وائل الدحدوح.. تظل حكايته باقية لتخلد تاريخ المقاومة الفلسطينية، ولتجسد أروع الأمثلة في المثابرة والصمود، إنه الصحفي وائل الدحدوح والذي أصبح رمزا للصبر وتجسيدا للأمل، ونخوض خلال السطور القليلة القادمة أبرز صفحات حياته.

نشأة المراسل الصحفي وائل الدحدوح

وائل حمدان إبراهيم الدحدوح هو صحفي فلسطيني، درس في غزة واعتُقل سبع سنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وبدأ حياته المهنية مراسلا لصحيفة القدس الفلسطينية، واشتغل لصالح وسائل إعلام أخرى قبل أن يلتحق بقناة الجزيرة عام 2004.

وُلد وائل الدحدوح يوم 30 أبريل 1970، في حي الزيتون أقدم أحياء مدينة غزة، المدينة الكبرى في القطاع الساحلي الذي لا تزيد مساحته على 365 كيلومترا فقط، كما نشأ وترعرع طفلا وصبيا في كنف أسرة غزية ممتدة ميسورة الحال أصولها من الجزيرة العربية، تعيش من الفلاحة والعمل في زراعة الأرض، أما عن شبابه فقضى سبعة أعوام منه في سجون الاحتلال الإسرائيلي مباشرة بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة عام 1988.

في سياق متصل تلقى الدحدوح تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس عدة في مدينة غزة، وحصل مجددا على شهادة الثانوية العامة في السجن الإسرائيلي، ثم حصل على بكالوريوس في الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية في غزة عام 1998، وذلك بعد أن منعه الاحتلال من السفر للدراسة في الخارج، إضافة إلى حصوله على درجة الماجستير في الدراسات الإقليمية من جامعة القدس أبو ديس عام 2007.

وائل الدحدوح مراسل الجزيرةاستشهاد عائلة وائل الدحدوح

وجاء يوم الأربعاء 25 أكتوبر 2023، ليصبح علامة في تاريخ وائل الدحدوح ونقطة تحول لحياته المهنية والشخصية، حيث فقد عدد من أفراد عائلته في غزة، بمن فيهم زوجته وابنه وابنته إثر قصف إسرائيلي، إلا أنه بقي صامدا على عكس المتوقع، فلم يعوقه ذلك عن إكمال مسيرته الصحفية ومتابعته ورصده لجرائم الاحتلال.

وشيّع الدحدوح أفراد عائلته الذين سقطوا خلال الغارة الجوية الإسرائيليّة على منزلهم من مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، وقدمت وزارة الداخلية بغزة تعازيها للصحفي وائل مثلما فعلت عددٌ من المنظمات الحقوقية والدولية الأخرى، ولم يكن الجرح قد نضب بعد حتى طالته يد الاحتلال من جديد، فقد استُشهد نجله الصحفي حمزة الدحدوح يوم 07 يناير 2024 في قصف إسرائيلي استهدف صحفيين غربي خان يونس.

وبالرغم من أن فراق الأحبة يترك جرحا لا يندمل إلا أن وائل الدحدوح أصر على دفن أحزانه بداخله واحتسب أسرته من الشهداء كي يتقبلهم الله، واستقبل عمله الصحفي مجددا، وتابع رصد انتهاكات الاحتلال.

وائل الدحدوح ونجله الشهيد حمزةتصريحات بلينكن بشأن وائل الدحدوح

وأثناء حديثه في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الدوحة، سُئل وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن عن مقتل اثنين من الصحفيين في غزة، الأحد، وأحد هذين الصحفيين كان حمزة وائل الدحدوح وهو نجل مراسل الجزيرة في غزة، وائل الدحدوح.

فأجاب بلينكن قائلا: « أنا آسف جداً جداً على الخسارة التي لا يمكن تخيلها التي عانى منها زميلكم الدحدوح، أنا والد أيضاً لا أستطيع أن أتخيل المعاناة التي عاشها ليس مرة واحدة بل مرتين»، وتابع وزير الخارجية الأمريكي قائلا: «هذه مأساة لا يمكن تصورها، وهذا هو الحال أيضًا، كما قلت، لعدد كبير جدًا من الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين الأبرياء، والمدنيين، وكذلك الصحفيين من الفلسطينيين وغيرهم».

وأردف بلينكن: «وجدت لجنة حماية الصحفيين أن حوالي 70 صحفياً قتلوا في غزة»، وأكد على أهمية عمل الصحفيين في إيصال الحقيقة.

المراسل الصحفي وائل الدحدوحتصريحات وائل الدحدوح مع عمرو أديب

هذا وأُجري حوار بين الإعلامي عمرو أديب ومراسل قناة «الجزيرة» وائل الدحدوح حول إمكانية خروج الأخير من قطاع غزة، بعد استشهاد عدد من أفراد أسرته، وإصابته في اليد التي يتعذّر علاجها في القطاع، وذلك خلال برنامجه «الحكاية» عبر شاشة «mbc مصر»، مساء الإثنين.

وقال أديب لمراسل الجزيرة: «أنت كفيت ووفيت وغطيت.. أنت أعظم مراسل في الـ5 سنوات الماضية.. أنت فقدت عائلتك ولا تحتاج أن تستمر في هذا العذاب.. ألم تفكر في الخروج؟»، وأضاف: «لو خرجت بالباقي من عائلتك لن يجرؤ أحدٌ أن يقول أنك هربت وتركت القضية.. أنت دفعت الثمن غاليا ولن يلومك أحد».

ليرد وائل الدحدوح على أديب قائلًا: «كلامك صحيح وأنا لا أتعامل مع الموضوع بسلبية.. أنا تم استهدافي ونجوت من الموت بأعجوبة وأصبت في يدي وعلاجها غير موجود في غزة»، واستكمل: «لا أدري ماذا أقول.. الأمر يتعلق بأشياء كثيرة.. يصعب علي اتخاذ مثل هذا القرار، فهو تجرُّعٌ للسم.. لكن إن تطلب الأمر فلن يكون مستبعدا.. فأنا لا أفكر بعدمية لهذه الدرجة»، وأضاف قائلا: «الرسالة التي نقدمها سقّيناها بالدم والعرق، وهذا يصعب تغييره، لكن في لحظة إن تطلب الأمر غير ذلك فنحن جاهزون.. ربنا يكتب لنا الخير أينما كان».

فاختتم عمرو أديب حديثه قائلا: «إحنا في انتظارك في مصر في أي لحظة.. أنت أخونا واحنا بحنبك وواقفين جنبك وحاسين بمدى فداحة ما يحدث»، لتظل بذلك قصة الصحفي وائل الدحدوح باقية أمد الدهر لتحكى للأجيال القادمة مدى مثابرتهم على جرائم الاحتلال.

اقرأ أيضاًيا جبل ما يهزك ريح.. استشهاد نجلي شقيق وائل الدحدوح في قصف إسرائيلي على رفح

«بطل حقيقي».. محمد إمام يوجه رسالة لـ وائل الدحدوح بعد استشهاد نجله حمزة

أحمد موسى ناعيا نجل وائل الدحدوح: الاحتلال يرغب في إسكات الإعلام بغزة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: استشهاد حمزة وائل الدحدوح استشهاد عائلة وائل الدحدوح الدحدوح بلينكن حمزة الدحدوح حمزة وائل الدحدوح حمزه الدحدوح حياة وائل الدحدوح عائلة وائل الدحدوح الصحفی وائل الدحدوح فی غزة

إقرأ أيضاً:

مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (الحلقة 5)

فبراير 20, 2025آخر تحديث: فبراير 20, 2025

محمد الربيعي

بروفسور متمرس ومستشار علمي، جامعة دبلن

في قلب ولاية كاليفورنيا المشمسة، حيث تتراقص اضواء التكنولوجيا وتتلاقى عقول المبتكرين، تقبع جامعة ستانفورد، شامخة كمنارة للعلم والمعرفة. ليست مجرد جامعة، بل هي قصة نجاح ملهمة، بدات بحلم، وتحولت الى صرح عظيم، يضيء دروب الاجيال.

منذ سنوات خلت، تشكلت لدي قناعة راسخة بجودة جامعة ستانفورد، وذلك من خلال علاقات علمية بحثية مشتركة في مجال زراعة الخلايا. فقد لمست عن كثب تفاني علماء الجامعة وتميزهم، وشهدت انجازات علمية عظيمة تحققت بفضل هذا التعاون المثمر.

ولعل ما يزيد اعجابي بهذه الجامعة هو شعار قسم الهندسة الحيوية (الرابط المشترك بيننا) والذي يجسد رؤيتها الطموحة: “بينما نستخدم الهندسة كفرشاة، وعلم الاحياء كقماش رسم، تسعى الهندسة الحيوية في جامعة ستانفورد ليس فقط الى الفهم بل ايضا الى الابداع”. انه شعار ينم عن شغف اعضاء القسم بالابتكار وتطوير المعرفة، ويؤكد التزامهم بتجاوز حدود المالوف.

البداية: قصة حب ملهمة

تعود جذور هذه الجامعة العريقة الى قصة حب حزينة، ولكنها ملهمة. ففي عام 1885، فقد حاكم ولاية كاليفورنيا، ليلاند ستانفورد، وزوجته جين ابنهما الوحيد، ليلاند جونيور. وبدلا من الاستسلام للحزن، قررا تحويل محنتهما الى منحة، وانشا جامعة تحمل اسم ابنهما، لتكون منارة للعلم والمعرفة، ومصنعا للقادة والمبتكرين.

ستانفورد اليوم: صرح شامخ للابداع

تقف جامعة ستانفورد اليوم شامخة كواحدة من اعرق الجامعات العالمية، ومنارة ساطعة للابداع والابتكار. فهي تحتضن بين جدرانها نخبة من الاساتذة والباحثين المتميزين الذين يساهمون بشكل فعال في اثراء المعرفة الانسانية ودفع عجلة التقدم الى الامام. ولا يقتصر دور ستانفورد على تخريج العلماء والمهندسين المهرة، بل تسعى جاهدة ايضا الى تنمية مهارات ريادة الاعمال لدى طلابها، لتخريج قادة قادرين على احداث تغيير ايجابي في العالم.

ويعود الفضل في هذا التميز لعدة عوامل، لعل من ابرزها تبنيها لمفهوم الحريات الاكاديمية. وكما اجاب رئيس الجامعة على سؤال لماذا اصبحت ستانفورد جامعة من الطراز العالمي في غضون فترة قصيرة نسبيا من وجودها اجاب لان: “ستانفورد تكتنز الحرية الاكاديمية وتعتبرها روح الجامعة”. هذه الحرية الاكاديمية التي تمنح للاساتذة والباحثين والطلاب، هي التي تشجع على البحث العلمي والتفكير النقدي والتعبير عن الاراء بحرية، مما يخلق بيئة محفزة للابداع والابتكار.

من بين افذاذ ستانفورد، نذكر:

ويليام شوكلي: الفيزيائي العبقري الذي اخترع الترانزستور، تلك القطعة الصغيرة التي احدثت ثورة في عالم الالكترونيات، وجعلت الاجهزة الذكية التي نستخدمها اليوم ممكنة.

جون فون نيومان: عالم الرياضيات الفذ الذي قدم اسهامات جليلة في علوم الحاسوب، والفيزياء، والاقتصاد. لقد وضع الاسس النظرية للحوسبة الحديثة، وكان له دور كبير في تطوير القنبلة الذرية.

سالي رايد: لم تكن ستانفورد مجرد جامعة للرجال، بل كانت حاضنة للمواهب النسائية ايضا. من بين خريجاتها المتميزات، سالي رايد، اول امراة امريكية تصعد الى الفضاء، لتثبت للعالم ان المراة قادرة على تحقيق المستحيل.

سيرجي برين ولاري بيج: هذان الشابان الطموحان، التقيا في ستانفورد، ليؤسسا معا شركة كوكل، التي اصبحت محرك البحث الاكثر استخداما في العالم، وغيرت الطريقة التي نجمع بها المعلومات ونتفاعل مع العالم.

هؤلاء وغيرهم الكثير، هم نتاج عقول تفتحت في رحاب ستانفورد، وتشربت من علمها ومعرفتها، ليصبحوا قادة ومبتكرين، غيروا وجه العالم. انهم شهادة حية على ان ستانفورد ليست مجرد جامعة، بل هي منارة للعلم والمعرفة، ومصنع للاحلام.

وادي السيلكون: قصة نجاح مشتركة

تعتبر ستانفورد شريكا اساسيا في نجاح وادي السيلكون، الذي اصبح مركزا عالميا للتكنولوجيا والابتكار. فقد ساهمت الجامعة في تخريج العديد من رواد الاعمال الذين اسسوا شركات تكنولوجية عملاقة، غيرت وجه العالم. كما انشات ستانفورد حاضنات اعمال ومراكز ابحاث، لدعم الطلاب والباحثين وتحويل افكارهم الى واقع ملموس.

ولكن، كيف اصبحت ستانفورد شريكا اساسيا في هذا النجاح؟

الامر لا يتعلق فقط بتخريج رواد الاعمال، بل يتعدى ذلك الى عوامل اخرى، منها:

تشجيع الابتكار وريادة الاعمال: لم تكتف ستانفورد بتدريس العلوم والتكنولوجيا، بل عملت ايضا على غرس ثقافة الابتكار وريادة الاعمال في نفوس طلابها. وشجعتهم على تحويل افكارهم الى مشاريع واقعية، وقدمت لهم الدعم والتوجيه اللازمين لتحقيق ذلك.

توفير بيئة محفزة: لم تقتصر ستانفورد على توفير المعرفة النظرية، بل انشات ايضا بيئة محفزة للابتكار وريادة الاعمال. وشجعت على التواصل والتفاعل بين الطلاب والباحثين واعضاء هيئة التدريس، وتبادل الافكار والخبرات.

انشاء حاضنات الاعمال ومراكز الابحاث: لم تكتف ستانفورد بتخريج رواد الاعمال، بل انشات ايضا حاضنات اعمال ومراكز ابحاث، لتوفير الدعم المادي والمعنوي للطلاب والباحثين، ومساعدتهم على تحويل افكارهم الى شركات ناشئة ناجحة.

جذب الاستثمارات: لم تكتف ستانفورد بتوفير الدعم للطلاب والباحثين، بل عملت ايضا على جذب الاستثمارات الى وادي السيليكون، من خلال بناء علاقات قوية مع الشركات والمستثمرين، وعرض الافكار والمشاريع المبتكرة عليهم.

وبفضل هذه العوامل وغيرها، اصبحت ستانفورد شريكا اساسيا في نجاح وادي السيليكون، وساهمت في تحويله الى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.

ومن الامثلة على ذلك:

شركة غوغل: التي تاسست على يد اثنين من طلاب ستانفورد، وهما سيرجي برين ولاري بيج.

شركة ياهو: التي تاسست ايضا على يد اثنين من طلاب ستانفورد، وهما ديفيد فيلو وجيري يانغ.

شركة هيوليت-باكارد: التي تاسست على يد اثنين من خريجي ستانفورد، وهما ويليام هيوليت وديفيد باكارد.

هذه الشركات وغيرها الكثير، هي دليل على الدور الكبير الذي لعبته ستانفورد في نجاح وادي السيليكون، وتحويله الى مركز عالمي للتكنولوجيا والابتكار.

ستانفورد: اكثر من مجرد جامعة

ستانفورد ليست مجرد جامعة، بل هي مجتمع حيوي، يجمع بين الطلاب من جميع انحاء العالم، ليتبادلوا الافكار والخبرات، ويبنوا مستقبلا مشرقا لانفسهم ولوطنهم. كما انها مركز للبحث العلمي، حيث تجرى ابحاث رائدة في مختلف المجالات، تساهم في حل المشكلات العالمية، وتحسين حياة الناس.

الخلاصة: ستانفورد، قصة نجاح مستمرة

باختصار، جامعة ستانفورد هي قصة نجاح ملهمة، بدات بحلم، وتحولت الى واقع ملموس. انها صرح شامخ للعلم والمعرفة، ومصنع للقادة والمبتكرين، ومركز للابداع والابتكار. وستظل ستانفورد تلهم الاجيال القادمة، وتساهم في بناء مستقبل مشرق للانسانية جمعاء.

 

مقالات مشابهة

  • محافظ كفرالشيخ يكرم البطل "قنعان ندا" لحصوله على المركز الأول في بطولة العالم للقوة البدنية
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم
  • برنامج الامم المتحده الانمائي : الاقتصاد السوري بحاجه الى 55عاما للعوده الى المستوى الذي كان عليه في 2010قبل الحرب
  • الجزيرة نت تكشف التعديلات الدستورية التي أجازتها حكومة السودان
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (الحلقة 5)
  • ريال بات رمزا لعملة السعودية.. ما الذي نعرفه عن رموز عملات العالم؟
  • احتجاجات غاضبة في سقطرى ضد سيطرة الإمارات على مطار الجزيرة
  • احتجاجات في سقطرى رفضا للسطو الإماراتي على مطار الجزيرة
  • نقابة الصحفيين تدين اقتحام قوة أمنية بالمكلا منزل الصحفي عماد الديني والاعتداء عليه واعتقاله
  • من هو “خط الصعيد ” المجرم الذي قضى عليه الأمن المصري مؤخرا؟