما النتيجة التي توصلت إليها وهي أن استمرار وجود إسرائيل في الأراضي المحتلة غير قانوني وأنه ينبغي عليها سحب قواتها في غضون 12 شهرا.

وكلفت سويسرا بعقد مؤتمر في أذار/مارس للدول الـ 196 الموقعة على اتفاقيات جنيف، مع التركيز على الالتزام باحترام القانون الإنساني الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما سيعقد مؤتمر في حزيران/ يونيو في نيويورك لمناقشة حل الدولتين. وطلبت محكمة العدل الدولية من الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تقدم  رأيا استشاريا عاجلا بشأن التزامات إسرائيل كقوة محتلة وتحملها مسؤولية توفير المساعدات الإنسانية.

وتعلق الصحيفة أن المنتقدين سينظرون إلى هذه الإجراءات المضادة بأنها ضئيلة للغاية. فلم تظهر إسرائيل أي اهتمام بالالتزام بأحكام محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية. وعلاوة على ذلك، فإذا كانت إدارة بايدن مشوشة في موقفها بشأن القانون الدولي، فإن إدارة ترامب ليس لديها مثل هذه التحفظات.

وقد أيد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مشروع قانون معروض حاليا على الكونغرس لفرض عقوبات على أي فرد أو كيان على اتصال بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية ضد أمريكيا أو حليف لها، وستشمل هذه العقوبات أفراد الأسرة أيضا.

ومن الأمور التي تثير قلق المحكمة الجنائية الدولية هي تآكل سلطتها في أماكن أخرى. فقد زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، الإمارات العربية المتحدة والسعودية، وهما دولتان مثل روسيا ليستا طرفا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، في حين رفضت منغوليا الموقعة على النظام طلبين من المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال الرئيس الروسي عندما زارها في آب/أغسطس من العام الماضي. وزعمت منغوليا أن بوتين بصفته رئيس دولة يتمتع بالحصانة، وقد رفضت المحكمة الجنائية الدولية هذا الطلب ولكن هذا يشكل سابقة.

وفي حالة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، انقسمت الدول الأوروبية بشدة حول ما إذا كانت ستتصرف بناء على مذكرة الاعتقال الصادرة بحقه في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، حيث أصر بعضها، بما في ذلك إيطاليا ورومانيا والمجر، على تجاهلها إذا دخل أراضيها.

وقالت بولندا أنها ستستقبل نتنياهو حالة السفر لحضور الذكرى الـ80  لتحرير أشوفيتز، لكنه لم يحضر المناسبة في النهاية.


وضربت إيطاليا سلطة الجنائية الدولية عندما تحركت الشرطة بناء على مذكرة اعتقال صادرة بحق مهرب ليبي سيء السمعة. وقد وضعته السلطة القضائية على متن طائرة عائدة إلى ليبيا حيث استقبل استقبال الأبطال. وبعد أن شعرت المحكمة الجنائية الدولية بالغضب إزاء إبطال تحقيقاتها في جرائم الحرب في ليبيا، أصدرت بعد ذلك الأدلة ضد الليبي ودوره في وفاة المهاجرين.

ويعلق وينتور أن محكمة العدل الدولية معتادة على تجاهل أوامرها، ولكن قضية الإبادة الجماعية التي تقدمت بها جنوب أفريقيا كانت من القضايا التي جعلت من تحدي إسرائيل الواضح للأوامر المؤقتة للمحكمة أكثر وضوحا. فقد قالت منظمة أوكسفام في استطلاع أجرته بين المنظمات غير الحكومية هذا الأسبوع إن 89% من الوكالات وجدت أن تقديم المساعدات إلى غزة ساء منذ صدور أوامر محكمة العدل الدولية الستة التي تغطي المساعدات ومنع الإبادة الجماعية في 26 كانون الثاني/يناير من العام الماضي. وقالت أونا هاثاوي، أستاذة القانون الدولي بجامعة ييل الأمريكية: "لدينا القدرة على تغيير".

وتقول أونا هاثاواي، أستاذة القانون الدولي في جامعة ييل: "إننا نملك القدرة على تغيير مجرى الأمور إذا أردنا ذلك. ولكن عند نقطة معينة، سوف تتآكل القواعد إلى الحد الذي يجعلها تفقد كل شرعيتها، وسوف تفقد الولايات المتحدة كل شرعيتها. وسوف نجد أننا تجاوزنا نقطة اللا عودة، وأن هذه القواعد لم تعد قابلة للإنقاذ. وأعتقد أن هذا سوف يكون مأساة حقيقية".

مقالات مشابهة

  • وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يؤكدان أهمية تعزيز التعاون المشترك بين البلدين
  • وزير الخارجية يؤكد عمق العلاقات التاريخية بين مصر وجنوب أفريقيا
  • ماليزيا وجنوب أفريقيا تقودان مجموعة دولية لمنع إسرائيل من تحدي القانون الدولي
  • جنوب أفريقيا وماليزيا تشكّلان “مجموعة لاهاي” لدعم محكمتي العدل والجنائية الدولية 
  • غدا.. الفصل الأخير في قضية «جريمة الكوربة»
  • مصر وجنوب أفريقيا تبحثان سبل مواجهة الفقر المائي
  • ديفيد هيرست: تغلب الفلسطينيين على حرب الإبادة الإسرائيلية وعادوا إلى الديار
  • مقرر أممي: إسرائيل خلفت دمارا بغزة لم نره منذ الحرب العالمية الثانية
  • مقرر أممي: إسرائيل خلفت دمارا في القطاع لم نشهد مثله منذ الحرب العالمية الثانية
  • «جيروزاليم بوست» العبرية: كيف ترى إسرائيل المقاومة الفلسطينية بعد طوفان الأقصى؟.. المروجون الفلسطينيون: سكان غزة أمة من الأسود بعد نجاتهم من الإبادة الكاملة